يديعوت احرونوت: متى تنتهي حرب الدفاع ويبدأ مشروع استعماري

يديعوت احرونوت 2/12/2024، عيناب شيف: متى تنتهي حرب الدفاع ويبدأ مشروع استعماري
حبكات موشيه بوغي يعلون، ماضغ عرب محترف ووزير دفاع الجرف الصامد لبطل الساعة لدى المعجبين بالنائب عوفر كسيف، هي مادة لكوميديا سياسية ناجحة: جنرال قديم مع جنون عظمة يفقد مكانته عقب مشعل نار اذكى منه. ومنذئذ مستعد لان يصرخ بان في الخارج يسود الليل حتى حين تكون الساعة العاشرة صباحا. لكن ما يثير الضحك اقل هو صرخات النجدة وكأن اقوال يعلون عن “التطهير العرقي” في غزة جاءت كالبرق في يوم صاف ولا يدور الحديث عن أماني لبعض من الوزراء الكبار ممن يمسكوا بعضهم بالحكم من مكان حساس له.
لقد ظهر هذا الإحساس منذ بداية الحرب، حين خرجت إسرائيل وعن حق للدفاع عن حدودها بعد المذبحة الأكثر رعبا التي ترتكب باليهود منذ المحرقة. في وثيقة وضعتها وزارة الاستخبارات (رحمها الله) ونشر عنها في “كلكليست” في نهاية أكتوبر 2023، أوصيَ بان “تعمل إسرائيل على اخلاء السكان المدنيين (في غزة) الى سيناء”، حيث تقام “مدن خيام” في المرحلة الأولى وبعد ذلك “مدن في المنطقة المأهولة من جديد”. في ظل الصدمة، الهزة والغضب، وكذا بسبب حقيقة أن “وزارة الاستخبارات” كانت بدعة حتى في حياتها، لم يحظَ النشر باهتمام زائد. في أكتوبر الماضي انهت غيلا جمليئيل، التي وقفت في حينه على رأس وزارة الاستخبارات اغلاق دائرة وأعلنت في القناة 12 بانه ينبغي جباية “ثمن إقليمي” من غزة على 7 أكتوبر.
جمليئيل نفسها اقل أهمية من سمكة مغلفة بصحيفة، لكنها جزء من ميل. فقد انقضت سنة ونيف منذ أن دخلت إسرائيل الى غزة، وفي هذه الاثناء يقع امران دراماتيكيان: الأول هو ان الجيش الإسرائيلي بالفعل يخلي السكان المدنيين في شمال القطاع، يفرض حصارا في المنطقة وينفذ اعمال تموضع في الجبهة (بناء بنى تحتية، شق طرق وما شابه)؛ والثاني هو ان الاخيلة في اليمين للسيطرة على شمال القطاع وإقامة مستوطنات هناك تنال الزخم. تتلقى المزيد فالمزيد من التعابير العلنية، وبالمقابل لا تستجاب برفض جارف من رئيس الوزراء. اليوم، وفقا للاعمال الكبرى التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع والطريق المسدود في المفاوضات لوقف النار وإعادة المخطوفين والمخطوفات، فان إسرائيل اقرب الى تحقيق الوثيقة إياها منها الى اتفاق يسمح للسكان الفلسطينيين من رجال ونساء العودة الى بيوتهم. كيف قال عميت سيغال، الذي يعرف بضعة أناس هامين حين تحدث عن “تفريغ القطاع”؟ “هذا مجرد المشروع التجريبي والمقدمة”.
وها هو، الأسبوع الماضي فقط، مثلا، اعلن وزير المالية بانه “يمكن ويجب احتلال غزة” و “يمكن خلق وضع تكون فيه غزة بعد سنتين اقل من نصف سكانها الحاليين”. وزير الإسكان امسك بالنظارة واعلن بان “الاستيطان هو الرد على المذبحة” (ملاحظة جانبية: اذا كان الجنرال غولدكنوف يبدي اهتماما منذ الان، فان تجنيد الحريديم أيضا يمكن ان يكون جوابا على المذبحة). الوزير ايتمار بن غفير، الذي من ناحيته حياة المخطوفين والمخطوفات تشبه قشرة ثوم عفنة بالنسبة لحلم الترحيل، قال امس انه “يعمل بكد مع رئيس الوزراء كي يدفع قدما بـ “تشجيع الهجرة” من غزة” وأضاف بان بنيامين نتنياهو “يبدي انفتاحا معينا للموضوع”. ماذا يفكر نتنياهو؟ وبالفعل اذا كان يعقوب بردوغو لا يسأل فانه لا يجيب. المرة الوحيدة التي تناول فيها بصوته مسألة الاستيطان في القطاع كانت قبل نصف سنة، وعندها أيضا قال ان “هذا غير واقعي”. ما هذا “غير واقعي”؟ إذن دانييلا فايس ستعمل على أن يكون هذا واقعيا. فهي حقا جيدة في هذا.
وعليه، فانه حتى لو كان يعلون متهكما ومثيرا للشفقة، فان الربط بين حكم متطرف وافعال على الأرض بالتأكيد يستوجب بحثا واسعا، معمقا وثاقبا في مسألة “متى تنتهي حرب الدفاع ويبدأ مشروع استعماري؟ مهما كان الجواب، فان شيئا واحدا فقط لا يمكن ان يقال “لم نعرف”.