واشنطن بوست: مطور عقاري في متجر صيني

واشنطن بوست 6-2-2025، ديفيد اغناطيوس: مطور عقاري في متجر صيني
يتعثر الرئيس دونالد ترامب، الذي قال إنه يريد إنهاء الحروب في الشرق الأوسط، نحو تشابك جديد خطير مع حديثه عن طرد الفلسطينيين من غزة والاستيلاء على الأراضي للولايات المتحدة.
كانت المخاوف بشأن الاقتراح المذهل سريعة وحادة للغاية يوم الأربعاء لدرجة أن السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت سارعت لتوضيح أن ترامب لم يكن يخطط لدفع تكاليف هذا المشروع أو إرسال قوات أمريكية. وإذا كان هذا صحيحا ــ ولا يبدو أن أي دولة أخرى في المنطقة مستعدة لتقديم الدعم المالي أو العسكري ــ فإن هذا الاقتراح يعادل في السياسة الخارجية بذلة فارغة.
وقد تردد صدى تصريحات ترامب مثل صوت الرعد. وأصدرت السعودية والإمارات بيانات سريعة ترفض فيها الخطة. وقالت مصادر أردنية بأن احتجاجات سريعة بدأت بالفعل. وهناك مخاوف محلية في أمريكا نفسها، وتوقع ما هو أسوأ.
وأرسلت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية إلى قوى فرض النظام والقانون على مستوى المقاطعات والولايات، رسالة مخيفة في الساعة 12:14 من صباح الأربعاء، بعد خمس ساعات من تصريحات ترامب، محذرة من المخاطر المحتملة بسبب “التغييرات في موقف الولايات المتحدة بالمنطقة”.
وكان فحوى الرسالة: “في الماضي، أدى موضوع السياسة الخارجية هذا إلى احتجاجات حول البلد، ونحن واعون باحتمالية حدوث المزيد من الاحتجاجات في الأيام المقبلة، ولو تحولت إلى عنف، فنحن نتوقع منكم اتخاذ تحرك في ولايتكم أو منطقتكم. تقف وزارة الأمن الداخلي والوكالات الشريكة معها من أجل توفير الدعم والمصادر لتعزيز الأمن الوطني”.
إن مجموعة راديكالية تطلق على نفسها “المقاومة الإسلامية السيبرانية” وزّعت تعميما دعت فيه لهجمات إلكترونية ضد المصارف الأمريكية احتجاجا على إعلان ترامب، وذلك حسب مسؤول مجموعة حكومية ترصد تحركات الراديكاليين.
وبالنسبة للشرق الأوسط الذي يتعافى للتو من صدمة خمسة عشر شهرا من الحرب، فإن اقتراح ترامب باستيلاء الولايات المتحدة على غزة كان مثيرا للغضب. فقد تمت دعوة زعيم مصر وملك الأردن إلى البيت الأبيض، وهما الدولتان اللتان ذكر ترامب بأنهما مكان إعادة توطين الغزيين عندما طرح الفكرة لأول مرة قبل عشرة أيام.
أن البلدين خائفين من ترامب، كما يبدو معظم العالم بعد أسبوعين من التهديدات والإجراءات. لكنهما أكثر قلقا بشأن خطر الاضطرابات الداخلية التي قد تلي طرد الفلسطينيين إلى مصر والأردن.
وقال مسؤول أمني عمل لعقود في منطقة الشرق الأوسط: “سيحدث هذا عرقلة كبيرة في مصر والأردن”، وأكد أن عدم الاستقرار هذا سيرتد على إسرائيل، ويؤدي إلى انتفاضة جديدة في الضفة الغربية وعلى حدود الدولة العبرية. وقال الشخص بِحيرة: “لماذا تريد تصدير حماس لدول تعد مهمة لأمن إسرائيل؟”.
وتحضّر هذه الدول للأسوأ، فقد أرسل مصدر مصري على علاقة مع المخابرات المحلية رسالة إلى صديق: “لو حصل تهجير قسري إلى سيناء، فستتحرك مصر عسكريا، وهم يقومون بعسكرة سيناء منذ أيار/ مايو”.
وقد انفجرت خطة ترامب للسيطرة على المنطقة دون سابق إنذار، مما أثار صدمة حتى عند مسؤولي الاستخبارات والأمن الإسرائيليين.
ولكن بالنظر إلى الوراء، كانت هناك علامات منذ أشهر على أن الخطة ترسخت في ذهن مطور العقارات السابق. فقبل عام، قال جاريد كوشنر، صهر ترامب الذي يدير الآن صندوقا استثماريا بمليارات الدولارات بدعم من السعودية، في منتدى هارفارد عبر الإنترنت، إن “عقارات غزة المطلة على البحر يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة”. وأوضح: “من وجهة نظر إسرائيل، سأبذل قصارى جهدي لإخراج الناس ثم تنظيف المكان”، رغم أنه ناقش نقل الفلسطينيين إلى صحراء النقب الإسرائيلية بدلا من الأردن أو مصر.
ثم في أيلول/ سبتمبر، ذكر ترامب فكرة النقل في اجتماع مع زعيم خليجي كان يزوره في مقر إقامته بفلوريدا، وفقا لمصدر عربي مطلع على الاجتماع.
ويحاول الأردن الذي قد يتعرض لتأثير كبير على استقراره بسبب المقترح، نظرا لوجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين فيه، الحصول على معلومات.
ولم يقدم المسؤولون في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي توضيحات، حيث لم تتم إحاطتهم، كما قال مصدر مقرب من الأردنيين. ولم يحصل المسؤولون في وكالة الاستخبارات الأمريكية على تحذيرات أيضا.
اقتراح ترامب المتقلب هو أحدث مثال على إدارة تبدو غافلة عن العواقب المترتبة على الأمن القومي في رغبتها الجامحة بخلخلة الأمور. وعُرض على ضباط وكالة المخابرات المركزية “سي آي إيه” في جميع أنحاء العالم، فرص الحصول على مكافأة للاستقالة من مناصبهم يوم الثلاثاء كجزء مما قاله مديرها جون راتكليف، أنه جهد لتقليص القوى العاملة و”تزويد الوكالة بطاقة متجددة”.
ولا تأخذ هذه التغيرات بعين الاعتبار، التأثير الذي قد تخلفه هذه التخفيضات غير المركزة في الوظائف على عمليات الوكالة، في وقت يسود فيه عدم الأمن العالم العالمي. ونقل عن مسؤولين سابقين في “سي آي إيه” قولهم إن العديد من رؤساء المحطات اتصلوا بهم هذا الأسبوع بحثا عن وظائف.
فليس من السهل استبدال الضباط الذين يتمتعون بمهارات لغوية مهمة ولا يمكن اكتسابها إلا بصعوبة مثل التحدث باللغة الروسية أو الصينية أو العربية. ويخشى قدامى المحاربين في “سي آي إيه” أن يربك تعيين مايكل إليس الموالي لترامب نائبا لراتكليف عمل الوكالة، فهو يتمتع بخبرة استخباراتية ضئيلة.
والواقع أن منجل ترامب الذي يسعى إلى تعطيل النظام والانتقام، بات يخترق المشهد الأمني الوطني. فعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف بي آي” الذين عادة ما يراقبون الإرهاب ومكافحة التجسس، باتوا ينفقون وقتهم في التحقيق مع المتورطين بالتحقيق في اقتحام مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/ يناير2021. وهو ما دفع عملاء “أف بي آي” للبحث عن وظائف، كما أخبر مسؤولون سابقون. كما تلقى ضباط في وكالة الأمن القومي، التي تنتج ربما أكثر المعلومات الاستخباراتية حساسية وأهمية في البلاد، استقالة مقابل مكافأة مالية.
سياسات الرئيس ترامب من الشرق الأوسط باتت متقلبة، فهو من جهة يتفاخر بهزيمته لتنظيم الدولة الإسلامية. وأشار الأسبوع الماضي إلى أنه يفكر في سحب قوات العمليات الخاصة الأمريكية من سوريا التي تحاول منع عودة ظهور الجماعة الإرهابية هناك، قائلا: “سوريا فوضوية في حد ذاتها، إنهم لا يحتاجون إلى مشاركتنا”.
وبدون الدعم الأمريكي، قد يتمكن الآلاف من سجناء تنظيم الدولة الإسلامية المحتجزين الآن في السجون التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في شمال- شرق سوريا، من الفرار.
من الذي سيعالج هذه المشكلة؟”، ويجيب: “إذا حكمنا على التصريحات العامة، فإن إدارة ترامب ليست لديها أدنى فكرة.
Real estate developer in a china shop