ترجمات عبرية

يديعوت أحرونوت: ورشة عمل لادارة الفوضى

يديعوت أحرونوت 26/12/2025، رون بن يشاي: ورشة عمل لادارة الفوضى

رئيس الأركان ايال زمير رسم خطا في الرمال. “لا يمكنك أن تحقق مع نفسك حتى الجنون. يجب الإصلاح وفقا للدروس التي استخلصناها وتنفيذها. لكن يجب السير الى الامام وعدم الغرق في الماضي”. قيل هذا لنحو 20 عضو منتدى هيئة الأركان، معظمهم ألوية يتولون مناصب قادة أذرع، قادة مناطق ورؤساء شعب، وقلة منهم عمداء يشاركون في المنتدى بحكم مناصبهم. رئيس الأركان جمعهم في قاعة صغيرة في احدى قواعد الارشاد لما وصف كيوم بلورة اركانية. لكن الهدف الحقيقي كان انهاء القصة التي لا تنتهي من التحقيقات الداخلية عن إخفاقات 7 أكتوبر والحرب من خلال بحث مفتوح وصادق في الدروس التي ينبغي لهيئة الأركان ورئيسها ان يستخلصوها من احداث ذاك اليوم الرهيب.

رئيس الأركان، المجرب، كان حذرا من ان يثير عليه حفيظة وزير الدفاع كاتس ورئيس الوزراء نتنياهو، ولم يذكر صراحة اصطلاح “لجنة تحقيق رسمية”. قال للمنتدى ان الجيش حقق مع نفسه حتى الان قدر ما يستطيع، لكنه لا يزال يعتقد انه يجب ان تقوم “لجنة تحقيق موضوعية خارجية مثلما بعد حرب يوم الغفران”، تفحص ليس فقط إخفاقات الجيش بل وأيضا التماس بين المستوى السياسي والعسكري قبل وبعد 7 أكتوبر (وبكلمات لم تقال: توزيع المسؤولية عن الإخفاقات).

رد المنتدى بالصمت وانتقل الى الانشغال بمواضع الخلل الجوهرية التي ظهرت في أفكار وأداء الجسم الأعلى الذي يدير الجيش، وبالطرق لاصلاحها. برنامج المداولات التي جرت في أربع مجموعات عمل كانت الاستنتاجات التي بلورتها اللجنة برئاسة اللواء احتياط سامي ترجمان، التي عينها زمير مع تسلمه مهام منصبه كي تفحص جودة التحقيقات العسكرية. بلورت هذه اللجنة دروسا واستنتاجات هامة لتحسين أداء هيئة الأركان، لكن هذه ابتلعت في الضجيج الإعلامي الذي اثارته الاستنتاجات الشخصية موضع الخلاف والتي أوصى بها ترجمان.

مشاكل اغنياء

لعل الموضوع الأول والاهم الذي بحث وعرض في المنتدى الكامل، كان أساليب التفكير وتقويمات الوضع التي تسمح بتشخيص تغييرات لدى العدو والاستعداد لها. في هذا الموضوع سمع الالوية محاضرة من العميد احتياط ايتي بارون الذي حل محل رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات بعد وقت قصير من 7 أكتوبر. وسجل في صالحه على مدى السنين تقديرات وتحليلات موضع استخباري عميقة ثبتت كدقيقة. ادعى بارون بانه لا ضير في المفهوم الذي يرتب التفكير – طالما كان يستند الى الحقائق على الأرض والتيارات العميقة في تفكير العدو. المشكلة هي في تشخيص التغييرات في الحقائق وفي التفكير لدى العدو مما يتحدى الفكر السائد لدينا ويستوجب الاستعداد لها مجددا.

كما حاول بارون رسم مزايا المفاجأة القادرة للتشخيص، لكنه اعترف ان الامر ليس ممكنا دوما. واجمل رئيس الوزراء وادعى انه ينبغي الانطلاق من فرضية أساسية بانه ستكون لنا مفاجآت لن نشخصها مسبقا وبالتالي يجب بناء الجيش والاستعداد جسديا وفكريا بشكل نتمكن فيه من صد هجمة مفاجئة حتى لو لم يكن لها أخطار استخباري مسبق.

موضوع مركزي آخر بحثت فيه احدى مجموعات العمل هو الشكل الذي يتعاطى فيه القادة في المستويات العليا مع المعلومات الاستخبارية. 

وفي الخلفية كانت خطة اسوار اريحا، الشرائح التي فعلت في الهواتف المحمولة في غزة في الليلة التي بين 6 و 7 أكتوبر وحقائق أخرى طرحتها الاستخبارات وكان فيها ما يوفر اخطارا كافيا بالهجمة الحماسية لو كان القادة فهمها على نحو صحيح، وعلى رأسهم رئيس الأركان ورئيس الشباك. وكان الاستنتاج ان الثراء الاستخباري الذي تبارك به الجيش قبل 7 أكتوبر، واساسا بفضل السايبر والتكنولوجيات الرقمية، اصبح لعنة. فائض المعلومات ومصداقيتها خلق لدى القادة في كل المستويات إحساسا بانهم يعرفون العدو بشكل حميمي ويمكنهم أن يفهموا بعمق نواياه دون الاضطرار الى الخبراء أي – رجال استخبارات مجربين ومطلعين على ثقافة، اطار وزعماء العدو فيحللون بعمق استنادا الى تاريخ الساحات والاطياف نوايا العدو وقدراته كما هي. واضطر الالوية للاعتراف بأسف بان ثراء المعلومات خلق لدى القادة غرورا أدى الى طغيان فكري مما منعهم من قبول اراء، اقتراحات واخطارات من جانب مرؤوسيهم من رجال الاستخبارات.

عُنيت احدى مجموعات العمل بتقسيم العمل والصلاحيات بين هيئة الأركان وقيادات المناطق. وكان الاستنتاج ان المعركة ما بين الحروب، السرية والعلنية التي خاضها الجيش الإسرائيلي في الشمال وفي الجنوب منذ 2023 لإحباط تعاظم قوة حماس وحزب الله، تسببت بشلل القدرة والدافعية لدى قادة المناطق (أساسا في قيادة منطقتي الجنوب والشمال) للقيام بعمل مستقل وبسرعة حيال تهديدات في جبهتيهما. فقد اديرت المعركة ما بين الحروب من الكريا أساسا بقيادة رئيس الأركان، شعبة العمليات وسلاح الجو. وعالجت قيادات المناطق مشاكل استخبارية وعملياتية كانت هامة لكنها صنفت في سلم الأولويات في مرتبة ادنى بالنسبة للاعمال المبهرة المتمثلة باحباط قافلة سلاح في حدود العراق – سوريا.

كل شيء استثنائي كان يتطلب الاذن من رئيس الاركان. وكانت النتيجة ان قيادة المنطقة الجنوبية مثلا تنتظر التعليمات من الكريا في صباح 7 أكتوبر رغم أنه كانت اعمال توجد ضمن صلاحياتها وكان يمكنها أن تتخذها قبل وبعد المذبحة. استنتاج زمير: تخصيص صلاحيات ومقدرات لقيادات المناطق بشكل يمكنها من العمل بنفسها، بكامل النتائج الاستخباري والعملياتي مثلما يحصل بالفعل اليوم.

 أين هنا الملصق

مسألة ثاقبة طرحت على البحث كانت باي قدر تؤدي هيئة الأركان وظيفتها بشكل صائب كمجموعة: هل كل واحد من الالوية يمثل في تقويم الوضع وفي المداولات على بناء القوة المصالح الخاصة للذراع، قيادة المنطقة او الشعب التي يترأسها أم أن هيئة الأركان يجب أن تعمل كمجموعة تتحمل مسؤولية مشتركة ويوجد لها سلم أولويات واحد ملزم. والخلاصة كانت ان هيئة الأركان يجب أن تتصرف كمجموعة توجد لها اهداف وسلم أولويات مشتركة. وبالتالي مثلا، في الليلة ما بين 6 و 7 أكتوبر كان ينبغي لرئيس الأركان ان يجري المشاورات في هيئات أوسع بكثير.

وفي نفس الوقت استخلص انه يجب إقامة منتديات اضيق في داخل هيئة الأركان يعنى كل واحد منها في موضوع محدد ويستبدلون المسؤولية الحصرية لالوية معينة لموضوع معين. كما استخلص أيضا انه يجب إيجاد تعريف مناسب يميز بين “تقويم الوضع” (الذي يحتاج الى عصف ادمغة المشاركين وبين احاطة يسأل فيها المشاركون أسئلة إيضاح، لكن غايته الأساس هي التبليغ بالمعلومات. هذا التمييز هام لنجاعة استغلال مقدرات الزمن لدى الالوية ورئيس الأركان.

ان التآكل في الثقافة والمعنى العملياتي كان موضوعا خامسا طرحه رئيس الأركان على البحث. ابتداء من الملصقات التي تحمل كلمة “مشيح” على بزات المقاتلين، عبر سلوك منفلت العقال الذي انعكس في مقاطع فيديو نشرها مقاتلون في الشبكات الاجتماعية بخلاف الأوامر وانتهاء بالحوادث العملياتية وحوادث الطرق التي جبت حياة وخلفت جنودا معاقين لكل حياتهم. وتلقى أعضاء منتدى هيئة الأركان معلومات في الموضوع لكن البحث كان قصيرا. واتفق الجميع على ان الوضع يحتاج الى تحسين فوري.

المداولات في ذاك الصباح، قبل أن يخرج منتدى هيئة الأركان لزيارة متحف الشعب اليهودي اختتمها رئيس الأركان زمير بتشخيصين وقول واحد يتبناه هو شخصيا: على حد قوله، فان المعلومات الاستخبارية التي تجمعها الجهات المختصة على القادة ان يستهلكوها كأداة عمل وان يراجعوها بشك وبمعونة رجال استخبارات خبراء والا يروا فيها حقيقة مطلقة تؤيد رأيهم. وأضاف زمير بان على القائد ان يخاف دوما وان يبحث من اين قد تأتي المفاجأة؛ ان يتصرف وفقا للقول “طوبى للقلق دوما”، لكن الا تتملكه الثقة الزائدة التي تسحق ما لدينا من مقدرات. وأخيرا قضى زمير بان الوحدة الجماعية والاختلاف الفكري – هذا هو المطلوب من منتدى هيئة الأركان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى