ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: فرصة جديدة، فجوات قديمة

يديعوت احرونوت 29/8/2024، راز تسيمتفرصة جديدة، فجوات قديمة

في خطاب امام قادة الحرس في طهران في أيلول 2013 أعلن زعيم ايران علي خامينئي بانه لا يعارض الدبلوماسية ويؤيد النهج الذي وصفه “المرونة البطولية”. وأشار الى ان هذا تكتيك جيد واحيانا ضروري طالما كان مقيدا بشرط أساسي واحد. ولايضاح ما هو ذاك الشرط استخدم الزعيم تشبيه مصارع يبدي أحيانا مرونة لاسباب فنية لكنه لا ينسى من هو خصمه وما هو هدفه الأساس. موقف خامينئي في صالح ابداء المرونة والدبلوماسية بشرّ باستعداده لتسوية استراتيجية مع الغرب وهيأ التربة للمفاوضات التي أدت في صيف 2015 الى الاتفاق النووي التاريخي بين ايران والقوى العظمى الغربية.

بعد 11 سنة من ذلك يبدو ان القيادة الإيرانية تستعد للعودة الى المفاوضات في مسألة النووي، يحتمل بهدف الدفع قدما باتفاق يتيح تخفيفا للعقوبات وتحسينا للوضع الاقتصادي. بعد ست سنوات من انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي وبعد خمس سنوات من بدء ايران الانسحاب من تعهداتها في الاتفاق أعلن هذا الأسبوع خامينئي في لقاء مع أعضاء الحكومة الجديدة للرئيس مسعود تزشكيان بانه مع انه محظور على ايران تعليق الأمال بالعدو او الثقة به، لا مانع من اجراء التفاعل معه في أوضاع معينة. قبل أسبوعين من ذلك اعلن خامينئي بان انسحابا ليس تكتيكيا في المجالات العسكرية، السياسية والاقتصادية يبعث غضب الله – بمعنى أن الانسحاب التكتيكي ممكن في ظروف معينة. 

تصريحات زعيم ايران تأتي على خلفية إقامة حكم جديد في طهران. فتعيين عباس عراقجي من قادة طاقم المفاوضات النووية في حكم الرئيس السابق حسن روحاني في منصب وزير الخارجة بإقرار من الزعيم يشهد على نية القيادة الإيرانية محاولة السعي الى توافقات جديدة مع الاسرة الدولية في موضع النووي. ومع ذلك نشدد هنا على ان قدرة الرئيس ووزير الخارجية على الدفع قدما بحوار مع الولايات المتحدة منوطة أساسا بالاستعداد من جانب زعيم ايران لتلطيف حدة مواقفه وإزالة اعتراضه المبدئي على اتفاق جديد وكذا بنتائج الانتخابات القادمة للرئاسة الامريكية. 

خامينئي لم يغير ابدا فكره الذي يعتقد بان قدرة حافة نووية عسكرية ستوفر لإيران قدرة ردع ناجعة ضد اعدائها وتشكل بالتالي بوليصة تأمين ضرورية لاستمرار بقاء النظام. فضلا عن ذلك، فان انسحاب ترامب من الاتفاق النووي يعد في نظره كدليل آخر على فكره الأساس بانه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة وعلى الاتفاقات الموقعة معها، وان البرنامج النووي هو مجرد ذريعة لدى الغرب لاجل الضغط على ايران واضعافها لاجل تهيئة التربة لتحقيق الهدف الاستراتيجي المركزي: تغيير النظام الإسلامي. وبالتالي، لا يمكن الافتراض بانه سيتراجع عن موقفه المبدئي في أنه لا يجب الاستسلام لاملاءات الغرب لاجل رفع العقوبات وان الحل للازمة الاقتصادية يكمن في “اقتصاد المقاومة” الذي أساسه اعتماد ذاتي متزايد وتخفيض للتعلق الاقتصادي بالغرب. 

فضلا عن ذلك، فان الظروف اليوم مختلفة جوهريا عن الظروف التي كانت قائمة قبل نحو عقد. فقد أصبحت ايران دولة حافة نووية يمكنها أن تبدأ بتخصيب اليورانيوم الى مستوى عسكري في غضون نحو أسبوع عند اتخاذ القرار السياسي. في الأشهر الأخيرة علم حتى بتقدم مقلق في مساعي ايران للتقدم في البحث والتطوير للسلاح النووي. في هذا الواقع مشكوك ان يكون ممكنا جسر الفوارق الكبرى بين ايران والغرب، بخاصة في ضوء الشراكة بين ايران وروسيا والصين والتي تمنع بقدر كبير كل إمكانية لبلورة توافق دولي حول ايران. وزير الخارجية عراقجي نفسه اعلن مؤخرا بانه لن يكون ممكنا العودة الى الاتفاق النووي السابق وانه مطلوب اتفاق جديد. 

على الرغم من ذلك، فان انتخاب تزشكيان رئيسا، الازمة الاقتصادية المتفاقمة في ايران ودخول إدارة جديدة في الولايات المتحدة تخلق فرصة لاستئناف محادثات النووي باسناد الزعيم. من السابق لاوانه التقدير اذا كانت هذه المحادثات يمكنها أن تؤدي الى تسوية بين ايران والغرب او انها ستشكل وسيلة لدى النظام الإيراني لكسب مزيد من الوقت حتى أكتوبر 2025 الموعد الذي ينفد فيه بند استئناف العقوبات (Snapback). هذا البند يسمح لدول أوروبا المتبقية في الاتفاق ان تبادر الى مسيرة في مجلس الامن في الأمم المتحدة لاستئناف العقوبات ضد ايران دون إمكانية الفيتو. 

ان استعداد ايران لامكانية استئناف محادثات النووي مع الغرب تلزم إسرائيل أيضا بتفكير آخر بالنسبة للاستراتيجية المرغوب فيها في هذا الموضوع. لقد شجعت إسرائيل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وبعد ذلك عملت من خلف الكواليس لافشال الجهود من جانب إدارة بايدن للوصول الى اتفاق نووي جديد مع ايران. ان فشل السياسة تجاه المشروع النووي الإيراني أتاح لإيران الوصول الى المكانة الحالية كدولة حافة. الطريق المركزي الذي سيسمح بالتدحرج الى الوراء – مهما كان محدودا – بقدرات النووي الإيرانية، بخاصة في مجال الصناعة، في الوقت الحالي هو من خلال خلق واقع نظامي بديل بقيادة أمريكية. على إسرائيل أن تبلور موقفا واضحا – لكن واقعي – في ضوء التطورات الأخيرة، وبالتوازي ان تبلور في اقرب وقت ممكن استراتيجية لمشاركة الولايات المتحدة تستهدف ردع ايران عن خطوات معناها التقدم نحو انتاج رأس متفجر نووي.                  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى