يديعوت احرونوت: لا يفعل الجيش في غزة غير الهدم والتدمير دون أي غاية حقيقية

يديعوت احرونوت 21/7/2025، آفي يسسخروف: لا يفعل الجيش في غزة غير الهدم والتدمير دون أي غاية حقيقية
قطاع غزة أصبح موقع أنقاض عقارية من الأكبر في العالم، والجيش الإسرائيلي هو مقاول التنفيذ. في كل صورة تأتي من القطاع، في كل تقرير تلفزيوني تنكشف حجوم هذا الحدث: دمار اخروي، بحجوم توراتية حقا، في كل مرة يشرح لنا بشكل مختلف. تارة الهدف هو “هزيمة لواء خانيونس”، وتارة الحاجة الى الدفاع عن “محور فاصل”، تارة يكون هذا هو العلة المفهومة للدفاع عن قوات الجيش الإسرائيلي، غير أن في هذه الاثناء يصاب جنود الجيش وكذا مقاولي التنفيذ (مشغلي الاليات الهندسية الكبيرة) في اثناء تنفيذ الهدم. في الأسبوع الماضي مثلا علم من جملة مواقع إخبارية في إسرائيل عن التطور “الدراماتيكي” الأخير في الحرب في قطاع غزة. الجيش الإسرائيلي شق محورا جديدا يقسم خانيونس الى قسمين ويسمى محور “درع بأس” (ماغين عوز). وحسب التقارير فان المحور الجديد الذي يصل الى محور موراغ الجديد – القديم، يفترض أن يؤدي الى هزيمة لواء خانيونس لحماس، اللواء الذي سبق ان هزم في الماضي وصفي معظم قادته. امس علم بان القوات تهدم مبان على طول كل المحور للدفاع عنه، ويدور الحديث عن مئات المباني.
وهذه في واقع الامر هي خلاصة القتال كما نراه في الميدان هذه الأيام. صحيح أنه يكتشف مزيد من الانفاق ويقتل مزيد من المخربين، لكن لشدة الأسف لا يوجد هدف حقيقي لهذه الحرب. القتال في الميدان يجري في الغالب بدون عدو في بؤرة الاستهداف ولا حتى سكان في المحيط. ببساطة هدم مكثف للمباني مشكوك أن يجدي للتخلص من حماس لكن تنم عنه رائحة كالثأر. الهدم اصبح هدفا بحد ذاته ليست واضحة غايته، الا اذا سعى احد ما لان يمنع كل عودة للفلسطينيين للسكن في القطاع.
غير أنه لشدة الأسف فان الاعمال الهندسية المكثفة هذه لن تسرع تحرير المخطوفين ولن تدفع قدما بحل في غزة على نمط “تقويض حماس”.
احد ما تشوش بين هدم المباني، الاحياء والبلدات وبين تقويض المنظمة.
المؤيدون المتحمسون لنتنياهو يواصلون بيع قصص واختلاقات على أننا على مسافة نحو خطوة من “النصر المطلق”، للمرة التي من يدري كم. حي غزي آخر في الخرائب، مدينة مدمرة أخرى، تفجير آخر. تقارير عن المس بكبار رجالات حماس، بكبار رجالات الجهاد، أسماء قلة في إسرائيل يعرفونها. مشكوك ان يكونوا حتى في قيادة حماس في الخارج يعرفون عمن يدور الحديث.
في هذه الاثناء، مزيد من جنود الجيش الاسرائيلي يقتلون. ومزيد من الجنود الذين يضعون حدا لحياتهم بسبب الفظائع التي رأوها، بسبب التجارب التي مروا بها. معظم مواطني هذه الدولة ينظرون الى ما يجري في غزة ويسألون أنفسهم – من اجل ماذا؟ لماذا ترفض هذه الحكومة ورئيسها صفقة مخطوفين شاملة؟ مزيد ومزيد من الأمهات والاباء الذين يخدم أبناؤهم في غزة يصعب عليهم التصديق بان الابن او الابنة يدخلون مرة أخرى الى القطاع، الى جولة أخرى بلا غاية باستثناء هدم البيوت والاحياء. فهل يعتقد أحد ما حقا بان بعد لحظة سيرفع مسؤولو حماس القلائل المتبقين على قيد الحياة اعلاما بيضاء ويخرجون باياد مرفوعة من الانفاق؟ حماس لا ترفع علما أبيض، ولن تفعل هذا. من جهتها فلتدمر احياء أخرى في غزة، من جانبها فلتقم مدينة إنسانية أخرى في رفح. هكذا فقط ستزداد الضائقة في القطاع، مزيد من الأطفال والنساء الغزيين يعانون ويموتون، هذا فقط يفعل خيرا في ترويج دعايتها في العالم وفقط يزيد الكراهية لإسرائيل في كل زاوية من المعمورة. وبالنسبة لحماس، اذا انتقلت إسرائيل الى هدم منهاجي لاحياء في مدينة غزة أيضا (الذي حتى الان امتنعت عن فعله) فهذا فقط سيفعل خيرا أكبر للمنظمة في المدى الزمني البعيد. مزيد من الأطفال الغزيين سيتجندون لحماس وسيرغبون في القتال ضد الاسرائيليين، يأس آخر في القطاع ينمي فقط الامل لحماس. على خرائب غزة هم يبنون منذ الان مستقبل المنظمة لعشرات السنين القادمة.
إذن ما العمل؟ فعندما حاولت حكومة نتنياهو جعل حماس ذخرا، عندما سمحت للمنظمة بالنمو، ببناء نفسها، استعدوا لمذبحة 7 أكتوبر. والان ماذا؟ اذا أوققنا الحرب ضد حماس فانهم سيبدأوا باعداد “7 أكتوبر التالي”. غير أن هنا كان يفترض بهذه الحكومة أن تعد خطة لـ “اليوم التالي”. فور بدء الحرب في غزة، كل من له عينان في رأسه استجدى الحكومة ورئيسها لاعداد بديل لحكم حماس والاستعداد “لليوم التالي”. لكن هذا الائتلاف كان منشغلا في تمرير قوانين الانقلاب النظامي، قوانين التملص من الخدمة. في الوقت الذي افضل أبنائنا يقاتلون، يصابون، يقتلون، يضحون بحياتهم، هذه الحكومة انشغلت بمناورات تمنع انتخابات مبكرة وبالبقاء على كرسي الحكم الى أبد الآبدين.
اذا رغبت إسرائيل في يوم من الأيام في انهاء هذه الحرب، سيتعين عليها ان تسعى الى تسوية مع دول عربية ومع السلطة الفلسطينية تؤدي الى طرد حماس من الحكم في غزة ونزع سلاحه. تسوية كهذه يمكن أن تكون على جدول الاعمال اذا ضطرت إسرائيل لعمل ذلك لكنه مشكوك فيه ان تكون هذه الحكومة ترغب في ذلك. فهي تواصل فقط اتهام الجيش، الاعلام، المعارضة، الكل مذنبون في الغرق في الوحل الغزي باستثناء السياسية الفاشلة لهذه الحكومة.
في نهاية الامر حتى حكومة نتنياهو ستكون ملزمة بعد ذلك، لان الجمهور الذي يخدم في الجيش، يدفع الضرائب، يخلص للدولة وليس لرئيسها، لن يصمد في هذا لزمن طويل آخر ولن يوافق على مواصلة هذه الحرب الى الابد.