ترجمات عبرية

يديعوت: أربعة وجوه للتخلف عن السداد في 7 أكتوبر

يديعوت 8-10-2023، بقلم ناحوم برنياع: أربعة وجوه للتخلف عن السداد في 7 أكتوبر

كلف العائق المحيط بغزة ثلاثة مليارات ونصف المليار شيكل: من فوق الأرض، من تحت الأرض، جساسات، كاميرات، وكله آخر كلمة. أمس (السبت) في يوم الأمر، مع نشوب الحرب، انهار وأصبح سوراً من ورق. ليس العائق هو المذنب؛ الناس هم المذنبون، قال لي أمس (السبت) أحد المسؤولين عن إنشائه. أمس بعد الظهر، رفع سلاح الجو 40 طائرة من أنواع مختلفة فوق العائق، كل الوقت، كي يسد المعبر من غزة إلى إسرائيل ومن إسرائيل إلى غزة. كان الجهد بطوليا، والتأخير فظيعاً.

يطلب الجيش الإسرائيلي في هذه اللحظة وضع التقصير جانباً. يجب ترك رئيس الأركان والجنرالات ليركزوا على القتال، أما التحقيقات فستأتي لاحقاً. “صمتاً، يطلقون النار”، كتب عميرام نير الراحل في بداية حرب لبنان الأولى. فلو نجح الجيش الإسرائيلي في تطهر جيوب المخربين في بلدات غلاف غزة، فسوف تكون المهام التي سيتصدى لها في الأيام القادمة معقدة وكثيرة المتطلبات، خصوصاً مشكلة المخطوفين في غزة، ومشكلة الردع تجاه الساحات الأخرى. يجب أن تدار الحرب برأس نقي، وكل ما تبقى أقل إلحاحاً.

لكن الإعفاء الذي أعطي للجنود لا يتضمن ملايين الإسرائيليين الذين تابعوا أمس، ودهشوا وتخوفوا، هذه الحرب التي لم يعدّهم لها أحد. في نظري، كانت 7 أكتوبر 2023 إهانة عظمى، إهانة لم يشهد لها الجيش الإسرائيلي مثيلاً في كل سنواته. وسأشرح: الإهانة الأولى كانت استخبارية. مرة أخرى، مثلما في 1973، رأت المنظومة كل المؤشرات الدالة لكنها استنتجت بغرورها بأنها مجرد مناورة وتدريبات عابثة؛ الثانية كانت السهولة التي تجاوز فيها مخربو حماس العائق؛ الثالثة كانت السهولة التي عادوا فيها إلى غزة، مع عشرات الرهائن؛ الرابعة البطء الذي رد به الجيش الإسرائيلي على التوغل. يتجول عشرات المخربين في معسكر مدرعات وكأنهم يتجولون في بيوتهم ولم توجد مروحية هجومية تطلق عليهم النار.

ستقولون: قصور يوم الغفران كلف عدداً أكبر بكثير من الضحايا، بلا تشبيه. هذا صحيح بالطبع، لكن في غفران 1973 واجهنا أكبر الجيوش العربية، وليس منظمة إرهاب من الدرجة الثانية. وخرج من الحرب الأليمة إياها سلام صامد حتى اليوم، بعد 50 سنة من وقف النار. من الصعب أن نرى الخير الذي سيخرج من الحرب الحالية.

فضلاً عن التفاصيل، كانت الدهشة مما بدا كسلسلة طويلة من التقصير. أعترف: شعرت فجأة بأني لا أعيش في إسرائيل التي أفتخر بها، بل في الصومال.

في 2006، بعد اختطاف “حزب الله” للجنديين، حولت طائرات سلاح الجو الضاحية الشيعية في بيروت إلى جزر خراب. كان القصف ناجعاً. الحرب استمرت. ظاهراً، المطلوب ضربة مشابهة في غزة: لا مانع عملياتياً لفعل هذا. السؤال هو: ما الهدف الذي سيتحقق من قصف أرض في غزة. تعبنا من المحاولات المتكررة لتلقين حماس الدرس من خلال القصف من الجو. إذا كان حدث أمس قد علمنا شيئاً ما عن حماس، فقد علمنا بأن منظمة الإرهاب هذه غير قابلة للترويض.

إن مصير عشرات الرهائن من أطفال صغار ونساء وشيوخ وجنود، معلق في الهواء. القصف المكثف لن يحسن فرصهم للعودة إلى الديار بسلام. حماس يمكنها دوماً أن ترفعهم إلى الأسطح كدرع بشري. باختصار: القصف هو ما اعتاد الجيش على عمله، رد الفعل الشرطي، لكن لا جدوى منه.

الخيار الثاني، هو اختيار المفاوضات. في صفقة شاليط حرر نتنياهو 1.027 مخرباً مقابل جندي أسير واحد. وكان ثمن الإرهاب المعاد قاسياً، وثمة من يقول أقسى من الاحتمال. كم مخرباً ستطلب حماس تحريرهم مقابل عشرات الأسرى؟ الصفقة ستعطي حماس انتصاراً واحداً آخر. والأساس، ستوجه ضربة قاسية، ضربة إضافية، إلى الردع تجاه إيران و”حزب الله”، وستضعف السلطة أكثر. الخيار الثالث هو الخروج إلى عملية برية. أربع فرق أنزلها الجيش الإسرائيلي إلى الجنوب لم تخرج للدفاع عن بلدات غلاف غزة، بل خرجت كي تنضم إلى عملية برية، إذا ما وعندما تتخذ القيادة السياسية القرار. معظم الجمهور سيؤيد عملية كهذه في بدايتها، وبعد ذلك ستطل الأسئلة: ما الذي سيحصل بعد يوم من الاحتلال، إذا بقينا هناك سننزف، إذا خرجنا فماذا سنكون فعلنا. أنعتزم تصفية سلسلة قيادة حماس كلها أثناء الاحتلال؟ من سيأتي مكانهم؟

يتوقع الجمهور هذه المرة الحسم وليس جولة أخرى. هل هذا ما يريده نتنياهو؟ دفع بحماس قدما على حساب السلطة طوال سنواته في الحكم، بسياسة فرق تسد وتهدئة بأي ثمن. في الأشهر الأخيرة، أعطى حماس كل ما أوصى الجيش بإعطائه: عملاً لعشرين ألف غزي في إسرائيل، وتوريداً متسعاً، تحويل مال قطري. قال سموتريتش، وزير نصف الدفاع في حكومته، مؤخراً، إن حماس ذخر والسلطة عبء. فهل نتنياهو مستعد لتغيير القرص؟

عندي سؤال آخر يزعجني منذ سنين. القبة الحديدية ابتكار رائع، أنقذ حياة مئات الإسرائيليين. واضح ماذا كان سيحصل لنا لو لم نملك قبة حديدية: بشكل لا مفر منه، كنا سنخرج إلى معركة حاسمة تجاه حماس، بما في ذلك احتلال غزة. ألا يحتمل أن يكون كل ما حققناه في القبة الحديدية تأجيلاً لبضع سنوات لحسم لا مفر منه؟ أفلا نفعل في المستقبل ما كان يتعين لنا أن نفعله منذ زمن ولم نفعله؟

***

للحدث في غزة معانٍ سياسية وحزبية بعيدة الأثر، سيتبين وزنها في المستقبل. انتصار حماس بشرى سيئة للصفقة السعودية. إذا كان مئات القتلى في غزة وأولئك الذين سيقتلون في الأيام القريبة القادمة لا يميت الصفقة، فسيدخلونها إلى تجميد عميق. الخوف من حرب متعددة الساحات يقلل مجال المناورة العسكرية.

اقترح يئير لبيد أمس على نتنياهو تشكيل حكومة طوارئ تقوم على أساس الليكود و”يوجد مستقبل” والمعسكر الرسمي، وتجميداً شاملاً للتشريع من مصنع الحكومة الحالية. الاقتراح جيد للبيد وللدولة. مشكوك أن يكون بوسع نتنياهو أن يقبل به. وداع سموتريتش وبن غفير وربما أيضاً ليريف لفين وقسم كبير من كتلة الليكود، يبدو ثمناً يصعب على نتنياهو أن يدفعه. ومثلما اعترف بنفسه ذات مرة، أن يدفع ثمناً سيكون أمراً صعباً عليه.

يعرف نتنياهو أن ليس الناخبون في كابلان هم فقط من يصعب عليهم التسليم بالحدث المهين أمس، بل أيضاً الناخبون في “أوفاكيم” و”سديروت” و”نتيفوت” و”ريشون”. وعليه، فهو يعمل كي يبعد نفسه عن المسؤولية. وجهته إلى المستقبل. “ما حصل اليوم”، قال بيان نشره أمس، “لم تشهد إسرائيل. سأحرص على ألا يحصل هذا أكثر”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى