يديعوت احرونوت: إسرائيل تخوض حربا اختيارية في ظل انعدام يقين استراتيجي تام
يديعوت احرونوت 9/8/2024، ناحوم برنياع: إسرائيل تخوض حربا اختيارية في ظل انعدام يقين استراتيجي تام
“نحن نقف الان امام مفترق T”، يقول مصدر أمني. “توجد امامنا امكانيتان: إما تسوية في غزة، صفقة مخطوفين وتوجيه المقدرات لإيران وللشمال، او حرب إقليمية. نتنياهو يجرنا الى حرب إقليمية”.
اعتقد انك مخطيء، قلت. صحيح، نحن نقف امام مفترق T، لكن من بين الامكانيتين نتنياهو يختار الثالثة: الاستيطان في المفترق. التمترس هناك على أمل ان أحدا ما او شيئا ما يطل ويحل المشكلة. هو مسيح من نوع جديد – ليس مسيحيا يأتي بمعجزة بل مسيح يعول على معجزات الاخرين.
الكلمتان الأكثر عجزا في كل تحليل سياسي هما “غير مسبوق”: في الفي سنة منفى، 127 سنة صهيونية و 76 سنة دولة جمعنا مخزونا هائلا من السوابق التاريخية، الجيدة والسيئة، الوفيرة لكل مستخدم. على الرغم من ذلك، من الصعب أن نجد سابقة لفترة الانتظار الحالية. فهل هي تذكر بثلاثة أسابيع الانتظار قبل حرب الأيام الستة؟ ليس تماما. لعله يوجد وجه شبه في حجوم القلق لدى الجمهور والنقد السياسي على رئيس الوزراء. في حينه مثلما هو اليوم الدافع في أوساط القوات المقاتلة كان عاليا، رغم المصاعب.
لكن الترقب في حينه كان لقرار حكومة إسرائيل، وليس لقرارات رئيس منظمة إرهاب لبنانية وآية الله إيراني، والتضامن مع إسرائيل في الغرب وفي العالم اليهودي كان كاملا. الجيش الإسرائيلي كان الجهة التي دفعت الى الحرب؛ اما اليوم فقيادة الجيش تفضل طريق التسوية.
حرب الأيام الستة كانت حرب اللامفر: التهديد الذي شكلته مصر، سوريا والأردن على مجرد وجود الدولة كان واضحا وفوريا؛ اما حرب غزة فقد بدأت كحرب لا مفر، وليدة مذبحة وحشية، وتطورت الى حرب مفر متواصلة، دامية في الجنوب، دامية في الشمال. معظم الإسرائيليين يعيشون في إحساس اننا نخوض حرب لا مفر: 7 أكتوبر لا تزال معنا. هذا خطأ: السابقة التي على عتبتنا هي 18 سنة الفشل الإسرائيلي في لبنان، وليس حرب الأيام الستة.
المقارنة لا تستوي أيضا بالنسبة لرئيسي الوزراء في حينه واليوم. ليفي اشكول كان رجلا عمليا، متوازنا، شكاكا بطبيعته. حنه زيمر، المحررة الأسطورية لصحيفة “دافار” سألته ذات مرة لماذا يتعذب بهذا القدر – فلكل عملة وجهان. اشكول رفع نظارته سميكة العدسات وقال، “لكني أرى ثلاثة”. كاريزما لم تكن له؛ لكن حصل بالمقابل على حكمة، مزاج صلب وقدرة للعمل مع خصوم سياسيين. اما نتنياهو فلديه ما ليس لدى اشكول وليس لديه ما كان له.
في الجيش يشتكون من أن المستوى السياسي، أي رئيس الوزراء، يخلد وضع “عدم الوضوح الاستراتيجي”. بكلمات أقل عسكرية يدور الحديث عن قرارات تتخذ من يوم الى يوم، دون أن يوضع فوقها هدف ينبغي السعي اليه، وبدون حوار حقيقي بين أصحاب القرار. فاذا كنت لا تعرف الى اين تسير، قال هنري كيسنجر، فان كل طريق تختاره تؤدي بك الى اللامكان. الإحباط لا ينبع من فكر يميني او يساري. من ناحية الجيش فان أمرا ما هو الاستعداد لاتفاق في الجنوب ينقل وزن القرارات شمالا وشرقا؛ وأمر آخر هو الاستعداد لاتفاق انساني معناه وقف نار مؤقت؛ امر ثالث هو الاستعداد لخطوة تعيدنا الى الوضع القائم هذه اللحظة، استمرار الاستنزاف المتبادل في الشمال؛ امر رابع هو الاستعداد لحرب إقليمية حيال ايران. مقدرات الجيش محدودة: هو بحاجة الى منحى، الى طريق. هو يتطلع الى رئيس الوزراء ويتلقى شعارات عليلة، كاذبة مثل “نصر مطلق”.
ايران هي دولة حافة نووية. السؤال هو هل لا يزال ممكنا تصفية منشآتها النووية، ام مثل كوريا الشمالية حققت لنفسها شهادة مناعة نووية، مفتوح للجدال. طوق النار الذي خلقته ايران حول إسرائيل هو تهديد إضافي. التهديدان واجبا علاجا جديا، تدخلا أمريكيا وتفاهما مع دول في المنطقة. وهما لن يختفيا بواسطة احباطات مركزة.
على هذه الخلفية بذلت في الآونة الأخيرة جهود عظمى لاقناع الإيرانيين بانه لم يحصل أي شيء فظيع. تصفية هنية في طهران لم تكن شاذة – كانت تصفيات على الأراضي الإيرانية في الماضي. وقد تمت بالاساليب ذاتها في هذا الحد او ذاك. إسرائيل لم تأخذ المسؤولية، والنظام الإيراني عرف كيف يحتوي. تصفية هنية حتى اسهل على الاحتواء – هنية كان فلسطينيا، شخصية اجنبية، وحساب إسرائيل معه لا يتعلق ظاهرا بحساب ايران مع إسرائيل.
ديوان رئيس الوزراء تباهى في الشبكة بتصفية هنية وفور ذلك شطب النشر. مثلما هو الحال دوما، كان غبي مناوب ضغط على الزر غير الصحيح في لوحة مفاتيح الحاسوب. لكن التوتر بين الحاجة الى تهدئة ايران وبين الاغراء لاشعال حماسة القاعدة لم تختفي. “جويش كرونيكل” هي مجلة أسبوعية تنشر في الجالية اليهودية في بريطانيا. يوجد لها نحو 20 الف مشترك. من كل وسائل الاعلام في العالم هي التي تم اختيارها لكشف التفاصيل السرية لعملية التصفية، المنسوبة لإسرائيل. فقد روت أين زرعت القنبلة، ماذا كان وزنها. من كان العميلين اللذين زرعاها. كيف تابعهما رجال الموساد (من قمة الأشجار بلباس اخضر). كم من المال حصلا عليه وكيف هُربا سرا الى دولة شمال أوروبية. المجلة عرفت حتى عن دور وحدة 8200 في العملية. سبق صحفي هائل.
مع نهاية الأسبوع كان يخيل ان الجهد يعطي ثماره. الخليط بين ضغط دول غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، الزمن الذي انقضى والظروف المخففة أخرجت من ناطقين إيرانيين تصريحات اقل حماس. “ايران هي دكتاتورية”، قال لي مصدر امني. “على الرغم من ذلك، معقول الافتراض بانه يوجد في الحكومة هناك جدال على مدى الرد، وربما حتى على مجرد الرد”.
إسرائيل هي دكتاتورية، قلت له. على الرغم من ذلك، لا يوجد في حكومتنا جدال على مدى الرد وربما ليس حتى على مجرد الفعل. انعدام يقين استراتيجي.
فسخر.