ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: الطريق طويلة لتحقيق اهداف الحرب

يديعوت احرونوت 16/10/2024، رون بن يشاي: الطريق طويلة لتحقيق اهداف الحرب

لدولة إسرائيل توجد استراتيجية بموجبها يعمل الجيش والمستوى السياسي في الحرب متعددة الساحات التي نوجد في ذروتها. هذا هو الانطباع الواضح الذي يؤخذ من الحديث مع كبار رجالات جهاز الامن واسرة الاستخبارات والجولات الميدانية في غزة وفي لبنان. 

ملاحظة تحذير: هذه الاستراتيجية لا يفترض بها بل ولا تدعي انها ستحقق “نصرا مطلقا” للحرب، مثلما ربما أراد رئيس الوزراء الذي كان لا يزال تحت صدمة فظائع 7 أكتوبر. لكنها قادرة على أن تحدث تحسنا جوهريا في الامن القومي لكل مواطني إسرائيل، وتغييرا جوهريا إيجابيا في الامن الشخصي لسكان النقب الغربي والجليل، واساسا أولئك الـ 80 الف إسرائيلي الذين اضطروا لان يغادروا بيوتهم. 

الطابق الأول في هذه الاستراتيجية هو اهداف الحرب كما صاغها واقرها الكابنت. كما يبدو، هذه الأهداف صيغت بغموض لاسباب سياسية – ائتلافية، وعليه فالجيش الإسرائيلي، مثلما في كل حروب إسرائيل يضطر لان يترجم هذه القرارات الى تعابير ملموسة. بداية، قضى الجيش بالنسبة لكل جبهة “الغاية الاستراتيجية” مثلما فهمها جنرالات هيئة الأركان من قرارات الكابنت – ومنها تقررت المهام، الوسائل وأساليب القتال التي حددها الجيش لنفسه. الأهداف، الوسائل والأساليب اجتازت تغييرات في اثناء سنة القتال التي مررنا بها، لكن الغاية الاستراتيجية في كل واحدة من الجبهات بقيت ثابتة.

مباديء الاستراتيجية السياسية – الأمنية: الجيش الإسرائيلي يحقق إنجازات عسكرية في غزة وفي لبنان، تدفع العدو في كل واحدة من الساحتين لان يوافق بل ويطلب، ترتيبا دبلوماسيا ينهي القتال بالشروط التي تطلبها إسرائيل وتتطابق واهداف الحرب مثلما صاغها الكابنت. 

وسيتم الانتقال من الإنجاز العسكري الى الترتيب وفقا لقرار المستوى السياسي، أي رئيس الوزراء بإقرار الكابنت. في كل الساحات الخمسة الأخرى بما فيها ايران، هدف الحرب هو ترميم وتعزيز الردع الاستراتيجي الذي تآكل بشدة في 7 أكتوبر. الهدف هو إعادة خلق وضع يكون فيه كل أعداء دولة إسرائيل بمن فيهم أولئك الذين يجلسون على الجدار، يروا في دولة إسرائيل جهة ليس مجديا الصدام بها، واذا كان ممكنا مرغوب التعاون معها. 

شروط مريحة في لبنان

تعمل هذه الاستراتيجية الان في الشمال بسرعة اكبر مما في الساحات الأخرى. ففي لبنان الجيش الإسرائيلي اقرب الان من وضع سيكون فيه ممكنا محاولة الانتقال الى مفاوضات على ترتيب دبلوماسي. فجهود جس النبض من الوسطاء والأطراف بدأت منذ الان. ما سمح لهذا الوضع هو أولا وقبل كل شيء الإنجاز العسكري: دون الدخول في استعراض بكل ما تم عمله، السطر الأخير اليوم هو ان الجيش الإسرائيلي اخرج عن الخدمة ثلثي القدرات النارية المضادة لحزب الله وقسم هام من القدرات النارية قصيرة المدى للمنظمة. بالتوازي، نجح الجيش في ان يبعد معظم قوة الرضوات ومسلحي حزب الله بمسافة نحو 5 – 8 كيلو متر عن الحدود وقسم من القوة حتى يوجد شمالي الليطاني.

كنتيجة لذلك، اعرب زعماء الطائفة الشيعية وحزب الله منذ الان صراحة عن الاستعداد للموافقة على وقف نار جنوب لبنان دون اشتراطه بوقف نار في غزة. في الجيش الإسرائيلي يعتقدون انه لا يزال ممكنا تعميق الإنجاز لكن بالتوازي رفعت هيئة الأركان منذ الان الى المستوى السياسي اقتراحا لمطالب تطرحها إسرائيل في التسوية. وذلك على افتراض ان كل حرب في العصر الحديث، وبدون استثناء تقريبا، تنتهي بترتيب سياسي كهذا او ذاك. 

في جهاز الامن كانوا يريدون للترتيبات السياسية في لبنان ان تتضمن: ابعاد قوة الرضوان وقدراتها النارية المباشرة الى ما وراء الليطاني؛ منع وصول المواطنين اللبنانيين الى مسافة قريبة فورية من الحدود؛ حظر دولي تضمنه القوى العظمى والأمم المتحدة على نقل السلاح والذخيرة من ايران الى لبنان؛ الجيش اللبناني الذي ينزل جنوبا يعزز ويزود من الولايات المتحدة والدول الأوروبية برقابة حثيثة؛ والبند الأهم – ان تتمكن إسرائيل من أن تفرض بنفسها، بقواتها، ترتيبات وقف النار وبالتالي تحفظ في هذه الترتيبات للجيش الإسرائيلي حرية عمل استخبارية وعملياتية تسمح باجتياحات واعمال عسكرية في داخل أراضي لبنان.

بخلاف غزة، الظروف في لبنان اكثر راحة وتتيح الترتيبات، لانه توجد حكومة حتى وان لم تكن تؤدي مهامها تماما، لكن يمكن التفاوض معها والوصول الى اتفاقات. 

وكذلك الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية والدول السنُية المعتدلة تريد التسوية والإصلاح السلطوي في لبنان ومستعدة لان امول اعمار لبنان. اما ايران، سيدة حزب الله فتريد هي أيضا وقف القتال في لبنان كي يتمكن حزب الله من أن يحفظ وربما يرمم في المستقبل قوته التي تضررت. وأخيرا، حزب الله الضعيف والطائفة الشيعية، مثل باقي سكان لبنان الذين اكثر من مليون منهم هم لاجئون في بلادهم، يريدون التسوية. 

بعيدون عن تسوية في غزة

في غزة، لشدة الأسف دولة إسرائيل ابعد بكثير عن تحقيق الأهداف الاستراتيجية. فمع أن معظم القوة العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي فككت وعادت المنظمتان لتكونا منظمتي إرهاب وعصابات، لكن لا تزال لحماس قدرات عسكرية نشطة أو قائمة. اكثر من هذا لم تدمر كل الانفاق، لا تزال توجد كتيبة ونصف في مخيمات الوسط لم تتضرر بعد والمنظمة تجند مخربين جدد وتقيل من جديد مراكز قيادة وتحكم في الأماكن التي كان فيه الجيش وتركها. وربما اخطر من هذا، لا تتخلى حماس عن حكمها المدني وتستخدم المساعدات الإنسانية التي تتلقاها من جهات دولية كوسيلة سيطرة مباشرة من خلال تحديد من يتلقاها وأين وتبيع المساعدات كي تمول اعمالها. إضافة الى ذلك، لا توجد جهة لها تأثير حاسم على حماس ويمكنها أن تدفعها لان تحرر المخطوفين وتتنازل تماما عن السيطرة في القطاع. الوسطاء، الولايات المتحدة، قطر ومصر، لا ينجحون في اقناع السنوار بالجلوس على طاولة المفاوضات في الوقت الحالي، ما يجعل إسرائيل عمليا تعلق هي ومواطنو القطاع في طريق مسدود ودامٍ.

شرع الجيش الإسرائيلي مؤخرا بحملة للفرقة 162 في شمال القطاع والتي حسب ادعاءات حماس تستهدف تنفيذ “خطة الجنرالات” التي وضعها اللواء احتياط غيوار آيلند ويفترض ان تخلي سكان شمال القطاع جنوبا – وعندها فرض حصار معناه منع المساعدات الإنسانية عن كل ما يتبقى في القطاع ويكون، حسب القانون الدولي، مخربا ومقاتلا مسموح منع أي مساعدة عنه. في إسرائيل لا يعترفون ان هذه الخطة، لكنهم لا ينفون ذلك قطعا أيضا. على أي حال، الوضع في هذه اللحظة هو أن العملية العسكرية، التي تتركز في جباليا لا تحقق كامل أهدافها. في الجيش الإسرائيلي يعترفون بان الضغط ليس كافيا وانه يحتمل ان تكون حاجة لادخال فرقة أخرى الى شمال القطاع لاجل دفع مئات الاف المواطنين المتبقين هنا للاخلاء وعندها ربما، خوفا من فقدان شمال القطاع تماما، تبدي حماس مرونة واستعدادا للمفاوضات على صفقة مخطوفين وانهاء القتال.

لكن المشكلة المركزية كانت وتبقى إيجاد حكم بديل للحكم المدني الذي لا تزال حماس تحتله وتتمسك به كونه المفتاح لبقائها في القطاع وترميم قوتها. كما اسلفنا، فان ما يسمح لحماس بان تبقي على حكمها هو سيطرتها على المساعدات الإنسانية. في إسرائيل يفكرون بطرق تنزع من ايديها السيطرة على المساعدات، احداها هي إمكانية أن تدخل شركة مدنية – أمريكية تحت غطاء الجيش الإسرائيلي المساعدات الإنسانية الى القطاع وتوزعها وتعرف كيف تحميها من سيطرة حماس عليها. كما تفحص بضعة مقترحات في هذا الشأن. في كل الأحوال، ابلغ جهاز الامن المستوى السياسي بانه ليس مستعدا لان يوزع بنفسه المساعدات الإنسانية ويعرض جنود الجيش الإسرائيلي للخطر جراء ذلك.

وبالنسبة لحكم مدني بديل رسميا، تعترف إسرائيل بانها لا تريد أن تحكم في القطاع. في ديوان رئيس الوزراء يدعون أيضا بان السلطة الفلسطينية ليست عنوانا، ليس فقط لان بن غفير وسموتريتش يعارضون ان توسع السلطة بقيادة أبو مازن حكمها الى قطاع غزة وتحقق بذلك مسيرة إقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة إسرائيل. تنبع المعارضة، حسب محافل حكومية من ان السلطة الفلسطينية غير قادرة على أن تفرض إمرتها على حماس وهي عمليا تبحث معها في نوع من تقاسم الحكم يهتم فيه أبو مازن بالتعليم، بالصحة، والمجاري فيما تواصل حماس والجهاد الإسلامي التواجد كمنظمات مسلحة في القطاع دون مسؤولية عن مصير المواطنين. من ناحية إسرائيل، وضع كهذا يشبه الوضع السائد في لبنان بين الحكومة وبين حزب الله، ليس مقبولا. 

رغم الإنجازات العسكرية في القطاع، مثل تفكيك جيوش حماس والجهاد الإسلامي وحقيقة أن إسرائيل تحوز محورين استراتيجيين – نتساريم وفيلادلفيا فانه ليس لرئيس الوزراء وجهاز الامن الان خطة واضحة لكيفية تقويض الحكم المدني لحماس والذي هو احد اهداف الحرب الهامة. مطلوب ابداع ومرونة ليسا موجودين لدى الحكومة الحالية ونتنياهو الذي يترأسها، لاسباب سياسية وشخصية.

ردع ايران

هدف الحرب غير المعلن والذي لم يلقَ اقرارا رسميا من الكابنت هو ترميم الردع الاستراتيجي الإسرائيلي تجاه كل جهات محور المقاومة الشيعي بقيادة ايران. فالضربات التي وجهها الجيش الإسرائيلي لحزب الله وحماس رممت بقدر ما قسما هاما من الردع الذي فقدته في 7 أكتوبر. لكن ايران، “رأس الافعى” والمولد الذي يفعل كل طوق النار حول إسرائيل لا يزال غير مردود وغير ضعيف. هو أيضا تلقى الضربات منذ الان، والاثر المتراكم للدمار والخسائر التي تلقتها حماس وحزب الله مع فشل ضربات الصواريخ من ايران على إسرائيل أدت بالردع الإسرائيلي الاستراتيجي الى ميل ارتفاع حاد – لكن الهدف لا زال لم يتحقق. الكثير سيتعلق بالاثر الذي سيكون لضربة الرد الإسرائيلي على هجمة الصواريخ الإيرانية التي وقعت علينا في 1 أكتوبر.

عنصر هام في الردع الإسرائيلي وفي قدرتها على تحقيق اهداف الحرب هو منظومة العلاقات مع الولايات المتحدة والشرعية الدولة. لهذا السبب، فان السباق المتلاصق جدا في حملة الانتخابات الامريكية يلزم نتنياهو، الذي يقود وحده تقريبا الى جانب الوزير ديرمر العلاقات مع الولايات المتحدة بالتصرف بحذر أقصى. من جهة، يكاد نتنياهو لا يخفي أمله في فوز ترامب في الانتخابات، لكنه يفهم بان فرص هاريس في الجلوس في البيت الأبيض ليست اقل بكثير ولهذا فهو ملزم بان يحافظ على منظومة علاقات جيدة وسوية معها أيضا. هذا هو السبب الذي جعل إسرائيل كما أفادت “واشنطن بوست” تبلغ الولايات المتحدة بانها لا تعتزم ضرب منشآت النفط والنووي الإيراني في ضربتها للرد وهذا هو السبب الذي جعل إسرائيل، بناء على طلب الولايات المتحدة وفرنسا تقلل جدا الضربات الجوية على بيروت واساسا كي لا تمس بمواطنين أمريكيين.

السطر الأخير: لإسرائيل توجد استراتيجية ينفذها الجيش بنجاح ما، لكن الأساس لا يزال امامنا في الأشهر القادمة. يحتمل أن حتى نهاية السنة سنى نتائج، لكن هنا أيضا يجدر إضافة ملاحظة تحذير: الحكومة والائتلاف الحالي غير متوقعين وقد يظهرا كـ “كتلة مانعة” في وجه ترتيب يسمح لتحقيق اقصى لاهداف الحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى