ترجمات عبرية

يديعوت: إصلاح الحكومة قبل القضاء

يديعوت 2023-05-02، بقلم: ناحوم برنياع: إصلاح الحكومة قبل القضاء

لكل صحافي نشيط توجد لحظة ياريف لفين خاصة به. لحظتي وقعت في مهرجان يميني في إحدى المستوطنات الدينية في الضفة. وقف لفين أمام كاميرة مساعدتي، وتلفظ من بين شفتيه بمناجاة للمتابعين له في الشبكة الاجتماعية. تذكرت مناجاة سابقة للفين أمام الكاميرة. نشر جهاز دعاية “الليكود” المناجاة في يوم الانتخابات. روى لفين فيها قصة غبية، غير مهمة مثل مقطع نتنياهو عن العرب الذين يتدفقون إلى صناديق الاقتراع لكنها لا تقل تلفيقا. خسارة أن نتعب القارئ بالتفاصيل.

عندما انتهى توجهت إليه. كان الحديث وديا، مثلما هو دوما. قل لي، سألته، كيف وافقت على أن تروي قصة حتى أنت تعرف بأنها كلها كذب، بل كذب غبي. نظر إلي من خلف نظاراته نظرة كلها عجب، من نوع النظرات التي يوجهها الأشخاص الأذكياء للأغبياء.

“احد ما من مكتب نتنياهو طلب مني أن أقول هذه الأقوال، فقلتها”، شرح. “ما المشكلة؟” أصررت بأنه توجد مشكلة. أما هو فأصر على انه لا توجد.

السياسيون هم أناس إبداعيون. يلعبون بالحقائق مثلما يلعب الطفل بلعبته: يضربونها، يمزقونها إربا ويعيدون تركيبها، وكل شيء حسب راحة اللحظة. لفين كان مختلفا. فقد أدى لامبالاة تامة تجاه التمييز بين الحقيقة والكذب. آلة الحقيقة ما كانت لتكسره ولا حتى تحقيق “الشاباك”. لقد درج على القول عن أناس كهؤلاء انهم انتهازيون تماما. أما أنا فاعتقدت انه يوجد هنا شيء ما إضافي، أساس نفسي.

الخطاب الذي ألقاه لفين في تظاهرة اليمين، يوم الخميس، ضرب موجات بسبب عنصرين. الأول، الشتائم؛ الثاني، الأكاذيب. لفين يوجه الشتائم لقضاة المحكمة العليا، لكبار مسؤولي وزارة العدل وجهاز القضاء كله منذ سنين. لسبب ما، تصريحاته مرت حتى وقت أخير مضى بهدوء نسبي. ساعدته في ذلك على ما يبدو الصورة الوظيفية التي يبثها، شخصية من مسرحية غوغول اكثر مما هي شخصية من فيلم شفارتسينغر. كما ساعده الفهم الجارف، المشوه، للحق في حرية التعبير الذي غرسه القاضي باراك في جهاز القضاء. وعندما لا يكون للكلمات ثمن فإن مستوى الشتائم يرتفع إلى السماء. في ساحة سياسية طبيعية لم يكن معقولا أن يعين بالذات واحد يشتم الجهاز كوزير مسؤول عنه. لعله لهذا السبب اختار نتنياهو تعيين اثنين: لفين وإمسلم.

أما الأكاذيب فينبغي لها أن تقلق اكثر. لفين يعزو لمحكمة العدل العليا تأييدا للإرهابيين، لمتسللي العمل وللمغتصبين. هذا بلا أساس، لكن مثلما تعلمنا في السنوات الأخيرة من البحث ومن التجربة على حد سواء، لا معنى لنفي الأمور: الكذب يركض بسرعة اكبر ويستوعب بسهولة اكبر من الحقيقة. الشبكات الاجتماعية تنمي الأكاذيب: هذا جزء من النموذج التجاري لها. الأكاذيب جذابة؛ والجذب يجر الربح. هذا الواقع كان ينبغي أن يلزم السياسيين والأجهزة التي تعمل في صالحهم لأن يبدوا مسؤولية اكبر. بدلا من هذا فإنهم يدمنون على الأكاذيب. القوة مفسدة، قال اللورد أكتون. أما الكذب فمفسد اكثر منها.

كان مسموحا أن نشاهد في بداية جلسة الحكومة، أمس، نتنياهو يضع وزير عدله في مكانه. هذا لم يحصل. بدلا من التوبيخ تلقينا أقوالا فارغة عن “الحوار”، “النية الطيبة” و”التوافقات”. الدورة الصيفية للكنيست بدأت، امس، دون أن نعرف ما هو جدول الأعمال ومن يتحكم به. ولانعدام اليقين هذا توجد آثار اقتصادية وسياسية. لا غرو أنه في منتهى السبت امتلأت الشوارع مرة أخرى بالمتظاهرين ضد الانقلاب. “نحن سنعمل بكد شديد”، وعد نتنياهو، ولم يعرف أي من وزرائه ما الذي قصده حقا، هل سيعمل من أجل انقلاب لفين أم ضده، هل سيعمل على الإطلاق، وهل سيعمل على تدوير عينيه خداعا.

قمصان بأكمام قصيرة بيضاء توزع في تظاهرات الاحتجاج تتباهى بقول إيجابي: “احب المحكمة العليا”، يقول الشعار على القميص المضاف إليه قلب أحمر كبير. خلف القميص تقف جمعية وسط – يسار “دركينو” (طريقنا).

الحب هو بضاعة نادرة هذه الأيام. على الرغم من ذلك، فأنا لا اعتقد أن الحب هو الأداة الناجعة أو ذات الصلة بالمعركة الدائرة الآن. فلا يمكن إيقاف الجرافة بالحب. الكفاح الذي يجري الآن واسع وعميق ويشذ عن الأفق السياسي. أعضاء الائتلاف بقيادة لفين يرون فيه كفاحا في سبيل القوة: إذا ما سيطروا على التعيينات إلى المحكمة العليا وقيادة وزارة العدل فسيتمكنون من أن يفعلوا بالدولة ما يروق لهم. سنحتل الجهاز القضائي، والبلاد ستسكت 40 سنة.

يحتج المتظاهرون ضدهم على كل الإجراءات التي تتخذها الحكومة في الأشهر الأربعة من وجودها. كل شيء يرتبط، كل مشاريع القوانين التي وضعت على الطاولة، كل الإعلانات والتغريدات، كل المواضيع المشتعلة التي لم تعالج. كل شيء يتراكم معا إلى حملة ثورية ضدهم، ضد قيمهم، ضد دولتهم. وعليه فإن المباحثات في مقر الرئيس مشبوهة في نظرهم. في افضل الأحوال هي محاولة لوضع ضمادة صغيرة على جرح نازف. في أسوأ الأحوال هي محاولة لإشفاء ورم سرطاني بقرص أكامول. الكفاح في سبيل القوة مقابل الكفاح في سبيل الهوية؛ لا يوجد سبيل سهل للجسر بينهما.

ثمة ما ينبغي إصلاحه في جهاز القضاء. لكن إصلاحا اكثر إلحاحا مطلوب في الحكومة: لا يوجد سبيل لإعادة الحكومة إلى سواء العقل حين يكون لفين وإمسلم مؤتمنين على جهاز القضاء، بن غفير على الشرطة، سموتريتش على المالية وعلى ربع الأمن، والكذب يعم الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى