ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: معضلة حماس

يديعوت احرونوت 3/10/2025، آفي يسسخروف: معضلة حماس

يبدو أن هذه هي المعضلة الأكبر التي تواجهها قيادة حماس منذ تأسيسها. فالتأخير للرد الرسمي من المنظمة على خطة السلام للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدل على شدة التردد.

لا يوجد أي شك على الاطلاق بان خطة ترامب ليست صفقة جيدة من ناحية حماس، وذلك ضمن أمور أخرى لان المنظمة مطالبة بان تنزع عنها ما جعلها حماس – سلاحها. بمعنى ان كل تجربة المنظمة قامت على أساس انها تمثل “المقاومة” او بكلمات أخرى “حركة المقاومة الإسلامية” كما يدل عليه اسمها أو ما يعني من يواصل التلويح بالإرهاب كي يواجه “الاحتلال”. هذا سبب وجود حماس، هذا هو حاضرها. اذا وافقت الان على مثل هذه الشروط او غيرها لان تنقل سلاحها حتى ولو الى قوة اجنبية ليس بالضرورة فلسطينية، فان هويتها التنظيمية والسياسية ستمحى. هذا يذكر بقدر كبير المعضلة التي يقف امامها اليوم حزب ا لله في لبنان حيث يأتي الضغط الكبير هناك من الداخل بالذات، من الساحة اللبنانية. في حالة حماس، فان ضغط الخصم السياسي الداخلي الكبير – فتح أو السلطة ليس ذا مغزى عظيم. غير أنه في هذه الحالة يعد هذا ضغطا لا يقل أهمية بل وربما اكبر – ضغط عربي كبير على حماس للموافقة على الصفقة. بمعنى أن قيادة حماس في خطر مثل تلك التي في غزة تفهم بان موافقة قطر وتركيا أساسا، الدولتين اللتين يحكمهما التيار الأيديولوجي للاخوان المسلمين، وضغط دول عربية أخرى للموافقة على خطة السلام لترامب تبقيها بلا أي دعم عربي امام إسرائيل ولا حتى الحلفاء الأقرب.

هذا ينبغي أن ينسب فضله للرئيس الأمريكي ولحكومة إسرائيل ورئيسها، بنيامين نتنياهو، الذين نجحوا في حشر حماس في الزاوية، في مسار الذبح.

اذا قالت نعم، فان حماس في واقع الامر لن تبقى حماس. اذا قالت لا، فستبدو كالرافض الأكبر لوقف الحرب في غزة. ظاهرا – وضع هو فقط نصر لإسرائيل. يمكن التقدير بان الضغط على قيادة حماس في الدوحة هائل، والسؤال ماذا سيقول قادة حماس في القطاع – عز الدين الحداد ورياض سعد – اللذين قيل أنهما يميلان لمعارضة الصفقة. هما يختبآن الان في احد الانفاق في القطاع ويفهمان بان غزة تقف امام دمار هائل وامام مئات الاف آخرين ممن سيفقدون بيوتهم، لكن في السطر الأخير الموافقة على المخطط معناها الاستسلام بالنسبة لهما – تحرير المخطوفين وتسليم السلاح.

غير أن هنا يجب التحفظ. اذا رفضت حماس مقترح ترامب، فان إسرائيل بالفعل ستحصل على ضوء اخضر لمزيد مما سبق أن رأيناه في غزة في السنتين الأخيرتين. مزيد من الدمار للاحياء مع الكثير من القتلى الفلسطينيين، الجنود المصابين وعلى ما يبدو المخطوفين أيضا. حماس لن تباد، لن تمحى. حسب شدة المعارضة في داخل مدينة غزة يمكن التخمين بان معظم القوة المقاتلة للمنظمة في المدينة انتقلت جنوبا من  زمن، الى جانب مئات الاف آخرين من المدنيين الفلسطينيين. هكذا بحيث ان حتى “احتلال” متجدد لمدينة غزة (نذكر بانه سبق ان احتل الجيش مدينة غزة وقضى هناك على الالوية القتالية لحماس في نهاية أكتوبر وعلى مدى اشهر طويلة من العام 2023) لن يؤدي الى انهاء الحرب، حسم حماس او تحرير رهائن.

في هذه الحالة ستنقضي بضعة أسابيع، صور المدنيين الفلسطينيين القتلى التي ستبث في كل مكان في العالم باستثناء هنا، ستلحق الضرر بإسرائيل. أوروبا بالطبع، الجمهور الأمريكي بما في ذلك الحزب الجمهوري وتركيا وقطر الاخوان المسلمين، سيعودوا جميعا لدعم حلفائهم الفلسطينيين. إضافة الى ذلك، سيكون هذه المرة فارق هام واحد – قيادة حماس في قطر ستتمتع الان بحصانة ليس فقط من الدوحة بل من الولايات المتحدة ترامب، ليس اقل. القطريون بضغط امريكي غير معقول على إسرائيل يعودون الان مرة أخرى الى مركز الساحة. احد الوزراء القطريين، علي الجوادي، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع إسرائيل (وليس بالذات في سياق إيجابي)، ظهر في اللقاءات في البيت الأبيض – بما في ذلك بين نتنياهو وترامب، ليس اقل، الى جانب ستيف ويتكوف. ان محاولة التصفية الفاشلة بقيادة حماس في الدوحة كانت فشلا تكتيكيا لكنه أثر في المستوى الاستراتيجي – العملية ليس فقط لم تصفي مسؤولي المنظمة بل أعاد الى ساحة الوساطة بين إسرائيل وحماس بكامل القوة بل واكثر الاخوان المسلمين – كبار المسؤولين القطريين، أولئك الذين نقلوا الى إسرائيل حقائب تحمل عشرات ملايين الدولارات نقدا في كل شهر، أولئك الذين واصلوا تمويل حماس، تنمية التحريض في “الجزيرة” وعقد الصفقات مع إسرائيل أو كما يقال بالانجليزية – الاعمال كالمعتاد.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى