يديعوت احرونوت: أعداء من الداخل
يديعوت احرونوت 26/11/2024، سيفر بلوتسكر: أعداء من الداخل
ما الذي دفع رئيس الوزراء نتنياهو لان يلقي خطاب “الجبهة الثامنة” في منتهى السبت، والذي اتهم فيه قادة جهاز الامن بكونهم يخدمون العدو وطابور خامس لحماس ولحزب الله؟ “جبهة ثامنة”، على حد قول نتنياهو، هم المسؤولون المجهولون في قيادة الشباك، الجيش واجسام أمنية أخرى “تمس عن قصد بأمن الدولة”، “تمس بالجهد الحربي الذي اقوده”، الذين ينقلون الى الاعلام، أي الى العدو “معلومات استراتيجية سرية للغاية” وكل هذا بنية “خدمة رواية الاستسلام للعدو”.
اقوال نتنياهو اخطر باضعاف من اقوال التحريض منفلت العقال ضد “عدو من الداخل” – الديمقراطيين الليبراليين في سلطات انفاذ القانون، في الأجهزة السرية وفي قيادة الجيش – التي اطلقها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في الاجتماعات الانتخابية. استمعت لوابل تهجماته وهو محوط بجمهور المعجبين الاعمى والصارخ، المليء بالإحباط والغضب، فاقشعر بدني. لم أُقدر ان بعد اقل من شهر سيطلق رئيس وزرائي ببث للامة الاتهامات الرهيبة إياها بالخيانة “من الداخل” بطعن ظهر الامة الإسرائيلية المقاتلة.
ترامب أراد أن ينتصر في الانتخابات أساسا كي يخلص نفسه من المحاكمات ضده، والتي كان سيدان فيها بمواد جسيمة مثل التحريض على التمرض وانتهاك الدستور. وهو لم يمتنع عن استخدام أي وسيلة كي يحقق هدفه، بما في ذلك الاستخدام المتواتر للديماغوجيا المتطرفة. نتنياهو أيضا يشعر بحبل المحاكمة يقترب من رقبته ويفهم بان فقط بقوة كونه رئيس وزراء هو كفيل بان يتهرب مؤقتا من قرار محكمة نهائي وتام بعده ينتظره، ربما، حبس غير قصير.
في دائرة ضيقة من مقربيه يسمح لنفسه ان يقدر بان انتخابات للكنيست ستجرى بعد شهرين – ثلاثة اشهر من وقف نار في الشمال وفي الجنوب. وهذه، كما يخشى، سيفسرها الناخبون بعامة وقاعدة مؤيديه بخاصة كانبطاح بل وحتى كاستسلام. فقد وعدنا جميعا بإعادة إسرائيل الى حدود امبراطورية 1983 – 1984 من الليطاني حتى فيلادلفيا.
وهذا لن يحصل. بيبي يعرف هذا، لكن ليس له الشجاعة المدنية والسياسية لان يبشر بذلك عنا. النقد على “الانبطاح”، “العجز” و “الانهزامية” لحكومته في المفاوضات مع حزب الله لم يعد محصورا بسكان الشمال المقصوف، بن غفير وسموتريتش. فهو يتلقى اسنادا قويا من أحزاب المعارضة (المعسكر الرسمي وإسرائيل بيتنا)، ينتشر في الجمهور الغفير ويقلق نتنياهو جدا جدا.
وعليه، كلاعب سياسي مجرب يرى الوليد، شرع بحملة انتخابات. خطاباته خطابات دعاية في الميادين: خليط من التضليل وإلقاء المسؤولية على عاتق الاخرين. هذه المرة هؤلاء هم قادة وكبار رجالات جهاز الامن الذين شاركوا في الدوائر الحربية الأكثر سرية. بسبب معارضتهم السائبة والخيانية، كما يدعي وسيدعي بيبي دفاعا عن نفسه، بسبب منعهم عنه معلومة امنية حرجة لكنهم قدموا المعلومة (من خلال تسريبات مغرضة) لاعدائنا، اضطر رغما عنه لان يوافق على حلول وسط عفنة مع حزب الله قريبا ومع حماس في المستقبل.
توجد له حجة غيبة: لولا “الجبهة الثامنة” التآمرية التي شنها ضده “الخونة” بالبزات وبدون بزات، كانت إسرائيل ستقطف الان ثمار النصر المطلق الموعود. بدلا من هذا اضطر رئيس وزرائنا لان يوافق على تسوية محبطة. كله بذنب العدو من الداخل.