ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: خيانة طهران الكبرى

يديعوت احرونوت 9/12/2024، سيفر بلوتسكر: خيانة طهران الكبرى

سقوط بيت الأسد في سوريا هو نتيجة حرب ايران – إسرائيل الأولى، التي انتهت بهزيمة متطرفة للنظام في طهران. تقع الهزيمة على وجه الشرق الأوسط وما وراءه، وتسرع تصفية الحلم الامبريالي للاخطبوط الإيراني متعدد الاذرع.

لقد اختارت القيادة في طهران سحب يدها من المساعدة العسكرية الحقيقية لحركات الإرهاب الإسلامية التي اعتمدت على مساعدتها عند الاختبار، وتركتها لمصيرها. أي لإسرائيل. حماس تركت، حزب الله ترك وفوق الجميع ترك الفلسطينيون: اصبع واحدة لم تتحرك في أرجاء ايران في محاولة للعمل على انهاء الحرب في غزة، التي كلفت حياة الكثير جدا من الفلسطينيين. الى قائمة خيانة النظام الإيراني لوكلائه وحلفائه ظاهرا ينضم الان الأسد في سوريا. علي خامينئي، الزعيم الروحي الأعلى، لم يتردد في هجره هو أيضا، مثلما هجر نصرالله والسنوار. 

صحيح أن ايران هاجمت إسرائيل مرتين بالصواريخ والمُسيرات، لكن ليس كي تساعد حماس او حزب الله بل كي تدافع عن الكرامة المهانة للحرس الثوري. ولم تثبت الهجمات الا ضعفها العسكري العميق. بعد اكثر من 45 سنة من استيلاء الخميني وحملة علم الثورة الإسلامية الحكم، انكشف عجزهم اذ لم ينجحوا في الدفاع عن سماء الدولة وعن المنشآت الأكثر أساسية في وجه سلاح الجو الإسرائيلي. في الأسبوع الماضي اجمل الصورة الصحافي الأمريكي الرائد توم فريدمان في مقال طويل ومعلل في صحيفته “نيويورك تايمز” فقال: “هزيمة ايران امام إسرائيل مثلها كمثل هزيمة الأردن، سوريا والأردن في حرب الأيام الستة. ليس أقل من هذا”. 

الجدول الزمني هام لفحص الاحداث. في 14 نيسان من هذا العام هاجم النظام الإيراني إسرائيل بنحو 200 صاروخ من أنواع مختلفة. العملية فشلت تماما بفضل دفاع جوي استثنائي لإسرائيل وحلف غربي – عربي ضم الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، الأردن، مصر ودول أخرى. انقضى شهر ورئيس ايران في حينه إبراهيم رئيسي، الممثل الواضح للجناح المتطرف، المحافظ والهجومي في النظام – لاقى حتفه المفاجيء والغريب في مروحية تحطمت في الجبال (وطريق الوصول اليه سد ليوم. كثيرون في عالم الاستخبارات يعتقدون بان هذه كانت تصفية سياسية إيرانية داخلية. ويؤكد هذا الاعتقاد السرعة التي أجريت فيها في ارجاء ايران انتخابات جديدة للرئاسة رفعت الى الحكم مسعود بزشكيان، سياسي هامشي يعتبر “إصلاحي”. بزشكيان تَوجهُ خامينئي نفسه واعلن عن نهاية عصر التوسع الامبريالي لإيران وتغيير حاد في سلم الأولويات من الحرب الى الاقتصاد. 

والان، الذروة: ايران ادارت ظهرها لنظام الأسد في سوريا وسلمت بلا رحمة بسقوطه. لا يمكن التقليل من أهمية هذه الخطوة: فمثلها كمثل تخلي الاتحاد السوفياتي عن السيطرة الشيوعية في أفغانستان في 1988 والذي أدى في غضون وقت قصير الى (للمفاجأة التامة لكل أجهزة الاستخبارات الغربية بما فيها الموساد – في حينه مثلما في مثل هذا الأسبوع) الى انهيار الشيوعية السوفياتية كلها. الدوافع كانت في معظمها اقتصادية. مثل الإمبراطورية الإيرانية، هكذا الإمبراطورية السوفياتية لم تتمكن، تحت نظام العقوبات الدولية – من تمويل الكلفة العالية للامن التكنولوجي العسكري، الى جانب ضمان مستوى معيشي معقول للمواطنين. التوقعات التي نشرها في أيلول هذه السنة البنك الدولي عن التداعيات الاقتصادية الهدامة لمشاركة ايران في الحروب في الشرق الأوسط وضعت حكامها، وبخاصة الزعيم الروحي الذي يتطلع الى نقل صولجان الزعامة الى ابنه، امام الخيار إياه: إما جهد أخير لتحسين مستوى معيشة 90 مليون مواطن يعانون من الجنون الامبريالي، او التورط في حروب باهظة الثمن، بعيدة وجد غير شعبية – ضد إسرائيل ايضا –  في نهايتها هزيمة مؤكدة. اختبار النتيجة اختاروا، وان كان بتأخير عقود ويحتمل بتأخير فتاك، انقاذ الاقتصاد، وتركوا حفظ الإمبراطورية الى ما بعد ذلك، اذا كانوا سيحفظونها.

في ضوء هذه التحولات العظيمة مرغوب فيه ان تعيد إسرائيل النظر في عموم السيناريوهات السياسية والأمنية لديها وأسس الاستراتيجية القومية. هذا عبثي لكنه واقعي: امام عاصفة انعدام اليقين المتعاظم في محيطنا فان ما كان لن يكون. 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى