يديعوت احرونوت: فرصة للنصر وتغيير وجه المنطقة، مقابل مدخل للفشل والانجرار الى حرب استنزاف
يديعوت احرونوت 29/9/2024، نداف ايال: فرصة للنصر وتغيير وجه المنطقة، مقابل مدخل للفشل والانجرار الى حرب استنزاف
في حياته المفعمة بالتزمت، خطط حسن نصرالله أو كان مشاركا في قتل إسرائيليين، أمريكيين، دروز ومسيحيين لبنانيين. لكن المجموعة الدينية – العرقية الأكبر التي قتلها كانت سوريين. مسلمين سُنة. تصفيته هي حدث على نطاق إقليمي، تاريخي. موجات الصدى ستبقى تنتشر في المنطقة، وكأنه القي بصخرة كبيرة في قلب بركة.
صور الفرح الجماهيري في سوريا تمثل جيدا المعنى الذي حمله نصرالله، كرسول النظام الإيراني وكل مظالمه على الأرض. قليلة هي عمليات التصفية ذات المعنى الاستراتيجي، بعيدة المدى. هكذا كانت عملية شعبة الاستخبارات وسلاح الجو. وعن قصد كتب هكذا: شعبة الاستخبارات وسلاح الجو. في هذه الصفحات نشرت الاف الكلمات عن قصورات الاستخبارات قبيل 7 أكتوبر. لكن موجة الإنجازات الأخيرة لإسرائيل حيال عدوها الأكبر، على حدودها، تنبع أساسا من إنجازات استخبارية وتكنولوجية غير مسبوقة.
حتى لحظاته الأخيرة لم يفهم نصرالله شدة اختراق الجيش الإسرائيلي لقدراته. شعبة الاستخبارات إياها التي فشلت على نحو رهيب، وكانت عمياء تماما هي التي وفرت ولا تزال توفر – الى جانب سلوك لامع في الموساد – المطلوب. الكثير من العمل كان مطلوبا لاجل الوصول الى اللحظة التي يرتبط فيها رئيس الأركان برئيس الوزراء ووزير الدفاع ويقول لهما انه عملياتيا يجب العمل الان لانه ربما بعد بضع ساعات يحتمل أن يكون نصرالله يتحرك في نقطة اقل مثالية للتنفيذ.
مثلما كتب هنا مرات عديدة في الأشهر الأخيرة، الجيش الإسرائيلي بالتأكيد لم يستعد لاجتياح حماس لإسرائيل. لكنه يتدرب منذ 17 سنة على إمكانية حرب لبنان ثالثة. الكثير من إنجازات الأسابيع الأخيرة ترتبط عميقا باعمال قيادة المنطقة الشمالية وللمفهوم العنيف لجهاز الامن الذي صفى بنى تحتية واسعة لحزب الله، وبخاصة اطلاق الصواريخ في اشهر طويلة من الاعمال التي لا تنتهي.
لنجاحات الجيش والموساد يوجد معنى إقليمي عميق. فهي تبدأ بتغطية عجز الردع الرهيب الذي أدى الى الهجمات على إسرائيل في هذه السنة الصعبة، ولا يزال لدى إسرائيل مفاجآت جاهزة. وزير الدفاع ورئيس الأركان اللذان يتعرضان لضربات لا تتوقف من آلة السم هما اللذان يتصدران القرارات العملياتية هنا. اذا لم يفهم حزب الله وايران الرسالة، فان عملية برية دقيقة توجد بالتأكيد على الطاولة.
امس تحدثت مع لبناني. ليس مسيحيا. اجتهد أن يخفي سعادته وقدم لي تقديره. لبنان على شفا حرب أهلية. القوة المسلحة الكبيرة لديها كانت حزب الله. فقد حاز المفاتيح للعنف. قبله، كان السوريين. قبل السوريين كانت حرب أهلية ولفترة قصيرة – دولة إسرائيل. وماذا الان، سأل. أفاد اللبناني بتوتر متصاعد في بيروت. “نعيم قاسيم هو لا شيء”، قال عن نائب نصرالله، “ليس له قوة وليس له جيوش. كل شيء يمكن أن يتغير الان، انشالله. وقصد تحول لبنان الى دولة حقيقية: او اذا تواضعنا، حقيقية أكثر.
لأول مرة منذ بداية الحرب يمكن أن نقول بيقين تام ان المحور الإقليمي الإيراني ضعف بشكل استراتيجي: طوفان الأقصى ليحيى السنوار اصبح طوفان هجمات لسلاح الجو على الضاحية. ومن يعتقد أن حزب ا لله يضبط نفسه بعدم اطلاق الاف صواريخه – هذا ليس الوضع. هو يريد أن يطلق اكثر، وفي هذه المرحلة لا ينجح.
إسرائيل بدأت تشخص منحى الحل: نزول جيش لبنان نفسه الى الحدود وعمليا طرد حزب الله كقوة عسكرية من الجنوب. هذا ليس قريبا، لكنه اقترب جدا في الأسابيع الأخيرة. إمكانية الامن والاستقرار في المنطقة تحسنت في الأيام الأخيرة. اذا كانت حكمة سياسية في إسرائيل (وهي عملة نادرة لدى قيادتنا) ودبلوماسية قوية أمريكية (عملة نادرة حتى اكثر).
الغرب، بالطبع لا يفهم هذه الدقائق الإقليمية. التصريح المشترك للرئيس بايدن والرئيس ماكرون، الذي دعا الى وقف النار، مثل هذا بدقة. فعلى مدى سنة تهاجم دولة سيادية اسمها لبنان، من خلال منظمة إرهاب معروفة ومحددة جيدا، إسرائيل. في اللحظة التي تحول فيها إسرائيل انتباهها من جبهة الجنوب، وتضرب العدو الذي فتح حربا في 8 أكتوبر، تضج القوى العظمى من التصعيد.
تفويتهم للفرصة واضح، مكشوف: منذ بداية الحرب وهم لم يفهموا على الاطلاق بان إسرائيل ستصعد وتصعد ردود افعالها حتى واحد من ثلاثة أوضاع: الأول، صفقة في الجنوب تؤدي أيضا الى وقف نار في الشمال، على فرض أن تكون تسوية دبلوماسية تبعد حزب الله عن الجدار. الثاني، يحسم حزب الله استراتيجيا باتجاه وقف حربه ويقطع الحلف الذي عقده مع حماس، والأخير – اشتعال يؤدي الى حرب شاملة تأمل إسرائيل ان تخرج منها ويدها هي العليا والوكيل المركزي لطهران ضعيف ومحطم.
وصف موظفين أمريكيين للوضع، بشكل متواصل كان يتناول حربا في الشمال كنتيجة فرعية غير لطيفة للحرب في غزة. نحل غزة وعندها حزب الله سيواصل اطلاق النار، نصل الى تسوية مخادعة ما وكل شيء سيكون على ما يرام. هذا يعني ان لا شيء سيكون على ما يرام. لكن الاسرة الدولية لا يهمها الامر حقا. فهم ليسوا وكلاء التغيير في الشرق الأوسط، هم فرسان الهدوء. كما أن فكرة أن حزب الله سينزل عن الشجرة من خلال تسوية حدود يمكنه ان يبيعها كانجاز للجمهور اللبناني كانت أساسا تفكيرا إيجابيا. نصرالله لم يفتح النار بسبب الجدال على الخط الأخضر في رأس الناقورة، وهو ما كان سيوقفها بسبب تحقيق الأهداف الإضافية هذه.
في كل حال، في الجيش الإسرائيلي، في قيادة الشمال وفي جهاز الامن لم يحبوا ابدا الأفكار المخادعة على أنواعها. رئيس الوزراء نتنياهو الذي لم يكن يرغب في أن يهاجم في 11 أكتوبر بضربة مفاجئة، خوفا من ضربة شديدة يوجهها حزب الله الى إسرائيل رفض أيضا بثبات إضافة إعادة سكان الشمال الى بيوتهم كهدف للحرب وذلك رغم الدعوات العلنية والهادئة من شريكيه في حينه في الحكومة غادي آيزنكون وبيني غانتس.
هذا تغير في الأسابيع الأخيرة. في نهاية الامر كان النهج الكفاحي لوزير الدفاع غالنت ولرئيس الأركان هليفي هو الذي قرر النبرة بالنسبة للساحة اللبنانية، ونتنياهو اقتنع. القرار بتصفية نصرالله كان اجماعا بين هؤلاء الأشخاص الثلاثة، ومسائل مثل التوقيت، السفر الى نيويورك، الانتقال من نقاش الكابنت يوم الإرهاب الى المكالمة الهاتفية يوم الجمعة ترتبط أساسا بحسابات سياسية. مسؤولية رئيس الوزراء، وزير الدفاع ورئيس الأركان عن 7 أكتوبر. المسؤولية عليهم على النجاحات الأخيرة.
التقاليد الإقليمية تقرر بان العدو المضروب بشكل شديد جدا يتمنى بالذات مناهج اكثر تطرقا ويرفض مواجهة الواقع. هكذا كان بعد حرب الأيام الستة ولاءات الخرطوم الثلاثة، هكذا يحصل مع حماس في القطاع التي يتصلب قلبها امام ضائقة الغزيين، هكذا كفيل ان يحصل مع ايران وحزب الله.
ان المدخل لنصر استراتيجي لإسرائيل يوجد هنا: نافذة فرص نادرة لتغيير وجه المنطقة، فيما يكون المحور الإيراني مضروبا، والحكام العرب ينظرون بدهشة ورضا لتصفية العدو القديم.
المدخل للفشل يوجد هو أيضا هنا: الانجرار الى حرب استنزاف بنمط ايران – العراق، يدفع فيها الإيرانيون ثمنا ادنى مما دفعوه في الحرب إياها، ويواصلوا حياتهم كالمعتاد، فيما يوجهون اعمال الحوثيين، الميليشيات العراقية، ما تبقى من حزب الله وبالطبع يواصلون مساعدة حماس.
إسرائيل لا يمكنها ان تسمح لنفسها بالسيناريو الثاني، مثلما جسد الامر تخفيض المستوى الائتماني لها. قبيل هذه الحرب، فشل المستويان السياسي والعسكري فشلا ذريعا وصادما. لكن منذئذ يؤدي الجيش مهامه بشكل افضل بكثير ويحقق نتائج. من الصعب الإشارة الى نتيجة سياسية إيجابية منذ بدء الحرب، باستثناء صفقة المخطوفين الأولى. جهاز الامن تقدم للحكومة بإمكانية للتغيير بشكل إيجابي للوضع الاستراتيجي لإسرائيل، محظور تفويتها.