يديعوت احرونوت: هذه حرب غريبة من كل جانب افلا يجدر بنا ان نتعلم حدود القوة؟

يديعوت احرونوت 7/10/2024، ناحوم برنياع: هذه حرب غريبة من كل جانب افلا يجدر بنا ان نتعلم حدود القوة؟
في ختام السنة الأولى، القاسية، للحرب العالمية الثانية، القى ونستون تشرتشل خطابا تاريخيا. كرس الخطاب لطياري سلاح الجو الذين صدوا باجسادهم الهجمة على بريطانيا. الجملة الأخيرة مذكورة على نحو خاص: “لم يسبق أبدا ان كان كثيرون جدا مدينين كثيرا جدا لقلائل كثيرين جدا”. كم سخيا ومثنيا، كم موجزا ومركزا. ليس في مدرستنا.
السنة الأولى لحربنا تنتهي اليوم. خطابات ستلقى. شعارات ستطلق. انتصارات ستضمن، لكن مشكوك ان تترك جملة واحدة جديرة بان نتذكرها، وعدا واحدا يطرح للايفاء. لم يسبق أبدا ان اعفى قليلون جدا انفسهم من دين كبير جدا لكثيرين جدا.
هذه السنة تنتهي بنبرة متفائلة. ما بدأ بمذبحة وبتبطل زعامي وعسكري ليس هناك اخطر منه ينتهي بانجازات عسكرية في الميدان وبفرصة للتغيير. يحتمل ان تكون السنة الثانية للحرب سنة تحقق، سنة بشرى، سنة النظام الجديد في الشرق الأوسط، وربما العكس تكون سنة التفويت، سنة الانكسار. الكثير منوط برئيس وزراء إسرائيل. مثل إسرائيليين كثيرين آمل من كل قلبي ان ينجح لكني لا اعول عليه وعلى عصبة وزرائه، لا بنواياهم ولا بتفكرهم.
لكل واحدة من حروب إسرائيل يوجد مزايا خاصة بها: حرب 7 أكتوبر تختلف عنها جميعها. ظاهرا كل شيء كان هنا: مفاجأة وقصور كانا في بداية حرب يوم الغفران؛ احتجاج ضد الحكومة كان عشية حرب لبنان الأولى، حيال حكومة بيغن؛ احتقار للسياسيين، اغراقهم في التمتع، الفساد، تأييدهم للتملص من الخدمة، الاحتقار للحكم كله تعاظمت في ختام حرب الاستقلال. برز بينهم خريجو البلماخ من اليسار وخريجو ليحي من اليمين.
لكن الضربة التي اوقعتها حماس على الجبهة الداخلية المدنية وعلى المشروع الصهيوني كله كانت اشد من كل تحد عسكري. يخيل لي انه غني عن البيان الاستطراد في حجوم الضرر من اقصى العالم وحتى أقصاه: فقد بحثت على مدى السنة بتوسع. لم يسبق ابدا ان كان وضعنا في العالم – بما في ذلك في العالم اليهودي – أسوأ. في غضون أسبوع تحولنا من أمة الاستحداث، العلامة التجارية التي تمثل التقدم والتنور، الى جنوب افريقيا عهد الابرتهاد.
الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي للفين وروتمان كان مختلفا في المدى وفي الجوهر عن المعارضة لحرب الخيار لبيغن وشارون في لبنان. لكن في اللحظة التي بدأ فيها الحرب انقلبت الخواطر: في 1982 قامت حركة احتجاج ضد الحرب؛ في السنة الحالية قيلت أمور كثيرة مع وضد الحكومة لكن لم يسمع في إسرائيل حتى ولا شبه تغريدة ضد مجرد الحرب واستمرارها، لا في جبهة غزة، لا في جبهة لبنان ولا في جبهة ايران. نقد شديد على الحرب في الغرب؛ اجماع في الوطن.
النتيجة هي تجند كامل، بما في ذلك بجولة خدمة احتياط ثانية وثالثة؛ معنويات عالية؛ تمسك بالمهمة. بين أمر عسكري وآخر، على كأس قهوة، بين الرفاق، يمكنهم أن ينتقدوا بشدة الحكومة وخطواتها، لكن هذا لن يقلل في شيء من الاستعداد للقتال. لعل اجنبي لن يفهم هذا – نصرالله، مثلا، لم يفهم – لكن في نظري هذا جزء من قوة المجتمع الإسرائيلي.
الحرب الحالية وجدت قيادة حكومية منقسمة. بين رئيس وزراء انهار في الساعات الأولى وحرص على بقائه في الأشهر التالية ووزير دفاع لا يثق به وهيئة اركان فقدت السيطرة. الترميم الذي اجتازه الجيش الإسرائيلي في الأشهر التالية مبهر، لكن اضرار الساعات الأولى لا يمكن إصلاحها. نتنياهو، في خطابه في الأسبوع الماضي وصف مسيرة مرتبة، عاقلة، بدايتها في القتال في غزة وتواصلها في لبنان. وعد فأوفى، لا صلة بين الوصف وبين الواقع.
هذه حرب غريبة: فهي تجري بين منظمات إرهاب يوجد لهم او لا توجد لهم سيطرة على أرض إقليمية وهم متعلقون برقابهم بأرباب البيت في طهران. الوضع معقد: لا يمكن اجراء مفاوضات مع جهة ليس لها مطالب تجاهنا، باستثناء الرغبة في محونا عن وجه البسيطة. فعلى ماذا بالضبط نتفاوض مع الحوثيين؟ ماذا فعلنا لهم؟ على ماذا نتفاوض مع خلفاء خلفاء قادة حزب الله؟ كيف نواجه نظاما إيرانيا تبنى الكراهية لإسرائيل ليس كخطوة استراتيجية بل كفكرة منظمة للامبراطورية التي أقامها؟ ماذا سيفعل النظام الإيراني بدون إسرائيل؟ هذه حرب غريبة، لان العنصر المسيحاني في حكومة نتنياهو يحتفل بها. الدولة كلها في حداد، المخطوفون يذوون في الانفاق وهم يحتفلون. من تحت جسر القطار، قرب طريق الوصول الى ايرز توجد النواة الأولى التي تسعى لاستيطان غزة. ايلي عزة، هذا اسمها. ويوجد منذ الان أعضاء ائتلاف يطلبون ويؤيدون ويهتمون بالمال وبالكرافانات.
هذه حرب غريبة لان القيادة الإسرائيلية تمتنع عن قصد عن أن تحدد لها نهاية مطاف، استراتيجية خروج. الجيش الإسرائيلي دخل هذا الأسبوع الى سلسلة من قرى الحدود اللبنانية. القصد هو تدمير المنشآت العسكرية التي بناها حزب الله في الشريط بين نهر الليطاني وخط الحدود، تدمير وجمع السلاح وقتل كل مقاتل حزب الله يوجد في الميدان. يوجد في هذا منطق: 60 الف إسرائيلي نزحوا من بيوتهم سيعودون اليها عندما يقتنعون بان في الطرف الاخر من الحدود لا يوجد نشاط لحزب الله. عندما يضاف الى ذلك النجاح الكبير للحملات في الضاحية يمكن الحديث عن حزب الله ضعيف.
قيادة الشمال تريد أكثر: هي تريد ان تعيد دولة لبنان الى اللبنانيين، ان تضعف حزب الله أكثر فأكثر، ان تسمح لحكومة لبنان، لجيش لبنان ان يحكم الدولة او على الأقل أن يحكم جنوب الدولة.
خير أن قيادة المنطقة الشمالية تسارع الى المعركة: هذه وظيفتها. فهل لبنان يمكنه أن يعود 50 و 60 سنة الى الوراء ليكون دولة ككل الدول؟ مشكوك جدا. عندما اجتزنا الحدود في حرب لبنان الأولى غمرنا السكان بالارز. استغرق وقت الى أن فهمنا بان هذا ليس حبا بل مجرد انتقال من رعاية الى رعاية. كل حزب، كل طائفة، وسيدها الأجنبي. كلهم وكلاء. لن يكون نظام جديد في لبنان طالما كانت ايران تمسك بمفاتيحه.
هذه حرب غريبة لانها كشفت التعلق المقلق لإسرائيل في الولايات المتحدة. منذ حرب 1956 لم تكن إسرائيل متعلقة بهذا القدر بامنها بدولة اجنبية. الأبواب في الائتلاف تهاجم بانفلات بايدن، لكن قادة جهاز الامن يهاتفون واشنطن ويستجدون الذخيرة. هو الحكم في تبادل النار مع ايران: الدجاجة الإسرائيلية لا يمكنها أن تطير الا حتى ارتفاع الجدار الذي تقرره الإدارة الامريكية. توجد لنا حرب قاسية ومركبة: خير ان نعرف حدود القوة.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook