ترجمات أجنبية

وول ستريت جورنال – بهذه الخطة قد تحاول أمريكا تهدئة الأوضاع المشتعلة في العراق

وول ستريت جورنال – كمبرلي وفريدريك كاجان – 12/9/2018

إن الولايات المتحدة بوسعها منع نشوب احتراب أهلي في جنوب العراق بتوفير المساعدات العاجلة. العراق على حافة أكبر أزمة له منذ عام 2006، بعد أن انهارت محادثات تشكيل الحكومة بسبب تنافس الفصائل المؤيدة والمناهضة للنفوذ الإيراني. كما أدى الفساد والفشل في الحكم إلى احتجاجات جماهيرية، خاصة في البصرة، ثاني أكبر مدينة في العراق، ومركز تصدير النفط الرئيس. وثمة حالة استنفار بين فصائل الميليشيات المسلحة الشيعية. وقد أطلق وكلاء إيران أول رصاصات على السفارة الأمريكية منذ عام 2014 مظهرين نواياهم ​​في استخدام القوة لتحقيق الأهداف السياسية. كل هذا يثير احتمال نشوب حرب أهلية في الجنوب الشيعي.

إن مثل هذا الصراع سيؤدي إلى انهيار الدولة العراقية وعودة «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)» من جديد، يشير الكاتبان. كما يمكن أن يسمح لطهران بتعزيز السيطرة على الحكومة في بغداد واستهداف الموظفين الأمريكيين في جميع أنحاء البلاد. اكتفت واشنطن بإصدار بيان هزيل يحث إيران على السيطرة على وكلائها ردًا على إطلاق قذائف المورتر على المنشآت الأمريكية؛ مما يظهر عدم وجود الجدية لدى أمريكا؛ إذ يجب على واشنطن أن تتصرف الآن لإدارة هذه الأزمة ومنع الهجمات الإيرانية المستقبلية.

ويؤكد الكاتبان أن سبب الأزمة الحالية هو عمليتان متقاربتان. فعلى الجانب السياسي، حاول الزعماء الموالون لإيران تشكيل حكومة تضم هادي العامري، زعيم فيلق بدر المرتكز في إيران. كما تدعم طهران قيس الخزعلي، الذي تصنفه الولايات المتحدة إرهابيًا بعد أن لعب دورُا في قتل الجنود الأمريكيين والذي سهّل تدريب الميليشيات الشيعية العراقية على يد حزب الله. وهناك تحالف هش معادي لإيران. لقد مكن الدعم الأمريكي لرئيس الوزراء حيدر العبادي من عرقلة خدعة إيران الرئيسة، ولكن لم يحصل أي من الطرفين على أصوات كافية لتشكيل حكومة.

وقد أدى الفشل الكبير في تقديم الخدمات الحكومية إلى اندلاع احتجاجات كبيرة وعنيفة منذ أوائل شهر يوليو (تموز). عجزت شبكة الكهرباء في العراق عن توفير قوة ثابتة خلال الصيف الحار. وتعطلت منشأة معالجة المياه في البصرة؛ مما أدى إلى دخول ما يصل إلى 30 ألف شخص إلى المستشفى بسبب الأمراض التي تنقلها المياه. وتفاقمت أزمة الكهرباء بسبب قرار إيران منع تصديرها إلى جنوب العراق لخدمة السكان في مقاطعة خوزستان داخل إيران. حيث تسبب انقطاع التيار الكهربائي هناك أيضًا في احتجاجات عنيفة.

انقضى الموعد النهائي الأول لتكوين الحكومة العراقية في 3 سبتمبر (أيلول) دون قرار – ينوه الكاتبان – فتحولت الاحتجاجات في البصرة إلى العنف في الوقت نفسه، لتندمج الأزمتان.

خلت البصرة إلى حد كبير من قوات الأمن، باستثناء الشرطة منذ عام 2014؛ حيث ذهبت وحدات الجيش شمالًا لمحاربة (داعش). ونتيجة لذلك انتشرت الميليشيات المسلحة المتنافسة. كانت هذه الجماعات قوية بما فيه الكفاية لمنع محاولات الحكومة العراقية إرسال وحدات عسكرية مدرعة إلى البصرة.

إن قوات الأمن العراقية التي تحاول إدارة الاحتجاجات ليست القوة الوحيدة أو الأكبر في البلاد، يواصل الكاتبان كلامهما. وقد أطلقت النار على المتظاهرين غير مرة؛ مما زاد من حركة الاحتجاج ودفعها نحو العنف. وعلى الرغم من ذهاب السيد العبادي إلى البصرة عدة مرات، إلا أنه فشل في إخماد الاحتجاجات.

هاجم وكلاء إيران السفارة الأمريكية في بغداد والقنصلية الأمريكية في البصرة يومي 6 و8 سبتمبر على التوالي. ووردت أنباء تفيد بأن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وجه ميليشياته للقتال من أجل مصالحه. أرسلت بغداد تعزيزات إلى البصرة في 10 سبتمبر في محاولة لمنع المزيد من العنف، لكن ثمة مخاوف من تعرض هذه القوى للاستهداف. إن الوضع الحالي يذكرنا بأحداث عام 2008 – يشير الكاتبان – عندما أطلق رئيس الوزراء حينها نوري المالكي عملية ضخمة لاستعادة السيطرة على البصرة، لكن هناك ثلاثة اختلافات جوهرية.

أولًا لا وجود عسكري أمريكي في العراق يكفي لدعم بغداد كما كان في عام 2008. ثانيًا ليس لدى السيد العبادي ما يكفي من قوات الجيش العراقي موثوق بها تحت قيادته لشن مثل هذه المعركة. وأخيرًا اتسعت رقعة الاحتجاجات وباتت وعنيفة لدرجة أنها طورت زخمها حتى بدون دعم المليشيات. أحرق المتظاهرون مقار الأحزاب السياسية ومقر الحكومة والقنصلية الإيرانية، وهاجموا محطات التلفزيون الحكومية والمرافق النفطية والمستشفيات. وهناك احتمالات كبيرة بأن يتصاعد العنف وربما يخرج عن السيطرة.

لكن الأخبار ليست كلها سيئة – يستدرك الكاتبان – إذ إن هناك حركة قوية معادية للإيرانيين على المستوى السياسي والشعبي والنخبوي وباتت مصممة على مقاومة الهيمنة الإيرانية، ويجب على الولايات المتحدة مساعدتها.

ليس المقصود هنا هو أن على واشنطن التدخل عسكريًا – يقول الكاتبان – لكنها تمتلك القدرة الفنية والمالية لمعالجة الكارثة الإنسانية في جنوب العراق، والتي تفاقمت بسبب إيران وعملائها. يمكن للولايات المتحدة وشركائها الإقليميين توفير مياه الشرب والطاقة المؤقتة والمساعدة الطبية وغيرها من الموارد. فقد يحدث هذا اختلافًا حاسمًا في مستقبل العراق السياسي وأمن أمريكا القومي، لكنه يتطلب التحرك سريعًا.

لا تحتاج الولايات المتحدة إلى دفع الفاتورة أو التصرف من جانب واحد، بل عليها قيادة الشركاء الخليجيين للقيام بجهد قد يكون خطوة مهمة نحو إعادة دمج العراق الشيعي مع العالم العربي السني وإبعاد العراق عن إيران. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تهدئة التوترات والعنف، وتفادي حرب كارثية بين الشيعة. وسيثبت هذا أن أمريكا وشركاءها أكثر قدرة وكفاءة من إيران، وأنهم ملتزمون بخلق مستقبل إيجابي لجميع العراقيين. والأفضل من ذلك – يشير الكاتبان – أنه سيثبت التزام واشنطن بالمساعدة دون استخدام القوة العسكرية. وسيظهر للإيرانيين أن الولايات المتحدة تقف بجانب أعداء إيران في العراق، حتى في مواجهة تصاعد التوترات.

إن تكلفة التحرك الأمريكي ومخاطر العمل منخفضة. بيد أن تكاليف ومخاطر التقاعس هائلة. إن مساعدة العراق هي طريقة سريعة لإظهار روح القيادة الأمريكية بأقل تكلفة ممكنة مع احتمالية مكافأة عالية.

نشر هذا المقال تحت عنوان

The U.S. Can Defuse Iraq’s Crisis

للكاتب Kimberly Kagan and Frederick W. Kagan

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى