#شؤون إسرائيلية

هشام نفاع يكتب – تقارير جديدة : المعطيات الشهرية عن البطالة في إسرائيل تنقصها الدقّـة!

هشام نفاع *- 4/1/2021

نُشر رسمياً مؤخراً أنه بعد تقرير قدمه مراقب الدولة الإسرائيلية، وافق الكنيست في القراءة الثانية والثالثة على مطالبة المشغّلين أصحاب العمل بتقديم تقرير شهري عن تشغيل العمال. التقرير الشهري سيمكن الدولة من معرفة بيانات البطالة بدقة وفي الوقت الحقيقي وصياغة خطط مساعدة للمعطلين عن العمل.

ففي أعقاب النتائج المؤقتة لمراقب الدولة نتنياهو إنجلمان فيما يتعلق بتعامل الحكومة مع المعطلين عن العمل والباحثين عن عمل في الفترة التي سيطرت خلالها أزمة كورونا وتبعاتها المختلفة، والتي تعاملت مع نقص البيانات الشهرية الموثوقة من أرباب العمل عن رواتبهم، وافق الكنيست، في القراءة الثانية والثالثة، على تعديل قانون الضمان الاجتماعي. ومن المفترض أن هذا التعديل الهام سيمكن صانعي القرار من معرفة عدد المعطلين عن العمل في إسرائيل، ورواتبهم ونطاق خدمتهم، في الوقت الحقيقي، وبالتالي وضع خطط لمساعدة المعطلين عن العمل والباحثين عن عمل، تكون محدّثة وذات صلة بالواقع الحالي.

تشير الصورة الراهنة والقاتمة اليوم إلى أن أكثر من 27% من العمال والموظفين قد وقعوا لفترة ما على الأقل، أو طيلة فترة أزمة كورونا، في دائرة البطالة، وتلقوا مخصصات دون مستوى رواتبهم، مما أضعف قدرتهم الشرائية، وقدرتهم على تسديد احتياجاتهم الاستهلاكية. كذلك، هناك الأزمة الحاصلة بين المستقلين وأصحاب المهن الحرّة، وبالذات أصحاب مصالح صغيرة تعتمد أساسا على عمل أبناء العائلة الواحدة، إذ أن التقديرات تتحدث عن تقليص عدد المصالح الاقتصادية والتجارية في إسرائيل بما يتراوح بين 40 ألف إلى 45 ألف مصلحة، بمعنى أن أكثر من 80 ألف مصلحة أغلقت أبوابها، مقابل فتح أكثر من 35 ألف مصلحة جديدة، مصيرها غير واضح، في العام المنتهي 2020.

وكانت كشفت النتائج المؤقتة السابقة أن مؤسسة التأمين الوطني ليست لديها بيانات آنية محدّثة حول توظيف وأجور العمال، من جهة، ولا عن العدد الحقيقي الراهن للباحثين عن عمل من جهة أخرى. هذه الحقيقة تكتسب أهمية خاصة خلال أزمة كورونا لأنها تمنع القدرة على التقدير في الوقت الحقيقي وعملياً لعدد المعطلين عن العمل والذين دخلوا في هذا الوضع بعد أزمة كورونا.

وفقاً لمنظمة “كل الحق” وهي عبارة عن “مستودع المعلومات الشامل حول حقوق سكان البلاد وطرق تحصيله” وهو “ثمرة تعاون بين عشرات المنظّماتومختصين في مجالات الحقوق من هيئات حكومية، منظمات اجتماعية ومن الحقل الأكاديمي”، فمستحق إعانة البطالة في فترة أزمة الكورونا هو العامل الذي تم توقيف عمله خلال الفترة التي تنطبق عليها التسهيلات التي أقرتها الحكومة. منها: العامل الذي أُقيل؛ حيث قام المشغّل بإحالة العامل على إجازة غير مدفوعة الأجر لفترة متواصلة لا تقل عن 14 يوماً.

ويحقّ للعمال دون جيل الـ 67 والذين خرجوا في إجازة غير مدفوعة مدّتها 14 يوماً الحصول على مخصّصات البطالة. تبدأ الفترة التي تسري فيها التسهيلات من تاريخ 1/3/2020. مع ذلك، يتم تمديد الاستحقاق لمخصصات البطالة أيضاً لمن أكملوا أيام البطالة في شهري كانون الثاني أو شباط 2020. تم تمديد فترة التسهيلات حتى 30/6/2021، ولكن إذا أعلن المكتب المركزي للإحصاء قبل نهاية أيار 2021 أن معدل البطالة الشهري قد انخفض إلى ما يقل عن 7.5%، فتنتهي فترة التسهيلات بعد 30 يوماً من تاريخ الإعلان.

تقرير سابق للمراقب : معطيات غير دقيقة وقرارات غير ملائمة

للتذكير، كان تناول تقرير لمراقب الدولة الإسرائيلية سياسة الحكومة بخصوص علاج قضية المعطّلين عن العمل في فترة تفشي فيروس الكورونا. وفقاً له، تسبب فيروس كورونا الذي انتشر حول العالم في أواخر 2019 بحدوث أزمة واسعة النطاق وعميقة لم يشهدها المجتمع العالمي من قبل في العقود الأخيرة. لا يتعلق الأمر فقط بالأضرار الصحية وموت مئات الآلاف من الأشخاص، بل يتعلق أيضاً بالأضرار الاقتصادية والعواقب الاجتماعية البعيدة المدى. ولم يتجاوز تفشي المرض إسرائيل إذ نشهد كل يوم عواقبه الوخيمة.

تفيد المعطيات التي تتناول النصف الأول من السنة المنتهية، والتي جمعتها ونشرتها “مؤسسة التأمين الوطني” الإسرائيلية أنه منذ اندلاع الأزمة (آذار 2020) وحتى نهاية حزيران 2020، تم تقديم نحو 950 ألف طلب إعانة بطالة. حتى 15 حزيران، تراكم 966 ألف طلب إعانة بطالة. هذه الطلبات تضاف إلى حوالي 140 ألف طلب سابق للحصول على إعانات بطالة، قبل بدء أزمة كورونا. بحلول 15 تموز، تراكم حوالي 1.1 مليون طلب إعانة بطالة. بحسب معطيات مؤسسة التأمين الوطني، في حزيران 2020، تم دفع مخصصات البطالة لحوالي 521 ألف مقدّم طلب. من آذار إلى نهاية حزيران 2020، تم دفع ما مجموعه 10.2 مليار شيكل كتعويضات بطالة.

تقوم ثلاث جهات سلطة رئيسة بجمع المعطيات المتعلقة بوضع البطالة في إسرائيل: مؤسسة التأمين الوطني، خدمة التشغيل والمكتب المركزي للإحصاء. هذا الوضع يخلق تبايناً في المعطيات المتوفرة. السبب هو اختلاف منهج إعداد المعلومات: مؤسسة التأمين الوطني تحسب عدد المستفيدين من إعانات البطالة قياساً بعدد الطلبات؛ خدمة التشغيل تقدم معطيات عن عدد المتقدّمين بطلبات توظيف؛ بينما يعتمد المكتب المركزي للإحصاء مسوحات القوى العاملة التي أجريت حسب تعريفات العاطلين عن العمل.

تقارير أرباب العمل الشهرية تغطي جميع العمال معاً وليس بشكل فردي

يعود سبب الثغرات في البيانات إلى حقيقة أن مؤسسة التأمين الوطني لا تصر على أن يقوم أصحاب العمل بإبلاغها كل شهر، عن كل موظف وعامل يتم تشغيله، بشكل فردي ومنفصل. عمليا، إبلاغ أرباب العمل مؤسسة التأمين الوطني هو تقرير شهري يغطي جميع الموظفين معاً وليس بشكل فردي، مع نقل للبيانات الفردية المتعلقة بالموظفين مرتين في السنة فقط. ووفقاً لهيئات وجهات عدة، يمكن أن يساهم فرض نظام تقديم تقرير شهري على أربابالعمل تنفيذ بند مهم من بنود من قانون التأمين الوطني، الذي ينص على أن الشخص المعطل عن العمل الذي يعمل بأجر منخفض يمكن أن يحصل بموجب القانون على “منحة لشخص معطل عن العمل يعمل بأجر منخفض”. الرؤية خلف هذا هي أن هذه المنحة ستؤدي إلى زيادة استخدام الحوافز للعودة إلى سوق العمل، وتقليل إعانات البطالة وزيادة الدخل من عمل المستفيدين من إعانات البطالة. بينما اليوم، لا يدافع العديد من المؤهلين عن هذا الحق بسبب الإجراءات البيروقراطية.

يؤكد مراقب الدولة ما سبق الإشارة إليه وهو التحديات الرئيسة في إدارة الأزمات الناجمة عن الافتقار إلى البيانات المتاحة والمحدّثة على أساس شهري، بسبب تباين مناهج توفير المعلومات من الجهات الرسمية المخوّلة ذات الصلة. الضرر الناجم عن نقص البيانات أنه قد يؤدي إلى تحليل غير كافٍ لحالة توظيف العمال في الاقتصاد ويؤدي إلى قرارات غير متلائمة مع الواقع. ويشير عينياً إلى الحالات التي تريد الحكومة فيها دراسة خطط توزيع تفاضلي للمنح مثل حافز العودة إلى العمل أو خطط زيادة الامتيازات المرتبطة بالدخل. وأظهرت التحقيقات التي أجراها مكتب مراقب الدولة مع مسؤولين في وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والمكتب المركزي للإحصاء ووزارة العمل وسلطات الخدمات الاجتماعية وخبراء اقتصاديين من المؤسسات الأكاديمية، أنه من الممكن ضمان عدم وجود نقص في البيانات المتاحة والمحدّثة. في حالة الأزمات هناك حاجة لتوفير معطيات على أساس شهري، وليس كل ربع سنوي اقتصادي، ما يعادل ثلاثة أشهر، وهذا يستدعي تغييرات في نظام تقديم المعطيات من قبل المشغّل بحيث تكون بوتيرة أكبر.

القاعدة المعلوماتية المحدّثة شرط ضروري لمعالجة الفقر

يشير مكتب مراقب الدولة إلى أنه سبق له التعامل مع هذه المسألة بالتفصيل في تقرير عن عدم إنفاذ الحقوق الاجتماعية نُشر في أيار 2015. وفقاً له، يجب على صاحب العمل تقديم تقرير شهري عن الرواتب التي يدفعها لكل موظف من موظفيه، ولكن سجلّ الرواتب الشهري لا يحدد الأجر المدفوع لكل عامل، ولجميع العاملين ومجموع الأجور المدفوعة لهم. مؤسسة التأمين الوطني ادعت في كانون الأول 2014 أن الأنظمة لا تتطلب الإبلاغ الفوري، وأنها “ليست جاهزة لاستيعاب الكم الهائل من البيانات”. يشار إلى أنه منذ نيسان 2007، تم تقديم وثيقة بعنوان “الأجندة الاجتماعية – الاقتصادية لإسرائيل 2008-2010” من قبل “المجلس الاقتصادي الوطني” إلى الحكومة. وأوصى المجلس بإنشاء قاعدة معلوماتية مناسبة ومتاحة حول دخل الأسرة الواحدة في إسرائيل اعتماداً على جميع المصادر، مشيراً إلى أن وجود مثل هذه القاعدة المعلوماتية هو شرط ضروري وأساس لمعالجة مشكلة الفقر.

في كانون الثاني 2016، بعد حوالي ستة أشهر من نشر التقرير المذكور حول عدم ممارسة الحقوق الاجتماعية وبعد تعديل بند من قانون التأمين الوطني، بدأت المؤسسة بمطالبة أصحاب العمل بالإبلاغ عن ذلك، بالإضافة إلى التقرير الشهري الإجمالي لجميع العاملين وأجورهم، وبات يوجد أيضاً تقرير مفصل عن كل عامل وأجره التراكمي مرة كل ستة أشهر. وفقا لمراقب الدولة، ساهم هذا التعديل في تحسين مستوى الإبلاغ عن الوضع الوظيفي للعمال في الاقتصاد، بحيث يكون وضع التقارير صحيحاً للأشهر الستة السابقة لشهر التقرير وليس للسنة السابقة، ومع ذلك، فهذه التقارير مكتوبة بأثر رجعي وليست التقارير الشهرية الحالية والفعلية. على سبيل المثال، إذا توقف عامل عن العمل في شهر كانون الثاني من عام معين أو قام بتغيير وظيفته، فستكون مؤسسة التأمين على علم بذلك فقط بعد حوالي ستة أشهر – في تموز من ذلك العام. توفير حلول لهذه الحاجة ضروري بشكل خاص في أوقات الأزمات الاقتصادية.

منصة على الإنترنت أتاحت تلقي تقارير مباشرة من أصحاب العمل

بناء عليه، خلال أزمة كورونا، استخدمت مؤسسة التأمين الوطني منصة على الإنترنت أتاحت تلقي تقارير مباشرة من أصحاب العمل حول أجور العمال. بهذه الطريقة، أرسل أصحاب العمل مئات آلاف التقارير حول الموظفين الذين تم فصلهم أو إخراجهم إلى عطلات غير مدفوعة الأجر؛ وتضمن التقرير تفاصيل الموظف وبيانات الأجور الشهرية للعاملين قبل الأزمة. يجب التأكيد على أنه من وجهة نظر تكنولوجية، لا يوجد عائق يمنع أصحاب العمل من تقديم بيانات الراتب الشهري الكاملة لكل موظف، سواء كان في عطلة غير مدفوعة الأجر أو لا يزال يعمل.

يمكن أن يساهم إلزام أصحاب العمل بتقديم تقرير شهري عبر الإنترنت في تبسيط الإجراءات البيروقراطية، وزيادة استخدام الحوافز للعودة إلى سوق العمل وتقليل تكلفة إعانات البطالة وزيادة دخل متلقي إعانات البطالة. على سبيل المثال، ينص بند في قانون التأمين الوطني على أنه يحق لمتلقي إعانة البطالة تلقي “منحة لشخص معطل عن العمل يعمل بأجر منخفض” بموجب شروط المحددة. ميزة هذا البند أنه يشجع المستفيدين من إعانات البطالة على العمل؛ فيحق لمتلقي إعانة البطالة الحصول على منحة من الدولة إذا كان على استعداد للعمل بأجر منخفض، بحيث يكون إجمالي دخله من العمل أعلى من إعانة البطالة.

تتمتع الدولة أيضاً بميزة كبيرة في هذا الترتيب، لو تقدمت خطوة باتجاه الموظفين والعمال وواجهت أصحاب العمل: فهي تقلل عملياً إنفاقها على إعانات البطالة وتشجع النشاط الاقتصادي. ومع ذلك، على الرغم مما سبق ذكره، فإن معدل الاستفادة من النظام الناجم عن هذا البند في “منحة للعاطلين عن العمل الذين يعملون بأجر منخفض” هو صفر – والسبب في ذلك يكمن في تعقيد الاجراءات. علاوة على ذلك، فإن عملية التحقيق مشبعة أيضاً بالعمليات البيروقراطية – فمن أجل الحصول على المنحة، يجب على الموظف ملء النموذج وإرفاق قسائم الدفع وشهادة صاحب العمل. بينما يمكن أن يؤدي تلقي البيانات بانتظام عن أجور الموظفين من أصحاب العمل، إلى تقليل البيروقراطية وبالتالي زيادة معدلات الاستفادة من المنحة.

عوائق بيروقراطية تعرقل “منحة المعطلين عن العمل الذين يعملون بأجر منخفض”

بموازاة الخطوات التشريعية في الكنيست، وفي ضوء أزمة التشغيل والعمل الحادة والحاجة الواضحة والفورية للحصول على البيانات بشكل سريع وموثوق، وفي ضوء حقيقة أن المعلومات متوفرة في أيدي أصحاب العمل، طورت مؤسسة التأمين الوطني بالفعل منصات خاصة عبر الإنترنت لتلقي البيانات مباشرة من أصحاب العمل، وذلك خلافا للعملية البيروقراطية الطويلة السابقة التي تمثلت في تلقي بيانات مكتوبة كانت حاجة لتركيزها وتحليلها مما استغرق وقتاً جدياً. وفقاً لمكتب المراقب بدأت مؤسسة التأمين الوطني في تلقي معطيات محدّثة شهرية عن كل عامل من أصحاب العمل بواسطة منصات الإنترنت.

يلخّص مراقب الدولة متطرقاً إلى أزمة العمل الحالية، التي ليس من الواضح كم ستستمر بسبب عدم وضوح المستقبل القريب المتعلق بآثار أزمة كورونا، أنه ليس من المستبعد أن يفرض هذا النظام الجديد عبئاً معيناً على أصحاب العمل أو ممثليهم مقابل مؤسسة التأمين الوطني، ولكن وفقاً لجميع الاعتبارات يمكن أن يفيد هذا الإجراء بشكل كبير كل مواطن بحد ذاته، والقدرة الوطنية على تقديم صورة شاملة لسوق العمل، بلورة برامج اقتصادية مستقبلية لصالح المعطلين عن العمل.

كذلك، يضيف المراقب، يُنصح أيضاً بفحص العوائق البيروقراطية وطرق التنفيذ الأمثل للمادة 176 أ من قانون التأمين الوطني، التي تنص على أن مستفيدي إعانات البطالة يستحقون “منحة للمعطلين عن العمل الذين يعملون بأجر منخفض”. فلكي تكون العملية فعالة، يجب تنفيذها عبر الإنترنت، وهو ما سيتناسب أيضاً مع الظروف السائدة في هذا الوقت.

قال المدير العام لمؤسسة التأمين الوطني في رسالة إلى مكتب مراقب الدولة، إن القانون القائم يتطلب تقديم تقرير شهري عن الاستمارة، بينما تتطلب التقارير الشهرية المقدّمة عبر الإنترنت تقنية لا يمتلكها جميع أصحاب العمل. وبما أن نتيجة عدم الإبلاغ هي تهمة جنائية، فإن فرض رسوم على أصحاب العمل بخصوص عدم تقديم تقرير شهري عبر الإنترنت يتطلب تشريعات جديدة. من ناحية أخرى، بالتزامن مع معالجة التعديل على القانون، أنشأ مجلس نقابة المحامين مجموعات بحثية بشأن الموارد المطلوبة لتنفيذ تقديم تقرير الأجور الشهرية، وستقدم استنتاجاتها في الأسابيع المقبلة.

* عن مركز مدار – المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى