يديعوت احرونوت: الاقدام على الأرض، والرأس في طهران
يديعوت احرونوت 1/10/2024، يوسي يهوشع: الاقدام على الأرض، والرأس في طهران
بينما توجد إسرائيل على مسافة خطوة من المناورة البرية في جنوب لبنان وحزب الله يوجد في نقطة درك أسفل لم يشهد لها مثيل في كل سنوات وجوده، يعود ويطرح السؤال كيف سيقررون في ايران الرد على سلسلة الضربات التي وقعت عليهم في الأسبوعين الأخيرين في الساعات المختلفة وعلى رأسها بالطبع تصفية عزيز نظام آيات الله في لبنان، حسن نصرالله.
حتى الان، اللغة التي صدرت عن طهران بثت رسالتين متضاربتين بعض الشيء: من جهة التزام بالوقوف الى جانب حزب الله والثأر على الاهانات من انتاج إسرائيل وبالمقابل انعدام الدافعية للانزلاق الى حرب إقليمية من شأنها أن تحدث نتائج بعيدة الأثر من ناحية نظام متطرف وليس محبوبا مثل ذاك الإيراني.
يحتمل ألا يكون الإيرانيون يعرفون حقا كيف يسووا بين الارادات المختلفة. معقول ان في طهران يخشون من تعريض البنى التحتية المدنية للخطر ما من شأنه أن يحصل اذا ما ضربوا لا سمح الله في إسرائيل منشآت استراتيجية. مهما يكن من أمر، فقبل أسبوعين وقعت مسيرة مشوقة: حزب الله تحول من ذخر إيراني في مشروع خنق إسرائيل الى عبء يحاولون الابتعاد عنه.
مع ذلك فان انقلاب الجرة في الثقة الذاتية لدى إسرائيل يصل مطارح إشكالية. صحيح أنه يوجد مجال للبحث في مسألة هي كانت مبالغة في تقدير قوة حزب الله لكن تماما لا يجب الاستخفاف بالقدرات وبالوسائل التي لا تزال متبقية لديه. حملة برية، في الجيش يدعون بانها واجبة الواقع ستشكل تحديا دراماتيكيا للقوات البرية التي ستصطدم بجيش مجرب في ساحته البيتية.
كما أنه في كل ما يتعلق بنار الصواريخ واطلاق المُسيرات توجد لحزب الله القوة بالحاق اضرار جدية.
في حزب الله تسود في هذه اللحظة فوضى حقيقية واحساس جنون الاضطهاد الأصعب منها جميعا: جنون الاضطهاد مبرر. يوجد فقدان تام للثقة بكل شيء – من الأجهزة وحتى البشر. في المنظمة يسألون أسئلة قاسية جدا وينتظرون التوجيه الإيراني. او بثلاث كلمات: لا وضوحا في بيروت.
ومع ذلك واضح تماما ان في مرحلة ما ستبلور المنظمة هيئة اركان جديدة بدلا من تلك التي صفيت وسينشأ جهاز جديد لاتخاذ القرارات يجتهد لان يتخذ وسائل تحفظ اكثر نجاحا. عندها قد يأتي أيضا الامر باطلاق رشقات ثقيلة.
وعليه، ففي الجيش الإسرائيلي يستغلون نافذة الفرص لمواصلة معالجة المستويات الوسطى في حزب الله: “رئيس منظومة الصواريخ الوسطى” الذي صفي مثلا، المسؤول عن الصواريخ التي تصل الى مدى 200 كيلو متر أي تغطية معظم الدولة بالنار. اخراج مثل هذا الضابط من المعادلة يمس اكثر بالمعرفة التنظيمية لحزب الله التي تعرضت لضربة شديدة مع تصفية قادة مثل علي كركي، إبراهيم عقيل وسيد محسن.
“البدائل لهؤلاء الأشخاص لا يوجدون بسهولة”، يقولون في الجيش الإسرائيلي. “ففي رؤوسهم كانت معركة كثيرة يفترض أن توضع تحت تصرف المنظمة عند الحرب. بالمقابل، فان كل أنواع الأفكار الخيالية التي تنطلق لدينا التي لم تستوعب بعد ثمن عدم الاكتراث والغرور، فيما يتعلق بالتفكيك المطلق لحزب الله لا تتوافق مع الواقع.
محافل رفيعة المستوى في شعبة الاستخبارات تذكر بان حزب الله هو ليس فقط نصرالله وعدة جنود آخرين. فهذه منظمة جهادية متجذرة وراسخة جدا في كل لبنان، اجتازت كل سنواتها في القتال بالسلاح الخفيف، نار القناصة والعبوات المعدة محلية. والتخفيض الدراماتيكي في مكانتها الإقليمية وان كان قاسيا ومفاجئا، لكن للمتزمتين المتدينين يوجد ميل للنهوض من الحطام، نفض الغبار والقتال بكل ما يتوفر حتى قطرة الدم الأخيرة.
وعليه فمن المهم ان نفهم بان الحرب ضد حزب الله ليس لعبة مبلغها الصفر: تصفية القدرات الاستراتيجية للمنظمة والتي وصلت حسب تقدير الاستخبارات لدرجة التهديد الوجودي، هي هدف هام جدا. غير أنه لاجل تحقيقه لا حاجة للمخاطرة بالمقاتلين حتى تصفية المخرب الأخير بل المناورة بشكل مركز، حاد وناجع.
هذا لن يكون عملا بنمط ثقافة يوم الاحد: فالمقاتلون الذين سيطأون هذه الأرض اللعينة من شأنهم أن يصطدموا بالعبوات، السيارات المفخخة وتهديد مضادات الدروع. لا شك انه ستدفع اثمان باهظة. لكن في الأسبوعين الاخيرين نتعلم ما الذي يقدر عليه الجيش الإسرائيلي في الحرب التي خطط لها بالذات.
هل هذا صحيح؟ مرغوب فيه الا نقفز الى الاستنتاجات: حزب الله ربما يتعرق مثل نائب الأمين العام في خطابه الفزع أمس، لكن مشكوك أن يكون هو والايرانيون قالوا الكلمة الأخيرة.
لهذا السبب أيضا تثور أهمية مناورة برية محدودة آخذة في الاقتراب وفقا لتقارير أمريكية وتلميحات إسرائيلية واضحة.
الإنجازات اعادت الحمرة الى وجنات رجال الاستخبارات الذين يظهرون كيف أن الاعداد والاستعداد لسنوات طويلة عمليات منذ حرب لبنان الثانية، نجحت في خلق مصادر مختلفة، متنوعة وحتى عاصفة بهدف الوصول بالضبط الى هذه اللحظة التي تفقد فيها منظمة شريرة كحزب الله الرأس، بكل معنى الكلمة. لكن هناك أيضا يعرفون لماذا نحتاج الى عملية برية لاجل إعادة السكان الى بيوتهم.
ان المعلومات الاستخبارية التي وفرتها الوحدات الخاصة التي أرسلت الى هناك، كما أفادت امس “وول ستريت جورنال” هي مجرد الاستعداد لاجل فهم حجم العملية اللازمة. باقي المهمة سيقوم بها المقاتلون الاخرون. “محظور تكرار أخطاء الجولات في غزة”، يقول مصدر في قيادة المنطقة الشمالية حيث يدفعون باتجاه الحملة البرية “هناك امتنعنا عن تدمير بنى تحتية لحماس خوفا من ادخال المقاتلين. وهكذا تركنا لمصيرهم سكان النقب الغربي”.