يحيعام فايتس / المناخ اليوم يشبه بصورة مخيفة – المناخ الذي ساد في 1973

هآرتس – بقلم يحيعام فايتس – 27/5/2018
قبل اكثر من اسبوع عقد في يد اسحق بن تسفي يوم نظري ممتع عن غولدا مئير. لاحياء ذكرى اربعين سنة على موتها. المتحدثون تطرقوا الى كل الاحداث التي كانت مرتبطة بنشاطها العام الطويل، وبصورة طبيعية ايضا بحرب يوم الغفران، والمناخ الذي ساد الدولة قبلها وسلوك قيادة الدولة في تلك الايام – الامور التي شكلت الشرط الضروري والرئيسي لاندلاع الحرب. ثلاثة مكونات خلقت هذا الجو: الاول، شعور النشوة الذي ساد في تلك الايام – سيقال إن وضعنا لم يكن افضل في أي يوم آخر. مثال يثير القشعريرة لهذا الشعور هو اعلان انتخابي للكنيست السابعة من قبل المعراخ والذي نشر قبل بضعة ايام من اندلاع الحرب. وفيه كتب “على شفا قناة السويس – يسود الهدوء. ايضا في صحراء سيناء، في الضفة الغربية، في يهودا والسامرة والجولان، الخطوط آمنة، الجسور مفتوحة، القدس موحدة، قامت مستوطنات ومركزنا السياسي قوي. هذا نتيجة سياسة متزنة، جريئة وبعيدة النظر”.
المكون الثاني كان قوة رئيسة الحكومة غولدا مئير. صلاحيتها كانت كبيرة جدا الى درجة أن اعضاء حكومتها لم يتجرأوا على مناقشة مواقفها. مثال صارخ على هذا هو النظرة اليها من جانب وزير المالية في حينه بنحاس سبير. الذي اعتبر المدير العام القادر على كل شيء في الدولة. لقد خاف بشكل مميت من التأكيد على رؤيته الحمائمية في مسألة مستقبل المناطق المحتلة ازاء موقفها المتصلب والاكثر صقرية. كان في حينه شعور واضح بأنه لا يوجد أي بديل لحكمها، لا في حزبها ولا في “غاحل” (كتلة حيروت مع الليبراليين) – حزب المعارضة الاساسي برئاسة مناحيم بيغن. زعماء “غاحل” وافقوا على سياسة الوضع الراهن التي شكلتها غولدا، واكثر من ذلك هم قدروها ورأوا فيها “يهودية فخورة” يمكنها أن تصمد أمام الاغيار.
المكون الثالث هو حقيقة أنه لم يجر نقاش جوهري حول الافتراض الاساسي لسياسة الامن، التي بلورتها غولدا مئير ووزير الدفاع موشيه ديان الذي اعتبر في حينه إبن الالهة، التي بحسبها ليس لمصر أي امكانية لاجتياز قناة السويس وأن الجيش الاسرائيلي هو جيش لا يمكن هزيمته وأن الوقت يعمل لصالحنا. حرب يوم الغفران حطمت مناخ النشوة الواثق بالنفس والمتحجر الذي ساد في حينه، والذي أدى ايضا الى نهاية الحكم الطويل لحزب العمل.
في ذلك اليوم النظري مر بذهني تفكير مقلق جدا: المناخ السائد لدينا الآن يشبه بصورة مخيفة المناخ الذي ساد في العام 1973. يمكن أن نجد فيه المكونات الثلاثة التي وجدت في حينه. الاول هو شعور النشوة الحالي الذي تولد بسبب عدة امور: نقل السفارة الامريكية الى القدس – خطوة رمزية ليس فيها أي مضمون حقيقي، نجاح سلاح الجو والجيش الاسرائيلي في سوريا (التي تذكر باسقاط 12 طائرة ميغ سورية في ايلول 1973، المعركة الجوية التي كانت نوع من المقدمة لحرب يوم الغفران وخلقت نشوة ليست في مكانها)، والسرور الكبير لنجاح نتاع برزيلاي في الاورفزيون وكأن الامر يتعلق بجائزة نوبل.
المكون الثاني هو قوة رئيس الحكومة. بنيامين نتنياهو يسيطر على حكومته وعلى حزبه بيد قوية، من خلال خلق مناخ خوف وذعر – لا أحد يتجرأ على طرح رؤية مختلفة، وحتى احزاب المعارضة لا تحاول بلورة أجندة بديلة. محظور المقارنة بين نتنياهو، رجل الملذات والفاسد، وبين غولدا، المتقشفة التي كرست كل حياتها من اجل الدولة والجمهور. الامر يتعلق بتدنيس المقدسات، لكن يمكن أن نجد خطوط تشابه بين نموذجي حكمهما.
المكون الثالث هو الجمود الفكري: في جهاز الحكم الحالي ليس هناك من يفكر بطرق مختلفة عن طرق الحاكم ويقوم بتوجيه اسئلة ثاقبة، مثل هل يمكن وقف سفك الدماء البربري في قطاع غزة؟ هل نقل السفارة الامريكية هو الامر الاكثر حيوية من ناحيتنا؟ هل من غير المناسب دعم قرار الرئيس ترامب الغاء الاتفاق النووي مع ايران بصورة اقل حماسة؟ من يشكك بهذه القرارات يعتبر كافر وغير وطني.
مثلما الامر في 1973، المجتمع الاسرائيلي الآن يسير مغمض العيون خلف زعيم يثق بنفسه ومتبجح، يقودنا الى حافة الهاوية. يمكننا أن نتذكر بفزع ما قاله النبي دانييل “اللهم قصر حياة نظام بابل”.
– 27/5/2018
قبل اكثر من اسبوع عقد في يد اسحق بن تسفي يوم نظري ممتع عن غولدا مئير. لاحياء ذكرى اربعين سنة على موتها. المتحدثون تطرقوا الى كل الاحداث التي كانت مرتبطة بنشاطها العام الطويل، وبصورة طبيعية ايضا بحرب يوم الغفران، والمناخ الذي ساد الدولة قبلها وسلوك قيادة الدولة في تلك الايام – الامور التي شكلت الشرط الضروري والرئيسي لاندلاع الحرب. ثلاثة مكونات خلقت هذا الجو: الاول، شعور النشوة الذي ساد في تلك الايام – سيقال إن وضعنا لم يكن افضل في أي يوم آخر. مثال يثير القشعريرة لهذا الشعور هو اعلان انتخابي للكنيست السابعة من قبل المعراخ والذي نشر قبل بضعة ايام من اندلاع الحرب. وفيه كتب “على شفا قناة السويس – يسود الهدوء. ايضا في صحراء سيناء، في الضفة الغربية، في يهودا والسامرة والجولان، الخطوط آمنة، الجسور مفتوحة، القدس موحدة، قامت مستوطنات ومركزنا السياسي قوي. هذا نتيجة سياسة متزنة، جريئة وبعيدة النظر”.
المكون الثاني كان قوة رئيسة الحكومة غولدا مئير. صلاحيتها كانت كبيرة جدا الى درجة أن اعضاء حكومتها لم يتجرأوا على مناقشة مواقفها. مثال صارخ على هذا هو النظرة اليها من جانب وزير المالية في حينه بنحاس سبير. الذي اعتبر المدير العام القادر على كل شيء في الدولة. لقد خاف بشكل مميت من التأكيد على رؤيته الحمائمية في مسألة مستقبل المناطق المحتلة ازاء موقفها المتصلب والاكثر صقرية. كان في حينه شعور واضح بأنه لا يوجد أي بديل لحكمها، لا في حزبها ولا في “غاحل” (كتلة حيروت مع الليبراليين) – حزب المعارضة الاساسي برئاسة مناحيم بيغن. زعماء “غاحل” وافقوا على سياسة الوضع الراهن التي شكلتها غولدا، واكثر من ذلك هم قدروها ورأوا فيها “يهودية فخورة” يمكنها أن تصمد أمام الاغيار.
المكون الثالث هو حقيقة أنه لم يجر نقاش جوهري حول الافتراض الاساسي لسياسة الامن، التي بلورتها غولدا مئير ووزير الدفاع موشيه ديان الذي اعتبر في حينه إبن الالهة، التي بحسبها ليس لمصر أي امكانية لاجتياز قناة السويس وأن الجيش الاسرائيلي هو جيش لا يمكن هزيمته وأن الوقت يعمل لصالحنا. حرب يوم الغفران حطمت مناخ النشوة الواثق بالنفس والمتحجر الذي ساد في حينه، والذي أدى ايضا الى نهاية الحكم الطويل لحزب العمل.
في ذلك اليوم النظري مر بذهني تفكير مقلق جدا: المناخ السائد لدينا الآن يشبه بصورة مخيفة المناخ الذي ساد في العام 1973. يمكن أن نجد فيه المكونات الثلاثة التي وجدت في حينه. الاول هو شعور النشوة الحالي الذي تولد بسبب عدة امور: نقل السفارة الامريكية الى القدس – خطوة رمزية ليس فيها أي مضمون حقيقي، نجاح سلاح الجو والجيش الاسرائيلي في سوريا (التي تذكر باسقاط 12 طائرة ميغ سورية في ايلول 1973، المعركة الجوية التي كانت نوع من المقدمة لحرب يوم الغفران وخلقت نشوة ليست في مكانها)، والسرور الكبير لنجاح نتاع برزيلاي في الاورفزيون وكأن الامر يتعلق بجائزة نوبل.
المكون الثاني هو قوة رئيس الحكومة. بنيامين نتنياهو يسيطر على حكومته وعلى حزبه بيد قوية، من خلال خلق مناخ خوف وذعر – لا أحد يتجرأ على طرح رؤية مختلفة، وحتى احزاب المعارضة لا تحاول بلورة أجندة بديلة. محظور المقارنة بين نتنياهو، رجل الملذات والفاسد، وبين غولدا، المتقشفة التي كرست كل حياتها من اجل الدولة والجمهور. الامر يتعلق بتدنيس المقدسات، لكن يمكن أن نجد خطوط تشابه بين نموذجي حكمهما.
المكون الثالث هو الجمود الفكري: في جهاز الحكم الحالي ليس هناك من يفكر بطرق مختلفة عن طرق الحاكم ويقوم بتوجيه اسئلة ثاقبة، مثل هل يمكن وقف سفك الدماء البربري في قطاع غزة؟ هل نقل السفارة الامريكية هو الامر الاكثر حيوية من ناحيتنا؟ هل من غير المناسب دعم قرار الرئيس ترامب الغاء الاتفاق النووي مع ايران بصورة اقل حماسة؟ من يشكك بهذه القرارات يعتبر كافر وغير وطني.
مثلما الامر في 1973، المجتمع الاسرائيلي الآن يسير مغمض العيون خلف زعيم يثق بنفسه ومتبجح، يقودنا الى حافة الهاوية. يمكننا أن نتذكر بفزع ما قاله النبي دانييل “اللهم قصر حياة نظام بابل”.