هل ترنحت الآلة الإعلامية لداعش؟!
مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف ٢٥-٦-٢٠١٨
ملخص
– «داعش» تفرَّد بترسانة إعلامية ضخمة ومنظمة نجحت في استقطاب المقاتلين من الشرق والغرب على السواء
– استراتيجية داعش الإعلامية ركزت على الترويج لأفكاره وإقناع الناس بها والدفاع عن سمعته.. وعملت على خلق صورة ذات تأثير مزدوج قادرة على الجذب والإرهاب
– هل ما زالت الآلة الإعلامية الداعشية قادرة على التأثير مثلما كانت تفعل قبل سقوط التنظيم وفقدانه 98% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق؟
– الحملات العسكرية المكثفة التي شنها التحالف الدولي كان لها نتائج إيجابية في تقويض الآلة الإعلامية الداعشية والحد بشكل كبير من خطرها
– داعش أعاد بناء صفوف منظومته الإعلامية.. وأصدر منتجات أكثر تحديثًا وأفضل جودة.. ومؤسسات دعاية تابعة له تنشط في أفغانستان وباكستان
– الدراسة تتناول بالتفصيل أهم المنصات الإعلامية الرسمية لداعش.. وتكشف بالأسماء أبرز المؤسسات الإعلامية التي تروج للفكر الداعشي
– مرصد الأزهر يطالب بوضع استراتيجية إعلامية واضحة الملامح وهادفة لمكافحة التطرف والإرهاب.. ويؤكد على أهمية الرجوع إلى مصادر موثوق منها قبل نشر أية أخبار تتعلق بهذا الشأن
……….
لماذا كل هذا الاهتمام بتنظيم داعش؟ وما الفائدة من كثرة الدراسات التي تتناول هذا التنظيم خاصة وأنه مُنِي بهزيمة فادحة في سوريا والعراق أفقدته 98% من الأراضي التي كان يُسيطر عليها؟ وكيف نجح هذا التنظيم الإرهابي في استقطاب الآلاف المقاتلين في وقتٍ قياسي؟ ولماذا يبقى الخطر الداعشي رافضًا أن يزول رغم تكاتف الدول لقتاله والقضاء عليه؟ والأهم كيف أقنع داعش العالم بأنه دولة قائمة بذاتها متجاوزًا بهذا استراتيجية أقرانه من التنظيمات والجماعات الإرهابية التي تعتمد على العمل في الخفاء أكثر من العلن؟ وما دور الإعلام في تنامي هذا التنظيم الأكثر وحشية على مدار التاريخ؟
أسئلة كثيرة، عمل الباحثون بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، على مدار شهور للإجابة عليها، ووثَّقت نتائج هذا العمل البحثي في دراسة من جزئين، تضمنت حلًا لهذه الألغاز، وإجابة على تلك التساؤلات، واختير لها عنوان: «هل ترنحت الآلة الإعلامية لداعش؟!»، وجاء تركيز الدراسة على الآلة الإعلامية الداعشية لتكون مفتاحًا للوصول إلى إجابات الأسئلة التي طرحناها في المقدمة من جانب، ومن جانب آخر لما تمثله هذه الآلة من أهمية ساهمت بشكل كبير في انتشار التنظيم وتضاعف أعداد المنضمين إليه، ومن يقرأ كلمات زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي التي قال فيها: «إن الجهاد الإعلامي هو نصف الجهاد»، يُدرك أن داعش ركز منذ بداية ظهوره -وحتى يومنا هذا- على الإعلام، واتخذه طريقًا لتحقيق مآربه غير المشروعة، خاصة في الفترة التي تلت سقوطه في العراق وسوريا.
داعش والإعلام
في البداية يجب التأكيد على أن تنظيم داعش محل الدراسة ليس إطارًا مؤسسيًا أو نظامَ حكم، إنما هو نموذج لظاهرة أيديولوجية واقعية كانت موجودة قبل قرون، هذه الظاهرة تمثلت في «الخوارج»، وما تركوه من فكر منحرف ورثه الدواعش وأخواتهم، ولذلك لا يمكن الاحتفال بهزيمة هذا التنظيم قبل اقتلاع جذوره وتجفيف منابعه الفكرية.
ويُقدم مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من خلال هذه الدراسة قراءة تحليلية حول منظومة داعش الإعلامية التي مرت بمراحل مختلفة من القوة والضعف والتراجع، تسبب فيه فقدان التنظيم عددًا كبيرًا من موارده ومعظم الأراضي الواقعة تحت سيطرته حيث تم توجيه عدد من الضربات العسكرية له عامي 2016 و2017، وحتى تسطير هذه الدراسة، مما أدى إلى انخفاض تدريجي كبير، الأمر الذي أثّر على آلة داعش الإعلامية كمًا وكيفًا.
إن بداية العمل البحثي في هذه الدراسة كان منصبًا على ضرورة معرفة العلاقة بين داعش والإعلام، ومدى تأثير الأخير في إقناع الآلاف المقاتلين بالانضمام إلى هذا التنظيم الدموي، ونقصد بالإعلام -هنا- تلك الترسانة الإعلامية الضخمة والمنظمة التي فوجئ العالم بأن الدواعش يمتلكونها.
وجاء التركيز على هذه الجزئية الهامة؛ لأن داعش لم يشبه منذ ظهوره نظراءه من التنظيمات الإرهابية المتطرفة التي سبقته؛ بل أخذ منحىً آخرَ بداية من طرق القتل المتوحشة والاغتصاب والانتهاكات غير الآدمية، وصولًا إلى تفرده بترسانة إعلامية ضخمة ومنظمة نجحت في استقطاب المقاتلين من الشرق والغرب على السواء، مما جعل هذا التنظيم الإرهابي الأولَ –على مدار التاريخ- الذي اتخذ من التسويق سلاحه الأقوى، ومن الأعلام السوداء والسجناء ذوي الرداء البرتقالي علامة تجارية معروفة تظهر في المقاطع المصورة التي ينتجها التنظيم.
الجذب والإرهاب
ركزت استراتيجية داعش الإعلامية في المقام الأول على الترويج لأفكاره وإقناع الناس بها والدفاع عن سمعته، إضافة إلى خلق صورة ذات تأثير مزدوج قادرة على الجذب والإرهاب في الوقت ذاته، وقد وجدنا أن المستهدف الأول لـ«آلة داعش الإعلامية» هم الشباب، الذي يسعى التنظيم إلى استقطابه وضمِّه إلى صفوفه القتالية، بجانب جذب مزيد من الأتباع، أما المستهدف الثاني فهم عامة الجمهور ممن يهدف التنظيم إلى إثارة شعور واسع النطاق بالخوف وانعدام الأمن لديهم، فهذا دون شك يصب في مصلحة الدواعش أيضًا.
ولطالما عملت الدعاية الإعلامية الداعشية على تحسين صورة التنظيم وتبرير جرائمه الوحشية، وتصويره على أنه حامل لواء الخلافة، فضلًا عن تأكيدها الدائم بأن التنظيم «دولة قائمة بذاتها»، تملك جهازًا إعلاميًا ضخمًا يعتمد عليه كأحد أقوى أسلحته، الأمر الذي دفع العديد من الخبراء المعنيين بالحركات الإرهابية لمناقشة قضية الدعاية الإعلامية لداعش منذ نشأته حتى إنهم أكدوا على أن التنظيم سوف يتبع أساليب جديدة ليستجمع قواه مرة أخرى بعد سقوطه في العراق وأجزاء كبيرة في سوريا.
إن داعش منذ ظهوره عام 2014، وإعلانه دولة الخلافة المزعومة، نجح من خلال استراتيجية إعلامية مدروسة في الترويج لأفكاره، واستقطاب الآلاف المقاتلين، معتمدًا في هذا على إنتاج مقاطع فيديو عالية الجودة ومواكبة لأحدث التقنيات الإعلامية العالمية، إضافة إلى طباعته لعدد من المجلات، ونجاحه في اختراق مواقع التواصل الاجتماعي واتخاذها نافذة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من مستخدمي هذه المواقع، والسؤال المهم هنا: هل ما زالت الآلة الإعلامية الداعشية قادرة على التأثير مثلما كانت تفعل قبل سقوط التنظيم وفقدانه 98% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق؟ والإجابة بالتأكيد: لا؛ فقد ترنحت الشبكة الإعلامية الداعشية، وطرأت على المحتوى الذي تنشره عددًا من المتغيرات؛ والمؤشرات التالية تؤكد صحة ما ذهبنا إليه:
1 – انخفاض كبير في حجم المحتوى الداعشي المنشور، إضافة إلى رداءة جودته – خاصة في جودة الفيديوهات والصور.
2 – غلبة النغمة الدفاعية على الإصدارات الأخيرة.
3 – تأخر التنظيم في إصدار البيانات التي يتبنى فيها مسؤوليته عن الهجمات التي يُنفذها.
4 – المبالغة في الأسلوب وعدم الدقة في عرض المعلومة، مثلما كان يحدث في الماضي.
5 – سقطات في الترجمة؛ خاصة في الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية.
وكما تؤكد المؤشرات السابقة ترنح آلة داعش الإعلامية؛ فهي تؤكد أيضًا أن التنظيم مستمر في توجيه دعوات الانضمام إليه، حتى لو جاء هذا الانضمام في صورة مناصرة على المواقع الإلكترونية أو قيام بأعمال إرهابية في محل إقامة تابعي التنظيم، وليس في صورة هجرة فعلية إلى مناطق النزاع في الشرق الأوسط.
نتائج الحملات العسكرية
ولا شك أنَّ الحملات العسكرية المكثفة، التي شنها التحالف الدولي ضد التنظيم، كان لها نتائج إيجابية في تقويض الآلة الإعلامية الداعشية، والحد بشكل كبير من خطرها، ونذكر من هذه النتائج ما يلي:
أولًا: فقدان داعش الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، وهو ما أدى إلى انخفاض التواجد الإعلامي للتنظيم، وتغير رسالته الترويجية وفقًا للمتغيرات التي طرأت في المدن التي يسيطر عليها.
ثانيًا: مقتل العديد من قيادات داعش – إما في هجمات مستهدفة أو في قتال – التي شغلت مناصب رئيسة في ترسانته الإعلامية؛ فقد أدت الهجمات التي شنتها قوات التحالف الدولي إلى مقتل كبار الشخصيات الإعلامية في تنظيم داعش، وأكدت العديد من الدراسات أن القضاء على هذه الشخصيات كان ضربة قاسمة للترسانة الإعلامية الداعشية؛ كما أن التنظيم فشل حتى الآن في العثور على شخصيات يمكن أن تحل محل تلك القيادات التي قُضى عليها، إضافة إلى صعوبة وصول شخصيات مؤهلة من الخارج بعد التشديدات الأمنية على الحدود السورية التركية، وهو الأمر الذي تقلصت معه وبشكل كبير أعداد الخبراء الإعلاميين المنضمين لداعش في سوريا والعراق.
ومن أبرز قادة الإعلام في تنظيم داعش، والذين نجح التحالف الدولي في القضاء عليهم:
1 – «أبو محمد العدناني»، وكان يشغل منصب وزير الإعلام بتنظيم داعش في العراق والشام، والمتحدث الرسمي باسم التنظيم، كما أسند إليه مسؤولية الإشراف على العمليات الأهم التي نفذها التنظيم خارج مناطق وجوده في العراق وسوريا، لا سيما الهجمات الأخيرة في تركيا وأوروبا، ووفقًا للبيانات الأمريكية؛ فإن «العدناني» قُتل في 30 أغسطس عام 2016، جراء هجمة جوية شنتها قوات التحالف الدولي، بأحد المعارك في حلب.
2 – «وائل عادل حسن سلمان الفياض »، المعروف بـ«أبو محمد الفرقان»، وشغل منصب وزير الإعلام بتنظيم داعش في العراق والشام، بعد مقتل «العدناني»، كما أسندت إليه مسؤولية إخراج المواد الدعائية، مثل عمليات الإعدام التي كان ينفذها التنظيم في حق الأبرياء من ضحاياه، والتي كانت تنافس أفلام هوليوود في جودتها، وقُتل في 7 سبتمبر عام 2016، في غارة جوية لقوات التحالف الدولي قرب مدينة الرقة.
3 – «أحمد أبو سمرة»، ويعرف أيضًا باسم «أبو سليمان الشامي»، وهو فرنسي المولد وأمريكي النشأة؛ احتفظ بالجنسية الأمريكية والسورية، ودرس هندسة الكمبيوتر في الولايات المتحدة، وكان المسؤول عن الأفلام الوثائقية وإخراج الفيديوهات، وكذلك المسئول عن نشاط تنظيم داعش على مواقع التواصل الاجتماعي، واستغل دراساته في مجال الهندسة لنشر أيديولوجية التنظيم.
وفي أوائل يناير من العام 2017، قُتل «أبوسمرة» في سوريا، واعترفت وسائل الإعلام الداعشية بمقتله في 5 أبريل عام 2017، ونشرت مجلة «رومية» خبر وفاته، وأفادت أنه قتل في غارة جوية بسوريا.
الصعوبات المالية
وإضافة إلى ما سبق ذكره؛ فإن من النتائج الإيجابية التي حققتها الحملات العسكرية المكثفة التي شنها التحالف الدولي ضد التنظيم، وساهمت في تقويض الآلة الإعلامية الداعشية، والحد بشكل كبير من خطرها:
ثالثًا: الصعوبات المالية التي أثرت أيضًا على الترسانة الإعلامية الداعشية، بعد استهداف المصادر الاقتصادية للتنظيم، ونخص منها بالذكر أماكن إنتاج وبيع المنتجات النفطية.
رابعًا: المكافحة الإلكترونية التي شنتها إدارات مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب»؛ إضافة إلى هجمات القرصنة الإلكترونية لمواقع داعش والتي أدت إلى انخفاض استخدام التنظيم بشكل كبير لمواقع التواصل الاجتماعي، مما ساعد بشكل فعال في ترنح الآلة الإعلامية للتنظيم؛ ففي أوائل العام 2016 أبلغت شركة «تويتر» عن تعليق 125 ألف حساب، معظمها تابع لداعش، وذلك خلال حملة شنتها الشركة بداية من النصف الثاني من العام 2015.
وعقب 6 أشهر من تعليق الحسابات المشار إليها سابقًا؛ علقت «تويتر» 235 ألف حساب آخر، ونستطيع أن نقول إن الشركة علقت في الفترة ما بين يوليو 2015 ويوليو 2016، ما لا يقل عن 360 ألف حساب، وفي 20 يوليو من العام 2017، أعلن «يوتيوب» أنه بدأ استخدام تقنية «Jigsaw» التي تعمل ضد التطرف والعنف والمضايقات عبر الإنترنت، والهجمات ضد حرية التعبير وغير ذلك، وتسمى هذه التقنية بـ«طريقة إعادة التوجيه» حيث تقوم على توجيه أي شخص يبحث عن مقاطع فيديو ذات محتوى متطرف إلى مقاطع الفيديو التي تواجه المتطرفين ولديها رسالة مضادة؛ فعندما يبحث أحد الأشخاص على «يوتيوب» عن كلمات رئيسة معينة، يُوجه المستخدم إلى قائمة من مقاطع الفيديو التي تتضمن محتوى يعارض التطرف.
خامسًا: اضطرار الشخصيات الإعلامية الداعشية التي نجت من القتال إلى الفرار، والتخفي عن طريق تغيير أماكن تواجدها، أو اللجوء إلى الاختباء في أماكن منعزلة تنعدم فيها وسائل الاتصال، وهو أمر يختلف عما كانوا يتمتعون به سابقًا عندما كانت تتوفر لديهم وسائل ووسائط عمل دائمة من أجهزة ومعدات حديثة، بالإضافة إلى مصورين يعملون في مناطق الأحداث، وبالتالي لم يكونوا مجبرين على افتعال الصورة على الأرض بل كانوا يأخذون صورًا حية، كل هذا تسبب في ضعف البنية التحتية للترسانة الإعلامية.
سادسًا: أدى ضعف دور الإعلام الداعشي، إلى انخفاض كمية ونوعية المنشورات التي يروجها التنظيم؛ فبحسب تقرير صادر عن المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي في العام 2017، للكاتب تشارلي وينتون؛ فإن تنظيم داعش أنتج في سبتمبر 2017 ثلث ما أنتجه في أغسطس 2015.
سابعًا: تركيز الرسائل الدعائية لتنظيم داعش على الخارج في محاولةٍ لتخفيف الضغط على عناصره في سوريا والعراق.
إعادة بناء الصفوف الإعلامية
في بداية العام الجاري 2018، وعقب سقوط التنظيم في مدينة الموصل العراقية، وبعض المدن السورية بدأ داعش في إعادة بناء صفوف منظومته الإعلامية، وبالفعل ظهرت علامات انتعاشٍ طفيفٍ فيها؛ فأعاد بناء معظم مواقعه الإلكترونية ومؤسسات الدعاية التابعة له خاصة في أفغانستان وباكستان ، وبدأ في إصدار منتجاتٍ أكثرَ تحديثًا وأفضلَ جودة، ولكن لا يعني هذا الانتعاش -بأي حال من الأحوال- عودةَ وسائل الإعلام الداعشية إلى قوتها السابقة التي كانت عامي 2014 و2015.
ونستطيع التأكيد على أن أهم منصات داعش الإعلامية، في الوقت الراهن، تتمثل في: موقع أخبار المسلمين، ووكالة أعماق الإخبارية، ومؤسسة الحياة للإنتاج والتوزيع، وجريدة النبأ الأسبوعية، إضافة إلى مكاتب إعلامية محلية توجد في المحافظات والمدن التي يتواجد بها عناصر داعش في سوريا والعراق وباقي الدول، تقوم بتوزيع مواد معظمها من وكالة أنباء أعماق وموقع أخبار المسلمين.
منصات داعش الإعلامية
وفيما يلي شرح تفصيلي لأهم المنصات الإعلامية لداعش:
1 – وكالات الأنباء، وتتمثل في: أعماق، ومؤتة، وشبكة أخبار الولايات، والقرار.
2 – مؤسسات إنتاج وتوزيع المواد الإعلامية، وهي: الفرقان، والحياة، والأجناد، ورماح.
3 – المواقع الإلكترونية: أخبار المسلمين، والصوارم.
4 – المجلات الإلكترونية: جريدة النبأ الأسبوعية – تصدر من قبل إدارة الإعلام المركزية في داعش -، والأنفال – تصدر كل عشرة أيام.
5 – محطات الراديو الإلكترونية: البيان – يُعرف بذراع داعش الإعلامي.
6 – منصات أخرى ليست نشطة حاليًا: موقع الحق، والمجلات الشهرية «رومية» و«دابق»، وشبكة الاعتصام للإعلام، وموقع الأنصار الإلكتروني.
ومنصات: النبأ الأسبوعية، وراديو البيان، ومؤسسات الفرقان، والحياة، وأجناد؛ تنتمي رسميًا لـ«داعش»؛ أما باقي المنصات فهي على المستوى الرسمي لا تتبع التنظيم، إلا أن منتجاتها تؤكد أنها مرتبطة به وتتولى نشر كل مواده وخاصة في العراق والشام؛ فعلى سبيل المثال يشير موقع «أخبار المسلمين» – أحد أهم المواقع التابعة لداعش على الشبكة العنكبوتية «الإنترنت» – إلى أنه موقع إلكتروني مستقل معنيٌّ بتناول أخبار المسلمين؛ إلا أننا حينما نتصفح المحتوى الذي يقدمه يظهر بوضوح انتمائه إلى فكر داعش المتطرف.
ونرسم في السطور التالية خريطة تفصيلية لـ«وكالات الأنباء» المرجوة لفكر داعش المتطرف:
1 – وكالة أعماق:
وتُعد وكالة أنباء داعش المركزية، وتمتلك موقعًا على الشبكة الإلكترونية اختفى فترة ثم عاد إلى الظهور خلال عامي 2015، و2016، وشهدت في الآونة الأخيرة وبالتحديد منذ ديسمبر عام 2017 وحتى فبراير من العام الجاري 2018 تحسنًا ملحوظًا، ظهر من خلال زيادة حجم إعلاناتها؛ وتواجه في الوقت الراهن صعوبات في نشر موادها على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر».
2 – وكالة مؤتة:
وهي وكالة أنباء غير رسمية تابعة لداعش، وفي ديسمبر من العام 2016، داهمت قوات الجيش العراقي مركزها في منطقة «هراري» التابعة لضواحي مدينة الموصل، وصادرت كل المواد والمعدات الإعلامية، التي أثبتت علاقة الوكالة بتنظيم داعش، وماتزال وكالة أخبار مؤتة نشطة حتى وقتنا الراهن.
3 – شبكة أخبار الولايات (WNN):
تأسست في نهاية أكتوبر من العام 2017، وهي معنية بنشر بيانات داعش باللغة الإنجليزية، التي يُعلن فيها التنظيم مسئوليته عن الهجمات التي ينفذها، وليس لهذه الشبكة موقع معين، وتقوم بالنشر من خلال تطبيق «التليجرام» فقط، ومن خلالها يتم النشر في مختلف وسائل الإعلام العالمية.
4 – مؤسسة القرار:
وكالة أنباء محلية بدأت نشاطها في يونيو من العام 2017 ، وتتبع مؤيدي داعش في مدينة كشمير، وفي 11 ديسمبر من العام 2017، أصدرت بيانًا باللغة الإنجليزية يظهر فيه أحد عناصر التنظيم وهو يحمل بندقية آلية، وعلى رأسه وشاح يظهر عليه شعار داعش، ويدعو إلى انضمام المقاتلين إلى قافلة الخلافة في الهند.
وفي نهاية ديسمبر من العام 2017 ، بدأت مؤسسة القرار في إصدار مقاطع فيديو، كان من ضمنها إعلان داعش عن إنشاء إقليم كشمير في الهند – أول ولاية جديدة تأسست منذ سقوط تنظيم داعش -، والذي ظهر فيه على يسار الشاشة ناشط داعش الملقب بـ«أبو البراء» من كشمير، وخلفه علم داعش مكتوب عليه «ولاية كشمير»، وظهر على اليمين شعار «القرار ميديا».
الجهاد الإعلامي
«إن الجهاد الإعلامي هو نصف الجهاد»، كلمة قالها زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، وهي تؤكد أن التنظيم صبَّ كلَّ تركيزه على الإعلام منذ بداية ظهوره وحتى يومنا هذا، وخاصة في الفترة التي تلت سقوطه في العراق وسوريا، والدليل على ذلك محاولاته المستميتة لإبقاء آلته الإعلامية حيةً؛ فهذا بالنسبة له يمثل البقاء على قيد الحياة، ولذلك نجده يثبت وجوده من خلال نشر بعض المقاطع المصورة التي ما يزال يتَّكئ عليها لإثبات وجوده.
وعلى سبيل المثال نشر التنظيم الترجمة الأردية لمجلة «سنتِ خولة» – الخاصة بالمرأة – والتي كانت تصدر باللغة الإنجليزية فقط، إضافة إلى ترجمته مجلتي «بَيتك» و«الأنفال» – اللتين تُخاطبان المرأة العربية – حيث تم إطلاقهما في نوفمبر من العام 2017 وبالتحديد في الفترة التي تلت سقوط التنظيم، وبالنظر إلى هاتين المجلتين نجد أنهما متقنتان ومطبوعتان بالألوان، وتحتوي كل منهما على أخبار وتقارير تتناول النشاط التشغيلي لداعش، وانفوجرافيك عالي الجودة، ومقابلات مع كبار الشخصيات في داعش، ومقالات حول الفكر الجهادي، إضافة إلى ما سبق؛ فإن داعش أنتج عقب سقوطه في العراق وسوريا العديد من مقاطع الفيديو، مثل إصداره في 18 مارس عام 2018 الذي حمل عنوان: «تأسيس الدولة الإسلامية»، وهو من إنتاج مؤسسة «الفرقان»، ويأتي ضمن سلسلة فيديوهات بعنوان: «الحياة»، ويتميز الفيديو بالدقة والجودة العالية، واستعان فيه التنظيم بأشهر الكلمات للرموز الجهادية التي تمثل المرجعية الفكرية لتنظيم داعش مثل: أسامة بن لادن، وأنور العولقي، وأبو يحيي الليبي، وأبو عمر البغدادي، وأبو مصعب الزرقاوي، وفي نهاية الفيديو وجه التنظيم رسالة للمجاهدين دعاهم فيها لتبني فكرة «العنف العشوائي»، وجاء مضمون الرسالة كالتالي: «اصنع الإرهاب وافعله أينما كنت وفي أي مكان وفي أي وقت»، وهذه الأيديولوجية الجديدة تنشط وتنتشر بين مؤيدي التنظيم.
كما نشر التنظيم مؤخرًا مقطعًا مرئيًا بعنوان: «إليك أيها المناصر»، يحمل رسالةً واضحةً وقويةً إلى كل المؤمنين بفكره في أنحاء العالم بشحذ الهمم وتوجيه النظر نحو الحروب الإلكترونية، وكانت هذه الرسالة واضحة في المشهد الذي تكرر كثيرًا في ذلك الإصدار والذي يأتي في صورة شاب لا تظهر ملامحه، بجواره جهاز «لاب توب» ينتشر منه الضوء في الصورة كلها، في إشارة إلى أن هذا «السلاح الإلكتروني» سيكون بديلًا مؤقتًا عن السلاح العسكري والبشري، وتم التركيز في هذه الرسالة على أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم استخدم الإعلام كأداة قوية وفعالة في نشر الدين وذكر مثالًا على ذلك تمثل في الدور الذي كان يقوم به الصحابي الجليل حسان بن ثابت، مؤكدًا على أن أي نصر يحرزه الجهاديون على الأرض هو نصر أحرزه الإعلاميون الدواعش بالمشاركة كذلك.
وطلب إصدار «إليك أيها المناصر» من المناصرين والمؤمنين بفكره العكوفَ على مختلف مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر وترويج أفكار التنظيم لكسب أعضاء جدد، وفي خطوة جديدة حثَّ داعش أتباعه في هذا الإصدار على عدم تصديق الأخبار التي تنشر عن التنظيم إلا من خلال منصاته الإعلامية الرسمية التي ذكرها تحديدًا وتفصيلًا بالاسم، وغير خافٍ أن هذه الخطوة ما هي إلا محاولة بائسة من التنظيم ليحفظ لأتباعه تماسكهم النفسي بعدما حاقت بهم الهزائم الحسية والمعنوية على حد سواء.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا المقطع هو الأول من نوعه الذي يخاطب فيه التنظيم «المناصر»، بعد أن كانت استراتيجيته في توجيه خطاباته تستهدف بالدرجة الأولى أتباعه وأفراده، وفي هذا تأكيد واضح على ضعف وفقر التنظيم وقلة أفراده وأتباعه في الفترة الراهنة، وأنه بدأ بالفعل استراتيجية تجنيد واستقطاب أعضاء جدد يؤمنون بالفكر التكفيري.
الظهور مرة أخرى
وجميع ما سبق يؤكد الرؤية الاستباقية التي أشار فيها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إلى أن داعش سينحسر على الأرض قليلًا؛ ليدشن نفسه إعلاميًا ويعود للظهور في بؤر أخرى غير التي هُزم فيها.
ويتابع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف قضية مصير تنظيم داعش والتطورات التي يمر بها بكل اهتمام، انطلاقًا من المهمة التي أخذها على عاتقه منذ تأسيسه؛ فالمرصد لا يقتصر دوره على الرد على هذا الإطار الأيديولوجي الذى شكلته الجماعات المتطرفة وتقديم المعرفة الصحيحة حول هذه القضايا التي يستند عليها الإطار الفكري، ولكنه أيضًا يرصد تحركات هذه الجماعات، في محاولة استشراف مستقبلها من خلال كل ما يتم رصده ومتابعته على مدار الساعة.
ومن هنا، فإن المرصد يرى ضرورة التوقف قليلًا عن الجزم بزوال الخطر الداعشي؛ إذ أن هناك دلائل تشير إلى وجود المزيد من الأعمال الإجرامية في جعبة هذا التنظيم، ومن ثَمَّ فإن التريث وعدم القطع بزواله، وتعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية على مستوى العالم أمر ضروري من أجل عدم السماح للتنظيم بمفاجأة العالم بظهوره مرة أخرى في صورة جديدة.
كما يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، على أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام في المعركة مع الإرهابيين، من ناحية التأثير في الجمهور وإقناعه، و هنا تظهر المسؤولية الكبرى التي تتحملها مختلف وسائل الإعلام في كيفية التعاطي مع ظاهرة التطرف والإرهاب من ناحية التغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية، وعلى الإعلام أن ينتبه كي لا يصير ناقلًا لرسالة التنظيم الإرهابي من خلال بث مقاطع الرعب التي تحاول بها التنظيمات المتطرفة جذب المزيد من الأتباع.
كما يرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أهمية وضع استراتيجية إعلامية واضحة الملامح وهادفة لمكافحة التطرف والإرهاب من خلال تدريب العاملين بوسائل الإعلام خاصة مقدمي البرامج التلفزيونية على آليات التعامل مع القضايا المتعلقة بالإرهاب والأمن القومي بطريقة مهنية بعيدة عن الانفعالية والمبالغة والانسياق وراء الإيديولوجيا، ويؤكد المرصد على أهمية الرجوع إلى مصادر موثوقة قبل نشر أية أخبار تتعلق بالإرهاب