ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: إسرائيل حبيسة عقدة اوهام أيديولوجية “ضارة”

يديعوت احرونوت 23/11/2025، د. ميخائيل ميلشتاين: إسرائيل حبيسة عقدة اوهام أيديولوجية “ضارة” 

لو تشكلت في إسرائيل لجنة تحقيق رسمية لفحص اخفاق 7 أكتوبر لكان من المحتمل بعد تحليل جذور المفهوم الذي أدى الى الفشل كانت اللجنة ستتوجه الى فحص الإخفاقات التي ولدت في اثناء الحرب. يحتمل ان تكون اللجنة تتوصل الى البحث في مسألة كيف انتهت الحرب، وتظهر صورة مركبة يتوجب على الإسرائيليين ان يعرفوها: المواجهة لم تنتهي بعد حسم العدو أو في اعقاب قرار شجاع من إسرائيل بل كنتيجة لضغط خارجي نبع من إحساس امريكي بان إسرائيل التي تواصل حربا عديمة الاتجاه تخرج عن توازنها الاستراتيجي وتبدأ بالحاق الضرر بنفسها بل وتمس بمصالح واشنطن.

الإخفاقات التي لا تعالج تميل لتكرار نفسها، والامر تجسد بالملموس الأسبوع الماضي في التصويت في مجلس الامن للأمم المتحدة على خطة ترامب حول اليوم التالي في غزة (وفي واقع الامر مصادرة المسؤولية عن تصميم المنطقة من ايدي إسرائيل)، الى جانب ذكر هامشي نسبيا للحاجة الى “شق الطريق لدولة فلسطينية”. الموضوعان، وبخاصة الدولة الفلسطينية، يقفان في تضارب مع مصالح الحكومة الحالية، وفرضا عليها لانها لا تعرض أي مبادرات قابلة للتحقق، عالقة في الخيالات، تستخف باصطلاح استراتيجية وتفضل الاعتماد على استخدام القوة.

لما كان تجذر عندنا العُرف بعدم الانشغال بالاخفاقات فما بالك الاعتراف بالاخطاء أو اخذ المسؤولية عن الأخطاء، فان النهج السائد هو تغطية الفجوات والاخفاقات من خلال ابتكارات وخيالات. في هذا الاطار يشرح لنا بان الفشل هو في واقع الامر نجاح، ويروج لحملات مكثفة من التهدئة لا تفعل سوى اشعال القلق في ضوء التساؤل اذا كان أصحاب القرار يحللون الواقع بشكل واع ويتخذون الأدوات الصحيحة لمعالجة المشاكل.

هكذا، منذ الأسبوع الماضي صعدت في الخطاب الإسرائيلي أصوات تدعي بان قرار الأمم المتحدة في واقع الامر يبعد تحقق دولة فلسطينية (؟!)، وان صفقة الـ F35 التي وقعت بين الولايات المتحدة والسعودية – في ظل نصب تحد للتفوق الجوي الإسرائيلي ودون أن تكون الرياض مطالبة بان تلطف حدة شرطها للتطبيع مع إسرائيل (بحث في دولة فلسطينية) مقابل صفقة السلاح وحلف استراتيجي مع واشنطن – ليست خطيرة كونها ستتم بعد زمن طويل والطائرات التي ستزود للسعوديين ليست جيدة كتلك التي لدى سلاح الجو.

أولئك المهدئون الوطنيون شرحوا مؤخرا فقط بان الهجوم في قطر، الذي وصفوه بـ “النجاح” – مس بالمكانة الإقليمية والدولية للدوحة (التي تعززت فقط)، وبعد ان شاهدوا توقيع اتفاق استراتيجي بينها وبين الولايات المتحدة سارعوا للتهدئة بان “هذا ليس عقدا ملزما”. بالمناسبة لا يشعرون بانعدام الراحة أيضا في مواصلة تعريف الإخفاقات الواضحة مثل GHF كنجاح يجب توسيعه، وكما ذكر آنفا بالنسبة لتنمية الميليشيات في القطاع.

القاسم المشترك في كل الاحداث هو انعدام القدرة على أن نروي لانفسنا الحقيقة بالنسبة للاخفاقات، لكن أيضا الاعتراف بحقيقة أن الاسرة الدولية – التي ينضم اليها بالتدريج ترامب رغم ان الكثيرين في إسرائيل يواصلون التمسك بالمفهوم الذي يقول انه سيكون الى جانب إسرائيل في كل خطوة تتخذها – يئست من فهم ما هي سياسة إسرائيل وتبدأ بالاشتباه بانها حبيسة عقدة اعتبارات سياسية حزبية واوهام أيديولوجية ضارة.

في أعقاب ذلك يتوصل الكثيرون في العالم الى الاستنتاج بانه يستوجب ان يصار بدلا من إسرائيل الى تصميم الواقع في الساحة الفلسطينية ومن فوق رأسها: بدء بالمبادرة السعودية الفرنسية للاعتراف بدولة فلسطينية (التي ذكرت في خطة ترامب)، وانتهاء بالخطوات الامريكية في السياق الفلسطيني الذي يروج له منذ نهاية الحرب.

ان اعمال الشغب المتزايدة في الضفة تشدد فقط الصورة إياها لدولة خرجت عن توازنها الاستراتيجي في العالم – وعلى رأسه العالم العربي – واعون لان المسؤولين في الحكومة وان كانوا نددوا باعمال الشغب، لكن في نفس الوقت ينتبهون الى أن حجم الظاهرة يتسع ومظاهرها تتطرف وان انفاذ القانون ليس مصمما على الاطلاق وانه يوجد مسؤولون آخرون في الحكومة وفي الائتلاف لا يتطرقون للاحداث القاسية ويواصلون الشرح علنا بان هدفها هو تغيير تام للواقع بين البحر والنهر، بما في ذلك اسقاط السلطة وإقامة دولة واحدة.

 ان التكرار المهووس باخطاء واوهام يجسد كم هو حيوي التشكيل الفوري للجنة تحقيق رسمية (التأخير في هذا السياق جبى ويواصل جباية ثمن باهظ)، وكم هو هام ان تكون بريئة من التحيزات السياسية والأيديولوجية التي تمنع تشخيصا دقيقا لجذور الفشل. يدور الحديث عن مصلحة حيوية لعموم المواطنين دون صلة بفكرهم، لغرض اصلاح جماعي وصياغة صحيحة لاهداف المستقبل.

بالمناسبة لا مانع في ان تذهب اللجنة بالفعل “الى الوراء في الزمن” كما يطالب مسؤولون كبار في الائتلاف. فتحليل تاريخي واع وجدي كفيل بان يثبت بان إسرائيل لا يمكنها ان تتجاهل او تتهرب من الموضوع الفلسطيني مثلما تفعل الحكومة الحالية بثبات، وبدلا من ذلك الايمان بان الزمن يلعب في صالحنا وانه يمكن إدارة النزاع وانه يتشكل “عصر معجزة” يسمح بهندسة الواقع من خلال تشجيع الهجرة الى جانب الاستيطان والضم في كل مكان نشأ.

كل من يفعل هذا نهايته ان ينهار الواقع على رأسه مثلما حصل في 7 أكتوبر، وقبل ذلك في الانتفاضة الأولى. ان السبيل لمنع تكرار مثل هذه الصدمة منوط بقدر كبير لتحقيق جدي لاخفاق الماضي واستيعاب دروسه.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى