ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: ألعاب الجوع

يديعوت احرونوت – نداف ايال – 25/7/2025 ألعاب الجوع

يوم الأربعاء حسم الامر لدى المستوى السياسي. في العالم بثوا صورا لموتى من الجوع في غزة. رضع تبرز عظامهم من جلدهم. المحادثات للجيش الإسرائيلي ولوزارة الدفاع أصبحت مضغوطة. مصدر واحد قال لي: “هستيرية”. “ادخلوا كل شي، كل شيء بدون حدود، قال مندوبو الحكومة للضباط، “شاحنات بدون قيد. ارفعوا الحواجز. وماذا عن الخطة الا تصل المساعدات الى حماس؟ لا تعنينا في هذه اللحظة”.

حتى قبل أسبوع وبخوا وشهروا برجال منسق اعمال الحكومة في المناطق بان المساعدات تصل الى حماس. اما الان فيحثوهم – لماذا لا يوجد ما يكفي من المساعدات في القطاع. حادو السمع كان يمكنهم أن يسمعوا بداية تبادل الاتهامات. الحكومة، ارادت فقط ان تنقل اكبر قدر ممكن من الغذاء للفلسطينيين. انه هو جهاز الامن الذي ضللها. لا يوجد جوع، لكن اذا كان يوجد فهذا ليس بذنب الوزراء ورئيس الوزراء. هم لم يعرفوا. انها الإجراءات، عقيدة القتال للحكومة وللجيش منذ 7 أكتوبر. 

في إسرائيل يعودون ويدعون بانه توجد حملة دعائية من حماس وان هذه ترتبط بالمفاوضات للصفقة. هذا قول دقيق وهو يستند الى معلومات استخبارية صلبة. لكن توجد فقط مشكلة واحدة: هذه الحملة تجرى منذ بداية الحرب. فلماذا تبرز الان؟ لماذا تنشر صحيفة صفراء يمينية مثل “ديلي اكسبرس” البريطانية، التي ليست بالضبط محبة لفلسطين، صورة رضيع مجوع على غلافها؟ الجواب بسيط: لان الواقع يملي هذا. لانه توجد حقائق. ويوجد جوعى في قطاع غزة. 

لقد كانت الخطيئة الأولى هي القرار بوقف كل المساعدات الى قطاع غزة في شهر اذار، ومواصلة ذلك حتى أيار. الحكومة تفاخرت بهذا القرار. سموتريتش كتب على التويتر بان هذه “خطوة هامة في الاتجاه الصحيح. مدخل لبوابات الجحيم”. حماس بالفعل فقد مصدر دخل، لكن أسعار الدقيق والغذاء في القطاع بدأت تعربد. طلب وعرض. ليس الفلسطينيون فقط بدأوا يدفعون الاف في المئة اكثر لقاء كيلو من الطحين (مقارنة بشباط 2025). بل بدأوا يخزنون أيضا – إذ ان أحدا لا يعرف متى سيستأنف التموين، اذا كان سيستأنف على الاطلاق. بالتوازي، سيطر الجيش الإسرائيلي على مناطق جديدة في القطاع. الفوضى العامة تعاظمت؛ سكان خانيونس، المدينة الثانية في حجمها في القطاع، حشرت في منطقة المواصي. توجد أماكن في غزة دفع فيها هذا الأسبوع اكثر بكثير من 100 شيكل لكيلو الطحين. توجد أماكن أخرى السعر فيها معقول. في منطقة الحرب، وبعامة، اسعار مبالغ فيها للغذاء تؤدي الى الجوع. اول من يتضرر من مثل هذا الجوع هم المرضى، الرضع، الذين يحتاجون الى تغذية خاصة، العجز، عائلاتهم. بعدهم، يبدأ السقوط. 

الخطيئة الثانية كانت صندوق غزة الانساني. منظمة إغاثة، مشروع لحكومة إسرائيل، كان يفترض أن يقلل من شدة سيطرة حماس على المجتمع الفلسطيني. وقد احتفل به هنا بأغلبية شعبية. التحذيرات السابقة ليوآف غالنت، بيني غانتس، جادي آيزنكوت، هرتسي هليفي – وكلهم رجال امن مجربون في غزة – ردت. تحذيرات المنظمات الإنسانية من أن المساعدات يجب ان تصل الى السكان، وليس السكان الى المساعدات، الغيت باحتقار. الإسرائيليون عرفوا كل شيء. “مراكز التوزيع العاجل” أصبحت مراكز سلب سريع. إسرائيل خلقت طلبا هائلا وانعدام أمن غذائي بوقف المساعدات في اذار، وعندها فتحت نقاط التوزيع. من يصل اليها هم شباب يمكنهم كيفما اتفق ان يحملوا المؤن ويأتون تحت خطر الموت كنتيجة للنار من بعيد للجيش الإسرائيلي. بعضهم يتزودون من اجل عائلاتهم، وكثيرون يمكنهم ان يعودوا مرة ثانية وثالثة ورابعة في الأسبوع، لاخذ الغذاء وغيره. اما حماس فوجدت السبيل للسيطرة على قسم من هذه المساعدات. بالتوازي، فشل أخلاقي مدوٍ: أناس دعتهم إسرائيل للمجيء لاخذ الغذاء لا يعودون على قيد الحياة. وهذا لم يحصل مرة، او مرتين. باختصار، صندوق غزة الإنساني كان يفترض ان يعطي حلا إنسانيا؛ اما في هذه اللحظة فهو يلوح كفشل انساني وكارثة إعلامية. أو العكس.

حيال هذه الإخفاقات، طلبت إسرائيل ان تعود الأمم المتحدة لتوزيع الغذاء في القطاع. الطلب الهائل يتسبب في أن تسلب شاحناتها في خط التماس الأول. الغذاء ببساطة لا يتسلل بما يكفي من العمق الى مراكز السكان. الكثير مما يوزع يباع، وهذا يجسد حجم الفشل. دافعو الضرائب في إسرائيل يمولون الان نصف غذاء قطاع غزة تقريبا، على أساس يومي. النصف الثاني يـأتي من منظمات الإغاثة. كل شيء يدخل مجانا لكنه يباع. بسبب حماس. بسبب السماسرة. بسبب خطر الموت في الطريق الى الغذاء. بسبب الفوضى.

حكومة نتنياهو يمكنها أن تكتب كتابا: هكذا وقعنا في فخ حماس. الحكومة سيطرت على المساعدات الإنسانية – وحتى ليس عليها كلها – والان تعتبر كالمسؤولة الوحيدة عما يجري في القطاع. حماس تتشجع من الاهتمام العالمي بالمعاناة الفلسطينية، من القتلى والجرحى للجيش الإسرائيلي في القطاع. هذه المنظمة هي آكلة موت حقيقية، وتستمد متعة عظيمة من معاناة أبناء شعبها. لقد سمحت لها إسرائيل بهذا النجاح: منظمة فتحت حربا بمشروع تجريبي لابادة شعب في حدود إسرائيل أدت بإسرائيل الى الابتعاد عن قيمها، الى تراجع تاريخي في مكانتها في الولايات المتحدة، كل الطريق الى صور الغلاف لرضع مجوعين في غزة واجماع واسع في العالم بانها ترتكب جرائم حرب و/او جرائم ضد الإنسانية. في ضوء هذا النجاح سهل أن نفهم المفاوضات المتصلبة التي تجريها حماس في الدوحة.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى