يديعوت احرونوت: رياح الحرب
يديعوت احرونوت 18/9/2024، آفي يسسخروف: رياح الحرب
الهجوم الاستثنائي في لبنان امس يبدو وكأنه مأخوذ من أفلام الخيال العلمي. تفجير شبه متزامن لالاف أجهزة البيجر يتسبب بأكثر من 3 الاف مصاب بين نشطاء حزب الله. هذا سيناريو يبدو شبه هاذٍ. هذه العملية التي ينسبها حزب الله لإسرائيل تدمج الذكاء، الدقة والفتك مما يخلق في الطرف الاخر الكثير جدا من الارتباك على اقل تقدير.
تفهم قيادة حزب الله كم هي مخترقة واساسا كم هي هشة. فبعد الاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية التي اطلقت من لبنان نحو إسرائيل في الـ 11 شهرا الأخيرة، بعد قتلى وجرحى بنار حزب الله وبعد محاولات منفلتة العقال من حزب الله للمس بمسؤولين كبار سابقين في جهاز الامن.
الواقع لاسفنا لا يزال أكثر تعقيدا من الأفلام. فمعنى المس بالاف نشطاء حزب الله في آن معا هو اعلان حرب مشكوك أن يتمكن حزب الله من التجلد عليه، وامس بالفعل صرح مسؤولو المنظمة بانهم سيعملون ضد إسرائيل التي يرون فيها مسؤولة عن العملية. ان معنى حرب شاملة ضد إسرائيل صعب بل وصعب جدا. فهذه ليست منظمة صغيرة على نمط حماس (التي اثبتت كم هي فتاكة قبل نحو سنة)، بل جيش مع ترسانة من نحو 150 الف صاروخ دقيقة ومقذوفة صاروخية مع وسائل قتالية متنوعة وفتاكة. واقع حرب واسعة ضد حزب الله ستتسبب بالكثير من المصابين في كل المناطق في إسرائيل والقتال لن ينحصر بعد اليوم في الحدود الشمالية. ستكون لذلك تداعيات اقتصادية عظيمة، لكن أيضا خسائر في الأرواح وفي القدرة على إدارة أجهزة تعليم وصحة على نحو سليم. والسؤال الذي يتعين على حكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو ان تسأله لنفسها وفي اقرب وقت ممكن هو ما هو هدف حرب كهذه ضد حزب الله. ما هي الأهداف التي يمكن تحقيقها؟ هل سيكون ممكنا إعادة الهدوء الى الحدود الشمالية وابعاد نشطاء المنظمة الشيعية عن الحدود؟
هذه العملية المنسوبة لإسرائيل لن تدفع حزب الله لان يوقف عملياته الهجومية ضد بلدات الشمال بل تصعيدها. كما أن المنظمة لا تعتزم الانسحاب تماما الى شمال الليطاني. من هنا فان بانتظارنا على ما يبدو أيام، وربما أسابيع من التصعيد يحتمل أن تجبر الجيش الإسرائيلي في نهاية الامر على عملية برية أيضا وهذا في الوقت الذي لا يزال الجيش يعمل فيه بريا في الجنوب ويعاني من الإصابات بما في ذلك في اليوم الأخير.
يحتمل أن يتأخر رد حزب الله ليس لانه لا يريد، بل لانه لا يستطيع – بمعنى ان الاختراقات الاستخبارية التي يفهم الحزب بانه يعاني منها يمكنها أن تدفعه لان يرغب أولا في أن يفهم ما الذي حصل وكيف نجح الإسرائيليون (اذا كان يدور الحديث بالفعل عن إسرائيل) في أن يخترقوا بهذا العمق صفوف الحزب وعندها فقط سيعمل. ولا يزال، واضح أن رد حزب الله هو مسألة متى، وليس هل.
والى داخل كل هذا تتسلل المسألة السياسية المأخوذة من فيلم سيء على نحو خاص، فيلما وحده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يمكنه أن ينتجه. من الصعب التصديق ان أمس فقط كان نتنياهو يعنى بما لا يقل عن اقالة وزير دفاعه، يوآف غالنت. غير أن هذه المرة من ينضم اليه هو رجل يفترض بان يكون يعرفه اكثر من الجميع، جدعون ساعر. ساعر ومعه زئيف الكين، الذي يعرف نتنياهو بقدر لا يقل عنه، راهنا مرة أخرى على الرجل الذي عرف في الماضي كيف يتنمر عليهما ومن شأنه أن يلقي بهما الى الكلاب.
ساعر والكين، راهنا على الرجل الأخطر في السياسة الإسرائيلية، مع المناورات الأكثر قذارة، الذي معروف وواضح انه في نهاية النهار سيلقي بهما مرة أخرى الى الكلاب. وساعر، بدلا من ان يتنكر لنتنياهو، اختار أن يأخذ الخطوة السياسية الأسفل التي شهدتها الدولة، وبالتأكيد في أيام حرب، وذلك فقط كي يبقى في مركز الصورة السياسية، “على الدولاب”.
العار، سبق أن قلنا؟