ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: عندما تصبح الحقيقة والكذب وقفة سياسية

يديعوت احرونوت 18/12/2024، عوديد شالوم: عندما تصبح الحقيقة والكذب وقفة سياسية

مُغلف بني مختوم وعليه عبارة “سري للغاية” كان يكفي لتحرير المتهم بنيامين نتنياهو من تواصل شهادته أمس في المحكمة المركزية في تل أبيب. سبب الاعفاء مجهول. لرئيس الوزراء، الذي شهد عن نفسه بانه ذو قدرات مميزة رائعة تسمح له في وقت واحد ان يدير الدولة بجملة مشاكلها الخاصة وان يقف للمحاكمة في ثلاث لوائح اتهام مختلفة، يوجد منذ الان الاذن لان يستقبل بطاقات فيما هو يدلي بشهادته. نحن لا نعرف ما هو مكتوب في هذه البطاقات، لكننا نعرف بانه لا يوجد شيء كهذا في محاكمة عادية. متهم يشهد تحت طائلة القسم على منصة الشهود لا يمكنه أن يستقبل بطاقات مختومة. لكن نتنياهو ليس متهما عاديا وبالتالي فانه بوسعه. كما أنه يمكنه أن يخطب أمام القضاة ويأكل الرأس على مواضيع لا ترتبط بالملف وهم لن يدعوه الى النظام. متهم عادي كان سيوبخ ويتلقى تحذيرا من أن يواصل هذا النهج. ليس نتنياهو. القضاة يستمعون له كالاطفال المؤدبين ويجتهدون الا يزعجوه. 

امس، لم يمتثل الى المحاكمة كما اسلفنا، وضجت الشبكة بموجة من الشائعات. بدأ هذا بالشائعات عن جلب عظام ايلي كوهن الراحل في دمشق في حملة كوماندو لامعة وتدحرج الى شائعات عن رحلة عاجلة لرئيس الوزراء الى القاهرة كي يغلق الأطراف في الصفقة لوقف النار وتحرير المخطوفين. بعد ذلك تبين أنه بالاجمال زار جبل الشيخ. التقارير تقتحم الوعي وتنتشر فيه وتتنقل في مجموعات الواتس اب. لكل واحد يوجد احد ما يعرف شيئا ما وصديقا يعرف. والانسان العادي الذي ينشغل بكد يومه او يقف في أزمات الطرق في طريقه لاخذ الأطفال، لا يعرف من يصدق. مكتب رئيس الوزراء الذي يصدر بيانا ينفي امر الرحلة ام الشائعات في الشبكة. ففي النهاية نحن نعرف ما هو مستوى الثقة بهذا المكتب. مع اعتقال ايلي فيلدشتاين الذي عمل كناطق في ديوان رئيس الوزراء سارع المكتب لنشر بيان تنكر له وانتهى هذا بشريط بثه نتنياهو بطول تسع دقائق انصب فيه على فيلدشتاين الحبيب والعزيز. 

يحتمل جدا أن يكون هناك سبب وجيه ومبرر لتغيب رئيس الوزراء.  في أنه تحت ظل المعلومات الملفقة والشائعات ادار نتنياهو أمس مفاوضات متفرعة مع كل اللاعبين الأساسيين في المتاهة التي نوجد فيها وتفاصيلها ستتضح قريبا بل وربما في الساعات او في الأيام القريبة القادمة. لكن في النهاية يوجد أيضا هذا الامر الذي يسمى ثقة. الثقة بمنظومات الحكم فقدناها لانه بات صعبا ان نشخص ما هي الحقيقة وما هو الكذب. الحقيقة والكذب اصبحا موضوع وقفة سياسية. قل لي في أي جانب انت فأعرف ما هي حقيقتك. حقيقتك هي كذبة الجانب الاخر. 

كما أن هذا هو احد الأسباب الذي جعل ثقتنا نحن الإسرائيليين بمنظومات الحكم، الانفاذ والقضاء، متردية بهذا القدر. استطلاع شامل نشره امس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية يظهر الى أي درك اسفل وصلنا. الثقة بالشرطة هبطت الى مستوى 37 في المئة هذا الشهر بعد أن كانت في كانون الأول الماضي، بعد شهرين من 7 أكتوبر ارتفعت الى 55 في المئة مقارنة ب 32 في المئة ثقة بالشرطة في الصيف الذي سبق الحرب. مستوى ثقة الجمهور الإسرائيلي بعموم المنظومات متدنية، بالمحكمة العليا، بالساحة السياسية وبالجيش الإسرائيلي. وليس لوسائل الاعلام أيضا ما تتباهى به، فنحو ربع الإسرائيليين فقط يعطونها ثقة. لهذا المعطى توجج علاقة واضحة ومباشرة بالحقائق التي تبث وتصدر عن كل واحدة من وسائل الاعلام. انت تشاهد قناة ما وتفر منها الى الثانية ولا تعرف من تصدق. الشاشة سميكة بحيث يصعب تمييز الواقع كما هو. في يوم ما نتنياهو يشهد وفي اطاره يتلقى بطاقات، وفي الغداة اذهب لتعرف اين هو. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى