يديعوت احرونوت: حرب بلا جدوى

يديعوت احرونوت 22/5/2025، آفي يسسخروف: حرب بلا جدوى
إذا لم تكن مفاجآت في اللحظة الأخيرة، فان الجيش الإسرائيلي سيواصل اليوم أيضا تعزيز القوات في قطاع غزة في إطار الحملة التي حظيت باسم “عربات جدعون”. ومثلما قبل سنة، وقبل نصف سنة، هذه المرة أيضا ستسيطر قوات الجيش على معاقل حماس، على احياء سكنية في غزة، ستحاصر مخيمات لاجئين وتضرب قوات العدو.
لا شك على الاطلاق في أن ضرب حماس سيستمر بالفعل، على المستوى العسكري وعلى الصعيد التنظيمي. يحتمل مثلا ان يحاول الجيش ضرب لواء مخيمات اللاجئين في وسط القطاع الذي لا يزال قائما مع إصابة نسبية بالحد الأدنى مقارنة بالالوية الأخرى لحماس. القوات الإسرائيلية، بمشاركة الاستخبارات النوعية من الشباك وأمان، ستضرب حتى المستوى القيادي الأعلى لحماس، الذي لم يتبقَ منه الكثير مقارنة بما كان عندما بدأت الحرب. معقول أيضا ان ينجح الجيش في قتل بضعة الاف آخرين من مسلحي حماس، ممن جند معظمهم بعد بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023.
المزيد فالمزيد من الأبرياء سيقتلون، بيوت ستهدم، احياء ستسوى في الأرض ومدى الدمار سيتسع أكثر فأكثر. الصور التي حصلنا عليها في رفح وفي خانيونس والتي تذكر بفيلم الاخرة الدينية، ستأتي أيضا من احياء مختلفة من غزة او في مناطق مثل دير البلد، البريج، المغازي وغيرها.
غير أنه ينبغي قول الحقيقة، مهما كانت قاسية: هذه الاعمال سبق أن تمت في السنة وسبعة الأشهر المنقضية منذ نشوب الحرب والصورة في القطاع وان كانت تغيرت لكن ليس بشكل يغير المعادلة. حماس تواصل الوقوف على ارجلها. هي لا تستسلم وليست مستعدة لتحرير المخطوفين. في هذا الصعيد، رغم محاولات الجيش والحكومة “إعادة تصنيف” الحرب، فالحديث يدور عن مزيد من الشيء ذاته. لا توجد هنا حيلة لم تجرب، لا توجد هنا عملية لم يفكروا فيها قبل ذلك. الجيش الإسرائيلي سيحرك السكان الفلسطينيين للمرة التي لا يعرف احد كم هي، ربما بدلا من المواصي الى مكان مثل رفح، الفلسطينيون سيهربون الى مناطق محمية وسيواصلون تلقي هناك مساعدات إنسانية تستأنف حاليا. في السطر الأخير، لكل أولئك الذين يتوقعون نتيجة مختلفة للفعل ذاته، تنتظرهم على ما يبدو خيبة أمل: بلا انجاز سياسي، بلا تغيير في الوضع السلطوي في القطاع، هذه الحرب من غير المتوقع لها أن تؤدي الى نتائج جديدة. حماس ستبقى تحاول ضرب القوات والتضحية بمزيد ومزيد من رجالها من أجل المهمة وبالتوازي تأمل في ضربة مكثفة قدر الإمكان للسكان المحليين كي يشتد النقد الدولي على إسرائيل. في هذا المفهوم، حماس تعول على عمليات إسرائيلية تؤدي الى إصابة الأبرياء، على أمل أن تؤدي هذه الى انذار امريكي لإسرائيل بالتوقف. كل ما تبقى لنشطاء المنظمة عمله هو البقاء على قيد الحياة والعمل من بين السكان المحليين كي يصاب هؤلاء بالاذى.
في الأسابيع الأخيرة جرى حديث غير قليل في وسائل الاعلام عن النية الجديدة لإسرائيل وللجيش الإسرائيلي، في اطار “تغيير السياسة”، والاحتفاظ بالأرض. بمعنى تشكيل بديل لحماس او احتلال القطاع بشكل دائم. غير ان معنى مثل هذا العمل هو أن سرعان ما ستجد إسرائيل نفسها تقدم المساعدات الإنسانية لمليوني فلسطيني على أساس جارٍ. وفضلا عن ذلك، وينبغي قول الحقيقة في هذه الحالة أيضا: ليس للجيش الإسرائيلي قدرة من ناحية القوى البشرية لان يكون حاضرا في كل زقاق، في كل شارع، في كل مخيم لاجئين في القطاع بشكل دائم. لا يوجد كائن حي كهذا، لا مع مستوى القوى البشرية التي توجد اليوم للجيش ومع تآكل متصاعد في أوساط رجال الاحتياط. كما أن سيطرة في نقاط أساسية في القطاع “فقط” لن تحدث التغيير المنشود.
السؤال الذي يجب اليوم أيضا أن يُسأل: ما هو هدف إسرائيل في الحملة الحالية؟ هل تحرير مخطوفين فقط والذي على ما يبدو لن ينفذ في اعقاب العملية العسكرية؟ أم ربما تغيير الواقع في القطاع؟
يبدو في هذه اللحظة ان هدف “الحملة” الجديدة، او استمرار الحرب هو هدف حكومة نتنياهو: مواصلة الحرب بكل ثمن، بغض النظر عن نتيجتها، واساسا لاسباب سياسية. مزيد من البيوت تسوى بالأرض. مزيد من ا لفلسطينيين القتلى، ولشدة الأسف مزيد من الجنود الذين سيصابون. هذه لا يمكنها ان تكون اهداف الحرب. الهدف يجب أن يكون تحرير المخطوفين، تقويض حكم حماس وضرب القضية بقدراتها العسكرية. الحملة الحالية يمكنها ان تؤدي الى ضربة جزئية لقوات حماس العسكرية، لكن ليس اكثر من ذلك. من غير المتوقع لها أن تقوض حماس كون المنظمة لم تعد معنية بفرض سيادة في القطاع بل ببقاء عسكري فقط. وبقاؤها العسكري يمكنه أن يكون في خطر فقط اذا ما دخل كيان سلطوي بديل يفرض عليها تسليم سلاحها. مجرد القرار الإسرائيلي بالامتناع عن البحث بالنسبة لـ “اليوم التالي”، لا يعمل الا لمساعدة حماس في جهودها للقاء.