يحزقيل درور يكتب : عدد من التوصيات لدولة اسرائيل
بقلم: يحزقيل درور، هآرتس 7/10/2018
اسرائيل والشتات: العلاقات مع يهود الشتات هي مسألة وجودية بالنسبة لمستقبل الشعب اليهودي بمجمله ولقوة اسرائيل. من أجل الحفاظ على هوية مشتركة وتطويرها، مطلوب بادئ ذي بدء تكيُّف فكري وعملي لوضع دائم يواصل الشعب اليهودي أن يكون موزعاً في العالم، وجزؤه الأساسي يكون في اسرائيل وفي الولايات المتحدة. فكرة تجميع الشتات ليست قابلة للتحقيق، حتى وان كان من الضروري تشجيع الهجرة للبلاد.
للاعتراف الكامل بجوهر الشعب اليهودي كشعب مشتت في العالم، يوجد تداعيات عملية والتي هي ضرورية للتكامل ما بين اسرائيل والشتات. أولاً: ليس هنالك مكان للأيدولوجيا الرافضة للمنفى. زيادة مراكز الحياة الدائمة سيزيد من احتمالات البقاء للشعب اليهودي بعد الكوارث الطبيعية والنكبات. ثانياً: على اسرائيل أن تعمل لتعزيز يهود الشتات في أماكن تواجدهم. ثالثاً: يجب على اسرائيل أن تعطي أهمية مناسبة داخلها لتيارات دينية وروحية، والتي هي مقبولة على معظم الجاليات في العالم، وتعزيزها هذا ضروري لمنع استنزاف ديموغرافي. من أجل تطبيق هذه الأفكار يجب تحويل “الوكالة اليهودية لأرض اسرائيل” إلى وكالة الشعب اليهودي بحيث تصبح مسؤولة أيضاً عن تعزيز الشتات، من خلال اندماج متزايد بين اسرائيل والجاليات اليهودية في العالم. خطوات حقيقية في هذا الاتجاه تشمل إنشاء شبكة عالمية من المدارس اليهودية، تضمن التعرف على الشتات وأفكارهم في المناهج التعليمية في المدارس في اسرائيل، تشكيل جسم استشاري مشترك من رؤساء دولة اسرائيل والشتات (مثلما اقترح مناحم بيغن في حينه) ،إنشاء مدرسة لقيادة الشعب اليهودي.
اسرائيل كدولة علم وإبداع: اسرائيل تتميز بكونها دولة هايتك وكذلك بالإبداع الثقافي الباهر، ولكن هذه المجالات ترتكز على نخبة صغيرة والتي وجودها لمدى طويل غير مضمون.
ازدهار الهايتك غير مستقر في دولة متخلفة من نواحي عديدة، حيث العديد من خريجي المدارس فيها هم أميون في العلم والتكنولوجيا، وكذلك بسبب وجود “القبائل” حسب تعبير رئيس الدولة، حيث أن جزء منهم غير مندمج بثقافة العلم والإبداع.ان حقيقة أنه لا يوجد أي جامعة اسرائيلية ضمن ال 10 جامعات الأفضل في العالم، تثير التساؤل. إن أجزاء كبيرة جداً من الجمهور هم أميّون في طريقة تفكيرهم، حتى وإن حصلوا على معرفة في مجالات متعددة. مطلوب تغيير يتضمن زيادة الحوافز للمبدعين من أجل البقاء في البلاد، زيادة موازنات البحث والتطوير والجامعات، ليس حسب معايير اقتصادية مبسطة، والحرص على تضمين المواضيع الأساسية حتى في المؤسسات التعليمية الحريدية والعربية، من خلال إدخالها التدريجي بمساعدة حوافز ايجابية وسلبية. بخصوص الثقافة: من الضروري الامتناع عن التدخل السياسي الذي يمس بالإبداع، والذي يقترن تقدمه بالضرورة بالتعددية، حتى وإن كان هذا يغضب أصحاب هذا الرأي أو ذاك.
أرض اسرائيل الكاملة: على المستوى النظري أنا أؤيد حق الشعب اليهودي على كامل الأرض الوعودة، حتى وإن كانت حدودها غير واضحة. بيد أنه ليس بإمكان مثل هذا التفكير أن يؤسس سياسة واقعية. حسب تقديري ان العاملين من أجل تطبيق حلم أرض اسرائيل الكاملة عن طريق إقامة مستوطنات في يهودا والسامرة،الذين يتبعون سياسة تناسب نموذج “الدول المجنونة” الذي وضعته أثناء وجودي في مؤسسة “راند” في الولايات التحدة: وهو اندماج ما بين التزام أخلاقي عميق مع تظاهر وتفاخر بمعرفة أفكار الخالق، يخرجهم عن طورهم.
إن تحليل الواقع الإقليمي والعالمي، والمستقبل الداخلي لاسرائيل يقود إلى استنتاج قاطع: ليس هناك تقريباً مفر من حل الدولتين، لماذا “تقريباً”؟ لأن الشرق الأوسط هو منطقة معدة للمفاجآت، مثلاً، محاولة انقلاب في الأردن، تساعد اسرائيل في قمعها، من شأنها أن تفتح الباب لصيغة جديدة من اتفاق لندن سنة 1987، والذي سيقود إلى تقسيم يهودا والسامرة ما بين اسرائيل والأردن، ربما مع ثغرات ديموغرافية. إن احتمالية تطبيق احتمال كهذا وما شابه صغيرة جداً، ولهذا من المحظور تأسيس سياسات عليها. إن حتمية الواقع ورؤية ما يخبئ المستقبل، تستوجب تقدماً سريعاً نحو حل الدولتين، إلى جانب تسوية اقليمية وتحصين أمني لاسرائيل. الموقف الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والذي حرص رئيس الحكومة الاسرائيلية على عدم إبداء التحفظ عليه، تزيد من احتمالية حل الدولتين. وكذلك يجب عدم اليأس من دمج إيران في تسوية اقليمية، ولو في المستقبل البعيد، من خلال الحرص على أن يبقى العاملون من أجل اسرائيل الكاملة عديمي التأثير.
نوعية نظام الحكم: في تقديري أن نتنياهو، وبالتأكيد أيضاً أهود باراك رئيس الحكومة السابق، يعرفون أنه ليس هنالك مستقبل لحلم أرض اسرائيل الكاملة. بيد أن نظام الحكم الاسرائيلي يجد صعوبة كبيرة في اتخاذ قرارات حاسمة في مسائل مختلف عليها. هو يدفع نحو المراوغة، من خلال المس الحقيقي بمستقبل اسرائيل. من هنا فإن توصيتي هي اتباع نظام شبيه بالرئاسي، بحيث يستند إلى انتخابات مباشرة لرئيس لمدة 5 سنوات، مع صلاحيات من بينها، وضع مبادئ سياسية، وتعيين وإقالة وزراء، إجراء استفتاءات عامة، والإعلان عن انتخابات للكنيست في حالة شلل متبادل.
أنا مدرك لاحتمالية أن رئيس حكومة عنيد، ومستعد أن يتحمل مخاطرات سياسية سيقود إلى حل الدولتين حتى ضمن تقييدات النظام القائم. في خيالي تظهر احتمالية تشكيل كتلة مشتركة لنتنياهو وباراك، تحصل على أغلبية الانتخابات، وتسير نحو حل الدولتين ضمن النظام الحالي. في نظام شبه رئاسي تكمن معظم الاحتمالات بحدوث عملية سلام حقيقية، مع تعزيز الأمن القومي لاسرائيل وتحصين مكانتها الدولية.
السياسيون سيعارضون بقوة تغييرات في النظام ستمس بمكانتهم، وبطرق المساومة التي تخصصوا بها، لهذا فإن تطبيقها مشروط بتشكيل كتلة سياسية تحظى بدعم انتخابي واسع ربما بعد أزمة تهز الوضع القائم.