ترجمات عبرية

يديعوت: الشجاعية: غموض المعركة وتعقيداتها

يديعوت ١٥-١٢-٢٠٢٣، بقلم عوديد شالوم: الشجاعية: غموض المعركة وتعقيداتها

كانت الساعة هي الرابعة والنصف بعد الظهر ومن خلف ستار السحب كان يمكن ان نرى بأن الشمس بدأت تغيب. وفجأة انفجار بشدة استثنائية يهز الأرض. من الصعب أن نصف بالكلمات الانفجار الهائل إذ كيف يمكن أن نجسد اللظى بالنص؟ هذا رعب يتجمد له الجسد يسيطر على العظام وعلى الوعي. شدة الصوت لا تطاق.
كنا بالضبط في مفترق شارع الكرمه في داخل الشجاعية. كنا ثلاث ساعات هناك أول أمس والنار لم تتوقف للحظة. نار رشاشات، قذائف القتها الطائرات والمروحيات القتالية، صفير قذائف الهاون التي اطلقتها قواتنا، نار المدفعية ونار الدبابات.
وقفنا خارج «بيت اللواء»، مبنى سكني من أربعة طوابق جعل قيادة لقائد لواء 188، العقيد اور فلوجنسكي. المجال المديني اجتاز هنا قصفاً فتاكاً: لم يتبقَ تقريباً أي مبنى قائم واحد، كل بيت أصبح تلة من الخرائب، عجينة من بقايا الاسمنت والحجارة، أثاث، غسالات، ثلاجات، افران، أريكة، ملابس واحذية، خزائن وكل شيء محطم، يختلط الشيء بغيره ولا يمكن انقاذ أي شيء.
وفجأة هذا الانفجار، وبعد لحظة او اثنتين صرخ أحد الضباط: «حدث كبير في اطار جولاني»، وفي اطار ذلك دخل الجنود الى المجنزرات والدبابات وساد صخب المحركات. احد ما صرخ: «هيي هيي»، يقول ان «تعالوا سريعاً، يبدو ان هذا انهيار مبنى. الى الامام الى الامام. الكل الى الآليات، الكل الى الآليات…» وبدأ ركض الى كل صوب. من احدى شبكات الاتصال سمع النداء: «توقف توقف توقف». واحد ما شرح بأنه صدر أمر لقوتنا التي اطلقت قذائف الهاون بان تكف عن النار كي لا تعرض القوات في الميدان للخطر. ومن فوقنا سمع زنين المُسيرات التي كانت تحوم كي تغطي على اعمال إنقاذ القوات التي تعرضت للهجوم.
كان واضحاً ان هذا حدث مركب وان جولاني اصطدم بكمين وأنه يوجد مصابون لقواتنا، لكن فضلاً عن الانتقال السريع الى المزاج القتالي، الانطلاق السريع، الركض نحو الآليات واحتشاد القوات المتبقية في المكان في مواقع قتالية فان ما برز اكثر من كل شيء هو غموض المعركة. انعدام اليقين، الصعوبة في الفهم لما حصل على مسافة غير بعيدة منك، 250 – 300 متر، حسب احد الضباط في غرفة عمليات اللواء. كأب تجد نفسك مصاباً على الفور بالقلق: هل أصيب جنود، واذا ما أصيبوا فكم منهم، وهل لا سمح الله يوجد قتلى وعلى الفور تفكر باهالي الأبناء هنا بينما هم الآن في بيوتهم ولا يعرفون بهذه الدراما الرهيبة التي لا تزال توجد في بدايتها. تجدك تنظر الى الجنود والضباط الذين يعملون الان بحدة ومهنية وقلبك يذوب عليهم.
الشجاعية هي حي بحجم مدينة. نحو 100 الف نسمة في مساحة صغرى من نحو 7 كيلومترات مربعة. سكانها يسمونها «حي الشجعان»، إذ انها كانت منذ الازل معقل منظمات الإرهاب. هذا هو الحي الأقرب الى البلدات الإسرائيلية: مشارفه الشرقية تبعد نحو 800 متر فقط في خط جوي، عن كيبوتس ناحل عوز. كتيبة حماس في الشجاعية تعد الأقوى في القطاع. من هنا خطط واطلق الهجوم على الكيبوتس والاستحكام في ناحل عوز.
هذا هو السبب الذي جعل الشجاعية «تحظى بمعالجة خاصة» لطاقمين قتاليين: الطاقم القتالي للواء 188 يهاجم الحي من الشرق الى الغرب والطاقم القتالي لجولاني من الشمال غرباً. وهما يغلقان عليه في حركة كماشة مع قوة نار تخرب كل ما يقف في الطريق. هذا يشرح الخراب الشامل لكنه لا يمنع المخربين من الخروج من فوهات الانفاق ليضربوا بشكل مفاجئ ويعودوا الى بطن الأرض مثلما فعلوا بعد ظهر أول من امس في الهجوم الذي جبى حياة تسعة مقاتلين وقادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى