ترجمات عبرية

هارتس : نصر الله: ترسيم الحدود، والسير بحذر داخل «معادلة الردع»

هارتس : بقلم تسفي برئيل : 08-01-2024

عندما طرح الرئيس الأميركي، جو بايدن، في تشرين الثاني مفهوم «سلطة فلسطينية محدثة» فقد أطلق الرصاصة الأولى في السباق السياسي الفلسطيني والإسرائيلي قبل خطة «اليوم التالي». ولكن عندما سيصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل في هذا الأسبوع فإنه لن يستطيع بعد أن يسمع من مستضيفيه كيف تنوي الحكومة تطبيق هذه الخطة.
سبب ذلك هو أنه ليس هناك ما سيتم تطبيقه. لا توجد خطة أو اتفاق على الجهة التي ستدير القطاع، ولا توجد رؤية استراتيجية متبلورة حول الطريقة التي تستطيع فيها غزة العودة إلى الحياة الطبيعية بعد الحرب. حتى الآن من غير الواضح أيضا متى وبأي طريقة يمكن لسكان شمال القطاع الذين هربوا نحو الجنوب العودة إلى ما بقي من بيوتهم.
جولة زيارات بلينكن، الزيارة الرابعة منذ بداية الحرب، بدأت في تذكيرنا بالزيارات المكوكية هنا لمبعوثين أميركيين لرؤساء سابقين انتهت دون أي نتيجة حقيقية، باستثناء أوراق عمل تم حفظها عميقا في الجارور. في هذه المرة، هذه الجولة شاملة أكثر وطويلة أكثر، كانت الشركات السياحة ستسوقها تحت عنوان «تسع دول في سبعة أيام».
لقد تم افتتاحها في يوم الجمعة في تركيا، وستشمل الأردن ومصر والسعودية ودولة الإمارات ومناطق السلطة الفلسطينية وقطر واليونان. وإضافة إلى المواضيع الثنائية التي سيتم طرحها في المحادثات مع نظرائه في هذه الدول، فإن التركيز الأساسي لبلينكن هو واحد: تشكيل إطار عربي داعم لفكرة السيطرة الفلسطينية على القطاع. وحتى قبل ذلك تجنيد جهود دبلوماسية أمام ايران من اجل منع تطور المعركة في غزة إلى حرب إقليمية.
الساحة التي لديها الإمكانية الكامنة الأقرب للتدهور هي لبنان. رئيس «حزب الله»، حسن نصر الله، اطلق في يوم الجمعة الماضي في الخطاب الرابع له في سلسلة محاضراته الحالية التهديدات والوعد بالانتقام لتصفية صالح العاروري. بعد يوم، قام بالوفاء بوعده عندما اطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل على أهداف عسكرية. ورغم هذا التصعيد إلا أن الطرفين حتى الآن يحرصان على السير بحذر وعدم تمزيق الحبال في الحلبة من خلال السلوك داخل معادلة الردع المتبادلة.
في الوقت نفسه، كانت لحسن نصر الله مقولة مهمة يمكن أن تدفع قدما بالقناة الدبلوماسية بين إسرائيل ولبنان. «أمامنا فرصة تاريخية لتحرير كل أراضينا بالكامل وترسيخ معادلة تمنع العدو من خرق سيادتنا. هذه فرصة أوجدتها المقاومة اللبنانية». حسن نصر الله قصد موضوع ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان، الذي يحاول دفعه قدما المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوخشتاين الذي قام بزيارة إسرائيل، يوم الخميس.
هذه الفكرة ليست جديدة. فقد تم طرحها في شهر حزيران الماضي عندما اظهر تسريب من لجنة الخارجية الأمن بأن «حزب الله» وضع خيمتين وراء «الخط الأزرق» في داخل أراضي إسرائيل. في شهر تموز، على خلفية الخوف من عملية إسرائيلية تؤدي إلى تدمير الخيمتين ومواجهة واسعة مع «حزب الله»، توجه رئيس الحكومة اللبناني، نجيب ميقاتي، للأمم المتحدة وطلب إجراء نقاشات حول ترسيم خط الحدود النهائي بين الدولتين.
«نحن ابلغنا الأمم المتحدة بأننا على استعداد لترسيم كامل لكل الحدود الجنوبية اللبنانية»، قال ميقاتي في حينه في مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، عند تطرقه لـ 13 نقطة حدودية مختلف عليها، حيث بالفعل يوجد اتفاق على 7 نقاط منها.
الخط الأزرق الذي انسحبت إليه إسرائيل في أيار 2000 اعتبر بموافقة من الطرفين بأنه خط انسحاب وليس خط حدود دوليا نهائيا بين إسرائيل ولبنان. الافتراض، سواء في الحكومة اللبنانية أو في الإدارة الأميركية، هو أن الترسيم النهائي للحدود لن يؤدي في الحقيقة إلى اتفاق سلام بين الدولتين، لكنه سيسحب من «حزب الله» الادعاء الأساسي الذي يستخدمه منذ العام 2000 وهو أنه يعمل ضد إسرائيل من اجل تحرير أراضي لبنان المحتلة.
لكن استكمال ترسيم الحدود، لا سيما في منطقة مزارع شبعا (هار دوف)، سيقتضي تجاوز عقبة سياسية صعبة لا ترتبط فقط بلبنان أو إسرائيل. إسرائيل تدعي، والأمم المتحدة تؤيد هذا الادعاء، بأن هذه المناطق كانت تحت سيادة سورية وتم احتلالها منها في حرب الأيام الستة. من هنا فإن أي اتفاق حدودي على مزارع شبعا سيتم في إطار مفاوضات مع سورية وليس مع لبنان.
لبنان من ناحيته يدعي بأن هذه المنطقة هي تحت سيادته، ومن اجل إثبات هذا الادعاء فإنه جعل سكانا من أبناء المكان يشهدون بأنهم يعيشون فيها منذ فترة طويلة ولديهم طابو من العهد العثماني. وحتى أنها طلبت من رئيس سورية، بشار الأسد، الإعلان رسميا بأن مزارع شبعا تعود للبنان. الأسد لم يقدم حتى الآن أي وثيقة رسمية تدل على سيادة لبنان في مزارع شبعا. وفي السابق قال، إن أي نقاش حول الحدود بين لبنان وسورية يمكن أن يجري فقط بعد انسحاب إسرائيل من هذه الأراضي. إذا كانت مزارع شبعا اعتبرت حتى آذار 2009 من قبل المجتمع الدولي كأرض محتلة، مثل هضبة الجولان، فإن اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بسيادة إسرائيل الكاملة على كل هضبة الجولان سيعقد اكثر إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي. إلا إذا تم الاعتراف بها في نهاية المفاوضات كأرض لبنانية.
مزارع شبعا مشمولة في قرار الأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية، والذي يطالب «حزب الله» وإسرائيل والولايات المتحدة بتطبيقه بالكامل. هذا القرار هو الأساس الرسمي لطلب إسرائيل سحب قوات «حزب الله» إلى ما وراء نهر الليطاني، والمطالبة أيضا بنزع سلاح «حزب الله». هذا القرار يشمل أيضا بندا ينص على أن مجلس الأمن يطلب من السكرتير العام للأمم المتحدة أن يبلور هو واللاعبون الدوليون والأطراف ذات الصلة اقتراحات… من اجل تثبيت حدود لبنان، بالأساس في المناطق المختلف حولها وغير الواضحة، بما في ذلك مزارع شبعا، وأن يعرض على مجلس الأمن هذه الاقتراحات خلال 30 يوما».
«حزب الله» يتمسك بالادعاء الذي يقول، إنه طالما لا يوجد أي اتفاق حول الحدود وإسرائيل لم تنسحب من المناطق المختلف عليها، فإن بنود القرار الأخرى تعتبر غير ملزمة، لأن الأمر يتعلق برزمة واحدة. بالمناسبة، هذا أيضا كان موقف إسرائيل لفترة طويلة عندما رفضت مناقشة قضية ترسيم الحدود بشكل منفصل عن قضية انسحاب قوات «حزب الله» ونزع سلاحه.
احد الاقتراحات السابقة والذي ما زال يحظى بالاهتمام هو اقتراح نقل مزارع شبعا لرعاية مؤقتة للأمم المتحدة إلى حين انتهاء النقاشات حول مكانتها. الحكومة اللبنانية طرحت هذا الاقتراح في 2006، وبعد سنة تم تعيين شخص يرسم الخرائط من قبل الأمم المتحدة لرسم خريطة للمنطقة، ولكن بدون نجاح، وهذا يعود بالأساس بسبب عدم تعاون سورية. الآن يبدو أن هذا الاقتراح قد يحصل على فرصة افضل، لا سيما أن موافقة «حزب الله» العلنية على المضي قدما في موضوع ترسيم الحدود تنبع من الرغبة في عرض انسحاب إسرائيل كانتصار للحزب (الدولة اللبنانية)، لكن حسن نصر الله أضاف تحفظا مهما وهو أن أي نقاش حول الحدود لن يكون إلا بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة.
من المهم أيضا ملاحظة أنه في النقاشات بين إسرائيل والولايات المتحدة والحكومة اللبنانية و»حزب الله» يتم في هذه الأثناء طرح فقط مسألة انسحاب قوات «حزب الله» إلى ما وراء نهر الليطاني وليس نزع سلاحه. ربما أن «حزب الله» سيعتبر الموافقة على انسحاب قواته مقابل انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا فرصة لإنهاء النقاشات حول تجريده من سلاحه في الخطاب الداخلي في لبنان والخطاب الدولي. جدير بالذكر أيضا أن الإدارة الأميركية تجري مفاوضات مع الحكومة اللبنانية التي يوجد فيها ممثلون عن «حزب الله»، وأنه خلافا لمطالبتها بإجراء الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، هي لا تضع شرطا مشابها للمحادثات مع الحكومة اللبنانية.
السؤال المهم هو هل الحكومة اللبنانية وجهود الوساطة الأميركية ستنجحان في فصل العلاقة الوثيقة بين غزة ولبنان، وبالأساس هل الحوار العنيف بين إسرائيل و»حزب الله» لن يلتهم في غضون ذلك الأوراق ويحدث مواجهة شاملة من شأنها أن تتحول إلى حرب إقليمية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى