يديعوت / الساحة الفلسطينية الثالثة – محور جنيف، لاهاي وبروكسل

يديعوت – بقلم شلومو بتروبسكي – 23/5/2018
ثلاثة احداث من الايام الاخيرة يجب أن تشعل ضوء أحمر فاقعا أمام اصحاب القرار في اسرائيل. الحدث الاول، الذي نال تغطية اعلامية واسعة، هو انعقاد مجلس حقوق الانسان للامم المتحدة في نهاية الاسبوع. وقرر المجلس بشكل غير مفاجيء، تشكيل لجنة تحقيق تفحص الاحداث على حدود قطاع غزة الاسبوع الماضي. وفي اعقاب القرار، سيعين رئيس المجلس، زيد رعد الحسين، ان يعين لجنة فورية تحقق في “خروقات حقوق الانسان والقانون الدولي في المناطق الفلسطينية المحتلة”. انتبهوا الى التعريف الواسع للتفويض الذي يعطى للجنة، والذي من المتوقع أن يكون بثا معادا للجنة غولدستون سيئة الصيت والسمعة. وسنعود الى هذا التعريف الموسع لاحقا.
الحدث الثاني وقع أمس في لاهاي. فقد التقى وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي هناك مع المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية، وتقدم لها بطلب لفتح تحقيق ضد اسرائيل. السياق الفوري للطلب هو الاحداث الاخيرة على الحدود بين اسرائيل وقطاع غزة، ورغم ذلك، تضمن الطلب هذه المرة ايضا طلبا بتحقيق أوسع بكثير. فقد طالبت المالكي المحكمة التي سبق أن فتحت تحقيقا ضد اسرائيل في 2015، “التحقيق في اعمال اسرائيل” بالنسبة لتوسيع مشروع الاستيطان وفي سياق ما يصفه الفلسطينيون “سرقة الاراضي”. يطالب الفلسطينيون المحكمة بالعمل في إطار التحقيق ضد مسؤولين اسرائيليين كبار، لادعائهم هم مسؤولون شخصيا عن النشاطات في كل هذه المجالات.
حدث ثالث، يبدو ظاهرا انه لا علاقة له ولكن في الجوهر هو ذو علاقة متينة جدا، الا وهو بيان الاتحاد الاوروبي الذي نشر امس وبموجبه يطالب اسرائيل بالتحقيق الفوري في اصابة جعفر فرح، مدير عام مركز “مساواة”، الذي اعتقل في مظاهرة في نهاية الاسبوع. وفي مقال مؤطر تجدر الاشارة الى أن التحقيق الذي فتحه الشرطة في الموضوع مبرر تماما. فسجل شرطة اسرائيل في كل ما يتعلق بعنف الشرطة ليس شيئا لا يأبه له، على أقل تقدير، وخير أن يحقق في الموضوع حتى النهاية. ولكن كل هذا لا علاقة له بتوجه الاتحاد الاوروبي. فالاتحاد الاوروبي لم يطالب اسرائيل بالتحقيق في اصابة ميني نفتالي في اثناء المظاهرة في بيتح تكفا، او اصابة آريه الداد وموتي يوغاف في اخلاء عمونه. هذا التوجه يلمس السياق المحدد للمظاهرة التي في اثنائها اعتقل فرح.
الاحداث الثلاثة ترتبط الواحد بالاخر ليس بسبب مضمونها المحدد، وليس بسبب من يقف خلفها. مجلس حقوق الانسان ليس محكمة. والمحكمة ليست الاتحاد الاوروبي. معظم دول الاتحاد لم تؤيد على الاطلاق قرار مجلسحقوق الانسان في موضوع التحقيق ضد اسرائيل؛ لشدة الاسف فانها لم تعارض ايضا. ترتبط هذه الاحداث بانها تعبر عن ميل يستثمر فيه الفلسطينيون منذ سنين، ولكن الان، حول احداث غزة، يحظى بتمكين متجدد. يدور الحديث عن محاولة فلسطينية لتدويل النزاع، وبقدر كبير ايضا باحالته الى القضاء. والهدف هو نقل ساحة ادارة النزاع من حدود الجنوب ومن الضفة الى مبنى الامم المتحدة في نيويورك، الى جنيف، الى لاهاي، والى بروكسل. والامل الفلسطيني، غير عديم المنطق، هو ان نقل النزاع الى الساحة الدولية سيغير موازين القوى: فبينما في حدود غزة تتمتع اسرائيل بتفوق عددي، تكنولوجي ونوعي، وفي الساحة الدولية تنقلب المعادلة. وكجزء من هذه الاستراتيجية، يحاول الفلسطينيون ايضا تغيير اللغة التي يدار بها النزاع: التوقف عن “الحديث السياسي” والشروع في “الحديث القانوني”. تفكيرهم، الذي هو لشدة الاسف ليس مدحوضا، هو أن لغة القانون الدولي، المتأثرة جدا بالخطاب القانوني – الاكاديمي المعادي لاسرائيل في ارجاء العالم سيعمل في طالح اسرائيل.
في هذه الساحة، ملزمة اسرائيل في أن توظف اليوم جزءا هاما وحاسما من جهودها. فالانتصار على الحدود في غزة هام جدا، ولكنه ايضا سهل نسبيا.اما الانتصار في لاهاي وفي جنيف – اصعب بكثير. الاستثمار يجب أن يكون ايضا في الزمن وفي المقدرات ولكن اساسا في انتباه اصحاب القرار.