يديعوت احرونوت: سياسة المفاجآت، ترامب يبقي إسرائيل في الهواء

يديعوت احرونوت 8-5-2025، ايتمار آيخنر: سياسة المفاجآت، ترامب يبقي إسرائيل في الهواء../
العارفون بالامور يقولون انه عندما كانت الانتخابات للرئاسة بين بايدن وترامب نتنياهو فضل بايدن بافتراض انه صهيوني جدا ومؤيد لإسرائيل، ونتنياهو يعرف منذ الان كيف يناور في الساحة من أجل المصلحة الإسرائيلية. عندما شطب بايدن عن جدول الاعمال ودخلت كمالا هاريس الى الصورة اصبح الوضع أكثر تعقيدا. على مدى كل الطريق عرفوا في إسرائيل الدعم غير المتحفظ من الحزب الجمهوري، لكن ترامب ليس جمهوريا نموذجيا. ففوق كل شيء هو يؤمن بعظمة أمريكا وفكره يتشكل من إدارة النزاعات وتعظيم المرابح لامريكا.
زيارته القريبة الى الشرق الأوسط ستتركز على جوانب اقتصادية، صفقات كبرى ستعقد بين الدول واستثمارات تقرب الولايات المتحدة من الدول العربية لسنوات الى الامام. زيارة الى إسرائيل في هذه اللحظة ليست في الخطة، رغم الجهود مما يمكنه أن يلمح بسلم الأولويات. في حينه بدأ الرئيس أوباما ولايته الأولى بزيارة الى القاهرة وإسطنبول وتجاوز إسرائيل وهكذا بدأ العلاقات مع إسرائيل بالقدم اليسرى.
في الحزب الجمهور توجد خلافات رأي في موضوع السياسة الخارجية. من جهة، جمهوريون كلاسيكيون منذ الولادة مثل مايك فالتس ممن يؤيدون إسرائيل ويريدون مهاجمة ايران. ومن جهة أخرى محافظون جدد مثل دون جونير (نجل الرئيس ترامب) ونائب الرئيس دي جي فانس ممن يفضلون الامتناع عن الهجوم يريدون التركيز على أمريكا ويتخذون خطا انعزاليا. صحيح حتى الان، وفي اعقاب ابعاد فالتس عن منصب مستشار الامن القومي، يبدو أن يدهم هي العليا – ورغم ان اغلبية من تبوأوا مناصب عليا في مواضيع الخارجية والامن يعتبرون مؤيدين لإسرائيل، بقيت إسرائيل في الخلف.
سياسة “أمريكا أولا” ليست بالضرورة ضد إسرائيل بل هي مع تحقيق المصالح الامريكية، عندما بدأت الهجمات الامريكية في اليمن اعتقد نائب الرئيس فانس بانهم لا ينبغي لهم أن يهاجموا كون هذه ليست مشكلتهم. مصالح إسرائيل ذات صلة اقل بمصالح أمريكا، وهذا هو الأكثر اقلاقا حيال ايران.
تندفع الولايات المتحدة الى اتفاق نووي وتتحدث علنا عن السماح لإيران بطاقة نووية. اطلعت إسرائيل على هذه المفاوضات في اللحظة الأخيرة وكانت في صدمة: الولايات المتحدة نسيت فجأة ان الإيرانيين يخدعون الجميع، نسيت أن ايران هذه خططت لاغتيال ترامب وبومبيو وانها هي راس الاخطبوط الذي يفعل كل اذرعه ويمولها. كما فوجئوا في إسرائيل عندما كشف ترامب النقاب عن أنه اقنع نتنياهو الا يهاجم ايران.
لقد بات صعبا إخفاء الإحباط في القدس من سلوك ترامب. في قرار ترامب التوقف عن مهاجمة الحوثيين لم تعلم إسرائيل على الاطلاق وعرفت بذلك من التلفزيون. وهذه باتت خطوة واحدة اكثر مما ينبغي، والرسالة التي وصلت الى الشرق الأوسط هي ان إسرائيل ليست حقا في راس سلم أولويات الولايات المتحدة. واذا كان الحوثيون والايرانيون يمكنهم ان يصلوا الى اتفاقات مع الولايات المتحدة من خلف ظهر إسرائيل – فبالتالي يمكن مواصلة مهاجمتها.
نرى هذا في سوريا أيضا حيث تلملم الولايات المتحدة قواتها وتخطط لاخراجها. نرى هذا أيضا مع تركيا، في تسكع ترامب مع اردوغان الذي لا يلجم تصريحاته اللاسامية وتهديداته الاخذة في التصعيد فقط. وحتى بيع طائرات اف 35 عادت الى الطاولة مع تركيا. نرى هذا أيضا في السعودية، في الصفقات الاقتصادية التي يعمل ترامب عليها. التطبيع لم يعد في رأس سلم أولوياته. ربما لانه يعرف ان نتنياهو لا يسارع الى انهاء الحرب في غزة وليس مستعدا لان يسمع عن أي صيغة تلمح باستعداد لحل الدولتين – وهو الحد الأدنى الضروري من ناحية الرياض. نرى هذا أيضا في خطة إعادة التموضع السكاني الذي طرحها ترامب في غزة والتي توقف عن الترويج لها.
فهل هجر ترامب إسرائيل؟ هذا منوط بمن تسأل. ثمة من يدعي انه منذ البداية لم يكن معنا حقا. ترامب ليس عاشقا حقا لسياسته نفسه ولهذا فهو يغيرها كل الوقت، وفي إسرائيل يحاولون التأثير لكن بلا جدوى. لو كان بايدن يفعل ما يفعله ترامب في الأسابيع الأخيرة لكان من المعقول الافتراض بان نتنياهو كان سيصعد الى الطائرة ويطلب ان يخطب في الكونغرس. لكن يديه هنا مقيدتان، واساسا لان ترامب يعرف أنه يعتبر الرئيس الأكثر تأييدا لإسرائيل.
تحتاج إسرائيل لان تحطم الرأس لتفهم كيف تصبح ذات صلة بالفكر الأمريكي. ظاهرا لا يزال هناك أناس طيبون يحبون إسرائيل حقا: ماركو روبيو، ستيف ويتكوف والسفير الأمريكي الجديد مايك هكابي الذي اجرى امس زيارة رسمية تاريخية في شيلو القديمة والتقى بشكل رسمي مع رؤساء مجلس “يشع” للمستوطنين. يمكن فقط الامل في أن ينجح في اقناع ترامب في السير نحو إسرائيل في المواضيع المصيرية لها.
ثمة في إسرائيل من ينظرون الى نصف الكأس المليئة ويحاولون التهدئة: في الموضوع الحوثي لا يوجد أي هجر من ترامب. فقد أوضح من اليوم الأول ان هدف العملية هو إعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر وهذا هو ما اتفق عليه في الوساطة العُمانية. وهو لم يتعهد ابدا بالعمل في موضوع النار الحوثية على إسرائيل، ويواصل مساعدة إسرائيل في الدفاع. عن الهجرة من غزة يقول المتفائلون في القدس ان رؤيا ترامب حية ترزق ومتعلقة بوجود دول مستوعبة. والمفاوضات مع ايران؟ من الصعب توقع ما يكون مصير الاتصالات، لكن بدون مفاوضات حقيقية ليس لترامب طريق لتبرير خطوة عسكرية. وبالفعل، في إسرائيل يصلون لان تفشل المفاوضات – وعندها سيعود الخيار العسكري الى الطاولة.