يديعوت احرونوت: فرصة لترامب
يديعوت احرونوت 18/11/2024، ناحوم برنياع: فرصة لترامب
لو كنت مواطنا أمريكيا لما كنت انتخبت دونالد ترامب. فلا شيء في هذا الرجل، في قيمه، في سيرته، في سلوكه، في تعييناته، يثير الحماسة فيَّ. كمواطن فخور في دولة واحدة فقط أجدني معفيا من المعضلة، ما يشغل بالي هو التأثير المحتمل لولاية ترامب على مصير دولتي. رغم كل التحفظات فاني اقترح: أعطوا فرصة لترامب.
قبل كل شيء، لان الامر حسم. فقد انتخب ترامب بأغلبية مبهرة، وجرف وراءه حتى مجلسي النواب. في السنتين القادمتين، وربما أيضا في السنتين ما بعدهما، يمكنه أن يفعل ما يريد. فهو يتحكم بلا جدال بحزبه، وحزبه يتحكم بلا جدال بالسلطة التشريعية. والاغلبية في المحكمة العليا له بفضل التعيينات التي اجراها في عهد ولايته السابقة، وجهاز القضاء ممنوع اللمس به. حرية عمله كبيرة على نحو خاص في السياسة الخارجية، مجال في التقاليد السياسية الامريكية متروك مسبقا في ايدي الرئيس.
ماذا سيفعل ترامب بالقوة الهائلة التي أعطيت له أحد لا يعرف؛ مشكوك أن يكون هو يعرف. الاف الدبلوماسيين في كل العالم منشغلون في هذه الأيام بكتابة برقيات عاجلة لحكوماتهم تحلل نوايا الرئيس الوافد. والتقديرات مبنية بشكل عام على أربعة اقدام: تعييناته، الأشخاص المقربون من اُذنه؛ الغرائز الأساسية لديه؛ القيم التي له والتي ليست له.
أقترح على القاريء الا يملي أهمية اكبر مما ينبغي للتعيينات؛ فترامب يرى في الخدمة الخارجية صندوقا صغيرا يدفع منع الديون التي راكمها في حملة الانتخابات. هو ليس الرئيس الأول الذي يتصرف على هذا النحو. مايك هكابي السفير المرشح لإسرائيل هو داعية افنجيلي متزمت. تعيينه يفترض أن يفرح الافنجيليين الذين صوتوا لترامب بجموعهم. ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص الى الشرق الأوسط هو ثري عقارات. في كون ترامب هو مؤيد متحمس ومتبرع. ليس له تجربة سياسية.
كلاهما سيعانقان بكل القوة إسرائيل وحكومتها. قادة المستوطنين سيغرقانهما بدعواتهم الى السبت. كل هذا سيفرح الكثير من الإسرائيليين، لكن عندما يرغب نتنياهو في ان يفهم ما الذي يريده البيت الأبيض فانه سيبعث الى واشنطن برون ديرمر.
القدم الثانية هي مقربوه. في هذه اللحظة البارز بينهم هو ايلون ماسك، الرجل الاغنى في العالم. ماسك يرقص كل الطريق الى البيت الأبيض. ليس واضحا ما الذي يفعله برأيه الخاص وما الذي يفعله برأي ترامب وكم من الوقت سيسلم ترامب بالاهتمام الذي يحصل عليه ماسك. قبل بضعة أيام التقى سرا السفير الإيراني. في إسرائيل تحفزوا: ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لما سيأتي؟
غرائز ترامب قد تكون العنصر الأهم. فهي تجذبه الى الانعزالية، وهي توجد في قلب أمريكا أولا، شعار الحركة التي أقامها. أمريكا أولا – والعالم بعد ذلك. ترامب يتباهى في أنه في اربع سنوات ولايته في البيت الأبيض لم تكن أمريكا مشاركة في الحروب. هو لا يدقق في الحقائق ولكنه يدقق بالنوايا. هو سيفعل افضل ما يستطيع ليمنع مشاركة عسكرية أمريكية في النزاعات في العالم؛ على الرغب من ذلك هو يؤمن انه في اقصى طرف كل نزاع دولي توجد صفقة تنتظره وتنتظره هو فقط، صفقة القرن. حرب لا. صفقة نعم. مشوق ماذا سيكون تأثير هذا الفكر على الحربين اللتين تقلقان في هذه اللحظة العالم – تلك التي في أوكرانيا وهذه التي في الشرق الأوسط. بقوة الإدارة الامريكية ان توقفهما كلتيهما.
في أوكرانيا كل ما يحتاجه ترامب هو أن يوقف تدفق السلاح والمساعدات. بوتين وهو سيتوصلان الى صفقة تبقي في ايدي روسيا قسما من المناطق التي احتلتها. استفتاءات شعبية مهندسة ستوفر ما يشبه الشرعية لنقل السيادة. هولندا، ليتا، فنلندا ودول أخرى ستعيد النظر في علاقاتها بالغرب، لكن الهدوء سيعود الى وسط أوروبا، لزمن ما على الأقل.
نتنياهو يتمنى مشاركة أمريكية في هجوم على منشآت النووي في ايران. من بايدن ما كان له احتمال ان يتلقى جوابا إيجابيا. فهل يتلقى جوابا إيجابيا من ترامب الانعزالي؟ مشكوك جدا. معقول اكثر الافتراض بان ترامب سيبدأ في تشديد الضغط الاقتصادي على ايران وعندها يقترح على الإيرانيين صفقة.
المحطة السابقة نذكرها جميعا: البيت الأبيض برئاسة ترامب حاكى مع نتنياهو وديرمر ما سمي صفقة القرن. الصفقة تضمن ضما لاجزاء من الضفة لإسرائيل. نتنياهو اعلن عن الضم كحقيقة ناجزة وعندها امتشق جارد كوشنير صهر ترامب صفقة بديلة مع الامارات، فاصبح الضم كأنه لم يكن.
القدم التالية في فهم ترامب هي القيم. منذ قيام دولة إسرائيل يتباهى زعماء في الدولتين بالقيم المشتركة لامريكا وإسرائيل: الديمقراطية، العدالة، سلطة القانون، حقوق الانسان، التراث اليهودي – المسيحي؛ الكتب المقدسة. الواقع في الطرفين لم يؤكد دوما الأسطورة، لكن الأسطورة نجحت. كان حتى رئيس ما، يدعى بايدن، اسمى نفسه صهيونيا وصدق هذا.
كل هذا لا يهم ترامب. فهو لم ينتخب كي يدافع عن أنظمة ديمقراطية أو عن تراث مشترك. العكس هو الصحيح: الزعماء الأقوياء يسحرونه اكثر بكثير من الزعماء الديمقراطيين. ابسط التوصل معهم الى صفقة. عندما قال نتنياهو لكلينتون، أوباما وبايدن انه متأسف توجد له مصاعب في الائتلاف اقتنعوا وتركوه لحاله. اما عندما سيقول هذه الذريعة لترامب فان هذا سيهزأ به. ترامب الجديد، المنتصر الأكبر، يسخر من الزعماء الضعفاء.
صفقة في لبنان، صفقة في غزة، صفقة في الرياض، صفقة في طهران، لعل هذا ما تحتاجه إسرائيل.