ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: مقترح ترامب للتهجير

يديعوت احرونوت 27/1/2025، رون بن يشاي: مقترح ترامب للتهجير

صفقة تحرير المخطوفين مقابل وقف القتال الذي يريدها الرئيس الأمريكي جدا، لا تزال تصطدم بمصاعب تهدد بتفجيرها، لكن ترامب يواصل بسرعة الى اليوم التالي منذ الان. الرئيس الوافد، كما يخيل، يؤمن بان ما لا يحققه في المئة يوم الأولى من ولايته، سيصعب عليه تحقيقه لاحقا.

خطة “اخلاء – بناء” لغزة التي طرحها يوم السبت هي في أساسها فكرة صحيحة، كحل ممكن لمسألة “اليوم التالي” ولاجل تحييد الضائقة الاقتصادية للغزيين  التي تبقي دافعهم للمس بإسرائيل. إعادة بناء غزة بدون اغلبية سكان القطاع كما يقترح ترامب لن تسمح لحماس ومنظمات الإرهاب الأخرى العاملة في القطاع بناء بنى تحتية إرهابية كالانفاق ومنصات لاطلاق الصواريخ المدفونة في ظل إعادة بناء القطاع. 

1.9 مليون من بين 2.2 مليون فلسطيني غزة يسكنون في المنطقة على شاطيء البحر، التي هي ربع مساحة القطاع في مآوي متهالكة وفي خيام. عندما يعود النازحون من شمال القطاع الى بيوتهم ويجدوا جباليا، بيت حانون وبيت لاهيا مدمرة تماما، سيقيمون هناك المآوي وهذا سيكون أسوأ بكثير لانه لن تكون هناك بنى تحتية ومسائل صحية بالحد الأدنى. 

الى جانب ذلك ليس واضحا بعد اذا كان ترامب ورجال إدارته درسوا الفكرة مع حكومة إسرائيل ومع دول مثل قطر، اتحاد الامارات والسعودية، التي يفترض أن تمول المشروع. لكن واضح أن فكرة إعادة التموضع لجزء هام من سكان القطاع الى مكان آخر الى أن تبنى، بحثت منذ الان في الادارة الجديدة حتى قبل أن يؤدي ترامب اليمين القانونية رئيسا. والان، يبدو أن ترامب يقصد بجدية كبيرة خطة “اخلاء بناء” غزة، بل وتحدث في ذلك منذ الان مع ملك الأردن وسيتحدث فيه مع رئيس مصر.

مع ذلك من حديث ترامب مع الصحافيين يوم السبت يمكن ان نعلم ان ملك الاردن لم يعطِ ردا إيجابيا لكنه لم يرد بالسلب أيضا – على ما يبدو لانه تخوف من اغضاب الرئيس الأمريكي. لكن كل الجهات العربية، المشاركة او الكفيلة بان تكون مشاركة في هذه الخطة، بشكل مباشر او غير مباشر، ستعارضها.

في إسرائيل يوجد على ما يبدو تأييد للفكرة لانها تتيح تأجيل حل مسألة الحكم المدني في غزة الى بضع سنوات على الأقل، تتواصل فيها اعمال إعادة البناء للقطاع بشكل يسمح لإسرائيل بان تشرف على البناء من جديد بحيث لا يستغل لاجل إقامة بنى تحتية عسكرية لمنظمات المخربين من تحت ومن فوق الأرض. إضافة الى ذلك فانها تسمح لإسرائيل بان تؤثر أيضا على مبنى القطاع وعلى ترتيبات الامن التي ستكون فيه، ناهيك عن المرابح التي ستكون نتيجة توريد المواد وعبور البضائع لاعمار القطاع عبر موانيء إسرائيل ومعابر الحدود مع غزة. 

لكن معظم الغزيين، كم يفترض الاعتقاد، وكذا الفلسطينيون في الضفة سيعارضون الفكرة بكل القوة. منذ بداية المناورة البرية ادعى الفلسطينيون، بمن فيهم رجال سلطة أبو مازن وحماس بان هدف الحرب الإسرائيلية في القطاع هو دفع الفلسطينيين للهجرة منه لاجل ادخال مستوطنين إسرائيليين للاستيطان فيه. هذا الادعاء كان احد المعاذير التي استخدمتها مصر كي لا تسمح للاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا عن مناطق القتال في القطاع للفرار والسكن في مخيمات لاجئين تبنى لهم في شبه جزيرة سيناء، في المنطقة القريبة من رفح المصرية. 

وعليه، يمكن ان نتوقع الا يرى الفلسطينيون في فكرة إعادة التموضع التي طرحها ترامب فكرة إيجابية بل محاولة فظة لنفيهم الى الابد عن ارضهم او ما يسمونه منذ اليوم نكبة ثانية. ترامب كرجل عقارات وكذا مبعوثه الى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، رجل عقارات هو أيضا، يريان في خطتهما مشروعا يهديء المنطقة ويجني أرباحا جميلة لمن يمولها وينفذها، بما في ذلك تركيا مثلا. لكن الفلسطينيين الذين لا يزال يتذكرون ما يسمونه “النكبة الأولى” التي ارسلتهم الى مخيمات لاجئين في دول في ارجاء الشرق الأوسط لن يوافقوا. واذا لم يكن هذا بكاف، فمن المتوقع أن يخربوا حتى مسيرة إعادة البناء للقطاع، رغم أنها في صالح أبناء شعبهم. 

ملك الأردن هو الاخر، الذي لم يعرب كما أسلفنا عن معارضة واضحة في حديثه مع ترامب من المتوقع أن يعارض الخطة كونها ستهدد الاستقرار الديمغرافي بين البدو والفلسطينيين في دولته. منذ اليوم توجد اغلبية للاجئين الفلسطينيين الذين استقروا في الأردن على القبائل البدوية التي اقام البريطانيون لهم في اطار اتفاقات سايكس بيكو، المملكة الهاشمية. إضافة الى ذلك، فان الأردن الذي استوعب منذ الان لاجئين من العراق، ونحو مليون لاجيء من سوريا في العقد الحالي وهو ينهار تحت العبء. كما أن مسألة نقل الغزيين الى الأردن معقدة، بحيث أن الحل الاردني ليس حقا قابل للتنفيذ. 

بالمقابل، فان اقامة مخيمات لاجئين مؤقتة في أراضي سيناء، أي في المنطقة التي هي في سيادة مصر، تبدو اكثر منطقية بكثير. فاذا أقيمت مخيمات لاجئين كهذه في منطقة رفح وبين رفح والعريش فان هذا سيسمح للغزيين ان يكونوا قريبين من القطاع ويهديء مخاوفهم من سلب أراضيهم. كما يمكنهم أن يشاركوا في اعمال الاعمار والربح. لكن مصر ورئيسها السيسي، حتى الان رفضوا بشدة الموافقة على انتقال الفلسطينيين الى أراضيهم. مصر، التي يوجد لها 112.7 مليون مواطن، معظمهم فقراء، لا تريد مزيدا من الافواه لاطعامهم، ناهيك عن ان الفلسطينيين يعتبرون مثيري مشاكل مهنيين ومحبين للاخوان المسلمين الذين يرى فيهم الرئيس السيسي وكبار مسؤولي رجال نظامه وجيشه عدوا وتهديدا حقيقيا على النظام. 

حماس، التي هي حركة فرعية للاخوان المسلمين، يفضل المصريون ان يرونها خلف جدار عال يقام في محور فيلادلفيا في داخل قطاع غزة – وليس في أراضيهم رغم أن مئات الكيلومترات تفصل بين شمال سيناء ومصر. المصريون يرون في الفلسطينيين تهديدا على استقرار النظام وعبئا اقتصاديا، وحتى لو وعدهم ترامب بمليارات الدولارات التي سيتلقونها من السعودية، اتحاد الامارات وقطر فان الرئيس السيسي لن يرغب باستقبال مليون ونيف من الفلسطينيين في بلاده. معقول أيضا ان يفضل الغزيون مخيمات لاجئين “محلية” في أراضي القطاع قرب البلدات والقرى التي يعاد بناؤها ما يسمح لهم بان يطمئنوا بان أحدا لا يغزو أراضيهم وبيوتهم وانهم سيعودون اليها ما ان ينتهي البناء.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى