يديعوت احرونوت: تعليق الهجوم الإسرائيلي على إيران يخدم الولايات المتحدة في المفاوضات

يديعوت احرونوت 11/6/2025، رون بن يشاي: تعليق الهجوم الإسرائيلي على إيران يخدم الولايات المتحدة في المفاوضات
قبل نحو أسبوعين زار واشنطن وقد إسرائيلي أمني رفيع المستوى، تعهد لكبار مسؤولي إدارة ترامب بان إسرائيل لن تهاجم ايران طالما كانت الولايات المتحدة تجري مفاوضات على اتفاق نووي جديد مع ايران. ولما كانت المفاوضات بين الولايات المتحدة وايران لا تزال في ذروتها فلا يوجد ما يدعو الى التوتر الزائد في الجمهور وفي وسائل الاعلام ترقبا لهجوم قريب، إسرائيلي امريكي او لإسرائيل وحدها على منشآت النووي في ايران.
الحديث في اليوم الماضي بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكذا الاجتماع الأمني الخاص أول أمس في مكتب رئيس الوزراء، وان كانا يركزان على الموضوع النووي الإيراني، الا انهما استهدفا ممارسة الضغط على ايران ويحتمل أن تكون عملية سلاح البحرية في اليمن أمس استهدفت هي الأخرى تحقيق الهدف ذاته – خلق تهديد مصداق على ايران بعملية عسكرية إسرائيلية – أمريكية تمهيدا لازمة محتملة في اللقاء القريب مع الإيرانيين، في المفاوضات التي يجريها المبعوث الخاص ستيف ويتكوف.
في اللقاءات السابقة تقدمت الولايات المتحدة لاقتراح منحى اتفاق نووي بينها وبين ايران وان كان يتضمن رفع العقوبات لكن ليس كلها، واساسا يطلب من طهران التوقف عن تخصيب اليورانيوم على أراضيها. وكان الإيرانيون اعلنوا منذ الان بان هذا المنحى ليس مقبولا من جهتهم وانهم سيتقدمون بمنحى خاص بهم في الأيام القريبة القادمة. ولم يلتزم الإيرانيون حتى بالجدول الزمني الذي قرروه هم انفسهم بتقديم هذا المنحى، ويحتمل ان يكون هذا يعكس صراعا داخليا بين الصقور والمعتدلين في نظام ايات الله.
المعتدلون وعلى رأسهم الرئيس مسعود بزشكيان يطلبون المساومة والتنازل للامريكيين في موضوع تخصيب اليورانيوم. اما الصقور فيعارضون كما انعكس هذا في خطاب الزعيم علي خامينئي الذي قال: “من انتم لتقولوا لنا ان نخصب اليورانيوم أم لا؟”. لكن يبدو أن الزعيم الإيراني الأعلى الذي سيحسم الجدال حذر وبراغماتي على عادته ولهذا فقد أخذ لنفسه زمنا إضافيا كي يصيغ المنحى المضاد للاقتراح الأمريكي.
الوفد الى واشنطن، الذي ضم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، رئيس الموساد دادي برنياع ومستشار الامن القومي هنغبي سافر خصيصا كي يهديء الأمريكيين. وعلى حد قول مصادر في إسرائيل تحدثت مع موقع “اكسيوس” الأمريكي، أوضح الوفد بان إسرائيل لن تفاجيء إدارة ترامب بهجوم عسكري على ايران.
هدأ التعهد الإسرائيلي روع الأمريكيين الذين رأوا في هجمات إسرائيلية على اليمن “تدريبات ميدانية” لسلاح الجو الإسرائيلي تمهيدا لهجوم بعيد المدى قوي في ايران دون تنسيق مع الولايات المتحدة أولا. هذا الوضع مريح جدا للرئيس الأمريكي لانه يبقي إسرائيل في مكانة “كلب هجومي مهدد”، في حالة تفجر المفاوضات.
اما لإسرائيل فهذا مهم لان هجوما في ايران يلزمنا بالاستعانة بالقدرات والمقدرات الامريكية العسكرية في ثلاثة جوانب على الأقل. الجانب الأهم هو الدفاعي. في إسرائيل يعرفون بيقين بانهم اذا هاجموا، وحتى اذا هاجم الامريكيون بدون إسرائيل، فان طهران سترد بكل ترسانة صواريخها الباليستية، مُسيراتها والصواريخ الجوالة التي لديها. يدور الحديث عن مئات الصواريخ الباليستية بعضها مع رؤوس متفجرة مناورة من الصعب اعتراضها والاف المُسيرات والصواريخ الجوالة التي بعضها على الأقل والتي قد تخترق الدفاعات الإسرائيلية من شأنها أن تتسبب بدمار عظيم ليس فقط بالمطارات في اسرائيل بل وبمنشآت استراتيجية ومناطق مدنية. ولمواجهة هذا بنجاعة، على إسرائيل مثلما فعلت مرتين في العام 2024، ان تستعد للدفاع مع قيادة المنطقة الوسطى الامريكية ومع حلفاء أمريكا العرب والأوروبيين في الشرق الأوسط.
الجانب الثاني هو الهجومي. فقدرة إسرائيل على ضرب منشآت تخصيب اليورانيوم في ايران جيدة ودقيقة لكن ليس لها ما من قدرات توجد لدى الأمريكيين. فالحديث يدور عن منشآت توجد تحت عشرات الأمتار من الصخور الصلبة في باطن الأرض وكمية الإصابات التي يمكن لسلاح الجو والبحر لإسرائيل يمكنهما ان يوقعاها محدودة نسبيا لما يمكن للامريكيين أن يفعلوه.
لدى الأمريكيين قنابل تخترق الأرض اثقل من تلك التي توجد في حوزة إسرائيل، وطائرات القصف التي يمكنها أن توقع إصابات في البنى التحتية العسكرية في ايران على مدى واسع جدا والاهم من ذلك الإبقاء على زخم الهجوم على ايران على مدى بضعة أيام. لهذا الموضوع توجد أهمية لان هجوما إسرائيليا أمريكيا مشتركا كفيل بان يثير انتفاضة شعبية ويؤدي في النهاية الى اسقاط النظام في ايران. اسقاط النظام سيحرر العالم من التهديد النووي الإيراني الى الابد. هكذا تقدر مصادر استخبارية في اسرائيل وفي دول المنطقة.
الجانب الثالث يستهدف اعمال الإنقاذ، النجدة والتنسيق مع دول المنطقة التي يمكن لقيادة المنطقة الوسطى الامريكية أن تقوم بها في صالحنا.
ولهذا فقد كانت إسرائيل مستعدة لان تتعهد للولايات المتحدة الا تهاجم طالما كان ويتكوف يتحدث مع الأمريكيين، وان تحصل في المقابل على وعد امريكي للتنسيق والتعاون العسكري والسياسي من جانب قيادة المنطقة الوسطى الامريكية وإدارة ترامب اذا ما تقرر في النهاية في القدس وفي واشنطن بانه حانت الساعة للتوقف عن الحديث والسماح للطائرات والصواريخ ان تصخب.
الموعد الأخير الذي ذكره ترامب لتحقيق اتفاق يحل الأسبوع القادم. إضافة الى ذلك نشر قبل بضعة أيام تقرير للوكالة الدولة للطاقة الذرية يقول ان لإيران يوجد منذ الان 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب الى مستوى 60 في المئة يكفي لانتاج 10 قنابل، ستكون الأولى منها جاهزة في غضون أسبوعين – ثلاثة أسابيع. يعطي هذا التقرير الحاحا للمفاوضات الامريكية مع ايران ويزيد الخوف في اسرة الاستخبارات وجهاز الامن في إسرائيل من أن من شأن ايران ان تقتحم النووي في الزمن القريب دون اخطار وتفاجيء الجميع.