ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: الثوار يشخصون فرصة

يديعوت احرونوت 1/12/2024، رون بن يشاي: الثوار يشخصون فرصة


من شبه المؤكد انه يوجد ارتباط وثيق بين الهجوم المفاجيء للثوار السوريين في سوريا على حلب وبين وقف النار في لبنان. فالثوار السُنة كانوا يسيطرون، بدعم من تركيا على محافظة ادلب في سوريا، بعد أن صدهم نظام الأسد بمساعدة الروس والإيرانيين من معظم أراضي الدولة. هناك نظموا أنفسهم، بقيادة ما كان ذات مرة “جبهة النصرة”، تجمعت كل جماعات الثوار السُنة في تنظيم واحد “هيئة تحرير الشام” – وواصلوا خوض الحرب. 

بدأت الانعطافة عندما شن نصرالله حرب استنزاف ضد إسرائيل في 8 أكتوبر 2023 وعندما هرعت ايران لمساعدته بخاصة في الأشهر الأخيرة. ولاجل منع المساعدة الإيرانية لحزب الله، علم أن الجيش الإسرائيلي هاجم في السنة الأخيرة 70 مرة في سوريا – ليس فقط معابر الحدود التي تمر عبرها المساعدات الى حزب الله بل وأيضا مخازن ومنشآت حزب الله في الدولة والميليشيات الشيعية السُنية التي ساعدت حزب الله. 

هذه الميليشيات هي التي ساعدت نظام الأسد، الى جانب رجال الحرس الثوري الإيراني في القتال ضد الثوار في ادلب. صحيح أن الروس يعتبرون السند الأساس لبشار الأسد ونظامه في حربهم ضد الثوار، لكن المساعدة القريبة التي يعطونها هي فقط جوية لا تكفي لصد الثوار ولا حتى لالحاق خسائر جسيمة بها. يحتاج النظام أيضا الى مناورة قوات برية للهجمات، وهذا ما يوفره له الحرس الثوري الإيراني، حزب الله والميليشيات الشيعية السورية التي يقودها حزب الله. وهذه كانت منشغلة في السنة الأخيرة بمساعدة حزب الله الذي في وضعه المتضرر اليوم غير قادر على أن يساعد الأسد الذي جيشه صغير وغير مجهز. 

الضربات المتكررة المنسوبة لسلاح الجو الإسرائيلي لهذه الميليشيات الشيعية وللحرس الثوري على الأراضي السورية هي التي خلقت على ما يبدو الخلفية والامكانية للثوار للتحرر من الضغط على الأرض وللانتظام لهجومهم المضاد الكبير، بعد أن صُدوا عن حرب قبل ثمانية سنوات في 2016.

ما أن اعلن وقف النار في لبنان حتى فهم الثوار السوريون على ما يبدو بان هذه هي اللحظة المناسبة للهجوم حين يكون حزب الله ووكلاء ايران الآخرون ورجال الحرس الثوري في سوريا في ذروة ضعفهم ويركزون على المساعدة للبنان. هذا الاعتبار تبين صحيحا وناجحا. 

صحيح أن سلاح الجو الروسي المرابط في مطار حميميم جنوب شرق اللاذقية ضر الثوار الذين تحركوا بسرعة نحو حلب بل وقتل نحو 200 منهم على حد قول الرئيس، لكن هذا لم يوقف السُنة المتزمتين الذين لا يزالون يحاولون اسقاط نظام الأسد والسيطرة في سوريا التي السُنة هم اغلبية السكان فيها.

معقول جدا الافتراض بان الثوار السوريين فعلوا هذا بالتشاور مع رجب طيب اردوغان، حاكم تركيا، الذي هو أيضا إسلامي سُني متزمت ورجاله يحتلون اقليما مجاورا لمحافظ ادلب يمر عبره التوريد للثوار، صحيح أن تركيا تحاول الوصول الى تسوية مصالحة مع نظام الأسد، لكن لدى اردوغان، الهدف البيبي يفوق اعتبارات الامن القومي التركي.

أجرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في نهاية الأسبوع مشاورات امنية استثنائية لتقدير آثار التطور المفاجيء لهجوم الثوار في شمال سوريا . يجدر بالذكر ان حلب هي المدينة الثانية في حجمها في سوريا، قد تكون اهم حتى من دمشق من ناحية اقتصادية ويوجد بجوارها المشاريع الكبرى للصناعات العسكرية السورية. 

يمكن القول انه في المدى القصير التأثيرات على امن إسرائيل ستكون إيجابية بالذات. فالاسد لن يسارع الى الصدام مع إسرائيل وهو ضعيف ويفقد السيطرة. كما أنه يعرف بان حزب الله لن يهرع الان لنجدته، واذا جلب الإيرانيون رجال الحرس الثوري والميليشيات لمساعدته، فمن شبه المؤكد ان إسرائيل ستقصفهم الى جانب رجال جيشه وهذا سيضعفه اكثر فأكثر. هو يريد الحفاظ على نظامه وتورطه مع إسرائيل قد يضعفه ويضعف جيشه بشكل خطير. لقد حذر نتنياهو الأسد بل وقال هذا صراحة في مقابلة الأسبوع الماضي مع القناة 14.

كما يوجد جانب روسيا. للروس مصلحة في الحفاظ على نظام الأسد كي تتمكن الشركات الروسية أخيرا من أن تكسب من اعمار سوريا بعد الحرب الاهلية. وطالما كان الثوار نشيطين، فان هذا الاعمار لن يبدأ وبالتالي فان لروسيا أيضا مصلحة الا يستفز الأسد إسرائيل. إضافة الى كل هذا، فان روسيا متورطة في أوكرانيا ولا يمكنها أن تساعد الأسد مثلما فعلت من 2015 حتى 2020. 

هكذا بحيث أنه في المدى القصير يمكن الافتراض بان الأسد سيحاول السير على حبل رفيع: من جهة يحتاج للايرانيين ولا يرغب في اغضابهم، لكن من جهة أخرى سيخاف ما من شأن سلاح الجو الإسرائيلي أن يفعل له ولجيشه. وبالتالي يبدو انه سيواصل السماح بعبور المساعدات لحزب الله لكن بكميات صغيرة وبالتنقيط، وبالتأكيد ليس بالحجوم التي كانت دوما. 

في المدى البعيد، ثمة مكان للقلق لان الثوار السُنة هم جهاديون خطيرون بقدر لا يقل عن الجهاديين الشيعة العاملين برعاية ايران. حماس مثلا، تنتمي الى الجناح السُني الذي هو الأغلبية في الإسلام. اذا اسقط هذا التنظيم والثوار السوريون الجهاديون الأسد وسيطروا على سوريا فستكون لها مشكلة غير صغيرة. 

حاليا على الأقل يبدو أن هجوم الثوار هذا يضعف ليس فقط الأسد بل وايران أيضا ويمس بحزب الله ولعله حتى يقرب إمكانية ان يعمل الأسد بجهد اكبر كي يجدد علاقاته مع الغرب ومع الدول العربية السنة المعتدلة – السعودية والامارات. لكن على إسرائيل أن تتابع وترى الا ينمو لنا وحش جهادي آخر، هذه المرة سُني على حدودنا الشمالية – الشرقية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى