يديعوت احرونوت: ايران لن تسارع الى دفع الثمن
يديعوت احرونوت 25/9/2024، د. راز تسيمت*: ايران لن تسارع الى دفع الثمن
المرحلة الجديدة في المعركة بين إسرائيل وحزب الله تمسك ايران في توقيت ليس مريحا من ناحيتها. ففي هذه الأيام يركز الحكم الإيراني على هجمة دبلوماسية بإدارة الرئيس مسعود بزشكيان لتحقيق ترتيب سياسي محتمل مع الولايات المتحدة في اطار النووي. وكان بزشكيان وصل هذا الأسبوع الى الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك برفقة مستشاريه، وعلى رأسهم وزير الخارجية عباس عرقجي، ممن كانوا في طاقم المفاوضات النووية التي أدت الى التوقيع على الاتفاق التاريخي في صيف 2015.
من السابق لاوانه ان نقدر اذا كانت القيادة الإيرانية بقيادة علي خامينئي تسعى بالفعل الى ترتيب في مسألة النووي، ام أن كل هدفها هو كسب الوقت حتى أكتوبر 2025، حين ينتهي مفعول البند الذي يسمح للدول الأوروبية التي تبقت في الاتفاق النووي استئناف العقوبات ضد ايران دون إمكانية فيتو في مجلس الامن في الأمم المتحدة. مهما يكن من أمر فان آخر ما يعني ايران في ذروة المعركة الدبلوماسية الحالية هو الانجرار الى مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل فما بالك مع الولايات المتحدة.
منظومة الاضطرارات والاعتبارات الإيرانية لم تتغير بشكل جوهري في الأشهر الأخيرة. فمن بداية الحرب في غزة سعت ايران لوقف نار يبقي على قدرات حماس السلطوية في غزة ومعظم القوة العسكرية لحزب الله. ومع اطالة الحرب، عملت ايران على استنزاف إسرائيل في معركة عسكرية طويلة ومتعددة الساحات دون أن تكون هي نفسها مطالبة بان تدفع على ذلك ثمنا كبيرا جدا. في اعقاب التصعيد الخطير في لبنان في الأسبوع الماضي شجبت ايران بشدة العمل الإسرائيلي وطلبت من الاسرة الدولية العمل على وقف الهجمات الواسعة للجيش الإسرائيلي. وقال الرئيس الإيراني في مقابلة مع شبكة “CNN” محظور جعل لبنان “غزة أخرى” على ايدي إسرائيل وان حزب الله لا يمكنه أن يقف وحده ضد دولة ذات منظومات سلاح مثل إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة. وشدد وزير الخارجية عراقجي في حديث مع صحافيين في نيويورك على ان ايران لن تبقى لا مبالية في ضوء هجمات إسرائيل وستدعم لبنان. ونفى حتى الاقتباسات التي نسبت للرئيس الإيراني في حديث مع صحافيين أمريكيين بالنسبة لاستعداد ايران لتبديد التوتر مع إسرائيل.
ومع ذلك واضح أن ايران تمتنع في هذه المرحلة عن التعهد بتدخل عسكري مباشر في المعركة الى جانب حزب الله. وحذر مسؤولون إيرانيون في الأيام الأخيرة من الوقوع في الشرك الذي تعهد إسرائيل لإيران. فالرئيس بزشكيان اتهم إسرائيل بانها تسعى الى حرب واسعة في الشرق الأوسط وتحاول نصب شرك كهذا يجر بلاده الى مواجهة شاملة. واعلن وزير خارجيته ان ايران يقظة تماما لسعي إسرائيل الى الخروج من الطريق المسدود الذي علقت فيه في غزة من خلال جر ايران والولايات المتحدة الى معركة، وان ليس في نيتها الوقوع في هذا الشرك.
إضافة الى ذلك، من ناحية ايران لا يوجد في هذه المرحلة سبب حقيقي للتدخل في القتال بشكل مباشر. فبخلاف التقديرات المتفائلة التي تسمع في الأيام الأخيرة في إسرائيل في اعقاب سلسلة الإنجازات حيال حزب الله، في ايران لا يزال يعلقون املا في قدرة المحور الإيراني بقيادة حزب الله على إيقاع ضرر جسيم لإسرائيل من خلال القدرات الكبيرة التي لا تزال متبقية في يديه. لا شك ان الضربات التي وجهت لحزب الله استقبلت في طهران بمفاجأة وبقلق. ومع ذلك، لا تزال القيادة الإيرانية تعتقد بانه رغم نزع قدرات حزب الله من قبل الجيش الإسرائيلي ليس في يد إسرائيل القدرة على هزيمة المنظمة وهي من المتوقع بالتالي ان تنجر الى حرب استنزاف طويلة ازائها وبخاصة اذا قررت خطوة برية في لبنان. حرب كهذه ستنهك إسرائيل عسكريا ومدنيا ولن تسمح لها بتحقيق أهدافها – سواء حيال قطاع غزة ام حيال الجبهة الشمالية، وعلى رأسها هزيمة حماس، إعادة المخطوفين وإعادة سكان الشمال الى بيوتهم.
في هذا الواقع، يمكن لإيران ان تكتفي في هذه المرحلة بتشديد الضغط على إسرائيل من خلال استخدام أوسع للميليشيات الشيعية من العراق، من سوريا ومن اليمن، لكن دون تدخل مباشر. ضربة جسيمة ومتواصلة لقدرات حزب الله الاستراتيجية كفيلة باحداث تغيير في تقدير ايران بقدرتها على الإبقاء على المنظمة كذراع استراتيجي أساس لردع إسرائيل وللرد في حالة هجوم على منشآتها النووية. مثل هذا السيناريو الخطير كفيل بان يلزمها بالتدخل بشكل مباشر كي تنقذ مشروع حزب الله الذي عملت على تطويره على مدى عشرات السنين. ومع ذلك يمكن الافتراض بان حربا شاملة وواسعة بين إسرائيل وحزب الله، تتضمن أيضا ضربة للبنى التحتية الوطنية في لبنان (وعلى ما يبدو في إسرائيل أيضا) ستؤدي الى زيادة الضغط الداخلي والدولي والى فرض وقف نار على الطرفين حتى قبل ان تكون ايران مطالبة بان تتدخل في الحرب بشكل مباشر.
*باحث كبير وخبير في الشؤون الإيرانية في معهد بحوث الامن القومي وفي مركز اليانس للدراسات الإيرانية في جامعة تل أبيب