يديعوت احرونوت: جوهر قضية التسريب هو الاستخدام الكاذب لمادة سرية لتضليل الرأي العام
يديعوت احرونوت 4/11/2024، ناحوم برنياع: جوهر قضية التسريب هو الاستخدام الكاذب لمادة سرية لتضليل الرأي العام
أحيانا حتى البيبيين يصعب عليهم أن يفهموا نتنياهو. خذوا القضية الأمنية التي تعصف في الأيام الأخيرة بمكتب رئيس الوزراء. قصة واحد، اسمه ايلي فيلدشتاين، بيبيّ فاخر، عمل كناطق في خدمة نتنياهو ومكتبه. احدى المهام التي كلف بها ظاهرا كانت ان يدس في هيئات الاعلام معلومات امنية تخدم سيده. هو مشبوه بالتآمر مع ضباط في الجيش، تلقى منهم وثائق سرية ووزعها بتفسير زائف. عندما نشرت الانباء، في “بيلد” الألمانية وفي “جويش كرونيكل” البريطانية سارع نتنياهو وعقيلته ليستخدماها لاغراضهما السياسية.
زميلنا رونين بيرغمان كشف النقاب هنا عن التلاعب والكذب. فتح تحقيق، تدحرج من الجيش الى الشباك. عندما علمت الصلة بين المشبوه المركزي ورئيس الوزراء سارع مكتبه لاصدار جملة بيانات. في البداية كان النفي تام: لم يكن أي شيء، وان كان فلم يكن. بعد ذلك عندما تبين أنه كان بل وكان، نفيت الصلة: الرجل لم يعمل هناك ونتنياهو علم بالوثائق فقط من وسائل الاعلام؛ في المرحلة الثالثة، حين فهموا بان الجياد فرت من الاسطبل، انضموا الى طلب وسائل الاعلام لإزالة الحصانة. وفي اطار ذلك بلوروا خط الدفاع في حربهم على الرواية: يدور الحديث بالاجمال عن تسريب؛ الكل يسرب كل الوقت والكل يغض النظر؛ التركيز على المكتب وتسريباته هو ازدواجية أخلاقية وانفاذ انتقائي.
هذه رواية كاذبة: جوهر القضية ليس التسريب بل الاستخدام الكاذب لمادة سرية لاجل تضليل الرأي العام في إسرائيل في الموضوع الأكثر شحنا على جدول الاعمال، قضية حياة وموت. ليس التسريب بل الكذب؛ نزعة الشر؛ حرية التنكيل بابناء شعبك، بمواطني دولتك، بضحايا قصورك. هكذا تتصرف اكثر الأنظمة ظلامية.
من السابق لاوانه ان نقرر أنه كان هنا ضرر امني ذو مغزى أو مخالفة في مجال الخيانة. العناوين الرئيسة المدينة هذه تميل لان تتقلص كلما تقدمت المسيرة القضائية. لكنه ثبت هنا انه لالة السم، مثلما لبقعة الساحر، توجد آلية خاصة بها: هي لا تتوقف عند السياسيين، الصحافيين والشهود في محاكمة الحاكم. هي تدوس كل من يقف في طريقها بمن فيهم المخطوفون.
كان يمكن لنتنياهو ان يختار خطوة اقل فاعلية بكثير. كان يمكنه أن يقول، صحيح، فيلدشتاين، المشبوه المركزي، عمل لدي. قرار الشباك، رفض إعطائه تصنيفا أمنيا، نبع برأيي من اعتبارات غريبة. من حقي الا اراعيه. هو فعل ما فعله باذن وبصلاحية: انا وجهته. قررت ان هذا حيوي لامن الدولة. لا تسألوني لماذا – من حقي الا افصل. ولا تجلبوا اعتراضات قادة الجيش والشباك. ليس لهم أي فكرة عما هو حيوي للامن وعما هو ليس كذلك. لم اشركهم لاني لا اثق بهم. عندما يكونوا رؤساء الوزراء يمكنهم ان يقرروا خلاف ذلك. في هذه الاثناء انا الرئيس وانا من يقرر.
لم أجد هذه الجمل: نتنياهو قالها، بكلماته، في شهادته امام لجنة التحقيق في موضوع الغواصات والسفن. في القضية إياها أيضا هو والرجال المكلفين من جانبه جربوا صيغا أخرى وابتكارات أخرى. احد مساعديه حتى طالب، كآخر المجرمين تمزيق وتدمير وثيقة محرجة خرجت من هيئة الامن القومي. عندما نفدت هذه المعاذير تمترس نتنياهو برواية الدولة هي أنا: أنا رئيس الوزراء وأنا قررت. وها هو، في قضية الغواصات لم يلحق به أي ضرر. من قضية الى قضية قوته تزداد.
نتنياهو، الذي يعشق كل ما يأتي من أمريكا، كان يمكنه ان يتعلم شيئا ما من الرئيس ليندون جونسون. جونسون هاتف ذات مرة الصحافي المحقق جاك اندرسون، كاتب المقالات لـ “واشنطن بوست”. أراد ان يسرب له قصة. آسف، قال اندرسون. انا أنشر فقط قصصا سرية.
لا مشكلة، قال جونسون. أنا الرئيس. سأجعل هذه الوثيقة سرية. وهذا ما فعله.
الدول التي تجتاز مسيرة انقلاب نظامي لا تعرف دوما متى وصلت الى نقلة اللاعودة. نحن الإسرائيليين لا نزال نتمتع بحرية تعبير وحرية نقد، اذرع الانفاذ التي لا تزال بعضها رسمية، أذرع أمن تؤمن بالقانون. كل هذا يعطي تفاؤلا لكن محظور أن يغشي عيوننا من أن نرى ما يحصل في مكتب الحاكم، في روحه، في محيطه القريب. ما يسمح لنفسه أن يفعل، من القوة الزائدة او من الضعف. هذا ما يخيف في هذه القضية المقلقة.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook