الصراع الفلسطيني الاسرائيلي

وثيقة الى مؤتمر ديربان: الاستعمار الاستيطاني: أخطر مظاهر الاجرام والارهاب الصهيوني في فلسطين !

نواف الزرو *- 22/9/2021

(نأمل ان تصل هذه الوثيقة المدعمة بالمعطيات والمعلومات الموثقة الى مؤتمر ديربان الاممي يوم غد الاربعاء حيث ينعقد المؤتمر في الامم المتحدة، لتضاف الى كم الوثائق التي بحوزة المؤتمر، ولتشكل كلها معا لائحة اتهام تسمح بجلب”اسرائيل” الى الجنايات الدولية حينما يأتي يوم الحساب…وهو آت…!)

يعتبر الاستعمار الاستيطاني الصهيوني على الارض الفلسطينية أحد أهم وأخطر المرتكزات الصهيونية  للاستيلاء على فلسطين وتهويدها، بل يعتبر الاستيطان أخطر مظاهر الإجرام الصهيوني الى جانب سياسات التطهير العرقي المجازري الاجرامي، وهو الترجمة الاساس للمشروع الصهيوني على الارض الفلسطينية، فبدون الاستيطان لم تكن لتقوم “اسرائيل”.

بن غوريون ينظر للاستيطان وارض اسرائيل

 بعد ان اثار القرار الذي اتخذته حكومة نتنياهو، بالبناء والتهويد في المنطقة المعروفة باسم(E1)، متحدية بذلك كل الاحتجاجات الاوروبية وغيرها، ضاربة بعرض الحائط كل الشرعيات والقرارات الاممية وغيرها، مستهترة بكل التحذيرات من تداعيات هذا القرار، عدنا الى ارشيف الادبيات والمواقف الصهيونية المتعلقة بالضفة والقدس والاستيطان والقرارات الدولية، وفي هذا الصدد، كان دافيد بن غوريون قد وجه انتقادا شديدا للحكومة، لانها لا تفعل شيئا لاستكمال الانتصار العسكري الاسرائيلي في حزيران/67، وقال:”اذا اردنا ان تبقى القدس كلها بيدنا الى الابد، فعلينا ان نستوطنها بسرعة من الشرق والشمال والجنوب”، واضاف:”ان الانتصار في حرب الايام الستة ليس الكلمة الاخيرة، اذ علينا ان نستوطن المناطق الجديدة بسرعة”، وبعد عدة ايام اضاف:”بدون هجرة جماعية غفيرة ومضاعفة التكاثر اليهودي، وزخم عملية لالاستيطان في كل الاراضي التي وقعت تحت سيطرة اسرائيل منذ مدة قريبة، فمن يعلم اذا ما كانت دولة اسرائيل ستعمر طويلا-هآرتس 1967/11/17″.

وعلى ذلك، واستنادا الى الخلفيات الايديولوجية والاستراتيجية الصهيونية، فان الاستعمار الاستيطاني هو أخطر وأقسى ألوان الاستعمار، فالاستعمار العادي الذي مارسته كثير من الإمبراطوريات الاستعمارية قديما وحديثا يحتل الأرض لينهب خيراتها وليجعلها قاعدة لأمن “المركز” الذي جاءت منه جيوشه وليستغل شعوب البلاد المحتلة، أما الاستعمار الاستيطاني فهو الاستيلاء على الأرض واستغلال لسكانها واقتلاعهم من أراضهم وديارهم بالإبادة أو التهجير، فهو يحول البلاد التي يستعمرها إلى “أرض بلا شعب” ليجعلها أرضا خالصة له من دون أهلها… فالاستيطان هو أن يقوم غرباء-غزاة باستيطان أرض لا تخصهم بتأييد من دول أوروبا الاستعمارية، فقد تم نقْلُ سكان من أوروبا إلى المناطق المكتشفة في العالم والخالية من الحضارة الأوروبية، كأميركا وأستراليا. وحصل المستوطنون على الأرض وأبادوا أو عزلوا سكانها الأصليين. وتنبثق الطبيعة العنصرية للاستعمار الاستيطاني من إيمان المستوطنين بتفوقهم الحضاري واحتقارهم للسكان الأصليين، وشعورهم بالتفوق عليهم وتمدينهم بالقوة، وركّز المستوطنون على احتلال الأرض من السكان الأصليين واستعمارها وجعلها خالية منهم، وترحيل السكان الأصليين خارج الحدود إلى الدول المجاورة.

فالمستوطنون غرباء جاؤوا من وراء البحار واستقروا في أراض ليست لهم وهدفهم زيادة الهجرة وزيادة الأراضي المغتصبة وكسر إرادة السكان الأصليين بالقوة والإرهاب والإبادة والعنصرية، ويعمل الكيان الاستيطاني على تشجيع الهجرة، ويترافق تشجيع الهجرة مع عملية تهجير (ترحيل) السكان الأصليين وحصر ملكية الأرض بالمستعمرين الغزاة، فملكية الأرض تنتقل من السكان الأصليين إلى المستوطنين.

وتدّعي النظم الاستيطانية بأنها نظم ديمقراطية، وهي في الحقيقة ديمقراطية للمستوطنين فقط ونظم إرهابية وعنصرية تجاه السكان الأصليين، وتتجلى عنصرية المستوطنين وإغراقهم في التمييز العنصري والإبادة باستخفافهم بحقوق وحياة وكرامة السكان الأصليين، فارتكاب المجازر حدث طبيعي في سلوكهم وممارساتهم وثبت بجلاء التحالف الاستراتيجي بين أنظمة الاستعمار الاستيطاني والدول الاستعمارية. وتحتل عملية الاستيلاء على الأرض مكان الصدارة في الصراع بين المستوطنين وسكان البلاد الأصليين، تماماً كما فعلت فرنسا في الجزائر والنظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا وروديسيا. وشكل الاستعمار الاستيطاني جزءاً لا يتجزأ من الاستعمار التقليدي في كينيا والجزائر وأنجولا.

يتعارض الاستعمار الاستيطاني مع مبادئ القانون الدولي المعاصر التي تؤكد على ضرورة إنهاء الاستعمار بكافة أشكاله، وفي مقدمتها الاستعمار الاستيطاني الذي يشكل أبشع وأخطر أنواع الاستعمار، فأنظمة الاستعمار الاستيطاني بحكم نشأتها الاستعمارية، وطبيعتها العنصرية، وممارساتها الوحشية تنتهك أحكام ومبادئ القانون الدولي وأهم العهود والمواثيق والاتفاقات الدولية، وتخالف قرارات الأمم المتحدة ولا تلتزم بتنفيذها، وبشكل خاص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في عام 1960 حول “منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة وتصفية الاستعمار”، ويعترف القانون الدولي والأمم المتحدة بشرعية كفاح الشعوب الرازحة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية، وبشرعية الكفاح بكافة الوسائل بما فيها المقاومة والكفاح المسلح لنيل الاستقلال وحق تقرير المصير وكنس الاستعمار بشكليه التقليدي والاستيطاني.

 وعلى هذه الخلفية نأتي للاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين الذي يمكن اعتباره الاخطر والابشع في التاريخ المعاصر، ففي فلسطين تتجلى أقسى وأبشع اشكال الاستعمار الاستيطاني التي تنعكس وتترجم يوميا بل وفي كل ساعة  ضد الشعب العربي الفلسطيني، وعلى نحو خاص في ظل صفقة القرن الترامبية الصهيونية بالكامل، وفي ظل وباء الكورونا الذي اجتاح العالم.

وهنا في هذا السياق قد يتساءل البعض باستغراب: العالم كله انشغل ومنشغل بجائحة الكورونا وتداعياتها الكارثية على كل الامم والشعوب، وانت  منشغل بالمستعمرة الصهيونية(اسرائيل) وسياساتها وارهابها وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني الذي هو ايضا تحت حصار ومداهمة الكورونا…؟!، بينما يقول لي البعض الآخر: ألم تتعب…ألم تمل من الكتابة عنها حتى في ظل هذا القلق والهلع العالمي….!؟.

 في الرد على هذه التساؤلات وغيرها الكثير اقول: ان وباء الكورونا ووفقا لشهادات العلماء والتقارير الطبية المختلفة هو وباء عابر ومحدود لفترة زمنية قصيرة، بينما وباء الاستعمار الاستيطاني الصهيوني وباء مزمن ومفتوح ومستمر منذ مطلع القرن الماضي، وتداعياته على الارض والشعب والتاريخ والحقوق تداعيات  وجودية ومصيرية تلحق بالشعب العربي الفلسطيني نكبة وكارثة لا حدود لها، فهو اخطر وباء على وجه الكرة الارضية…!؟

وفي هذا السياق الاستعماري الاستيطاني الصهيوني حدث ولا حرج….؟!

فنحن في المشهد الفلسطيني الراهن امام ما يمكن ان نطلق عليه”الحرب الاستعمارية الاستيطانية الثالثة-الاولى بدأت عام1948 والثانية بعد العدوان عام 1967-كم يوثق الكاتب توفيق ابو شومر” التي بدأت طلائعها منذ منتصف شهر ديسمبر 2018، ولكنها في سياق سلسلة متصلة من المعارك الطاحنة الوجودية على اهم المواقع في الضفة الغربية وهي: القدس والخليل والاغوار، ولكن، وفي الوقت الذي يتسابق فيه بعض الزعماء والوزراء والمدراء وبعض المثقفين والاعلاميين والتجار العرب على التطبيع المجاني مع الاحتلال الصهيوني، يسارع عدد كبير من أعضاء “الكنيست” والوزراء من حزب “الليكود” وأحزاب يمينية أخرى الى التوقيع على وثيقة تعهدوا فيها بدعم الاستعمار الاستيطاني والعمل على بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية. ووفقاً لصحيفة “إسرائيل اليوم” فإن الحديث يدور عن وثيقة بادرت بطرحها حركة “نحلا” الاستيطانية، حيث تهدف إلى جمع تعهدات من وزراء وأعضاء كنيست بالعمل على توطين أكثر من مليونَيْ ممستعمر-ستوطن-غاز في الضفة الغربية، ومن بين الوزراء والمسؤولين الذين وقعوا على الوثيقة من الوزارة السابقة-: رئيس الكنيست -المستقيل-“يولي أدلشتاين”، والوزير “يسرائيل كاتس”، والوزير “يريف لفين”، والوزير “زئيف ألكين”، والوزير “جلعاد أردان”، والوزير “أيالت شاكيد”، والوزير “نفتالي بنيت”، والوزيرة “ميري ريغف”، والوزير “أيوب قرا”، والوزير “يوآف غالنت”.

 ان الشعب الفلسطيني يواجه منذ سنوات تهديدا حقيقيا يطلقون عليه هناك في”اسرائيل”  “دويلة المستوطنين اليهود في يهودا والسامرة”، اذ بدأ هؤلاء يهددون بالانفصال عن دولة “إسرائيل” وإقامة دولتهم الخاصة المستقلة، وذلك حسب زعمهم ردًّا على أي محاولة من الحكومة الإسرائيلية للانسحاب من الضفة في إطار التسوية الدائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

فقد كان المستعمرون المستوطنون اعلنوا في منشور حمل عنوان “إسرائيل أرضنا” عن “مسابقة لوضع نشيد قومي واختيار علم آخر لدولتهم، وسيمنح الفائز بأحسن تصميم للعلم والنشيد بجائزة نقدية”، وجاء الإعلان عن هذا المخطط في مقال في صحيفة يديعوت أحرنوت/كتبه الراباي شالوم دوف وولفا رئيس “الطاقم العالمي لإنقاذ الشعب اليهودي” وهي المنظمة التي شكلت خصيصًا لذلك، تحت عنوان “الزلزال المقبل”، وقال الحاخام شالوم دوف في بيان له “بعد موافقة إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية واقتراح قانون لتعويض المستوطنين تمهيدًا لإخلائهم: ف”إن الحل هو إعلان دولة-أو مستعمرة يهودية-اخرى- ذات حكم ذاتي في إطار المستعمرة الكبرى-اسرائيل-“، ولكن على الارجح ان يكون هذا الاعلان في سياق تنسيق ةتكامل مع حكومة نتنياهو.

 وعن هذه الدولة كتب يهودا باور- في هآرتس”ان اسرائيل لا تسيطر على بضع مئات الآلاف من المستوطنين اليهود هناك، فهم يقبلون الحكم الاسرائيلي فقط اذا كان يصب في مصلحتهم، أما عندما لا يحدث ذلك وفقا لتصورهم، فهم يتجاهلونه في أحسن الاحوال وينجحون في مقاومتهم له في اسوأ الاحوال”، ويضيف :” الشرطة والسلطات الأمنية والجيش يخضعون لتهديد المقاومة النشطة المتواصل من قبل المستوطنين، ويخضعون لهذه التهديدات ، واصبح هناك دولتان، الاولى ملتزمة بالقانون الديمقراطي الغربي، والثانية بالحكم الديني المتطرف والخلاصي”.

 اما الخبير بالشؤون العربية داني روبنشتاين فقد كتب بدوره في هآرتس-عن دولة المستعمرين- المستوطنين يقول:”على خلفية اتفاق السلام مع مصر والانسحاب الاسرائيلي من سيناء أقام نشيط حركة “كاخ”، ميخائيل بن حورين، في الثمانينيات ما سماه هو ورفاقه “دولة يهودا”، وكان قصدهم رمزيا وهو الاشارة الى بديل ممكن عن السلطة الاسرائيلية في الضفة الغربية اذا ما انسحبت اسرائيل من المناطق وعندما تفعل ذلك، ولقّب بن حورين نفسه بلقب “رئيس دولة يهودا”، بعد ذلك كان من محرري كتاب “باروخ الرجل”، الذي امتدح القاتل في الحرم الابراهيمي باروخ غولدشتاين، وكان من أبطال البولسا دينورا ضد اسحق رابين”و”لكن-يضيف روبنشتاين-  في العديد من الجوانب أُقيم في الضفة، برعاية حكومات اسرائيل وتشجيعها، كيان سياسي ذو طابع يخصه،أي أنه نشأ فصل حيث توجد دولة اسرائيل على حدة، والضفة أو دولة يهودا على حدة”.

 ونحن هنا إذ نتحدث عن دولة أو جمهورية المستوطنين اليهود الإرهابية القائمة في أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام ، فإننا لا نبالغ في ذلك أبداً، ذلك أن المستعمرات-المستوطنات اليهودية المنتشرة في أنحاء الضفة والقطاع عبارة عن ترسانات مسلحة أولاً، وعبارة عن مستنبتات أو دفيئات لتفريخ الفكر السياسي والأيديولوجي الإرهابي اليهودي ثانياً ، ودفيئات أيضاً لتشكيل وانطلاق التنظيمات والحركات الإرهابية السرية في نشاطاتها وممارساتها الإرهابية ثالثاً ، فضلاً عن كونها قوة ضغط هائلة على قرارات الحكومة الإسرائيلية ونهجها الاستيطاني والتنكيلي ضد الفلسطينيين رابعاً ، وذلك رغم الحقيقة الساطعة المتمثلة بالتعاون والتكامل القائم بين الجانبين ، فلا تعارض ولا تناقض قطعاً ما بين الدولة الإسرائيلية الرسمية بمؤسساتها وأجهزتها السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والإدارية والمالية ، وسياساتها الاستيطانية ، وما بين دولة المستوطنين اليهود المنفلتة في الأراضي الفلسطينية المحتلة .

وعندما نتحدث عن دويلة أو جمهورية-والاصح مستعمرة- المستوطنين اليهود، فإننا نتوقف عند حقيقة الصفات والخصائص الأساسية ومنها العنصرية والفوقية والإرهابية التي ميزت ودمغت الحركة الصهيونية والتنظيمات الصهيونية التاريخية ، فمشروع الاستيطان اليهودي ترجمة صارخة للاستراتيجية الصهيونية على الأرض الفلسطينية ، ودولة المستعمرين المستوطنين هي نتاج عملي لتلك الترجمة.

وعندما نتحدث عن دولة المستوطنين اليهود، فإننا نتحدث عن … ، ونتوقف أمام ، مسلسل لا حصر له ، من الانتهاكات والممارسات الإرهابية الدموية التنكيلية والتدميرية الجامحة المنطلقة من صميم المستوطنات اليهودية … وكلها تجري بصورة سافرة تحت سمع وبصر وحماية الحكومة والجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية .

هكذا هي حقائق المشهد الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في الاراضي المحتلة حتى في ظل الجائحة الكورونية العالمية.

والمؤسف هنا: انهم يعملون هناك في المستعمرة الصهيونية حتى في ظل هذا الوباء العالمي وعلى مدار الساعة من اجل تحقيق حلمهم باختطاف الارض والوطن والتاريخ والحقوق وتهويدها هكذا بفعل القوة والارهاب، بينما يهرول بعض العرب لمنحهم الاعتراف والغطاء والشرعية بالتطبيع معهم…؟.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى