ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: شهادة نتنياهو في المحاكمة امس لم تكن حدثا قضائيا؛ ولا حتى حدث سياسي

يديعوت احرونوت 11/12/2024، ناحوم برنياع: شهادة نتنياهو في المحاكمة امس لم تكن حدثا قضائيا؛ ولا حتى حدث سياسي

في النهاية جاء. ليس في يد ملاك، ليس في يد شريف، بنفسه، بجسده: لعل هذه هي البشرى الوحيدة من اليوم الأول لشهادة نتنياهو. رغم كل الطلبات، كل المعاذير، كل البطاقات التي كانت ولا بد ستكون، هو كان هناك، في القاعة في الطابق ناقص 2، الحجرة الزجاجية من خلفه، منصة الخطابة امامه. خطوة صغيرة لمحاكمة الالاف، خطوة كبيرة للقانون والنظام في دولة إسرائيل.

شهادة نتنياهو في المحاكمة امس لم تكن حدثا قضائيا؛ ولا حتى حدث سياسي – حقا. أحيانا بدت مثل موعظة بلوغ لطفل نشيط على نحو خاص: فليعلم العالم كم أنا اعمل بكد؛ فليعلم العالم كيف انقذ الوطن كل يوم؛ أحيانا بدت كقصيدة الضحية: انظروا ما فعلوه بي – المحققون، النواب العامون، وسائل الاعلام؛ انظروا ما يفعلونه بي الان. ينبغي أن يقال في صالحه: كل شيء أصيل؛ فهو يؤمن ايمانا كاملا بانه ينقذ الدولة بمجرد ولايته وهو ضحية خونة من الداخل، عملاء للعدو. عندما يدور الحديث عنه، فان نتنياهو هو رجل مؤمن. 

يصعب علي ان اصدق بان القضاة سيشترون هذه الحجة: فهي ليست معدة لهم. هي معدة للمتظاهرين في الخارج الذين غطى مكبر صوتهم القوي على هزال الصفوف، وهي معدة للرجل نفسه، لعقيلته، لابنه. فهم ليسوا فقط أصناف القاعدة – هم القاعدة.

***

قاعة المحكمة المركزية في تل أبيب كانت مليئة حتى صفر مكان بالنواب العامين وبالمساعدين، برجال الامن، بالصحافيين، بالوزراء وبالنواب من الائتلاف. وحتى لو كان الحوثيون قرروا إطلاق مُسيرة الى القاعدة ما كانوا سينجحون في أن يجعلوها تتسلل الى داخل القاعة – الى هذه الدرجة كان الوضع مكتظا. السياسيون جاءوا لاظهار التواجد ولنثر قسم ولائهم بين مواقع الاخبار ونشرات التلفزيون الصباحية. فليعلم أعضاء المركز بانهم كانوا هناك، معه وخلفه. ولتعلم أيضا سارة. بن غفير دخل الى القاعة أولا، قبل الحدث بكثير، محوط بحاشية، قال جملة استفزازية للكاميرات وذهب. فرحا ومازحا. وبالتدريج تبخر الجميع الى اشغالهم.

في زاوية صف المقاعد الخلفية جلس أفنر نتنياهو، الحلقة الصامتة في عائلة مفوهة جدا. كل من كان في القاعة رأى حاجة لالتقاط الصور له. وحتى عندما صمتت الكاميرات ونهض المتهم للحديث واصلت عيناه التركيز في نقطة واحدة على ظهر ابيه. عضلة لم تتحرك في وجهه، لا ابتسامة، لا هنة، لا غضب. في لحظات حرجة، ضاغطة كان مخرجنا جميعا هو أن نطل على شاشة الهاتف النقال. اما الابن فلم يسمح لنفسه حتى بهذا. 

حزنت له. في وضعه كنت سأشعر كحيوان في سيرك.

***

الشرطة، كما اتهم عميت حداد، محامي نتنياهو، لم تحقق جناية – حققت انسان. على مدى كل الطريق بحثت عن رأس نتنياهو، بصلة او بدون صلة بملفات التحقيق. اعتقد ان ادعاءه، الذي كرره نتنياهو في شهادته، جدير بالبحث. فكروا في ذلك في المستوى المبدئي، على نحو منفصل عن الرأي الذي بلوره كل انسان في إسرائيل عن نتنياهو، معه او ضده: عندما يفتح تحقيق للاشتباه بمخالفة جنائية يشارك فيها زعيم وطني، هل يمكن أن يدار وكأن الحديث يدور عن مواطن عادي، في ملف بوزاغلو؟ هل توقعات المحققين مشابهة؟ هل رد فعل المشبوهين الاخرين في الملف مشابه؟ هل سلوك المحقق معه مشابه؟

ما تعلمته في الثماني سنوات منذ فتح التحقيق هو ان الجواب على كل هذه الأسئلة هو بلا لبس لا: إيجابا وسلبا. بكل معنى الكلمة، قوة ومكانة نتنياهو رافقتا الملفات التي يتهم بها كالظل. من يعتقد خلاف ذلك يتساذج او يدس رأسه في الرمال. 

يمكن أن نبدأ بالتسهيلات التي منحهتا الشرطة والنيابة العامة لنتنياهو، عقيلته ومحاميه. بوزاغلو ما كان يتجرأ على أن يطلب. يمكن أن نواصل في المسيرة التي اجتازها المفتش العام روني ألشيخ والمستشار القانوني للحكومة افيحاي مندلبليت والقرارات التي كانا مطالبين بها على الطريق. مندلبليت كان معجبا بقدرات نتنياهو وبرؤياه وخدمه بإخلاص في اثناء ولايته كسكرتير الحكومة. ألشيخ جاء من المعسكر السياسي ذاته. كل واحد منهما صُدم بدوره حين وصل الى الاستنتاج بان سلوك الرجل اجرامي.  ألا تؤثر الصدمة؟ بالتأكيد تؤثر. 

المستشار القانوني للحكومة ليس رأسا صغيرا. عندما يتوجه لان يتخذ قرارا على رفع لائحة اتهام ضد رئيس وزراء فانه ملزم بان يقدر مسبقا احتمال الإدانة والطريق التي سيشقها الملف حتى نهايته التامة. ما هو الثمن بالزمن وباستثمار الطاقة، وفي حالة نتنياهو ما هو الثمن في انقسام الشعب، في تدمير قيمة ذاتية وفي ازمة سياسية متواصلة. عندما أرى تمثال تميس، إلاهة العدل في الأسطورة اليونانية، ويدها تمسك بالميزان ومضمدة العينين، لست واثقا بان الثناء كبير بهذا القدر. 

مندلبليت تردد بقدر غير قليل. الملف المؤكد الذي كان على طاولته هو ملف 1000، ملف الهدايا. الملفان الاقل تأكيدا كانا 4000 و 2000. نهج عملي كان ينبغي أن يؤدي الى التركيز على ملف 1000. الإدانة – اذا كانت ادانة – كان ستبعد نتنياهو عن الخدمة العامة – عقاب جسيم لانسان بقوته، بمكانته. كان يكفي هذا. لكن مندلبليت ورجال رجالات النيابة العامة أرادوا اكثر. ليس كرها لنتنياهو –  بل للخوف منه. يحتمل أن يكون ملف 1000 اصغير مما ينبغي من صورة نتنياهو في نظرهم. فوسعوه أيضا واعطوه تنزيلات كما اطالوا المحاكمة الى حجوم وحشية. 

***

ما يجلبنا الى الحدث في الطابق ناقص 2 للمحكمة امس. نتنياهو لم يبدو كمن انتظر ثماني سنوات فرصة ان يقول الحقيقة وقالها أخيرا. بدا كمن يكرر عشرات خطابات الضحية التي القاها على مدى السنين، بما في ذلك الخطاب الذي القاه في البث للامة اول امس. الخطابية إياها، التباهي الذاتي إياه، بعضه مثبت، بعضه مختلق. من جهة قصص عن كيف الانشغال بالامن، بالجيش، ينزع منه نومه ووقت فراغه العائلي، من جهة أخرى تجاهل معنى القول بالنسبة لمسؤوليته عن 7 أكتوبر. مجال الراحة لنتنياهو مليء بالتناقضات.

هكذا سيستمر هذا في الأيام القادمة. من يعول على الاستجواب المضاد ينتظر أكثر مما ينبغي. بالنسبة له ستكون هذه تجربة غير لطيفة، لكن بخلاف تحقيقه في الشرطة الذي صور وأصبح شريطا محرجا، هذا الاستجواب لن يصور. نتنياهو شهد امس بانه طور على مدى السنين جلدا سميكا: لا يهمه ما يقولونه ويكتبونه عنه. اذا كان لا يهمه فلماذا لا يتوقف عن الشكوى.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى