يديعوت احرونوت: ضباط كبار: المستوى السياسي يشجع التصعيد في المناطق
يديعوت احرونوت 8-9-2024، رون بن يشاي: ضباط كبار: المستوى السياسي يشجع التصعيد في المناطق
الى جانب المعركة المتواصلة في غزة وعلى طول حدود الشمال الساحة الثالثة التي ينشغل فيها جهاز الامن هي يهودا والسامرة التي تبذل فيها حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني والايرانيون وحزب الله أيضا جهودا عظيمة لجعلها ساحة حرب نشطة.
“حقق الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي نجاحات جدية في اعماله الهجومية في عدة مخيمات للاجئين في المناطق ضد “الكتائب” المسلحة التي قامت فيها وتحاول ان تضرب أساسا من خلال العبوات الناسفة، السيارات المتفجرة واطلاق النار على سيارات إسرائيلية في محاور السير. هذه النجاحات لا تضمن بعد الا يكون اشتعال واسع الذي يبدو أنه لا يزال امامنا”، يقول مصدر أمني.
فضلا عن حملات “ابحث ودمر” التي تستند الى معلومات استخبارية في مخيمات اللاجئين، يجتهد الجيش لمنع انضمام شامل للسكان في الضفة يحول موجة الإرهاب والانتفاضة المكبوتة الى انتفاضة كاملة. وعليه فبخلاف مطالب المستوطنين في الضفة الجيش الإسرائيلي يزيل الموانع التي فرضها في اعقاب السيارات المفخخة ويحاول السماح للسكان بحرية حركة ورزق أكبر قدر الإمكان.
في جهاز الامن يعتقدون بان حقيقة أن معظم الشبان الفلسطينيين في الضفة عاطلون عن العمل الان لانهم لا يستطيعون العمل في إسرائيل هي احدى الأمور التي تؤدي الى تصعيد متزايد للاعمال الإرهابية لدرجة التخوف من هجوم جماهيري فلسطيني على مستوطنات إسرائيلية توجد على مقربة منهم.
في قيادة المنطقة الوسطى، بقيادة اللواء آفي بلوط وقائد فرقة المناطق ياكي دولف يفعلون افضل ما في وسعهم من خلال اعمال هجومية ومعلومات استخبارية فاخرة، لكن الى أن تغلق حدود الأردن كما ينبغي وطالما واصل المتطرفون من المستوطنين هجماتهم واعمال الشغب التي يقومون بها في البلدات الفلسطينية فان المنطقة – كما يقولون في الجيش – لن تهدأ.
في الجيش يمتنعون عن قول هذا مباشرة لكن رجال الاحتياط الذين يخدمون في المناطق وبينهم ضباط كبار يقولون ان عمليا المستوى السياسي واساسا وزير الامن القومي ايتمار بن غفير ووزير المالية سموتريتش هم المتسببين المباشرين لعدم تضاؤل الاعمال الإرهابية. فهذه تتسع الى مناطق جنوب السامرة حيث يتركز الهياج. وبزعم قادة كبار في الاحتياط وفي النظامي يمتنع الجيش عن تنفيذ اعتقالات يطالب بها الشباك في ارجاء الضفة، ببساطة لان ليس له ما يكفي من المعتقلات التي يفترض بوزير الامن القومي ووزارته ان يوفرها. والنتيجة هي ان مخربين كثيرين وبؤر معلومات عن الإرهاب يتجولون بحرية ببساطة لانه لا توجد أماكن لحبسهم.
خطر الجريمة القومية
كما أن عربدة المشاغبين اليهود او ما يسمى “الجريمة القومية” تدفع الكثير من الشبان الفلسطينيين بالانضمام الى دائرة الإرهاب. شرطة “شاي” لا تؤدي مهامها، والجيش يضطر لانعدام البديل لان يعمل أيضا كشرطة مدنية دون أن تكون له الصلاحيات القانونية لذلك. وبالتالي يقلص بأقصى حد الاضرار لكنه لا يمنع الاحتكاك بين الفئتين السكانيتين. “هذا الوضع لا يمكن أن يستمر. نحن على شفا انفجار كبير في يهودا والسامرة”، يقول ضابط كبير عاد منذ زمن غير بعيد من قلقا جدا من جولة في الميدان. المشكلة هي اشتعلت في الضفة انتفاضة واسعة، فسيضطر الجيش لان يوظف هناك قوات غفيرة ليست لديه. سلوك وزير الامن القومي ايتمار بن غفير الذي يحج الى جبل البيت وبخلاف الوضع الراهن يشجع الصلاة في المكان، يتسبب هو أيضا بغضب شديد وحسب محافل الامن كفيل بان يشعل ليس فقط ساحة الضفة بل والعالم العربي كله.
من بحث أمني اجراه رئيس الوزراء يوم الخميس مساء في قاعدة الكريا في تل أبيب، بمشاركة طاقم المفاوضات وكبار رجالات جهاز الامن يتبين أن الجيش الإسرائيلي سيتعين عليه أن ينفذ تجنيد احتياط كامل كي يتمكن من أن يقاتل في آن واحد بقوة عالية في كل الجبهات. “هذا ممكن”، يقول ضابط كبير، “لكن المستوى السياسي ملزم بان يساهم بنصيبه في الجهد سواء في الجاهزية القصوى لحلول وسط في موضوع صفقة المخطوفين، واذا رفض السنوار فعندها بتهدئة المستوطنين والمساعدة في جهدنا الاستخباري في يهودا والسامرة”.
من الصعب الا نلاحظ مشكلة أخرى: الإحباط العميق الذي يشعر به المستوى العسكري من موقف المستوى السياسي تجاه القيادة العليا للجيش الإسرائيلي، لتوصياتها في موضوع المخطوفين وإدارة الحرب بعامة. هذا بدأ بالاتهامات التي توجه على أساس يومي تقريبا الى كبار رجالات الجيش من وزراء بل ومن رئيس الوزراء نفسه اذ يتهمونهم حصريا بقصورات 7 أكتوبر الرهيب وكذا بادارة فاشلة للحرب. ويقول ضابط كبير جدا في الاحتياط يعرف جيدا المزاج في الجيش الإسرائيلي انه “هذا ليس محقا وهو يخرب على الجهد الحربي. هم يتهمون مباشرة هرتسي هليفي ويطالبون باستقالته في الوقت الذي يكون تواجده حيوي لادارة الحرب. كما أن المستوى السياسي يحاول اشعال حرب جوج وماجوج، واساسا سموتريتش وبن غفير، والتي في اعقابها يطرد كل الفلسطينيين برأيهم من يهودا والسامرة ومن قطاع غزة وعندها سيكون ممكنا تحقيق حلم بلاد إسرائيل الكاملة لتكون بسيطرة يهودية حصرية. هكذا يفكرون بجدية وهذه وصفة للكارثة”، يقول ذاك الضابط الكبير في الاحتياط الذي تحدثت معه هذا الأسبوع. وعلى حد قوله، فانه “لا يوجد في هيئة الأركان حاليا “حرب جنرالات” مثلما كان في 1973 في حرب يوم الغفران. ولا حتى قريب من هذا. فألوية الأركان بالذات يعملون معا بتنسيق ويحطمون الرأس كيف ينجحون في مثل هذه الحرب التي فشل الامريكيون وجيوش أخرى فيها في فيتنام، في أفغانستان وأين لا”. لكن الادعاء الأساس للمستوى الرفيع في الجيش الإسرائيلي يتمثل بقول سمعته هذا الأسبوع: “توجد لنا نجاحات جميلة في قطاع غزة، في الضفة وحتى في اعمالنا الجوية في الشمال، لكن هذه النجاحات في المستوى العمومي لا يترجمها المستوى السياسي لانجازات استراتيجية، وذلك ببساطة لانه لا تتخذ القرارات الضرورية. فلا يوجد قرار بشأن حكم مدني بديل لحكم حماس في غزة، لا يوجد قرار بشأن متى وكيف في الشمال ونحن لا نزال نفكر حتى كيف نتصدى، مع الأمريكيين، لاندفاع ايران نحو النووي”. ان احباط الضابطية العليا جراء غياب القرارات في كل المجالات من المستوى السياسي يدفع ضباط كبار كثيرين هذه الأيام للتفكير بـ “وضع المفاتيح على الطاولة” والاعتزال في ظل اتهامهم نتنياهو ووزرائه علنا بالمراوحة المتواصلة في المكان والتي تنتظرنا من هنا فصاعدا.
يبقون حتى الحسم
صحيح ان قسما هاما من أولئك الضباط الكبار يشعرون بالحاجة الى الاعتزال وذلك أيضا بسبب دورهم في قصورات 7 أكتوبر. لكن يمكنني أن أقول من محادثاتي مع بعض منهم بان هذا يثقل عليهم كل يوم وكل ليلة لكنهم مقتنعون بانه في هذه اللحظة في ذروة الحرب الاعتزال دفعة واحدة لبعض منهم او لكلهم بمن فيهم رئيس الأركان، سيخرب الجهد الحربي وسيعمق الانشقاق والانقسام الداخلي في الشعب ويفاقم وضعنا الأمني. ولهذا فان كبار رجالات هيئة الأركان على الأقل يعتزمون البقاء وحمل الجيش الى الحسم في كل الجبهات، ربما ليس دفعة واحدة لكن حسب المزاج في الهيئة يبدو أنهم يعتقدون انه يمكن عمل ذلك، على أن يتخذ المستوى السياسي أخيرا قرارات تسمح للجيش بان يبادر ويصل الى حسم استراتيجي على الأقل في كل ما يتعلق بقطاع غزة والساحة اللبنانية.