ترجمات عبرية

وماذا بعد الحرب

 

بقلماورلي ازولاي

 الحرب تأتي كي تحل المشكلة بالسياسة. اما نتنياهو فقد اغلق نافذة هذا الحل الذي فتحها له بايدن. احتمال أن يأتي ترامب لا بأس به وعندها الويل لامريكا وللعالم ولنا. هذا هو الوقت لان يترك نتنياهو إرثا ليس فيه دم واعمدة دخان وشقاق اخوة .

 

لقد سبق أن جربنا كل شيء: قتلناهم، قصفناهم، جوعناهم، فرضنا حصارا على غزة، اصبحنا اسياد البلاد في الضفة. وهم ذبحونا، فجرونا، خطفونا بوحشية لا مثيل لها، سلبوا منا الروح. ولم يعد مهما من بدأ ومن الذكي ومن المحق، حين يكون الدم يغلي، والهوة تفغر فاها، الغريزة الأولية هي رفع قبضة اكبر، نصب فخ اكثر ذكاء، سفك دم اكثر منهم بعد ان نكون سفكنا من دمنا. لنا توجد روح وشرف، ولهم أيضا يوجد قلب، ذكريات وتاريخ. عبر مسارات الدمار وجداول الدم في غزة تعلمنا ما هي حدود القوة.

 

ويوجد فقط شيء واحد لم نجربه حقا: ان نسير في الاتجاه المعاكس. ان نرسم خريطة، ان ندع الشمس تشرق. وفي هذه الحالة: مهم اكثر من أي شيء آخر ان نعيد المخطوفين الى الديار. ليس في تابوت يغطيه العلم او بعد أن يكونوا لفظوا انفاسهم في نفق. تفككنا سيكون اذا لم نعيدهم. وحتى لو كان هذا سبب لوقف الحرب التي سارت بنا حتى الان ونحن معذبون في الطريق الى اللامكان.

 

الحروب لا تحسم النزاعات. فهي تأتي للضغط على الطرف الاخر كي يصل الى تسوية سياسية تحل الخلاف، تقدم جوابا للتطلعات والمخاوف، للارادات والاحلام. هنا وهناك كانت محاولات، مثل اتفاق أوسلو: كان محقا اسحق رابين حين وصف رجال فتح باحتقار شديد بانهم “سكان الفيلل في تونس” لكنه فهم أيضا بان لا يمكن العيش على الحراب، وسار شوطا طويلا كي يوقع على اتفاق معهم. اخطأ اسحق رابين حين لم يقم في اللحظة ذاتها، في أيلول 1973 بخطوة أخرى نحو دولة فلسطينية الى جانبنا. لو لم يقتل لكان يمكن الافتراض انه كان سينهي المهمة.

 

اخطأ نتنياهو عندما ضغط على ترامب لكسر الاواني حيال ايران وللخروج من الاتفاق النووي. الاتفاق إياه لم يكن كامل الاوصاف لكنه اعطى جوابا: ايران اوفت بكل التعهدات، وبدأت بتسريع البرنامج النووي فقط بعد أن كسر ترامب بتشجيع من نتنياهو واعطاها على طبق من الذهب المبرر لمواصلة تسريع أجهزة الطرد المركزي. الاتفاق إياه، الذي وقع في 2015 كان يفترض أن يفتح مسارات دبلوماسية حيال ايران. كان يمكننا أن نقتل برقة مخزونات الكراهية والشر.

 

الحقيقة المرة هي ان إسرائيل لا يمكنها ان تخوض حربا بلا رعاية: بلا ارساليات بايدن العسكرية ما كان يمكن لإسرائيل أن تصمد ثلاثة اشهر من القتال. بايدن عرض على نتنياهو طلبا لطرح افق سياسي يؤدي الى حل الدولتين، الوحيد الممكن لاجل وقف رقصة الدم وروائح الموت. اما نتنياهو فطير الرئيس باحتقار، وكانت طرقة هاتف، ولاسابيع لم يتحدثا.

 

الان، تأخذ نافذة الفرص بالانغلاق: بايدن يرى في نتنياهو زعيما ناكرا للجميل يقود دولته الى الكارثة، وذلك فقط كي يخدم نزعة بقائه السياسي. هو قلق على إسرائيل ويريد أن يخرجها من الوحل وان يحافظ أيضا على المصلحة الامريكية في عدم الانجرار الى حرب شاملة. هذا هو الوقت لقبول التحدي الأمريكي: يحتمل ان في الولاية التالية الا يكون بايدن يجلس في البيت الأبيض. ترامب يصعد كالبالون. فقد فاز امس في الانتخابات المبكرة في ايوا. ويبدو انه في طريقه الى الانتصار ليكون مرشح الجمهوريين. صرح انه يكره الخاسرين وهكذا وصفنا في ذروة المعارك في غزة. كما أنه ضد تمويل الحرب.

 

احتماله في ان ينتصر على بايدن في هذه اللحظة ليس سيئا على الاطلاق، وعندها الويل لامريكا وللعالم ولنا. وعليه، فهذه هي الساعة. الان. نتنياهو لا يزال يمكنه أن يترك خلفه إرثا يوجد فيه اكثر من الدم، واعمدة الدخان وشقاق الاخوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى