يديعوت احرونوت: الاستعدادات للهجوم في ايران والمعارضة الامريكية

يديعوت احرونوت 29/5/2025، رونين بيرغمن: الاستعدادات للهجوم في ايران والمعارضة الامريكية
كان يفترض ان تعقد في البيت الأبيض أمس بضعة لقاءات بين مسؤولين إسرائيليين ونظرائهم الأمريكيين. من الإسرائيليين رئيس الموساد دافيد برنياع المسؤول ايضا عن أجزاء واسعة من الحرب السرية مع ايران، وكان أيضا رئيس الفريق المفاوض فيما قيل أنه يحتمل أن يعود لينشغل أيضا بالمخطوفين. الى جانبه وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر الذي ينسق أيضا شؤون ايران عن نتنياهو ويترأس فريق المفاوضات لشؤون المخطوفين. كلاهما وصلا من روما حيث التقيا ستيف ويتكوف الوسيط الأمريكي الذي يوجد هناك في شؤون المفاوضات مع ايران، لكنه عاد من الشرق الأوسط بعد جولة هامة انشغل فيها بمواضيع المخطوفين، الذي يتبوأ المسؤولية عنهم أيضا.
كانت لمصادر مختلفة روايات مختلفة عما التقوا: هل عن الحوار النووي الذي تجريه الولايات المتحدة مع ايران، المعارضة الإسرائيلية العنيدة واستعداداتها للهجوم في ايران؟ ام ربما عن الضغط الذي تمارسه إسرائيل على المفاوضات من خلال التهديد بالهجوم ولهذا جاءت المرونة الإيرانية؟ ام ربما عن صفقة المخطوفين لاستيضاح العرض الأمريكي الأخير لمنحى ويتكوف صيغة 342 وربما، يحاولون كل هذا معا للوصول الى حل شامل.
في هذه الاثناء، لم تسجل اختراقات، وعلى الأقل لم تسجل في توافق إسرائيل والولايات المتحدة. في هذين الموضوعين الحرجين واضح للجميع بان الادعاء بانهم لا يأبهون بإسرائيل هو ادعاء مبالغ فيه على الأقل. فلا صفقة مخطوفين أو انهاء الحرب أو انسحاب من غزة بدون إسرائيل. واذا قررت إسرائيل فانه يمكنها أن تشوش كل صفقة أمريكية مع ايران. في هجوم مباشر، بهجمات خفية واعمال خاصة ومثلما يعرف الامريكيون الان، حتى بتهديدات مبطنة.
كلمة إسرائيل، يمكن أن تستبدل بنتنياهو. او بكلمات مصدر أمني كبير على اتصال مع المستوى السياسي: “في وضع حكم الفرد الناشيء لا يوجد في الحكومة توازنات وكوابح يمكنها ان تشكل راشد مسؤول او على الأقل توازن لقوة نتنياهو، وهو أمر سليم في كل حكومة وفي كل ديمقراطية. هذا هو الكابنت الأول منذ الازل الذي لا يوجد فيه أي شخص ذي ماض عسكري او امني طويل يعرف كيف يساهم بتجربته في النظرة الواعية لخريطة المعركة في غزة ويعرف أيضا كيف يقدر على نحو صحيح خريطة المخاطر والاحتمالات بالنسبة لهجوم محتمل في ايران”.
لقد حيد نتنياهو قسما كبيرا من خصومه واستبدلهم بالموالين والطائعين له. ويقول مصدر قانوني رفيع المستوى ان “ما فعله بن غفير للشرطة، يحاول نتنياهو فعله بكل الدولة”. باستثناء العليا والمستشارة لا يوجد اليوم في إسرائيل من يتحدى حكم الفرد لنتنياهو. لكن في مواضيع كالهجوم في ا يران، صفقة مخطوفين أو مواصلة المناورة ليس لهما دور. في هذه الوضعية، عمليا، نتنياهو هو المقرر الحصري بمصير المخطوفين والحرب. ولأنه قرر أغلب الظن منذ زمن بعيد عدم القرار في هذه اللحظة بل المواصلة الى الامام، فان القدرة على تغيير شيء ما، القدرة على انقاذ مخطوفين هي في يدي ترامب. فهل سيمارس على نتنياهو ما يكفي من الضغط ويجبره على أن يوافق على صفقة ووقف نار؟ نتنياهو بقوته وبارادته لن يفعل هذا. المبعوث ويتكوف قال لمقربيه ان برأيه وبرأي ترامب على الحرب ان تنتهي، لكنه لم يتلقَ من الرئيس حاليا على الأقل (وقال هذا قبل نحو ثلاثة أسابيع)، الأوامر المناسبة كي يمارس على نتنياهو ضغطا في الموضوع.
بالنسبة لإيران الوضع اكثر تعقيدا، ليس فقط لان نتنياهو يبقي الأوراق قريبا من صدره حين كان في طريق العودة الى إسرائيل من اللقاء العاجل في البيت الأبيض في نيسان، قال نتنياهو انه سيوافق على اتفاق مع ايران لكن فقط اذا كان هذا على “النموذج الليبي”. أي التفكيك الكامل لكل منظومة التخصيب الإيرانية. في طهران اعلنوا منذ زمن بعيد ان هذا غير وارد ونتنياهو يعرف بيقين أنه سيكون من الصعب جدا اخضاعهم. وبالتالي فان نتنياهو وأبواقه يكررون انه باستثناء مثل هذا الاتفاق، على النمط الليبي، فان إسرائيل ستهاجم وتدمر المشروع النووي الإيراني.
إذن ما الذي يريده نتنياهو حقا؟ في الوقت الذي تحاول فيه إدارة ترامب إدارة مفاوضات على اتفاق نووي مع ايران فان نتنياهو يهدد بتفجير المحادثات من خلال هجوم على منشآت التخصيب الأساسية لإيران. وامس بلغت “نيويورك تايمز” عن مكالمة هاتفية متوترة واحدة على الأقل بين ترامب ونتنياهو وعن سلسلة لقاءات في الآونة الأخيرة بين مسؤولي الإدارة ومسؤولين إسرائيليين. مكتب نتنياهو عقب بان هذه “انباء ملفقة” لاجل اختطاف تأكيد ترامب قبل بضع ساعات من ذلك حين اعترف بصوته بانه قال لنتنياهو الا يهاجم في ايران في هذا الوقت بينما تجرى معها اتصالات لاتفاق نووي جديد.
نتنياهو كفيل بان يدعي بان هشاشة ايران لن تستمر لزمن طويل، والتوقيت مناسب للهجوم. بالمقابل، يعتقد ترامب بان ضعف ايران هو لحظة كاملة الاوصاف لمفاوضات على انهاء برنامج التخصيب الإيراني، باسناد من تهديد بعملية عسكرية اذا ما فشلت المحادثات. وقال مصدر إسرائيلي انه “حين يكون ترامب هو الجهة المتفكرة، الراشد المسؤول الذي يحتاج لان يهديء الاخرين ويتطلع على الحل الدبلوماسي، فانك تفهم كم هو الوضع معطل”.
بالتوازي كثرت الانباء في واشنطن بان الولايات المتحدة وايران تعتزمان التوقيع على اتفاق مرحلي، لا يقول شيئا غير انهما اتفقتا على ان تتفقا. واضح للجميع انه يستهدف إسرائيل بخلق وضعية مفاوضات متواصلة للتصعيب على نتنياهو تبرير هجوم قبل أن تكون نتائج للاتصالات.
وفي واشنطن يقولون ان نتنياهو نفد صبره. مزيد من الخطوط تلتقي في المعركة. تهديد الحريديم بالانسحاب من الحكومة، سياقات مختلفة من التطهير في قيادة منظومات انفاذ القانون، الاستخبارات، الجيش والقضاء، الاستجواب المضاد في المحكمة، مواضيع حالة الطقس (بتأثيرها على قدرات الطائرات على الهجوم)، اعتزال قائد القيادة المركزية “كوريلا”، المخطوفين، المعركة في غزة، وغيرها. في المرة السابقة التي وقعت فيها الولايات المتحدة على اتفاق مرحلي استغرقها سنتين الى ان توصلت الى الاتفاق النهائي. ويقول المصدر الأمريكي انه “في الوتيرة الحالية وبارادات نتيناىهو لست واثقا انه سينتظر شهرين”.
من ناحية الولايات المتحدة، السطر الأخير هو ان إسرائيل واصلت استعداداتها لهجوم في ايران حتى بعد أن قال ترامب لنتنياهو في اللقاء انه يعارض الهجوم. في الادارة يوجد غضب متزايد على إسرائيل، دون صلة بمسألة هل إسرائيل ستهاجم في نهاية الامر. مجرد الاستعدادات برأي المحافل الامريكية، يرفع التوتر في المنطقة ويمس بالمفاوضات.
وبالفعل، امر نتنياهو الجيش وسلاح الجو بالاستعداد لهجوم إسرائيلي فقط، حتى بدون الولايات المتحدة. هناك من يعتقد أن لإسرائيل فرصة تاريخية محظور تفويتها. وحسب المنشورات، في الوقت الذي انقضى يواصل الجيش الإسرائيلي استعداداته للهجوم الذي في البداية تقرر في أيار. في “نيويورك تايمز” نشر أمس بانه بتقدير الاستخبارات الامريكية فان القوات الإسرائيلية توجد في حالة تأهب عالية بحيث يمكن الامر بالهجوم باخطار 7 ساعات. لكن حتى للاسرائيليين الضالعين في الموضوع وكذا للامريكيين، ليس واضحا هل هذه استعدادات هدفها ممارسة الضغط على المفاوضات، الإبقاء على الاستعدادات لهجوم فوري في حالة فشل المفاوضات ام استعدادات للهجوم في كل الأحوال.
وكل هذه الأمور تأتي على خلفية الاحتكاك المتزايد مع الولايات المتحدة في سلسلة مواضيع تتعلق بالمخطوفين بالحرب في غزة. في إسرائيل مقتنعون بان الإدارة سربت القصة لـ سي.ان.ان” كي تحبط الهجوم، هذه مناورة سبق أن تمت بضع مرات في العلاقات المعقدة بين الدولتين.
تخشى مصادر إسرائيلية من أن يكون ترامب متحمسا الان لاتفاق خاص به لدرجة أن يسمح لإيران بحيازة منشآتها لتخصيب اليورانيوم. من جهة أخرى، كثيرون واثقون من أنه حتى لو هاجمت إسرائيل بدون إذن امريكي وبدون تنسيق ومساعدة، فانه اذا ما ردت ايران الهجوم بقوة – فان الولايات المتحدة في كل ا لاحوال سـتأتي لحمايتها. لكن اذا كانت هذه الحماية مطلوبة فليس مؤكدا ان تكفي المساعدة الامريكية. فقد تبقى للايرانيين بعد جولة القتال مع اسرئيل نحو الفي صاروخ باليستي. وعدد مضاعف من الحوامات والصواريخ الجوالة. معقول الافتراض بانه بعد هجوم إسرائيلي فان الرشقة الإيراني ستكون اقل انتقائية وستضرب مناطق مأهولة. ليس مؤكدا أنه يوجد لإسرائيل ما يكفي من البطاريات ومن صواريخ الاعتراض كي تصد رشقات كهذه.