يديعوت احرونوت: وجهان للاردن
يديعوت احرونوت 10/9/2024، سمدار بيري: وجهان للاردن
قبل شهرين صعد وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي الى طائرة هبطت به في طهران. هذه الزيارة جد غير عادية. فعلى مدى ما لا يقل عن عشرين سنة لم يصل مسؤول اردني الى ايران. الصفدي، المقرب ورجل السر للملك عبدالله الثاني وكذا الوزير الاقدم في الحكومة، ليس معروفا كمحب لإسرائيل. فهو لم يفوت أي فرصة للتهجم بكلمات حادة على إسرائيل وعلى رئيس الوزراء نتنياهو. هذه المرة ارسل لان يلتقي نظيره الإيراني، عباس عرقجي، كي يبلغ بكلمات وبشكل حاد وجلي بان “الأردن لن يحتمل عملا عسكريا إيرانيا في مجالات المملكة”.
في خلفية اللقاء، الهجوم الليلي في شهر نيسان لطائرات إيرانية. وكانت النية للوصول الى إسرائيل والقاء قنابل ثقيلة والتسبب بموت مئات المواطنين. غير أن طائرات أمريكية، سعودية، بريطانية واردنية افشلت المؤامرة. واضطر الإيرانيون للفرار وفشل الهجوم. لكن ايران لا تعتزم التنازل. طاقم تحقيق اردني تشكل على الفور بعد العملية الاجرامية في جسر اللنبي والتي قتل فيها ثلاثة إسرائيليين على ايدي سائق شاحنة – إرهابي اردني، يصر على أن يفحص مؤشرات على دور إيراني. السائق، ابن عشيرة بدوية كبيرة في منطقة معان مشبوه الان كمن تلقى وعدا باموال كثيرة من فيلق القدس الإيراني.
الأردن هو هدف مرغوب فيه جدا بالنسبة للايرانيين، بسبب موقعه وحدوده الطويلة (308 كيلو متر) مع إسرائيل. اذا ما نجحت ايران في اخضاع الأردن والسيطرة عليه، فستغلق دائرة الرعب من حول إسرائيل – العراق، سوريا، الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.
الموضوع يطرح هذه الأيام في المحادثات الأمنية بين الأردن وإسرائيل وحقيقة أن العملية في جسر اللنبي نفذها بدوي من عشيرة الحويطات القديمة في الأردن تهز القصر الملكي وقيادة أجهزة الامن والمخابرات.
كان هناك من توقعوا في إسرائيل أن يعبر الملك عبدالله عن مواساته لعائلات القتلى او يشجب القتل علنا. حتى اليوم لا ننسى زيارة المواساة التي اجراها والده، الملك حسين، لاهالي سبع التلميذات اللواتي قتلن في نهرايم. وضع الملك عبدالله الذي تغلف بالصمت مع الجريمة النكراء، يختلف تماما عن وضع ابيه في حينه. الملك اليوم عالق بين مظاهرات الشارع الجماهيرية ضد إسرائيل وأعضاء البرلمان الذين ايدوا القاتل بل ووزعوا الحلوى وبين قوات الامن الأردنية التي تواصل العمل بتعاون مع إسرائيل. إضافة الى ذلك فان الأردن ليس فقط غارق في أزمة اقتصادية عميقة بل ان البصمة الإيرانية في أراضيه تتعزز. لا غرو أن نتنياهو وفر كلمات قاسية عن الاسرة المالكة وامتنع عن ذكر اخفاق طاقم الفحص في محطات العبور الأردنية. فقد اختار نتنياهو التشديد، وليس لأول مرة، وليس صدفة، على الخطر الإيراني.
في إسرائيل تعمل سرا، ولكن بنشاط، “عصبة الأردن” – اللواء احتياط عاموس جلعاد، رئيس الموساد الأسبق افرايم هليفي، العميد احتياط باروخ شبيغل، الوزير السابق افرايم سنيه ومسؤولون سابقون آخرون غيرهم، يحذرون ويشددون المرة تلو الأخرى كم هي هامة علاقات الأردن وإسرائيل. كما أن نفتالي بينيت ويئير لبيد وقفا على أهمية العلاقات، وكرسا اهتماما خاصا للموضوع الأردني، وهكذا فعل أيضا غانتس وآيزنكوت. بعدهم جاء رئيس الوزراء نتنياهو، ومنذ بداية طريقه تقريبا بدأت تنشأ صدوع في منظومة العلاقات المركبة. في احدى المناسبات سكب الملك عبدالله قلبه في صحيفة بريطانية، حين اعلن بان “الأيام الأصعب تمر عليه مع نتنياهو”.
صحيح، ليس كل شيء بذنبنا. فالقيادة الأردنية أيضا تدير علاقات مركبة مع إسرائيل. وزير الخارجية الصفدي كما اسلفنا لا يفوت فرصة لانتقادنا وكذا رانيا ملكة الأردن تبدي تعاطفا فقط مع الجانب الفلسطيني وتتجاهل مذبحة 7 أكتوبر. فهي لم تسمع، كما شهدت في مقابلة مع السي.ان.ان، عن الفظائع التي ارتكبتها حماس في كيبوتسات الغلاف. مذهل أن نكتشف كم يؤثر اليأس الاقتصادي في المملكة على المزاج السياسي. فما لا يقل عن 21 في المئة من اصل 11.3 مليون من مواطني المملكة عاطلون عن العمل. السياحة التي تعيل عشرات الاف العائلات توقفت. كما توقف التصدير المدر للمداخيل. رواتب المعلمين في المدارس الابتدائية والثانوية انخفضت جدا، وقد خرجوا للتظاهر منذ الان.
في هذه الاثناء احتل احياء كاملة في العاصمة عمان اللاجئون من العراق والفارون من سوريا. هنا مستعدون لان يعملوا بثلث المبلغ.
اليوم ستجرى الانتخابات للبرلمان الأردني. ظاهرا، مؤسسة غير هامة تنتج الكثير من الدراما اللفظية. لكن – هذه هي المرة الأولى في تاريخ الانتخابات التي يصوت فيها الأردنيون للأحزاب.
احد أصدقائي القدامى في المملكة، الذي لم يسارع الى قطع العلاقات مع “الإسرائيلية”، يعود ويحذر من ان “الأسوأ لا يزال امامنا”. فهل يقصد محاولة عملية أخرى، لتخطيط ومبادرة ايران؟ هل يحذر من محاولات لاسقاط حكم الملك عبدالله؟ ام انه يلمح بالنوايا لالغاء او تجميد اتفاقات السلام؟
“عصبة الأردن” الإسرائيلية واعية للمخاوف، منصتة للاقوال القاسية التي تسمع في الجانب الاخر. توصيتهم هي الان لتوسيع، مهما كان هذا قاسيا، مظاهر التعاون الاقتصادي، الاستثمار في مستقبل العلاقات وحماية التعاون مع قوات الامن والجيش. والاساس: عدم التوقف عن التفكير في أي كابوس رهيب سيكون اذا ما قرر الأردن – او جر – للانتقال الى المعسكر الثاني.