يديعوت احرونوت: لا صفقة، بل خدعة
يديعوت احرونوت 23/8/2024، ناحوم برنياع: لا صفقة، بل خدعة
ذات يوم، حار ورطب في صيف العام 2000، في كامب ديفيد، ميرلاند، وقف رئيس وزراء إسرائيل اهود باراك مع رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في مدخل كوخ، وظهرهما الى الكاميرا. انت تدخل أولا، يشير باراك الى عرفات؛ لا، انت تدخل أولا، يشير عرفات الى باراك. ظاهرا، رجلان حضاريان يتنافسان فيما بينهما على ميدالية الشرق الأوسط للرجل الاديب. اما عمليا، فمناورة في اغتصاب دبلوماسي: باراك حول ادخال عرفات الى تلم في نهايته اتفاق شامل مع إسرائيل؛ عرفات تملص. لا غرو أن الحدث على الباب اصبح رمزا لمسيرة السلام وفشلها.
وزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكن سعى لان يجري يوم الاثنين مناورة مماثلة لنتنياهو. فهو يعرف الزبون جيدا. يعرف ان نتنياهو لا يؤيد حقا ما علم في الجمهور كـ “منحى بايدن – نتنياهو”. صحيح أن المنحى اقر في الكابنت بتأييد منه لكن فور اقراره أضاف اليه “إيضاحات” استهدفت افراغه من محتواه. هكذا يتصرف دوما. بلينكن يعرف: هو ليس ولد.
وزير الخارجية الأمريكي وقف امام امكانيتين: إما أن يندد برئيس وزراء إسرائيل كرجل غير مصداق، غير قادر على أن يتفق حتى مع نفسه؛ او ان يتمسك بعرض عابث لتوافق متبادل. جيمس بيكر، وزير الخارجية في إدارة بوش، اختار غير مرة الامكانية الأولى. كيسنجر أيضا. كان يمكنهما ان يسمحا لنفسيهما. اما بلينكن فلا يستطيع: خصام علني مع رئيس وزراء إسرائيل عشية مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو، حين يتجمهر متظاهرون مناهضون لإسرائيل خارج القاعة، غير وارد. ولا حتى نزاع مسرب: كل نبأ عن انفجار بين أمريكا وإسرائيل من شأنه أن يستدعي هجمة صواريخ واسعة من جانب حزب الله.
فاختار هو، بالتالي، معانقة نتنياهو كل الطريق الى الخدعة. محافل مغفلة في طاقم المفاوضات تتهم الان بلينكن بانه في العناق الذي أعطاه لنتنياهو قتل الاحتمال للتقدم في المفاوضات. هم لا يفهمون بانه لا توجد مفاوضات. السنوار غير معني باتفاق، ونتنياهو غير معني باتفاق، كل واحد لاسبابه. المأساة هي انه لا توجد قوة يمكنها أن تفرض اتفاقا على الاثنين – لا إدارة أمريكية ديمقراطية لينة في طبيعتها، عشية انتخابات، لا وسطاء عرب غارقون في مصالحهم، ولا جماهير إسرائيلية لا يعرفون الى اين يسيرون بالقلق، التخلي والاتهام. كارثة 7 أكتوبر جعلت من هو مسؤول عنها حاكم وحيد، بارادته يقرر الحياة وبارادته يقرر الموت.
ردود الفعل في الشارع الإسرائيلي على انقاذ جثث ستة من المخطوفين تدل كم هو عميق الاستقطاب. من أجل بعض من الإسرائيليين كانت هذه حملة لامعة، شهدت على تمسك الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي بالتكافل المتبادل، كم يهمهم مصير المخطوفين؛ للاخرين جسدت العكس: كان يمكننا أن نحصل على الناس احياء وحصلنا على جثث. مقاتلون في الجيش الإسرائيلي مدعوون الان لان يعرضوا حياتهم للخطر لاجل انقاذ اموات إدارة سليمة للمفاوضات كانت ستعيدهم الينا احياء دون تعريض حياة جندي واحد للخطر.
مارست إدارة بايدن امس ضغطا على الأطراف لان تعقد مع ذلك لقاء قمة في القاهرة – ان لم يكن لاجل الوصول الى اتفاق، فعلى الأقل لمنع اتساع القتال. مكانت إدارة بايدن وهاريس توجد قيد الاختبار في فترة حساسة. أمريكا وإسرائيل ستصلان الى هناك، اذا ما وصلتا، مثل زوجين قررا الطلاق لكنهما يواصلان النوم في سرير واحد. ليس من اجل نفسيهما، لا سمح الله بل فقط من اجل ما يقولانه للأطفال.