ترجمات عبرية

يديعوت الحكومة الإسرائيلية تسعى لهدم الديمقراطية

يديعوت 2023-06-10، بقلم: تسبي ليفنيالحكومة الإسرائيلية تسعى لهدم الديمقراطية

شهدت إسرائيل أمراً رائعاً حين خرجت جموع المواطنين من أفضل أبنائها وبناتها من بيوتهم، وخلقوا معاً احتجاجاً عظيماً ومؤشراً يقاتل بتصميم في سبيل هوية وقيم الدولة. بعد سنوات طويلة من طأطأة الرأس ولد من جديد معسكر ليبرالي – ديمقراطي أعاد الشرعية لقيم الديمقراطية والمساواة ومستعد للكفاح في سبيلها.

يبدو أن الاحتجاج علّم الحكومة قيود القوة. ليس معروفاً بعد إذا كانت السيطرة على لجنة انتخاب القضاة سُدت طريقها، والتصويت، الأسبوع القادم، على تركيبة اللجنة سيكون حيوياً لوجود الديمقراطية في إسرائيل. لكن مهما يكن من أمر فإن التركيز فقط على لجنة انتخاب القضاة وقوانين الانقلاب النظامي سيكون بكاء للأجيال. فالحفاظ على استقلالية منظومة تنفيذ القانون والقضاء شرط لازم لوجود الديمقراطية، لكنه ليس الشرط الوحيد. ففي قلب الديمقراطية توجد الحقوق، وعلى رأسها المساواة التي يفترض لحماة الحمى وجهاز القضاء أن يحموها.

بالنسبة للحكومة، فإن المسّ بمؤسسات القضاء ليس هدفاً بحد ذاته. فهو يستهدف إخلاء الطريق من الرقابة القضائية، وإعداد التربة للهدم الحقيقي للديمقراطية الجوهرية. وهم يسمّون هذا المرحلة الأولى.

وهكذا، بينما يتركز النقاش فقط على حماة الحمى ومحكمة العدل العليا، الذين خرج الجمهور للدفاع عنهم، حقاً، فإنهم دخلوا منذ الآن إلى الكرم وبدؤوا يأكلون العنب فيما يدفعون قدماً بقرارات وقوانين فاشية ستغيّر وجه إسرائيل إلى الأبد. هذه قرارات وقوانين تشطب المساواة، وتثبت التفوق اليهودي على العرب، والتفوق الديني على العلمانيين، وتقود خطوة إثر خطوة إلى دولة الشريعة والضم المسيحاني على حساب وجود إسرائيل اليهودية والديمقراطية. تعطي الميزانية، التي أُقرت، أموالنا لتحقيق أنظمة التفضيل هذه، والملاحقات المكارثية لمن يفكر بشكل مختلف، وهي تستهدف منع إسماع آراء أخرى. وتستهدف الرقابة على التعليم الرسمي من آفي ماعوز ضمان أن يكون هذا هو الأساس لتعليم الجيل القادم.

“مسار الذبح” سمّى هذا أرئيل شارون. المسار المقيد الذي لا مخرج له، ويقود العجول إلى الذبح. نحن، الذين نرى بوضوح إلى أين تؤدي الخطى، ملزمون بأن نقاتل ضده، ويثبت الاحتجاج أننا نملك القوة لعمل هذا.

مثلما تبينت السياقات المناهضة للديمقراطية الآن في كامل خطورتها، هكذا نشأ في الطرف الآخر بعد زمن طويل معسكر مع قاسم مشترك هو ليس فقط ضد بل أيضاً مع قيم ومضمون. نحن شركاء معتقد بدولة الشعب اليهودي التي يوجد فيها حقوق ومساواة، وديمقراطية، ويوجد فيها استقلالية حماة الحمى، وسائل الإعلام ومنظومات تنفيذ القانون والقضاء.

وهكذا فإن علينا أن نكافح في كل الجبهات من أجل الهدف ذاته وإلا فإننا قد ننتصر في المعركة، المهمة جداً، لكننا سنخسر الحرب كلها. الأخطر من ذلك سيكون إعطاء الحكومة شهادة حلال في موضوع واحد يبيض عملياً باقي أفعاله. هذا هو أيضاً الجواب على أولئك الذين يدعون أن الاحتجاج يتبعثر ويختار في كل مرة شيئاً ما جديداً. حقاً لا! كل شيء ينبع من جوهر القيم ذاته لأن الديمقراطي الحقيقي ملزم بأن يكافح حين يحاول الحكم السيطرة على تنفيذ القانون والقضاء. الصهيوني الحقيقي ملزم بأن يكافح في سبيل قيم وثيقة الاستقلال والمساواة للجميع في دولة إسرائيل، وضد دولة الشريعة.

كإسرائيليين نحتج ضد ميزانية تستخدم مالنا لتحقيق هذه الأهداف في ظل المسّ بنا. نعم، كإسرائيليين صهاينة وديمقراطيين، حين نرى كل السياقات التي ستحول الدولة إلى دكتاتورية فاشية دينية متطرفة، فإننا ملزمون بأن نكافح ضدها. حقيقة أن قسماً من التشريع والقرارات المناهضة للديمقراطية تأجل بسبب ضغط خارجي لا يعفينا من المسؤولية عن الإعراب عن موقف واضح.

لسنوات طويلة بقي الجدال الحقيقي تحت السطح. دارت حملات الانتخابات دون بحث في المضمون، وحتى الديمقراطية اعتبرت كلمة نشازاً. كنت بين القلائل الذين تجرؤوا على أن يصرخوها حين بدؤوا بالمس بها. الفترة الزمنية التي غفا فيها المعسكر الليبرالي ولم يخرج إلى هذه المعركة لأنه ذهل من تعابير “اليسار” و”الخونة”، والتطلع المفهوم للوحدة أُسيء استخدامه لأجل تكميم الأفواه والترويج لأجندات مناهضة للديمقراطية وفي نظري مناهضة للصهيونية أيضاً، وتثبيت وتعزيز عالم من الأشكال يكون فيه اليمين هو الخير، الصهيوني، القوي والأكثر إسرائيلية، ومن يخرج ضد الميول القومية المتطرفة التمييزية والفاشية هو على الفور لاسامي أو خائن.

انتهى كل هذا بفضل الاحتجاج. فقط أثبت المتظاهرون أنهم لا يخافون التنديدات أو التصنيفات كـ”خونة”، “يسار” أو “فوضويين”. لقد اكتشف نتنياهو بالطريقة الصعبة أن ما نجح مع سياسيين امتنعوا عن التعبير عن موقف لم ينجح مع الجمهور الغفير.

في يومه الأول ثبّت الاحتجاج في الشوارع النبرة تجاه الحكومة وتجاه المعارضة على حد سواء وأثّر على كليهما. لا شك عندي أن للمتظاهرين قوة وتصميماً لأجل المواصلة، ولكن يوجد دور حرج للمعارضة السياسية. فهي ملزمة بتعزيز الهوية التي تبلورت في الشارع وعرض البديل الفكري الذي مصدره وثيقة الاستقلال: إسرائيل دولة الشعب اليهودي، توجد فيها مساواة في الحقوق لكل مواطنيها، دون فرق في الدين، العرق، الجنس، وحرية الدين، الضمير، اللغة، التعليم، والثقافة. إن استقلالية حماة الحمى والقضاء يجب أن تحمى لأجل ضمان كل هذا. كان هذا على مدى السنين ويمكنه أن يكون القاسم المشترك الأوسع في إسرائيل، باستثناء هوامش متطرفة. إلى أن يحصل هذا علينا أن نتبناه في قلوبنا، وأن نثبته وأن ننشره. كما أن هذا هو الأساس الذي منه يجب أن نستخلص السياسية على المستوى العملي. حتى لو كانت ثمة جدالات حول الترجمة العملية له، سنعرف دوماً ما هو المشترك أيضاً.

وثيقة الاستقلال هي روح إسرائيل، قلت منذ التظاهرة الأولى. هناك في ميدان “هبيما” وقف الناس مبللين في المطر وهم يحتجون، عشرات آلاف المتظاهرين، النواة التي أنتجت الاحتجاج العظيم، ورفعوا أعلام إسرائيل. سمعت الهتافات حين اقتبست من على المنصة كلمات “المساواة دون فرق في الدين، العرق، والجنس” التي هي في وثيقة الاستقلال، وعرفت: الجدال الحقيقي على هوية إسرائيل والذي دحر على مدى سنوات طويلة إلى تحت البساط طاف، ولن نوافق على إعادته إلى الصندوق والتظاهر بأن كل شيء على ما يرام.

هذا كفاح تاريخ، هذه فرصة تاريخية ومن المحظور علينا أن نفوّتها.

يجب أن يستمر الكفاح في سبيل روح إسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى