يديعوت احرونوت: انقسام بين معسكرين في الولايات المتحدة
يديعوت احرونوت 5/11/2024، ناحوم برنياع: انقسام بين معسكرين في الولايات المتحدة
بما يتعلق بإسرائيل، السطر الأخير من الانتخابات في أمريكا بعيد عن أن يكون منعشا. المرشحان اشكاليان لنا، هي لاسبابها، هو لاسبابه. اذا فازت كمالا هاريس فانها ستحتاج حاجة ماسة لدعم الكتلة الديمقراطية في مجلسي النواب. الديمقراطيون منقسمون في قضيتنا: الجناح اليساري نقدي وفي أقصاه معادٍ تماما. العداء من شأنه أن يتدهور الى ضرر ذي مغزى اذا ما واصلت في إسرائيل تتولى حكومة يمين برئاسة نتنياهو. للخير وللشر، نتنياهو هو أيقونة في السياسة الامريكية. في اليسار يذكر على نفس واحد، في ضغينة واحدة، مع ترامب.
اذا انتخب دونالد ترامب سنعود لنلتقي غرائزه الانعزالية. مشكوك أن نرى مرة أخرى طائرات أمريكية في السماء، منظومات مضادة للصواريخ على الأرض وحاملات طائرات في البحر، وكلها كي تحمينا، في اثناء ولايته. مشكوك ان يقر اتفاقات المساعدات التي اقرها بايدن. إسرائيل تواقة لمحور عالمي بقيادة أمريكية يكون قويا، مستقرا، ملتزمان ومصمما في اعتراضه على محور الشر. مشكوك أن تتلقى هذا تحت ترامب.
رغم هذا، يعمل نتنياهو كمن هو واثق من ان بوسعه ان يكسب تأييد ترامب بالمال وبالتزلف. يحتمل أن يكون محقا، لكن اذا ما انتخب ترامب فان رئيس وزراء إسرائيل والمليارات التي سيجندها لن يكونوا الوحيدين الذين يقفون في الطابور. ترامب قصير النفس، منشغل بذاته، عبد لنزواته. في افضل الأحوال هو نكتة.
اقترح الا نولي أهمية كبيرة لما قاله الاثنان عن إسرائيل، غزة، لبنان وايران في اثناء الحملة. فخطوات الرئيس/ة في الشرق الأوسط سيوليها الوضع في الميدان، الاضطرارات السياسية والحزبية، اقتراحات المستشارين واحساسه او احساسها الداخلي. خير سيكون اذا ما وصل رئيس وزراء إسرائيل الى البيت الأبيض الجديد مع رؤيا واضحة، سياسة يمكن تنفيذها وصورة مصداقة. ترامب حساس جدا للمصداقية لدى الاخرين، وكذا هاريس.
لكن الانتخابات التي تجري اليوم لا تنشغل بنا. انخرطنا هناك فقط لان مجموعات اصلية معينة صغيرة جدا في وزنها بين عموم السكان، تتجمع بالصدفة في ثلاث ولايات متأرجحة: بنسلفانيا، ميشيغان و وسكونسن. يهود، فلسطينيين، لبنانيين – لكل واحدة من مجموعات المهاجرين هذه في الولايات الثلاثة كان مجد في اثناء الحملة. المجد سينتهي هذه الليلة، مع اغلاق صناديق الاقتراع.
ومع ذلك يوجد قاسم مشترك مشوق للانتخابات في أمريكا وفي إسرائيل. فهي تجرى في دولة مستقطبة، بين معسكرية متبلورين فيما ان المتوقع هو قليل جدا من الفرار من كتلة ناخبين الى أخرى، اذا ما كان مثل هذا الفرار. عيزرا كلاين، احد كُتّاب المقالات البارزين في الاعلام الأمريكي اقترح في مقال نشره أمس أن نضع جانبا الخلاف بين اليمين واليسار، البيض والسود، الرجال والنساء، الأغنياء، الفقراء والطبقة الوسطى. الانقسام الأهم، كما كتب هو بين أولئك الذين يسعون للدفاع عن المؤسسات القائمة وأولئك الذين يسعون لاستبدالها. الديمقراطيون يريدون اصلاحا؛ الجمهوريون يريدون انقلابا نظاميا.
الشبه يشوش. التهجمات في الشبكات وفي قنوات الدعاية هناك تشبه على نحو عجيب التهجمات في الشبكات وقنوات الدعاية هنا. البيبيون من جهة؛ الكبلانيون من جهة أخرى.
الجمهوريون مقتنعون بان مؤامرة يسارية سرية، مناهضة لامريكا، سيطرت على حياتهم. وهي تتضمن الحكومة، جهاز القضاء، جهاز الصحة، الاكاديميا، الاعلام، الاعمال التجارية الكبرى، بل وحتى الـ اف.بي.اي والجيش. شيطنة المؤسسات تسيطر بسهولة على خطابات ترامب، التي تصف كل مؤسسات وكل شخص لا يؤيده كعدو أمريكا وعدو الإنسانية. وهي تسيطر بسهولة أيضا على المفاعلات في الشبكات.
الديمقراطيون يعترفون بان المعركة المؤسساتية ليست ناجعة، تميز في صالح الأغنياء والاقوياء وفاسدة في هوامشها، لكنهم مقتنعون بان نواياها الأساسية طيبة. حسب الاستطلاعات، هام لهم الدفاع عن المؤسسات وعن القيم التي تمثلها اكثر من إحلال تغيير فيها.
الخطابات التي القاها المرشحان في المهرجانات الانتخابية وشعارات صناعة الرسائل لديهما استعدت بما يتناسب مع ذلك. هاريس كانت متفائلة ومتصالحة؛ ترامب كان متكدرا، متشائما وعدوانيا، على شفا العنف. في أحد خطاباته الانتخابية الأخيرة قال انه لن يهتم اذا ما بدأ احد ما باطلاق النار على الصحافيين. الجمهور الذي سمعه رد بابتسامة عاطفة. وحسب احد الاستطلاعات فان 54 في المئة من مصوتي الديمقراطيين يكنون ثقة بوسائل الاعلام؛ 12 في المئة فقط من مصوتي الجمهوريين يكنون له الثقة.
في مجتمع مستقطب ما يحسم في الانتخابات هو معدل المصوتين في كل كتلة. هذا سمح لترامب بان يتصرف مثل ترامب: ان يخرج عن الصيغة المكتوبة وان يتباهى بذلك، بل ان يكرس خطابا من 12 دقيقة لحجم العضو الجنسي للاعب غولف متوفى. القاعدة تحبه عميقا. المشكلة هي ان ما يسلي ويسحر ناخب ما ينفر ناخب آخر او ناخبة أخرى.
قبل بضعة أسابيع، في اثناء زيارة في واشنطن التقيت صديقا ترأس حتى وقت أخير مضى مؤسسة هامة من الحزبين. شرح لماذا برأيه هاريس ستفوز فقال: “قبل ثماني سنوات كانت لترامب حركة. ومنذئذ هزلت جدا. اما هاريس فتوجد لها حركة داعمة. حركة تجلب الناخبين الى صناديق الاقتراع”.
الحركة التي قامت بعد ان تخلى بايدن عن الترشيح تقوم على أساس طيف واسع من الأفكار، من ديك تشيني وابنته ليز، في اقصى اليمين الجمهوري، حتى بيرني ساندرس في اقصى اليسار الديمقراطي. القاعدة في الميدان هي النساء اللواتي أوضح قرار المحكمة العليا ضد الإجهاض لهن الى اين تهب الريح في الحزب الجمهوري.
لكن استيقاظ الروح النسوية اقامت حركة مضادة لرجال بيض وسود يشعرون بان انتخاب امرأة للرئاسة بل وامرأة سوداء وتقدمية يهدد رجوليتهم. يتبين أن السؤال هو ليس فقط مع وضد ماذا انت بل أيضا الى اين من الجنسين تنتمي.
عندي جدال طويل السنين مع زميل امريكي. هو يدعي ان أمريكا هي برودواي وإسرائيل هي خارج برودواي: ما يحصل عندنا ينتقل بعد ذلك الى المنصة المركزية، الى أمريكا. انا ادعي ان المسيرة معاكسة. نحن نتفق على امر واحد: كل طرف يميل لان يعدى بامراض الطرف الاخر. هاكم سبب آخر لمتابعة الانتخابات في أمريكا.