ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: هذا هو الوقت للرحيل

يديعوت احرونوت 27/6/2025، ناحوم برنياع: هذا هو الوقت للرحيل 

في 5 حزيران 1945، بعد شهرين من استسلام المانيا النازية، توجه البريطانيون الى الانتخابات. وينستون تشرشل الذي قاد بريطانيا الى النصر، السياسي المحبوب للغاية في العالم في ذاك الزمن، اللامع للغاية، موضع الاعجاب الأكبر، تنافس امام كليمنت أتلي، سياسي صغير، باهت، عديم الكاريزما. بخلاف كل التوقعات، هزم تشرشل وحزبه في صناديق الاقتراع. هزما عن حق: البريطانيون تعبوا من ست سنوات حرب مثقلة بالضحايا، من رئيس وزراء لم تكن حدود لعطشه للمجد، تنشق كل الاكسجين في الغرفة. أرادوا ان تكرس الدولة اهتماما لهم، لتوقعات الجنود الذين عادوا من الجبهة، لازمة العائلات التي تحملت عبء الحرب ولم يتلقوا من رئيس وزرائهم شيئا غير خطابات الثناء. تشرشل عرض عليهم احلاما امبريالية؛ اما هم فارادوا اصلاحا داخليا.

“سيارة فارغة وصلت الى داوننينغ 10 وخرج منها كليمنت اتلي”، قال تشرشل. جملة مريرة، غير نزيهة، لامعة. بعد ست سنوات عاد تشرشل الى رئاسة الوزراء، الى ولاية بائسة، باعثة على الشفقة، فصل نهائي بشع لسيرة ذاتية رائعة.

نتنياهو ليس تشرشل. كان يريد أن يكون لكن هو ليش تشرشل. ايران الخمينية ليست المانيا النازية. و12 يوما من الهجمات الناجحة على مواقع في ايران ليست نصرا في حرب عالمية. على الرغم من ذلك هذا انجاز جدير التباهي به. الإنجاز يستحقه ليس فقط المنفذون، بالبزات وبدونها، يستحقه كل قبل الاخرين نتنياهو الذي اتخذ القرار وربط به رئيس الولايات المتحدة، بخلاف عاداته، كما عرف أيضا كيف نوقف النار قبل ان يورطنا في حرب لا نهاية لها.

كل الاحترام. هذا هو الزمن لمنحه مواطنة شرف في كل مدينة، لتسمية شوارع على اسمه، لتسمية مدارس ومستشفيات على اسم زوجته، للعرض عليه تجسير توفيق، صفقة اعتراف بالذنب، ارفاق فصول جديدة في كتب السيرة الذاتية التي كتبت عنه وكتبها بنفسه. الامة ستصفق حين يتلقى ميدالية الحرية من الرئيس (الا اذا غير ترامب فجأة رأيه في أن نتنياهو لم يعد “شجاعا، حادا، لامعا، طيبا وقويا” بل “جبان، كذاب ومتملق”، مثلما كتب عنه قبل بضعة أيام فقط ستيف بانون، أيديولوجي حركة ترامب، مثلما قال ترامب نفسه عنه في الماضي حين رفض اخذ المسؤولية عن تصفية سليماني).

هذا هو الزمن لملئه بالثناء: على أن يرحل فقط. إذ انه مثل تشرشل وبن غوريون، شخصين كانت انجازاتهما عظيمة بلا قياس، هو أيضا يصر على أن ينهي حياته السياسية بالعار. في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد وقف النار قال ردا على سؤال انه لا يزال لديه الكثير من الأمور ليفعلها. فمن كل الامور التي قالها كان هذا هو القول الأكثر اثارة للقلق. الإنجاز في ايران يجب أن يكون سجل النهاية، رتوش الصورة، وليس اكسيرا محفزا لمواصلة الضرر. للخير وللشر، الرجل قام بواجبه.

الحملة المتواصلة في غزة هي جزء من الضرر. نذر الشؤم عن سقوط سبعة مقاتلي الهندسة القتالية في خانيونس بلغنا، نحن الصحافيين، في يوم الاحتفال بوقف النار في ايران. وكما كان مطلوبا، منعت الرقابة العسكرية نشر النبأ قبل الأوان. المراسلون العسكريون الذين أرادوا اظهار المعرفة دون أن يخرقوا القانون تحدثون عن “حرب ضروس في غزة”. كان هذا كذبا: لا توجد حرب ضروس في غزة. مشكوك أن يكون ممكنا ان نسمي ما يحصل حربا. ومثلما بلغت في الماضي، فان فلول حماس تلاحق الجيش الإسرائيلي. مخرب يخرج من فوهة نفق يلقي بعبوة يطلق آر.بي.جي يقتل أو يختفي. حملة صيد من جانبنا، حرب عصابات من جانبهم. والسكان في الوسط. الصور قاسية، يتفطر لها القلب، تقع علينا بالوان إبادة جماعية. ولا يوجد حسم.

تتمتع الخطوة في ايران باجماع على طول كل جهاز الامن. فقد أدت الى تنفيذ استعدادات تواصلت لسنوات، شارك فيها كثيرون وطيبون. “كان هذا مشروع حياتي”، قال لي هذا الأسبوع واحد منهم.

في تواصل الخطوة في غزة نتنياهو وحيدا الى هذا الحد او ذاك. فقيادة الجيش كانت ستسرها صفقة شاملة تحرر المخطوفين كلهم مقابل وقف القتال. لاحساس الذنب تجاه المخطوفين وعائلاتهم يوجد نصيب في ذلك. هذا صحيح بالنسبة للشركاء المباشرين في قيادة الجيش في قصور 7 أكتوبر وصحيح أيضا بالنسبة لمن حل محلهم. لكن اهم من هذا هو ما يحصل وما لا يحصل في الميدان. بعد نحو عشرين شهرا يروي المقاتلون ولا سيما المقاتلون في الاحتياط عن إحساس استنفاد وحتى عن إحساس ملل. ليس لقادتهم أجوبة. كل سؤال اطرحه على مسؤولين في الجيش في مسألة غزة القى الجواب: هذه تعليمات المستوى السياسي.

الويل لنا حين يصبح اننا لاجل ان نصل الى الحل الصائب في غزة نتمنى تغريدة المهرج من البيت الأبيض. الفجوة بين ما يمكننا ان نفعله في طهران وما نرفض ان نفعله في غزة غير قابلة للجسر، لا تغتفر. 

لكن غزة هي مجرد المقدمة.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى