يديعوت احرونوت: رغم المساعي الامريكية والفرنسية لوقف النار، في الجيش يستعدون للمناورة البرية
يديعوت احرونوت 27/9/2024، رون بن يشاي: رغم المساعي الامريكية والفرنسية لوقف النار، في الجيش يستعدون للمناورة البرية
سلسلة الضربات التي وجهها سلاح الجو هذا الأسبوع لحزب الله في لبنان كانت ذروة خطوة اعدت في هيئة الأركان على مدى السنين. وقد تغيرت الخطط وفقا للمعلومات الاستخبارية التي تجمعت في الجيش منذ انتهاء حرب لبنان الثانية في 2006. كما أن اسم الحملة تغير بضع مرات الى أن خرجت الى حيز التنفيذ تحت عنوان “سهام الشمال”.
وكانت الدفعة الكبرى في عهد رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي وقائد سلاح الجو السابق عميكام نوركين. كوخافي، في عصف الادمغة الذي اجراه مع أعضاء هيئة الأركان، بلور مفهوما استراتيجيا يقضي بانه في ضوء التهديد الصاروخي والبري الهائل الذي يحدق من جيش إرهاب حزب الله، فان إسرائيل ملزمة “بخطة صناعية” لتدمير قدرات المنظمة.
وقد استندت الخطة الى دروس حرب لبنان الثانية. وتضمن بنك اهداف إسرائيل في حينه مئات قليلة من الأهداف التي انهى سلاح الجو من الهجوم عليها في غضون بضعة أيام. وحسب الاستنتاجات، التي بدأ بوضعها رئيس الأركان الأسبق آيزنكوت، كان ينبغي لشعبة الاستخبارات ان تنتج بنك من الاف الأهداف الجاهزة مسبقا، وتحسين قدرتها على جمع المعلومات في ظل الحرب عن اهدفا مصادفة يكون ممكنا مهاجمتها في غضون بضع دقائق.
واعتقد المفهوم الجديد أيضا بانه في ضوء وسائل التدمير الهائلة التي لدى حزب الله على الحرب ان تكون قصيرة قدر الإمكان لاجل منع الاف الخسائر في الأرواح ودمار لا يوصف في الجبهة الداخلية الإسرائيلية. ان هدف تقصير مدة الحرب ألزمت سلاح الجو بان يبني قدرة جديدة تماما تتيح له أن يدمر بشكل صناعي وسريع سواء الأهداف التي كانت في بنك الأهداف أم تلك التي تنتجها الاستخبارات في اطار القتال. ويتطلب الامر مخزون من الذخيرة الدقيقة والقدرة التكنولوجية التي تسمح لكل طائرة من سلاح الجو أن تطلق عشرات الذخائر الدقيقة في اثناء طلعة واحدة نحو اهداف مختلفة. ولهذا الغرض أقيم في قواعد سلاح الجو مصانع ذخيرة تركبت فيها أجهزة دقة على قنابل حديدية “غبية”.
قلب المعادلة
لسلسلة الضربات النارية هذه توجد ثلاثة اهداف:
الهدف الأول هو ضرب قدرات الصواريخ والمُسيرات للمدى المتوسط والقصير لدى حزب الله.
الهدف الثاني هو تدمير البنى التحتية العسكرية وأساسا الضرب الشديد لقدرات الأداء والنشاط لقوة الرضوان. القوة، التي تعد بين 4 الاف و 6 الاف مقاتل موزعة الان في جنوب لبنان، في بيروت، في البقاع وفي سوريا. والهدف هو احباط قدرات قوة الرضوان على تنفيذ خطوات برية داخل إسرائيل وضرب قدرتها على خوض معارك دفاع في حالة دخول الجيش الإسرائيلي الى مناورة في لبنان.
الهدف الثالث هو استراتيجي، ويتمثل في قلب معادلة الردع بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. فقد قال مصدر كبير في هيئة الأركان ان “علينا أن نحول حزب الله من جيش إرهاب ليعود الى منظمة عصابات مثلما فعلنا لحماس.
فيلق الأجانب الشيعي
كل هذا حصل على خلفية الجهود الدولية للوصول الى تسوية. ليس واضحا بعد اذا كان الطرفان سيقبلان الاقتراح الأمريكي الفرنسي لوقف نار في ساحة لبنان. لكن يمكن القول انه في الأيام التسعة الاولا نجحنا في أن نحول الميل الى صالحنا بشكل دراماتيكي. الشروط العسكرية و/او الدبلوماسية لاعادة سكان الشمال الى بيوتهم تحسنت بشكل كبير ويحتمل جدا ألا نحتاج الى خطوة برية قوية من شأنها ان تؤدي الى حرب إقليمية.
ملاحظة تحذير: الطريق لا تزال طويلة والمبادرة لوقف نار وتسوية دبلوماسية قد تتشوش. فنصرالله قد يصر على طرح شروط لا يمكن لإسرائيل أن توافق عليها، بينما الوزيران سموتريتش وبن غفير يضغطان على نتنياهو لرفض الاقتراح.
وقف النار في الشمال سيوضح للسنوار بانه تتبدد الاحتمالات لحرب إقليمية ترفع عنه وعن الغزيين الضغط العسكري الإسرائيلي، مما قد يشجعه على التوجه الى صفقة. كما أن وقف النار سيزيد الاحتمالات لتسوية دبلوماسية تسمح بعودة السكان الى بيوتهم وتعفي من خطوة برية مفعمة بالخسائر والدمار وتوقف التدهور في شرعية إسرائيل في الساحة الدولية.
لكن لوقف النار توجد نواقص جدية. فقد تفقد إسرائيل زخم الضغط العسكري على حزب الله ويسمح لنصرالله بالانتعاش من الصدمة وإعادة بناء القيادة ودائرة المستشارين وبلورة استراتيجية قتالية تتلاءم والظروف الجديدة. كما انه برعاية الهدنة يمكن للايرانيين ان يرسلوا بسرعة قوات من الميليشيات الشيعية من اليمن، العراق، افغانستات وباكستان الى لبنان لملء صفوف حزب الله.
اذا لم يتضمن اتفاق وقف النار المؤقت بنودا تمنع ترميم حزب الله أو يفرض انهاء القتال في غزة، فان إسرائيل اغلب الظن سترفض التوقيع عليه. وعلى أي حال، واضح أن حملة سهام الشمال قلبت الجرة رأسا على عقب، في جبهة لبنان على الأقل.
لا للغرق في الوحل
بشكل غير مفاجيء، قررت إسرائيل تحويل جبهة الشمال الى جبهة القتال الأساس بسبب اضطرارات وليس كنتيجة لقرار استراتيجي واعٍ. إسرائيل ارادت تسوية دبلوماسية في الشمال لسببين أساسيين:
الأول، حرب في الشمال، واساسا اذا ناور الجيش داخل لبنان، قد تكون طويلة ومليئة بالدمار والضحايا وتلزم بتجنيد احتياط كامل لزمن طويل. الجيش الإسرائيلي قد يجد نفسه يغرق في الوحل اللبناني مثلما مثل في الشريط الأمني في جنوب لبنان والعبء الاقتصادي سيكون جسيما للغاية.
السبب الثاني هو الخوف من التدهور الى حرب إقليمية لا تريدها لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة.
وهكذا تكون إسرائيل دخلت الى المعركة في لبنان كنتيجة للاضطرار وليس كنتيجة للتخطيط. وفي الثناء للقيادات السياسية والعسكرية يقال انهم غيروا بسرعة شديدة التخطيطات الاصلية وانتجوا خطة حديثة تتشكل من سلسلة ضربات نارية تتعاظم بالتدريج وتشدد الضغط على حزب الله لكن يمكن وقفها في كل نقطة زمنية لاجل السماح للتسوية.
وقال هذا الأسبوع ضابط كبير في سلاح الجو شارك في التخطيط ان الهدف كان “تغيير الوضع في لبنان من أساسه من خلال تغيير ميزان القوى بيننا وبينه حزب الله بشكل دراماتيكي”. ويقول مصدر سياسي ان إسرائيل ارادت تسوية في لبنان دون الاضطرار الى مناورة برية ودون اشعال حرب إقليمية. وجاءت هذه التطلعات فوجدت تعبيرها في قرار الكابنت الذي في اعقابه انطلق الجيش الى المعركة في الشمال ويتيح للقادة ان يقرروا المناورة داخل لبنان.
اعتبار هام في قرار غالنت ونتنياهو كان حقيقة أن لا إدارة بايدن ولا آيات الله في طهران يريدون حرب إقليمية. الامريكيون يعارضون المناورة البرية وضرب الضاحية والبنى التحتية لدولة لبنان بحيث لا يضطر الإيرانيون للتدخل. فالايرانيون لا يريدون التورط في حرب فرصهم للانتصار فيها ليست عالية طالما لا يوجد لهم سلاح نووي. وقد تبين لهم ان إسرائيل قادرة على أن تلحق ضررا جسيما بقدرات حزب الله العسكرية وهم لا يريدون أن يفقدوا ذراعهم الأساس. وليس اقل أهمية تتطلع ايران بتأثير الرئيس الجديد الى التقرب من الغرب لاجل إزالة العقوبات الاقتصادية عنهم. وهذا يشكل لإسرائيل رافعة ضغط سياسية سواء على ايران ام على الولايات المتحدة. اما في الجيش في كل الأحوال فيعتقدون بانه بدون مناورة برية لن يكون ممكنا إعادة نحو 60 الف نازح الى بيوتهم الملاصقة لحدود لبنان.