واشنطن بوست : إيران لن تتخلى عن نفوذها في العراق والشرق الأوسط

واشنطن بوست– 8/11/2018 .
هناك خشية حقيقية من أن يؤدي الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض العقوبات عليها، إلى نتائج عكسية.
ومنذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، صعّدت إيران اعتداءاتها في المنطقة، وزوّدت الحوثيين بصواريخ استُخدمت في قصف السعودية، وهرّبت مثل هذه الصواريخ إلى لبنان وسوريا، لاستخدمها مستقبلاً في ضرب إسرائيل، بالإضافة إلى أنه تم الكشف عن خطط إيرانية لاغتيال معارضيين في أوروبا.
آمال الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، كانت منصبَّة على أن يؤدي الاتفاق النووي إلى اعتدال إيران في سياساتها الخارجية، وتقليص نشاطاتها التوسعية والخبيثة، لكن يبدو أن ذلك كان وهماً”.
بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، يراهن ترامب على أن استئناف العقوبات القاسية سيجعل نظام الولي الفقيه مثقلاً بالهموم.
الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض مزيد من العقوبات، قد لا يؤديان إلى أي تغيير فعلي في السياسة الإيرانية.
محللون يرون، أن الإجراءات الجديدة التي تستهدف صادرات النفط الإيراني، والشحن والبنوك، قد تسهم في تخفيض صادرات طهران من النفط إلى نحو الثلث، بعد أن وصل حجم ما تصدره إيران نحو 2.8 مليون برميل باليوم.
هذا يعني تراجعاً كبيراً في ميزانية الحكومة الإيرانية، ربما يدفع الاقتصاد الإيراني للدخول في مرحلة الركود مرة أخرى.
ولكن من غير المرجح أن يكون الحظر فعالاً لدرجة تدفع إيران للجلوس إلى طاولة المفاوضات من جديد، وتوقيع اتفاق نووي آخر، خاصة أن هناك دولاً استُثنيت من العقوبات وشراء النفط الإيراني.
لا نستبعد أن تواجه إيران صعوبة في الحصول على الأموال الكافية لإنفاقها على المليشيات الشيعية في الشرق الأوسط.
من غير المرجح أن يتقهقر الحرس الثوري الإيراني في العراق أو بلاد الشام، حتى لو كان الثمن باهظاً ويتعلق بصعوبة حياة السكان الإيرانيين الذين يعانون أصلاً.
ومن الواضح أن كبار مسؤولي إدارة ترامب يأملون أن يؤدي الضغط الاقتصادي المتزايد إلى تغيير النظام، لكن يبدو أن واشنطن ستنتظر عبثاً حصول ثورة شعبية في إيران على غرار ما حصل عام 1979″.
مهما كانت نتائج العقوبات المفروضة على إيران إيجابية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فإنها، ستكون مصحوبة بتكاليف أخرى أيضاً.
من هذه التكاليف أن “إيران قد تعاود شن هجمات على أهداف أمريكية في العراق أو سوريا، أو أن تتحدى الأسطول الأمريكي المتضائل في الخليج العربي، ويمكن أن تتخذ خطوات لاستئناف برنامجها النووي، وهو أمر من شأنه أن يترك القليل من الخيارات أمام إدارة ترامب للتحرك لمواجهة إيران”.
إذا كانت هذه هي النتيجة فإن قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي ستكون له نتائج عكسية مذهلة؛ فبدلاً من ذلك كان بإمكان ترامب أن يكثف الضغط على إيران دون أن يتحمل تبعات اتخاذ قرارات كالانسحاب من الاتفاق النووي.
إن ترامب كان يريد أن يدفع إيران للتوقيع على صفقة جديدة، وإذا كان جاداً في ذلك، فإن عليه أن يغيّر نهجه؛ فإيران لن توافق أبداً على التخلي عما تراه حقوقها في العراق أو بأي مكان في الشرق الأوسط.
ومن ثم فإن مفتاح أي صفقة كبرى هو إيجاد توازن سلمي بين مصالحها ومصالح السعودية وحلفائها السُّنة، وهذا يتطلب أيضاً من إدارة ترامب أن تتراجع عن احتضانها المبالَغ فيه النظام السعودي.