هارتس: ورقة رفح على طاولة المفاوضات في قطر
هارتس 25-3-2024، بقلم نوعا لنداو: ورقة رفح على طاولة المفاوضات في قطر
منذ أسابيع كثيرة يتركز الاهتمام الدولي بالحرب في غزة على مسألة رئيسة واحدة وهي هل إسرائيل ستقوم باقتحام رفح.
اللازمة الطويلة تغذي وتقوي بشكل مباشر في الأساس رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بوساطة التصريحات العلنية المتكررة عن “إعطاء تعليمات للجيش لتقديم خطط” و”المصادقة على الخطط”.
على سبيل المثال في شهر شباط أعلن مكتب رئيس الحكومة أنه “أعطى تعليمات للجيش وجهاز الأمن لعرض على الكابينيت خطة لإخلاء المدنيين من رفح، وخطة لعملية عسكرية تؤدي إلى تدمير كتائب حماس في المدينة”.
وفي الأسبوع الماضي قال مكتب رئيس الحكومة إن “رئيس الحكومة صادق على خطة العملية في رفح، وإن الجيش استعد للجانب العملياتي وإخلاء السكان المدنيين”.
هذا خطاب استثنائي، ليس لأنه من الواضح أن خططاً كهذه هي جاهزة من قبل دون إعلانات، بل أيضاً لأنها تناقض المنطق الأساسي في “فنون الحرب”: من ينوي الهجوم، بشكل عام ببساطة يهاجم. ويفضل أن يكون ذلك بشكل مفاجئ ولا يعلن عنه مرة تلو الأخرى.
في إسرائيل يؤكد المحللون السياسيون وبحق المكاسب السياسية التي يجنيها نتنياهو من هذه التصريحات. “رفح هي عنصر تسويق”، “حملته تستهدف فقط مصالح قاعدته والحفاظ على اليمين المتطرف في حكومته”، كتب في نهاية الأسبوع الماضي المحلل في “هآرتس” يوسي فيرتر. ولكن في هذا الإصدار لـ “لازمة رفح” هناك لاعبون آخرون إلى جانب نتنياهو، قاعدته ومساعدون، مثلا وزير الدفاع يوآف غالانت، أو سفير إسرائيل في الولايات المتحدة جلعاد إردان، الذين يكررون نفس الرسالة.
هناك أيضاً رئيس المعارضة بني غانتس، السياسي الإسرائيلي الذي يحبون في واشنطن عناقه، الذي هو أيضاً أكد في الفترة الأخيرة على أهمية العملية العسكرية في رفح.
الآن أيضاً في الأسبوع الماضي وفي نهاية اللقاء مع وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن قال غانتس إنه في ذاك اللقاء أكد على “التزام إسرائيل بمواصلة المهمة العملياتية وتدمير البنى التحتية العسكرية لحماس، أيضاً في رفح”.
يبدو أن كل الحكومة في إسرائيل مجندة لرسالة أنه لن يكون “نصر” دون “تطهير” (مثلما جاء في المصدر)، قوات حماس في رفح.
هنا يدخل لاعب رئيس آخر إلى الإصدار الجديد للازمة: الإدارة الأميركية. كلما هدد نتنياهو وحكومته بأن إسرائيل ستهاجم على الفور رفح، فإن الإدارة الأميركية تتجند أكثر من أجل منع الهجوم النظري.
إلى درجة أن العملية التي لم تحدث بعد أصبحت أساساً لشرخ غير مسبوق في العلاقات بين الدولتين.
نتنياهو يوضح أن إسرائيل ستعمل أيضاً دون مصادقة من الولايات المتحدة، في حين أن الولايات المتحدة ترسل بعثات مستعجلة ومعها تحذيرات شديدة كي لا يتجرأ على فعل ذلك.
أكثر مما تبدو معركة التصريحات هذه مثل حملة انتخابات داخلية، أو حملة انتخابات مزدوجة، حيث أيضاً الرئيس الأميركي في سباق انتخابي، هي تبدو مثل ورقة رئيسة في المفاوضات التي تجري في هذه الأثناء في قطر بين إسرائيل وحماس.
لم يكن عبثا أن يقترن إعلان مغادرة الوفد الإسرائيلي للمحادثات مع الإعلان عن الموافقة، للمرة المليون، على خطة الهجوم.
اجتياح رفح ومصير الغزيين هناك هما الآن المسدس الأكبر الذي يمكن لإسرائيل أن تضعه على الطاولة من أجل استدعاء ضغط دولي كثيف من أجل عقد الصفقة، والولايات المتحدة تزيد قوة هذا المسدس من خلال معارضتها الشديدة.
إذا كانت هذه التهديدات هي التي ستؤدي إلى صفقة لإعادة المخطوفين إلى بيوتهم ووقف إطلاق النار فان هذا سيكون ثمناً معقولاً لدفعه.
كل ذلك لا يعني أن إسرائيل لا يمكنها “العمل” في رفح في كل الحالات. ولكن هناك أكثر من طريقة للعمل هناك، كما يعرف الأميركيون أيضاً ذلك، وعملياً يصادقون على ذلك أيضاً.