يديعوت احرونوت: في ظل هجوم كاتس المتواصل، اختار هليفي ان يعتزل طوعا

يديعوت احرونوت 22/1/2025، ناحوم برنياع: في ظل هجوم كاتس المتواصل، اختار هليفي ان يعتزل طوعا
النظام السليم، المنطقي، استوجب إقامة لجنة تحقيق رسمية في أكتوبر 2023. رئيس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس الاركان، رئيس أمان، قائد المنطقة الجنوبية، قائد فرقة غزة ورئيس الشباك كانوا سيبسطون امامها كل افعالهم وقصوراتهم. فريق اللجنة كان سيجمع الوثائق. بعد بضعة أشهر كانت اللجنة ستنشر تقريرا أوليا. استماع كان سيجرى لكل من قررت اللجنة ان من شأنه أن يتضرر. حجوم الكارثة والاضرار التي لحقت كانت تفترض، على نحو شبه مؤكد، ان تضم الجميع في القائمة. بعضهم كانوا سيستقيلون من مناصبهم طوعا، آخرون كانوا سيقاتلون في سبيل منصبهم وارثهم. هكذا يتصرف الناس في دولة سليمة النظام.
لكن نتنياهو اختار ان يتمسك بقرون المذبح. لجنة تحقيق لم تقم ولن تقوم طالما كان في منصبه. بشكل لا مفر منه، انتقل التشديد الى التحقيقات الداخلية في الجيش. رغم النوايا الطيبة، لا احتمال في أن تستنفد التحقيقات العسكرية عمق وعرض الفشل. القصور اكبر منها؛ كما لا احتمالا في ان تستنفد مسألة المسؤولية والمسائل القيمية الأخرى التي تعذب المجتمع الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر. رئيس الأركان سيرحل؛ الصدمة ستبقى.
سلوك نتنياهو وكاتس وآلة دعايتهما حيال التحقيق وحيال الجيش خلق وضعا غير سليم. ضباط جدير بان يُنحوا لم يُنحوا. ضباط جدير بان يُرفعوا لم يُرفعوا. بدلا من القرارات ولدت تسريبات؛ بدلا من الجدية ثرثرة. كل هذا في ظل الحرب.
ان قرار رئيس الأركان الإعلان عن موعد اعتزاله قبل شهر ونصف مسبقا اتخذ بتأثير الحملة التي يديرها ضده وزير الدفاع. هليفي فهم بان كاتس سيحرص على ان ينشر كل يوم انباء عن الاستعدادات التي يجريها لاستبدال رئيس الأركان. هذا يقدمون قربانا بشريا للقاعدة. هكذا يطبخون تنحيات في الحزب. بدلا من الاعتزال غصبا اختار الاعتزال طوعا.
بعد لحظات من اعلان هليفي قراره اصدر قائد المنطقة الجنوبية يرون فينكلشتاين بيانا مشابها، وان كان بدون موعد اعتزال. حسب افضل فهمي لم ينسق رئيس الأركان وقائد المنطقة البيانين بينهما: فقد اختار اللواء مسبقا الالتصاق برئيس الأركان وهذا ما فعله. كان هذا قرارا ناجحا من ناحية تكتيكية: فالتركيز سيكون على رئيس الأركان وليس عليه.
هرتسي هليفي اعرفه منذ ان كان قائدا لفرقة 91 وربما قبل ذلك. ودون صلة عرفت أيضا جده حاييم ش. هليفي وأباه مومو هليفي. الجد كان من مؤسسي الايتسل ولاحقا نائب مدير عام وزارة الصحة. الاب كان عضو مجلس بلدية القدس عن الليكود. جذور رئيس الأركان مغروسة عميقا في اليمين القديم، الرسمي، الذي شطب سجله في الليكود اليوم.
هو رجل جدي، عميق، مسؤول، مستقيم. تجربته كرئيس أمان وكقائد المنطقة الجنوبية كان ينبغي لها أن تقوده الى قرارات أخرى في ليل 6 أكتوبر وفي الليالي السابقة. وكما قال أمس، في البيان الذي تلاه في موقع “سهم اسود” على حدود غزة، “فشلنا. اخذت بكاملها المسؤولية عن فشل الجيش الإسرائيلي. نتائج هذا اليوم سأحملها معي حتى يومي الأخير”.
التقيته في واحد من اشهر الحرب الأولى. وصف على مسمعي عملية التحقيق التي بدأها الجيش، رغم الحرب وفي اطارها. عندما سيصل التحقيق الأول الى طاولتك افترض أنك ستعتزل، قلت. بسبب مسؤوليتك عن القصور لا يمكنك ان تنحي أحدا آخر. اما هو فاعتقد خلاف ذلك.
في الأشهر التي انقضت منذئذ رمم الجيش وحمله الى إنجازات ذات مغزى، واساسا في جبهة لبنان حيال حزب الله. الإنجازات ستقف في صالحه حتى بعد اعتزاله، مثلما هي إنجازات الجيش في حرب يوم الغفران كانت في صالح رئيس الأركان ددو العزار بعد ان نحي. هليفي صحا بسرعة وقال بنجاح معركة مركبة وصلت في بعض من الوقت الى سبع جبهات.
الوضع في جبهة غزة كان مركبا اكثر. الجيش خرج الى الحرب حين كان بعض من قادته يتملكهم إحساس الثأر. اجروا لنا محرقة – نحن سنجري لهم نكبة. المخطط السائد في القيادة والدافع المركزي لعمليات عدوانية في المنطقة كان اللواء يوسي بخر، الذي قاتل ببطولة فائقة في 7 أكتوبر في كيبوتسه بيري. امه قتلت في الكيبوتس. ايرز فينر، غابي سيبوني وشيكو تمر، ثلاثتهم ضباط احتياط، كانوا مشاركين في القرارات، وفوقهم جميعا حامت سحابة كثيفة من الذنب وصلية يومية من كشوفات عن قصورات في الاستخبارات، في مرابطة القوات وفي القتال. لو كانت لجنة تحقيق لكان ممكنا البحث في مسألة هل القرار بإبقاء طاقم القيادة كما هو بعد 7 أكتوبر صحيحا.
لا يقل أهمية عن ذلك كان سيجري بحث في سياق الحرب منذئذ، في المنطق الذي في تحريك السكان، في تدمير مدن كاملة، في الاستناد الى اعداد قتلى في الطرف ا لاخر كدليل على النصر على العدو، في الادعاء بان الضغط العسكري يدفع قدما بتحرير مخطوفين في الوقت الذي قتل فيه الضغط العسكري مخطوفين. اليوم، حين عادت حماس لتطالب بالمشاركة في الحكم في غزة، في الجيش يبدأون في استيعاب الشرك: من جهة نحن ملزمون بالتسليم بوجود حماس – بدون حماس لا تحريرا للمخطوفين؛ من جهة أخرى نحن نقسم على تصفيتها.
الحرب في غزة كانت حرب لا مفر. احداث 7 أكتوبر جعلتها اضطرارية، حيوية. لكنها حرب وشوكة فيها: تصوروا، فقط كمادة للتفكير، ان تنتهي الحرب في غزة في أن نكون استبدلنا يحيى السنوار بمحمد السنوار. يحيى بمحمد، هذا كل شيء. ماذا عملنا؟
رأيت يرون فينكلمان، اللواء، في الحرب. هو قرر ان يضع 7 أكتوبر خلفه وأصر على قراره. فلئن تصرف هليفي كالفارس ذي شخصية أسى، فان فينكلشتاين المفعهم بالطاقة الفتية – سارع الى المعركة. لكن كمن كتب بنفسه، في الكتاب الذي كتبه لرئيس الأركان بخط يده، مسؤوليته عن القيادة وقصوراتها تلزمة بالاعتزال.
بشكل عام كان يكتب بطاقات بحبر اخضر – هكذا كانوا يعرفون من كتب البطاقة والتعاطي معها بناء على ذلك. اما الكتاب لرئيس الأركان فكتبه بحبر ازرق.
***
بيان اعتزال رئيس الأركان يكشف روني بار، رئيس الشباك، امام ثلة مطلقي النار من أبواق الحكم. بار واحد المسؤولين عن القصور – ليس بمستوى سلسلة القيادة في الجيش، لكن بعدها فورا. الشباك ورئيسه يتحملان جزءا من المسؤولية عن القصور الاستخباري وعن القرار المغلوط الذي اتخذ في ليل 6 أكتوبر. هم ليسوا مسؤولين عن المفهوم المغلوط وعن القصورات في مرابطة القوات. في 7 أكتوبر في الساعة 2:58 قبل الفجر خرج اخطار من الشباك، وان كان عموميا. كان يمكن للجيش ان يتعاطى معه بجدية اكبر وبعد ذلك في اثناء اليوم، تميز مقاتلو الشباك بالقتال في البلدات.
بار أخذ المسؤولية فورا بعد بداية الحرب. هو يفهم انه لن يتولى المنصب حتى نهاية ولايته، في أكتوبر 2026 لكنه لا يسارع الى الرحيل. لديه مبررات جيدة: جدير الانصات اليها.
قبل كل شيء المخطوفون. للشباك ولرئيسه كان دور مركزي في تحقيق الصفقة. علاقات الثقة التي أقامها مع المخابرات المصرية ومؤخرا مع ستيف ويتكوف، الوسيط عن ترامب، حركت الدواليب قبل المحادثات الحاسمة في قطر وفي اثناء المحادثات. اول أمس كان مرة أخرى في القاهرة، قبيل النبضة الثانية واستئناف المحادثات في اليوم الـ 16 للصفقة. الأيام والاسابيع القادمة حرجة. توجد جهات، في إسرائيل أيضا، تأمل بتفجير كل شيء.
ثانيا، الشباك رأى نجاحات كبرى في الحرب ضد الإرهاب في اثناء الحرب، في غزة، في الضفة وفي إسرائيل أيضا. وهو يعمل مع الجيش ضد الإرهاب اليهودي أيضا بخلاف إجراءات وزراء في الحكومة.
ثالثا وربما الأهم، مكانة الشباك على حماية القانون، المملكة والديمقراطية. تغيير رئيس ا لاركان لا يفترض أن يؤثر على النظام في إسرائيل: الا اذا عين رئيس الأركان التالي سموتريتش، معقول الافتراض بان المرشح، اللواء في الماضي او في الحاضر سينتخب قبل كل شيء استنادا الى مؤهلاته المهنية وليس مؤهلاته السياسية. لكن وظائف ومكانة الشباك مختلفة. بار يعرف بان الطريق الوحيد للحفاظ على الثقة والوحدة داخل الشباك، نجاعته ومكانته في الجمهور، هو التمسك بقيمه الأساس. إنزال مرشح سياسي من الخارج، مئير بن شباط مثلا، سيهز الجهاز جدا وربما سيدمره، وبالتأكيد سيعيده 75 سنة الى الوراء عندما عمل في خدمة الحزب.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook