ترجمات عبرية

واللا العبري – ترامب متحمس لتحسين العلاقات مع بوتين

موقع واللا الاخباري – بقلم  أورن نهاري – 16/7/2018

القمة التي ستُعقد، اليوم الاثنين، بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في هلسنكي هي الرابعة بين زعماء الاتحاد السوفييتي وبين رئيس أمريكي في العاصمة الفنلندية، لكنها لا تشبه سابقاتها في أي صورة أخرى.

في 1975 كانت بين ليونيد بريجنيف (الزعيم القاسي والمتزمت للاتحاد الأوروبي في ذروة قوته العسكرية) وجيرالد فورد (الشخص الذي لم يُنتخب لمنصب نائب رئيس، ولا حتى رئيس، وشغل منصبيْن). وفي 1990 جورج بوش الأب التقى بميخائيل جورباتشوف، بعد انتهاء الحرب الباردة (أو فعليًا خلال الحرب الباردة الأولى)، الاتحاد السوفييتي ما زال قائمًا، لكن جدار برلين انهار، وانهيار الكتلة الشيوعية واضح. القمة الثالثة كانت في 1997 بين بوريس يلتسين (رئيس روسيا الجديدة القديمة) وبل كلينتون.

ليس هناك أي نقطة مرجعية أو تاريخ يجمع بين اللقاءات بين الزعماء. السبب الرئيس هو أن المقارنة البديهية بين قمة كلينتون ويلتسين غير قانونية، وذلك لأن روسيا كانت حينها في دوامة هبوط، الاقتصاد في فوضى تامة تسمح لبعض الأوليغارشيين بجمع المليارات بطرق مشبوهة، بينما باقي الشعب يحاول البقاء على قيد الحياة فقط. الاسطول، سلاح الجو، الجيش والصواريخ التي شكلت تهديدًا على العالم أصبحت صدئة ومتعفنة، الأمل في الحياة آخذ بالتدهور، وبدى أن الدولة لن تتعافى أبدًا.

هذا في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تقود العالم قبل 20 عامًا؛ هيمنتها كانت تامة، هجمات الـ 11 من سبتمبر شكلت كابوسًا بعيدًا، والصين بدأت بالتعافي من سنوات “ماو” القاتلة، لم تكن القمة بين قوى متساوية. أما الآن فالأمور مختلفة تمامًا، خصوصًا من ناحية روسيا.

نقطة الاختلاف الثانية هي بين الشخصيات؛ فبوتين ليس يلتسين – على أقل تقدير – أو بريجنيف، ويقف أمامه رئيس أمريكي لم يسبق له مثيل. لم يكن حتى الآن في تاريخ الدبلوماسية والسياسات الأمريكي أحد يشبه ترامب، ولا أحد لديه فكرة عمّا يمكن توقعه من القمة، من المرجح أننا كلنا سنتفاجأ، لكن غير واضح ممّ سنتفاجأ.

إنه اللقاء الثالث بين الاثنين، والأول الذي يمثل لقاءً حقيقيًا، وفي إطاره ستعقد محادثة سيدخلها ترامب دون مستشارين أو مترجمين، وهذا ما أثار قلق الكثيرين في الولايات المتحدة، بما فيهم أو بشكل أخص في البيت الأبيض.

على جدول الأعمال سلسلة قضايا، وترامب محق حين يقول بأن تحسن العلاقات مع روسيا هو لصالح الأمريكيين، وقد يكون أيضًا لصالح العالم، والسؤال: ما هو الثمن؟ ومن سيدفع هذا الثمن؟

سوريا على جدول الأعمال، ترامب يواصل سياسات أوباما الكارثية، يتخلى عن حلفاء الولايات المتحدة (الأكراد، جيش سوريا الحر وتنظيمات متمردين آخرين)، ويتركهم للقصف الوحشي لروسيا واستخدام السلاح الكيماوي، للقصف الجوي للأسد وتدخل إيران. في اللحظة التي أعلن ترامب أنه يسعى لإخراج القوات من سوريا، تحول العنوان الذي كتبه أوباما لنبوءة تحقق نفسها: روسيا حصلت على القواعد التي تطلعت إليها، إيران تقوي تحالفها في المنطقة (الأسد وحزب الله)، ومن وقف بالوعود الأمريكي الواهية اكتشف أنه في نهاية اليوم مضطر للتسليم، أي الخضوع للأسد، لبوتين، لخامنئي وأردوغان.

إسرائيل هي أول من اضطر للتكيف مع هذا الوضع الجديد – القديم في المنطقة، لكن بدلًا من نظام أسد مفكك وضعيف؛ مع نظام يحتل من جديد كل البلاد. إيران خرجت منتصرة من الحرب الأهلية الفظيعة في عصرنا، وروسيا الرابح الأكبر، فقد عادت على نطاق كبير لحوض البحر المتوسط وترامب غير منزعج من ذلك. من وجهة نظره، القوات الأمريكية المنتشرة في العالم عبء على الاقتصاد الأمريكي، إنها تؤمن الدول التي تنافس الاقتصاد الأمريكي، ويجب إعادة أكبر قدر ممكن منها لأمريكا.

دولة أخرى ستكون على طاولة النقاشات وهي أوكرانيا، من ناحية روسيا؛ ليس هناك ما يمكن الحديث عنه، باستثناء توضيح لرئيس أمريكي بقبول فكرة أن ضم جزيرة القرم أمر مبرر، وأن على الولايات المتحدة أن ترفع العقوبات عن روسيا بهذا الشأن وأمور أخرى. ترامب منصت للحجة التي تقول بأن جزيرة القرم هي بالأصل روسية، وهذا فعلًا هو الحال (على الأقل في الـ 200 عام الماضية)، لكن بسبب نزوة خروتشوف تم نقلها لأوكرانيا، احتلال وضم جزيرة القرم مبررين وحول الحرب في شرق أوكرانيا، حيث تدعمهم القوات الانفصالية والروسية، أو في الواقع تشكل العمود الفقري للانفصاليين، إنها مسألة محلية، سينهيها بوتين.

من المحتمل أن يتم إلقاء بعض الملاحظات المدروسة جيدًا في ساحة الغرفة، بوتين سيذكر ترامب أنه تم حل حلف وارسو. إن كان الأمر هكذا، فلماذا ما زال حلف الناتو قائمًا؟ ضد من؟ الحديث سيلقى أذانًا صاغية، كما رأينا هذا الأسبوع أن ترامب يرى أن حلف الناتو حلفًا غير مهم، بل لا لزوم له، وأنه تقريبًا عدو للاقتصاد الأمريكي. والاتحاد الأوروبي هو فعليًا بمثابة عدو للولايات المتحدة، إذًا بوتين أيضًا يمقت هاتين المنظمتين أكثر من كل شيء ويتمنى تفكيكهما، كلا الزعيمين يريدان حل النظام القائم، ولكل واحد أسبابه.

ما زال أمام ترامب بعض العوائق، ليست كثيرة وهي تتلاشى وتختفي، داخل حزبه، في النظام السياسي الأمريكي، لكن هدف الاثنين في هذا الشأن لا يتعارض، هناك إجماع. أمر آخر سيكون نزع السلاح النووي، لا، ترامب ليس أوباما الذي كان يتطلع لهذا الأمر، بل ترامب يريد أن يرفع أمر السياسات التي تملك سلاح نووي في العالم أو يشتبه في كونها مسلحة نوويًا، كوريا الشمالية وإيران بشكل أخص؛ في هذا الشأن سيكون من المرجح أن يكون هناك بيان مشترك وغامض.

وصلنا للفيل في منتصف الغرفة

لقد سُئل ترامب في نهاية الأسبوع فيما إن كان سيثير أمام بوتين قضية التدخل الروسي في الانتخابات، لقد أجاب بـ “نعم”، حتى الآن رد ترامب على الأمر كان إنكارًا تامًا بأن ذلك حدث أو إن كان حدث فهو كان ليس لصالحه. سيكون هذا هو الموضوع الأهم في النقاش، في حال تمت إثارته.

اللقاء في هلسنكي هو نهاية زيارة ترامب لأوروبا، زيارة مضطربة، عناوين تتغير بسرعة ومحرجة لكل من يتعلق بهم الأمر.

القمة مع بوتين ستكون ختام للزيارة، ومن نواحٍ كثيرة هي أبرز ما في هذه الزيارة. ترامب – حسب ما يقول نقاده – لديه ميل للاقتناع بما يقوله له آخر من يلتقي بهم، وآخر من يلتقي به في أوروبا سيكون رئيس روسيا، وسيكون مثيرًا جدًا سماع التصريحات في نهاية القمة، ماذا سيقال، وخصوصًا ما لن يقال.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى